{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ....}
محمد البدر
1433/09/14 - 2012/08/02 11:31AM
الخطبة الأولى :
إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ.
وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه.
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } [آل عمران: 102] .
{ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } [النساء: 1] .
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } [الأحزاب: 70، 71].
أما بعد عباد الله : يقول عز وجل :{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} فالمال فتنته عظيمه ،إن من أعظم الفتن التي يبتلي الله بها عباده هي فتنة المال، فكم فُتن بها من إنسان؟ وكم تغير بها حال الفقير بعد أن كان طائعاً لله فلما رزقه الله تعالى مالاً أصبح لا يبالي بالطاعة ولا برضا الله، وأصبح حاله كحال قارون لما قال عن المال الذي جاءه ونسي فضل الله عليه:{قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ}بل ذكر الله تعالى أن المال من الأشياء التي تلهي الإنسان عن ذكر الله وعبادته فقال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} لذلك أمر بعد هذه الآية بالطريقة للتخلص من فتنة المال والنجاة منها ألا وهي بذله في سبيل الله والإنفاق والتصدق على الفقراء وأداء الزكاة الواجبة فيه فقال:{وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ}فالذي يكثر من المال ولا ينفق في سبيل الله فسيأتي يوم القيامة ورصيده من الحسنات قليل، فعن أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال كنت مع النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما أَبْصَرَ يَعْنِي أُحُدًا قال:«مَا أُحِبُّ أَنَّهُ يُحَوَّلُ لِى ذَهَبًا يَمْكُثُ عِنْدِى مِنْهُ دِينَارٌ فَوْقَ ثَلاَثٍ ، إِلاَّ دِينَارًا أُرْصِدُهُ لِدَيْنٍ »ثُمَّ قَالَ« إِنَّ الأَكْثَرِينَ هُمُ الأَقَلُّونَ ، إِلاَّ مَنْ قَالَ بِالْمَالِ هَكَذَا وَهَكَذَا »وَأَشَارَ أَبُو شِهَابٍ بَيْنَ يَدَيْهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ)رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فالله تعالى فرض في المال حقوقاً كالزكاة وبين له فضائل كالصدقة وحدد المستحقين للصدقة فقال عز وجل : { إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } وتوعّد أشد الوعيد على من يخل بواجب الصدقة ممن تحققت فيه شروطها، فقال تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ}وهكذا الذي لا يؤدي زكاة المواشي كالإبل والبقر والغنم فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يقول قال النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«تَأْتِى الإِبِلُ عَلَى صَاحِبِهَا ، عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ ، إِذَا هُوَ لَمْ يُعْطِ فِيهَا حَقَّهَا ، تَطَؤُهُ بِأَخْفَافِهَا ، وَتَأْتِى الْغَنَمُ عَلَى صَاحِبِهَا عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ ، إِذَا لَمْ يُعْطِ فِيهَا حَقَّهَا ، تَطَؤُهُ بِأَظْلاَفِهَا ، وَتَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا»وَقَالَ«وَمِنْ حَقِّهَا أَنْ تُحْلَبَ عَلَى الْمَاءِ»قَالَ «وَلاَ يَأْتِى أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِشَاةٍ يَحْمِلُهَا عَلَى رَقَبَتِهِ لَهَا يُعَارٌ ، فَيَقُولُ يَا مُحَمَّدُ .فَأَقُولُ لاَ أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ بَلَّغْتُ وَلاَ يَأْتِى بِبَعِيرٍ ، يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ لَهُ رُغَاءٌ ، فَيَقُولُ يَا مُحَمَّدُ .فَأَقُولُ لاَ أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ بَلَّغْتُ » رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ .
بل يأتيه ماله الذي كنزه ولم ينفق منه في سبيل الله على صورة أفعى عظيمة تنهشه وتعذبه، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً ، فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ ، لَهُ زَبِيبَتَانِ ، يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ يَعْنِى شِدْقَيْهِ ثُمَّ يَقُولُ أَنَا مَالُكَ ، أَنَا كَنْزُكَ»ثُمَّ تَلاَ (لاَ يَحْسِبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ)الآيَةَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
عباد الله :إن الله تعالى قد بين في كتابه فضائل عظيمة للصدقة وكذلك بينها رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بل إن الله تعالى يضاعف لهم صدقاتهم جزاء ما أنفقوا في سبيل الله فقال:{مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال :«مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ وَلاَ يَقْبَلُ اللَّهُ إِلاَّ الطَّيِّبَ وَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ كَمَا يُرَبِّى أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ » متفقٌ عَلَيْهِ .
