إلا اــــعــمـــال

قاسم احمد الصامطي
1434/04/10 - 2013/02/20 13:17PM
الخطبة الأولى


اَلْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا , وَهُوَ الَّذِي

جَعَلَ اللَّيْلَ


وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا , وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى مَنْ أَرْسَلَهُ

رَبُّهُ هَادِيَاً


وَمُبَشِّرَاً وَنَذِيرَاً , وَدَاعِيَاً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجَاً وَقَمَرَاً مُنِيرَاً !


أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَريِكَ , لَهُ لا رَادَّ لِحُكْمِهِ وَلا مُعَقِّبَ لِقَضَائِهِ , وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدَاً


عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ , وَصَفِيُّهُ وَخَلِيلُهُ , وَخِيرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ , وَخَاتَمُ أَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ , عَلَيْهِمْ جَمِيعاً صَلُواتُ رَبِّهِ وَسَلامُهُ


إِلَى يَوْمِ الدِّين .


أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ , وَاعْلَمُوا أَنَّ أَيَّامَكُمْ مَعْدُودَةٌ , وَأَنْفَاسَكُمْ مَحْدُودَةٌ , فَمَنِ اغْتَنَمَهَا رَبِحَ


وَسَلِمَ , وَمَنْ فَرَّطَ فِيهَا خَسِرَ وَنَدِم. .........

.
أما بعد عباد الله إن العمل -أياً كان مجاله- خير من سؤال الناس وبذل ماء الوجه والذل لغير الله في الحديث:


"لو أن أحدكم أخذ حَبْلَه فأتى بحطَبٍ فباعه فأغنى به نفسه، خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه" متفق


عليه.. العمل نعمة من نعم الله تعالى على الإنسان فهى عبادة يمارسها الإنسان كل يوم من أجل مصدر الزرق


وتحصيل القوت، فالإنسان يناضل ويكافح من أجل هذه المعيشة متحملاً أعباء الحياة ويحرص على الرزق ا


لحلال وقد يحتاج المرء إلى من يعينه في أي عمل من الأعمال، وتختلف هذه المعونة باختلاف العمل المطلوب،


وبالتالي فإن المحتاج إليهم من العمال أو الخدم أو الأجراء ونحوهم تختلف أحوالهم باختلاف الأعمال المنوطة به


هم من خدمة، أو سياقة، أو سباكة، أو عمارة، أو غير ذلك. ومما نراه ما يحدث اليوم أن بعض أرباب العمل


يبخسون شيئاً من أجور العاملين الذين يعملون تحت أيديهم فهم يمنون عليهم بالأجر دون أى مبالاة . إن العمل


المباح شريف ولو كان عند بعض الناس وضيعاً, يا عجباً من متكبر في نفسه لما سخر الله له منصباً رفيعاً


فتطاول على البسطاء في أعمالهم, ناسياً أن تلك المهمات التي لا يعبؤ فئام من الناس بروادها هم في أمس


الحاجة إليها وقد عملها أشرف الناس قبلا! ولو سألتكم عن منزلة الحارس في الناس لقلتم بدنوها، ولو نشدتكم


عن مكانة النجار والخياط والفلاح لظن ذو المنصب الكبير أنها أعمال لا تناسب طموحه وأن أهلها من البسطاء


فضلاً عن رعاة الغنم وأهل الحدادة,, إن هذه الأعمال كانت لخير خلق الله وأزكاهم على الله وفي هذا درس بليغ


أن الحياة الشريفة تستوجب عملاَ .. قال ابن عباس رضي الله عنهما كما عند الحاكم: "كان آدم -عليه الصلاة


والسلام- حراثا أي مزارعا، وكان نوح عليه السلام نجاراً، وكان إدريس خياطاً، وكان إبراهيم ولوط زراعين،


وكان صالح -عليه السلام- تاجراً، وكان داود زراداً -أي حدادا ، وكان موسى وشعيب -عليهما الصلاة والسلام-


ومحمد -صلى الله عليه وسلم- رعاة للغنم " وفي الحديث: "وكان زكريا عليه السلام نجاراً" رواه مسلم. عباد


الله: لقد اقتضت حكمة الله أن يفاوِت بين الناس في الرتب ويجعلهم في درجات وطبقات؛ فأغنى الأول وأفقر


الثاني، ثم سخر بحكمته الناس للناس؛ لتستقيم أمورهم ومعيشتهم (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ


مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا). يقول المفسرون: "أي:


ليسخَّر بعضهم لبعض في الأعمال والحرف والصنائع، لو تساوى الناس في الغنى ولم يحتج بعضهم لبعض


