إنها العشر المباركات
عبدالله منوخ العازمي
الحمد لله حمدًا يليق بجلاله، وأشكره على إنعامه وإفضاله، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمد عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى جميع صحبه وآله، وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فيا أيها المسلمون، اتقوا الله؛ فتقواه أفضل مكتسب، وطاعته أعلى نسب، (يَاَ أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوْا اتَّقُوْا الّلهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون)
أيها المسلمون: هاهي العشر الأواخر قد دنت، وأعظم ليالي الإدلاج والسير إلى الله قد اقتربت؛ فاغتنموا فرصتها، واعمروها بالتهجد والتضرع والدعاء والتلاوة؛ فعن عائشة-رضي الله عنها- أن النبي-صلى الله عليه وسلم- كان إذا دخل العشر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وجدّ، وشد المئزر. متفق عليه.
وعنها قالت-رضي الله عنها-: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره. أخرجه مسلم .
يا رجالَ الليلِ جِدُّوا *** رُبَّ داعٍ لا يُرَدُّ
ما يقومُ الليلَ إلاَّ *** مَنْ لَهُ عَزْمٌ وَجِدُّ
ليس شيءٌ كصلاةِ الـــ *** ــلَيْلِ للقَبْرِ يُعَدُّ
(إنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إنَّهُمْ كانُواَ قبْلَ ذلِكَ مُحْسِنينَ * كانُواَ قلِيلا مِّنَ اللَّيْل مَايَهْجَعُون * وَبِالْأَسْحَار هُمْ يَسْتَغْفِرُون)
وعن المغيرة بن شعبة-رضي الله عنه- أن النبي-صلى الله عليه وسلم- صلى حتى انتفخت قدماه، فقيل له: أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! فقال: "أفلا أكون عبدًا شكورا؟" متفق عليه.
وعن أبي أمامة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "عليكم بقيام الليل، فإنه دأَب الصالحين قبلكم، وهو قربة إلى ربكم، ومَكْفَرَة للسيئات، ومنهاة للإثم" أخرجه الترمذي
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَن قام بعشر آياتٍ لم يُكتَب من الغافلين، ومن قام بمائة آيةٍ كتب من القانتين، ومن قام بألف آيةٍ كتب من المقنطرين" أخرجه أبو داود وابن خزيمة.
القانتون المخبتون لربهم، الناطقون بأصدق الأقوال، يحيون ليلهم بطاعة ربهم بتلاوةٍ وتضرع وسؤال .
عباد الله :
إن هذه العشر هي ختام الشهر ، والأعمال بخواتيمها.
ولعل الإنسان يدرك فيها ليلة القدر وهو قائم لرب العالمين ، فيغفر له
ماتقدم من ذنبه ، فعلى المسلم ان يزيد من عبادته إذا أخذ شهره في النقص ، وأن يتحلى بالصبر على الطاعة ، والأعمال بخواتيمها .
عباد الله : أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم وسائر المسلمين
من من كل ذنب فاستغفروه انه هوا الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمد عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه، وسلم تسليمًا كثيرا.
أما بعد: فيا أيها المسلمون اتقوا الله وراقبوه وأطيعوه ولا تعصوه: (يَاَ أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوْا اتَّقُوْا الّلهَ وكُونُوْا مَعَ الصَّادِقِينَ)
عباد الله : وكان رسول الهدى -صلى الله عليه وسلم- يعتكف في العشر الأواخر من رمضان تقربًا إلى الله -تعالى-، ورغبةً في ثوابه، وطلبًا لليلة القدر؛ فالتمسوها وتحروها في هذه العشر المباركة.
أيها المسلمون: ليلة القدر ليلة شريفة مباركة معظمة مفضلة،
يقسَم فيها الخير الكثير، والثواب الجزيل،
والعمل فيها خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر،
ومَن قامها إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه.
ليلةٌ مَن حُرِم أجرها فقد حرم، ومن نال ثوابها فقد غنم،
فعن عائشة-رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يجاور في العشر الأواخر من رمضان ويقول: تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان. متفق عليه.
يا عبد الله، أحسر عن رأسك قناع الغفلة، وانتبه من السهو والرقدة،
وشمر لقيام ليلة القدر، ونادي إذا ما قمت في الليل سامعًا قريبا مجيبًا، ومُدّ إليه كف فقرك ضارعًا بقلبٍ منيبٍ تُعْطَ وتسعد،
وصبِّر النفس على طاعة الله –تعالى قال تعالى
(أَمَّنْ هُوَ قَاِنتٌ آنَاء اللَّيْل سَاِجدًا وقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَل يَسْتَوي الَّذِينَ يَعْلَمُون وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُون إِنَّمَا يَتَذكَّرُ أوْلُوا اْلَأْلبَاِب)
ثم اعلموا أن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه، وثنى بملائكته المسبحة بقدسه، وبكم أيها المؤمنون من جنه وإنسه، فقال قولا كريمًا: (ِإنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكتَهُ يُصَلُّون عَلَى النَّبِيِّ يَاَ أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)
اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد،
وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين، والتابعين لهم وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين.. اللهم أعز الإسلام والمسلمين.. ، وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين.
اللهم تقبل صيامنا وقيامنا وصالح أعمالنا، اللهم تقبَّلْ مساعينا وَزَكِّها، وارفع درجاتنا وأعلها، اللهم أعتقنا من رق الذنوب، وخلصنا من أشر النفوس، وباعد بيننا وبين الخطايا، وأجرنا من الشيطان الرجيم.
اللهم طيبنا للقائك، وأدخلنا في حزب أوليائك، وارزقنا الرضا بقضائك، وقنِّعْنا بعطائك، وأكفنا بحلالك عن حرامك، وبفضلك عمن سواك، وتوفنا مسلمين يا أرحم الراحمين.
اللهم اجعل رزقنا رغدا، ولا تشمت بنا أحدا، ولا تجعل لكافر علينا يدًا، يا عظيم العفو، ،
اللهم أدِم على بلاد الحرمين الشريفين أمنها ورخاءها، وعزها واستقرارها، ووفق قادتها لما فيه عز الإسلام والمسلمين،
اللهم وأدم على بلاد المسلمين جميعا الأمن والأمان برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم رد كيد الكائدين، ومكر الماكرين، وإفساد المخربين، يا رب العالمين.
اللهم عجل بالفرج والنصر والتمكين لإخواننا المستضعفين في كل مكان يا رب العالمين، ، اللهم اجعل شهر رمضان شهر عز ونصر وفرج وتمكين لكافة المسلمين يا رب العالمين.
عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ؛ فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.
المرفقات
العشر-المباركات
العشر-المباركات