فيجب على الإنسان أن يؤدي الحقوق الواجبة عليه قبل أن لا يستطيع أن يوفي الناس حقوقهم،ولا تجعل خشية الفقر وأملك بالغنى مانعاً لك من أداء الصدقة والزكاة فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال جاء رَجُلٌ إلى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال يا رَسُولَ اللَّهِ أَىُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا قَالَ«أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ ، تَخْشَى الْفَقْرَ وَتَأْمُلُ الْغِنَى ، وَلاَ تُمْهِلُ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ قُلْتَ لِفُلاَنٍ كَذَا ، وَلِفُلاَنٍ كَذَا ، وَقَدْ كَانَ لِفُلاَنٍ » متفقٌ عَلَيْهِ .
وأعظم الصدقة عباد الله ما تنفقه على أقاربك فكلما كان الإنسان إليك أقرب كانت الصدقة أعظم حتى كانت أفضل الصدقات ما تتصدق به على أهلك وأولادك وزوجك، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِى رَقَبَةٍ وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِى أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ » رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
و عَنْ سَعْدِ بن أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ :«وإنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللهِ إلاَّ أُجِرْتَ بِهَا حَتَّى مَا تَجْعَلُ في فيِّ امرأتِك »مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
فالصدقة على الأقارب تجمع بين أجر الصدقة وأجر صلة الرحم عَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « إِنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ وَعَلَى ذِي الرَّحِمِ اثْنَتَانِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
لكن يشترط في النفقة على الأهل أن يحتسب ذلك عند الله فيجب ان تكون نيته أن ينفق عليهم لله تعالى وابتغاء أجر الله.فعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ« إِذَا أنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةً يَحْتَسِبُهَا فَهِيَ لَهُ صَدَقَةٌ » مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
فأكثروا عباد الله من الصدقة والإنفاق في سبيله ففي ذلك الثواب العظيم من الله تعالى:{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ }.
أقول قَولي هَذَا، وأستَغفِر اللهَ لي ولَكم ولِسائِر المسلِمين من كلِّ ذَنبٍ، فاستَغفِروه إنّه هوَ الغَفورُ الرَّحيم .
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله حمدًا كثيرًا طيّبًا مُباركًا فيهِ كَمَا يحِبّ ربّنا ويَرضَى، وأَشهَد أن لاَ إلهَ إلاَّ الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهَد أنّ محمّدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وصَحبه، وسلّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:عباد الله:اعلموا أن من الأفضل للمتصدقين والمنفقين وصاحب الزكاة أن يوزع ماله بيده فيمر بها على الفقراء أو يعطيها من يثق به تمام الثقة ويتابعه بعد ذلك ويسأله، فكم من إنسان أعطى مالاً كثيراً فذهب إلى غير جهته وإلى غير مبتغاه.بل إن خير الصدقة ما كانت عن سرّ ولا يعلم عنها أحد غيرك وغير الفقير، فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، وَصَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي الْعُمُرِ» رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ وَحَسنهُ الأَلبَانيُّ .
عِبادَ اللهِ، إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]، وقد قَالَ :« مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً » رَوَاهُ مُسْلِمٌ ..
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ"
وارضَ اللّهمَّ عن خلفائه الأربعة: أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعليّ ،وَعَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعينَ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ، اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ والمُسْلِمِينَ، وأَذِلَ الشِّرْكَ والمُشْرِكِينَ.
اللهمَّ آمنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمَّتنا وولاةَ أمورِنا، اللهمَّ وفِّقهم لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين، اللهمَّ وفق إمامَنا لما يُرضيك، اللهمَّ انصر به دينَك وأعلِ به كلمتَك، اللهمَّ أرِه الحقَّ حقًا وارزقه اتِّباعه، وأرِه الباطل باطلاً وارزقه اجتنابَه، اللهمَّ بارك له في عمره وعمله، وألبسه ثوبَ الصحّة والسلامة والعافية.
اللهمّ أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغنيّ ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيثَ ولا تجعلنا من القانطين، اللهمَ أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغنيّ ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيثَ ولا تجعلنا من القانطين، اللهمّ أغِثنا، اللهمّ أغثنا، اللهمّ أغثنا، اللهمّ اسقنا وأغثنا، اللهمّ أغث قلوبَنا بالإيمان واليقين، وبلادنا بالخيرات والأمطار يا ربّ العالمين.
