إنها ليعذبان وما يعذبان في كبير

سعود المغيص
1435/05/25 - 2014/03/26 20:53PM
الخطبة الأولى :
أما بعد عباد الله :
اتقوا الله واعلموا أنه عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : مر النبي صلى الله عليه وسلم على حائط من حيطان المدينة فسمع إنسانين يُعذبان في قبريهما فقال صلى الله عليه وسلم : ((إنها ليعذبان وما يعذبان في كبير بلى أما أحدهما فكان لا يستتر من بوله وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة)) ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بجريدة فكسرها كسرتين ثم وضع على كل قبر كسرة فقيل: يا رسول الله لم فعلت ذلك؟ قال: (( لعله يخفف عنهما ما لم تيبسا )).
حديث عظيم اشتمل على وعيد وتهديد اشتمل على تخويف وعذاب شديد لمن ضيع حقوق الله وأفسد بين عباده المؤمنين ومعجزة من معجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أطلعه الله جل وعلا عليها .
عباد الله :
قال صلى الله عليه وسلم : ((إنهما ليعذبان)) يعذبان وهما مسلمان مؤمنان فكأن الصحابة رضوان الله عليهم عجبوا كأنهم يسألونه ما السبب فقال صلى الله عليه وسلم : (( وما يعذبان في كبير )) ما يعذبان في أمر صعب عسير ولكن في أمر سهل على الإنسان أن يتقيه ويحذر منه إذا وفقه الله عز وجل ولذلك قال : (( وما يعذبان في كبير )) في أمر يسير قال صلى الله عليه وسلم على: (( بلى )) وفي رواية: (( إنه لكبير)) أي إنه ذنب عظيم يستحق صاحبه هذا العــذاب الكبير ثم بين هذين الذنبين فقال صلى الله عليه وسلم : (( أما أحدهما فكان لا يستتر من بوله )) وفي رواية : (( لا يستنزه من بوله )) وفي رواية: (( لا يستبرؤ من بوله )) سبحان الله العظيم إذا كان هذا الوعيد لمن قصر في الطهارة وهي شرط الصلاة .. يعذب في قبره ويفتن في قبره إلى حشره فكيف بمن أضاع أركان الصلاة ؟ كيف بمن ضيع واجباتها ؟ كيف بمن ضيع أوقاتها ؟ كيف بمن لم يصل بالكلية والعياذ بالله العظيم ؟
عباد الله :
يخبر النبي صلى الله عليه وسلم على عن حال الرجل الثاني الذي فتن في قبره وعُذب فيقول عليه الصلاة والسلام: ((وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة)) َقدَّمَ النبي صلى الله عليه وسلم على الإخبار عن التساهل في البول لأنه يتعلق بالصلاة وهي ركن من أركان الدين ثم أعقب ذلك بهذا الذنب
العظيم وهي النميمة .. النميمة تفريق بين المسلمين وإيقاع للشحناء والبغضاء بين المؤمنين الله يجمع بين عباده المؤمنين والنمام يفرق الله يؤلف بين القلوب وهو يشتت ويمزق النمام مجرم عظيم وأفاك أثيم ينقل الحديث إليك لكي يفسد قلبك على إخوانك كل ذلك حقدًا وحنقًا على عباد الله وأولياء الله ولذلك أخبر الله عز وجل أن النمامين فيهم المهانة والكذب والفجور ولا تطع كل حلاف مهينهماز مشاء بنميممناع للخير معتد أثيممناع للخيرلا يريد الخير للناس أفرادًا ولا جماعة.
باركَ اللهُ لِي وَلَكُم فِي القُرآنِ الْعَظِيم وَنَفَعنِي وَإِيّاكُمْ بِمَا فِيِه مِنْ الآيَاتِ وَالذّكرِ الْحَكِيم ..
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية :
الحمدُ للهِ عَلى إِحسانِهِ وَالشكرُ لَهُ عَلى تَوفِيقِهِ وَامتِنَانِهِ وَأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ وَأشهدُ أنَّ مُحمّداً عَبدُهُ وَرسولُهُ صلى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلمَ تسليماً كثيراً.
أما بعد عباد الله :
اتقوا الله واعلموا أنه قد تكون النميمة في الإنسان وهو لا يدري فكل من نقل حديثًا إلى إنسان عن إنسان بقصد أن يوغر صدره عليه أو نقل هذا الحديث فوقعت الشحناء بينهما فإنه نمام والعياذ بالله ولذلك أخبر النبي صلى الله عليه وسلم على من كان نمامًا أنه لا يدخل الجنة قال صلى الله عليه وسلم : (( لا يدخل الجنة نمام )) قال بعض العلماء في قوله صلى الله عليه وسلم : ((لا يدخل الجنة نمام)) أنه لا يوفق لحسن الخاتمة والعياذ بالله فلذلك لا ُيختم له بخاتمةِ خير ولا يدخل الجنة نسأل الله السلامة والعافية وكان السلف الصالح رحمة الله عليهم يخافون من النمامين وكانوا يحتقرونهم ويهينونهم جاء رجل إلى الحسن البصري رحمه الله فقال: إن فلانًا يتكلم فيك. فقال له: أما وجد الشيطان رسولاً غيرك ؟ تحقيرًا له وامتهانًا له .
وجــاء رجل إليه فقال : إن فلانًا يذكرك بسوء أو يسبك فقال : والله لأغيظن من أمره بذلك اللهم اغفر لي ولأخي قصد بذلك أن يغيظ شياطين الإنس والجن .
اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة رحمن الدنيا والآخرة نسألك برحمتك الواسعة أن تنير قبورنا بنورك اللهم ارحم في القبور غربتنا اللهم ارحم في ظلمات القبور وحشتنا اللهم ارحم في القبور ضعفنا وقلة حيلتنا برحمتك يا أرحم الراحمين .
الا وصلوا ..
المشاهدات 3077 | التعليقات 0