اللهمّ إنّا خلق من خلقك فلا تمنَع عنا بذنوبنا فضلَك، اللهمّ إنّا خلق من خلقك فلا تمنع عنا بذنوبنا فضلك.
اللهمّ إنّا نستغفرك إنّك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً، اللهمّ إنّا نستغفرك إنّك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً.
اللهمّ أغثنا غيثاً مغيثاً هنيئاً مريئاً سَحًّا غَدَقاً طَبقاً واسِعاً مجلِّلاً نافِعاً غيرَ ضارّ عاجِلاً غير آجل، اللهمّ سقيا رحمة، اللهم سقيا رحمة، لا سقيا عَذاب ولا بلاءٍ ولا هدم ولا غرق. اللهمّ اسق عبادَك وبهائمك وبلدَك الميّت، وانشر رحمتَك، اللهمّ أغثنا غيثاً مباركاً تُحيي به البلادَ، وترحم به العباد، وتجعله بلاغاً للحاضِر والباد.
اللهمّ أنزل علينا الغيث، واجعل ما أنزلته قوّةً لنا على طاعتك وبلاغاً إلى حين.
اللهمّ أنبِت لنا الزرع، وأدرّ لنا الضّرع، وأنزل علينا من بركات السّماء، وأخرِج لنا من بركاتِ الأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الجلال والإكرام.
اللهمَّ ارفَع القحطَ والجفاف والجوعَ والجهد، واكشِف ما بالمسلمين من البلايا والرزايا، فإنَّ بهم يا رحيم يا كريم من اللأواء ما لا يكشِفه ولا يعرفُه إلا أنت.
سبحانك وبحمدِك، اللهمّ اكشِف الضرَّ عن المتضرّرين، والكربَ عن المكروبين، وأسبِغ النّعم على عبادِك أجمعين.
اللهمّ هؤلاء عبادك، رفعوا أكفَّ الضراعة والحاجة إليك، يسألونك الغيثَ، اللهمّ يا ذا الجلال والإكرام أعطِهم سؤلَهم، وحقِّق أملَهم، يا حيّ يا قيّوم.
إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ.
وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه.
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } [آل عمران: 102] .
{ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } [النساء: 1] .
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } [الأحزاب: 70، 71].
أما بعد عباد الله : يقول عز وجل :{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} فالمال فتنته عظيمه ،إن من أعظم الفتن التي يبتلي الله بها عباده هي فتنة المال، فكم فُتن بها من إنسان؟ وكم تغير بها حال الفقير بعد أن كان طائعاً لله فلما رزقه الله تعالى مالاً أصبح لا يبالي بالطاعة ولا برضا الله، وأصبح حاله كحال قارون لما قال عن المال الذي جاءه ونسي فضل الله عليه:{قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ}بل ذكر الله تعالى أن المال من الأشياء التي تلهي الإنسان عن ذكر الله وعبادته فقال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} لذلك أمر بعد هذه الآية بالطريقة للتخلص من فتنة المال والنجاة منها ألا وهي بذله في سبيل الله والإنفاق والتصدق على الفقراء وأداء الزكاة الواجبة فيه فقال:{وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ}فالذي يكثر من المال ولا ينفق في سبيل الله فسيأتي يوم القيامة ورصيده من الحسنات قليل، فعن أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال كنت مع النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما أَبْصَرَ يَعْنِي أُحُدًا قال:«مَا أُحِبُّ أَنَّهُ يُحَوَّلُ لِى ذَهَبًا يَمْكُثُ عِنْدِى مِنْهُ دِينَارٌ فَوْقَ ثَلاَثٍ ، إِلاَّ دِينَارًا أُرْصِدُهُ لِدَيْنٍ »ثُمَّ قَالَ« إِنَّ الأَكْثَرِينَ هُمُ الأَقَلُّونَ ، إِلاَّ مَنْ قَالَ بِالْمَالِ هَكَذَا وَهَكَذَا »وَأَشَارَ أَبُو شِهَابٍ بَيْنَ يَدَيْهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ)رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فالله تعالى فرض في المال حقوقاً كالزكاة وبين له فضائل كالصدقة وحدد المستحقين للصدقة فقال عز وجل : { إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } وتوعّد أشد الوعيد على من يخل بواجب الصدقة ممن تحققت فيه شروطها، فقال تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ}وهكذا الذي لا يؤدي زكاة المواشي كالإبل والبقر والغنم فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يقول قال النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«تَأْتِى الإِبِلُ عَلَى صَاحِبِهَا ، عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ ، إِذَا هُوَ لَمْ يُعْطِ فِيهَا حَقَّهَا ، تَطَؤُهُ بِأَخْفَافِهَا ، وَتَأْتِى الْغَنَمُ عَلَى صَاحِبِهَا عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ ، إِذَا لَمْ يُعْطِ فِيهَا حَقَّهَا ، تَطَؤُهُ بِأَظْلاَفِهَا ، وَتَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا»وَقَالَ«وَمِنْ حَقِّهَا أَنْ تُحْلَبَ عَلَى الْمَاءِ»قَالَ «وَلاَ يَأْتِى أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِشَاةٍ يَحْمِلُهَا عَلَى رَقَبَتِهِ لَهَا يُعَارٌ ، فَيَقُولُ يَا مُحَمَّدُ .فَأَقُولُ لاَ أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ بَلَّغْتُ وَلاَ يَأْتِى بِبَعِيرٍ ، يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ لَهُ رُغَاءٌ ، فَيَقُولُ يَا مُحَمَّدُ .فَأَقُولُ لاَ أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ بَلَّغْتُ » رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ .
بل يأتيه ماله الذي كنزه ولم ينفق منه في سبيل الله على صورة أفعى عظيمة تنهشه وتعذبه، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً ، فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ ، لَهُ زَبِيبَتَانِ ، يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ يَعْنِى شِدْقَيْهِ ثُمَّ يَقُولُ أَنَا مَالُكَ ، أَنَا كَنْزُكَ»ثُمَّ تَلاَ (لاَ يَحْسِبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ)الآيَةَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
عباد الله :إن الله تعالى قد بين في كتابه فضائل عظيمة للصدقة وكذلك بينها رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بل إن الله تعالى يضاعف لهم صدقاتهم جزاء ما أنفقوا في سبيل الله فقال:{مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال :«مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ وَلاَ يَقْبَلُ اللَّهُ إِلاَّ الطَّيِّبَ وَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ كَمَا يُرَبِّى أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ » متفقٌ عَلَيْهِ .
فيجب على الإنسان أن يؤدي الحقوق الواجبة عليه قبل أن لا يستطيع أن يوفي الناس حقوقهم،ولا تجعل خشية الفقر وأملك بالغنى مانعاً لك من أداء الصدقة والزكاة فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال جاء رَجُلٌ إلى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال يا رَسُولَ اللَّهِ أَىُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا قَالَ«أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ ، تَخْشَى الْفَقْرَ وَتَأْمُلُ الْغِنَى ، وَلاَ تُمْهِلُ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ قُلْتَ لِفُلاَنٍ كَذَا ، وَلِفُلاَنٍ كَذَا ، وَقَدْ كَانَ لِفُلاَنٍ » متفقٌ عَلَيْهِ .
وأعظم الصدقة عباد الله ما تنفقه على أقاربك فكلما كان الإنسان إليك أقرب كانت الصدقة أعظم حتى كانت أفضل الصدقات ما تتصدق به على أهلك وأولادك وزوجك، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِى رَقَبَةٍ وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِى أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ » رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
و عَنْ سَعْدِ بن أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ :«وإنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللهِ إلاَّ أُجِرْتَ بِهَا حَتَّى مَا تَجْعَلُ في فيِّ امرأتِك »مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
فالصدقة على الأقارب تجمع بين أجر الصدقة وأجر صلة الرحم عَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « إِنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ وَعَلَى ذِي الرَّحِمِ اثْنَتَانِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
لكن يشترط في النفقة على الأهل أن يحتسب ذلك عند الله فيجب ان تكون نيته أن ينفق عليهم لله تعالى وابتغاء أجر الله.فعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ« إِذَا أنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةً يَحْتَسِبُهَا فَهِيَ لَهُ صَدَقَةٌ » مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
فأكثروا عباد الله من الصدقة والإنفاق في سبيله ففي ذلك الثواب العظيم من الله تعالى:{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ }.
أقول قَولي هَذَا، وأستَغفِر اللهَ لي ولَكم ولِسائِر المسلِمين من كلِّ ذَنبٍ، فاستَغفِروه إنّه هوَ الغَفورُ الرَّحيم .
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله حمدًا كثيرًا طيّبًا مُباركًا فيهِ كَمَا يحِبّ ربّنا ويَرضَى، وأَشهَد أن لاَ إلهَ إلاَّ الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهَد أنّ محمّدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وصَحبه، وسلّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:عباد الله:اعلموا أن من الأفضل للمتصدقين والمنفقين وصاحب الزكاة أن يوزع ماله بيده فيمر بها على الفقراء أو يعطيها من يثق به تمام الثقة ويتابعه بعد ذلك ويسأله، فكم من إنسان أعطى مالاً كثيراً فذهب إلى غير جهته وإلى غير مبتغاه.بل إن خير الصدقة ما كانت عن سرّ ولا يعلم عنها أحد غيرك وغير الفقير، فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، وَصَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي الْعُمُرِ» رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ وَحَسنهُ الأَلبَانيُّ .
عِبادَ اللهِ، إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]، وقد قَالَ :« مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً » رَوَاهُ مُسْلِمٌ ..
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ"
وارضَ اللّهمَّ عن خلفائه الأربعة: أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعليّ ،وَعَنِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعينَ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ، اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ والمُسْلِمِينَ، وأَذِلَ الشِّرْكَ والمُشْرِكِينَ.
اللهمَّ آمنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمَّتنا وولاةَ أمورِنا، اللهمَّ وفِّقهم لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين، اللهمَّ وفق إمامَنا لما يُرضيك، اللهمَّ انصر به دينَك وأعلِ به كلمتَك، اللهمَّ أرِه الحقَّ حقًا وارزقه اتِّباعه، وأرِه الباطل باطلاً وارزقه اجتنابَه، اللهمَّ بارك له في عمره وعمله، وألبسه ثوبَ الصحّة والسلامة والعافية.
اللهمّ أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغنيّ ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيثَ ولا تجعلنا من القانطين، اللهمَ أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغنيّ ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيثَ ولا تجعلنا من القانطين، اللهمّ أغِثنا، اللهمّ أغثنا، اللهمّ أغثنا، اللهمّ اسقنا وأغثنا، اللهمّ أغث قلوبَنا بالإيمان واليقين، وبلادنا بالخيرات والأمطار يا ربّ العالمين.
اللهمّ إنّا خلق من خلقك فلا تمنَع عنا بذنوبنا فضلَك، اللهمّ إنّا خلق من خلقك فلا تمنع عنا بذنوبنا فضلك.
اللهمّ إنّا نستغفرك إنّك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً، اللهمّ إنّا نستغفرك إنّك كنت غفاراً، فأرسل السماء علينا مدراراً.
اللهمّ أغثنا غيثاً مغيثاً هنيئاً مريئاً سَحًّا غَدَقاً طَبقاً واسِعاً مجلِّلاً نافِعاً غيرَ ضارّ عاجِلاً غير آجل، اللهمّ سقيا رحمة، اللهم سقيا رحمة، لا سقيا عَذاب ولا بلاءٍ ولا هدم ولا غرق. اللهمّ اسق عبادَك وبهائمك وبلدَك الميّت، وانشر رحمتَك، اللهمّ أغثنا غيثاً مباركاً تُحيي به البلادَ، وترحم به العباد، وتجعله بلاغاً للحاضِر والباد.
اللهمّ أنزل علينا الغيث، واجعل ما أنزلته قوّةً لنا على طاعتك وبلاغاً إلى حين.
اللهمّ أنبِت لنا الزرع، وأدرّ لنا الضّرع، وأنزل علينا من بركات السّماء، وأخرِج لنا من بركاتِ الأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الجلال والإكرام.
اللهمَّ ارفَع القحطَ والجفاف والجوعَ والجهد، واكشِف ما بالمسلمين من البلايا والرزايا، فإنَّ بهم يا رحيم يا كريم من اللأواء ما لا يكشِفه ولا يعرفُه إلا أنت.
سبحانك وبحمدِك، اللهمّ اكشِف الضرَّ عن المتضرّرين، والكربَ عن المكروبين، وأسبِغ النّعم على عبادِك أجمعين.
اللهمّ هؤلاء عبادك، رفعوا أكفَّ الضراعة والحاجة إليك، يسألونك الغيثَ، اللهمّ يا ذا الجلال والإكرام أعطِهم سؤلَهم، وحقِّق أملَهم، يا حيّ يا قيّوم.
احمد ابوبكر
تعديل التعليق