لتعطلت كثير من مصالحهم ومنافعهم". ومن الواجباتِ في هذا المقام : الحذرُ الشديدُ من الظُلم ؛ فإنَّ الظلمَ


ظلماتٌ يومَ القيامة ، والواجبُ على الأغنياءِ وأهلِ اليَسار أنْ يتَّقوا دعوةَ المظلومِ فإنَّه ليس بينها وبين اللهِ حِجاب


، وفي الحديثِ - حديثِ عبد الله بن أُنيسٍ رضي الله عنه - قال صلى الله عليه وسلم : (( يَحْشُرُ اللَّهُ الْعِبَادَ - أَوْ


قَالَ: النَّاسَ - عُرَاةً غُرْلًا بُهْمًا ، قَالَ: قُلْنَا: مَا بُهْمًا ؟ قَالَ: لَيْسَ مَعَهُمْ شَيْءٌ ثُمَّ يُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَمَا


يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ: أَنَا الْمَلِكُ ، أَنَا الدَّيَّانُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ ، وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ


النَّارِ أَنْ يَدْخُلَ النَّارَ ، وَعِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ حَتَّى اللَّطْمَةَ " قَالَ: قُلْنَا: كَيْفَ ذَا وَإِنَّمَا نَأْتِي اللَّهَ غُرْلًا بُهْمًا ؟!


قَالَ : بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ )) ، ويوضِّحُ ذلكم الحديثُ الآخرُ - المشهورُ عند أهلِ العلمِ بحديثِ المفْلسِ - قال


صلى الله عليه وسلم : (( أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ ؟ قَالُوا الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ ، فَقَالَ صلى الله عليه


وسلم : إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا


وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ


مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ )).اتقوا الله تعالى، واحرصوا على التخلص من حقوق العباد،


واحذروا من التلبس بمظلمة الخلق, فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "خدمت رسول الله صلى الله عليه


وسلم عشر سنين، فوالله ما قال لي أفٍّ قط، ولا قال لي لشيء لم فعلت كذا؟ وهلا فعلت كذا؟" متفق عليه،. عباد


الله: إن أنواع الحقوق للعمال كثيرة, فمنها التساهل في حقوق العمالة الوافدة فإن هؤلاء العمالة تركوا أوطانهم


وأولادهم وسافروا في سبيل طلب الرزق والمعيشة وقد يغيب الواحد منهم عن أهله سنوات كثيرة، بل إن


بعضهم يترك أولاده أطفالا فيعود إليهم وقد بلغوا ما بلغوا من السن، ولم تكن غيبته اختيارا بل اضطرارا في


طلب الرزق والكد عليهم، وإن المشاهد والمسموع من ظلم العمال كثير، ويختلف ذلك الظلم، وتتعدد صوره


وأشكاله، فمنها ما يقوم به بعض الكفلاء: من تأخير رواتب عامله شهرا أو شهرين، بل يستمر ذلك إلى شهور


كثيرة، أو أن يعطيه جزء من مرتبه ويماطل في الجزء المتبقي، فترى ذلك العامل يتذلل لكفيله ويكرر طلب


حقه، بل قد تسابق دموعه كلماته، ، ألم يتذكر هذا الكفيل قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أعط الأجير أجره


قبل أن يجف عرقه» رواه ابن ماجة عن ابن عمر( ). عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله


عليه وسلم: «إخوانكم -يعني الخدم- جعلهم الله تحت أيديكم فمن جعل الله أخاه تحت يده فليطعمه مما يأكل


وليلبسه مما يلبس ولا يكلفه من العمل ما يغلبه فإن كلفه ما يغلبه فليعنه عليه» ، وفي لفظ آخر «فإن كلفتموهم


فأعينوهم». وأخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:


"قال الله عز وجل: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرًا فأكل ثمنه، ورجل


استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يعطه أجره". وفي شريعة الإسلام ثناء على رَبّ العمل الذي أدّى الحق


الواجب عليه، بل أمسى أداء حقوق العمّال بصدق سبباً لإجابة الدعوات والنجاة من الكربات والأزمات، أخبرنا


نبينا عن قصة النفر الثلاثة الذين آواهم المَبِيتُ إلى غار، فانحدرت صخرة سدّت عليهم ذلك الغار كله، ولا


يستطيعون أن يُزَحْزِحُوها، فلما ضاقت بهم السبل التجؤوا إلى الله، وتوسّلوا إليه بصالح أعمالهم، ، فقال أحدهم:


اللهم إني استأجرت أجراء فأعطيتهم أجرهم غير رجل واحد ترك الذي له وذهب ، فثمرت أجره حتى كثرت


منه الأموال ، فجاءني بعد حين ، فقال : يا عبد الله أد إلي أجري ، فقلت له : كل ما ترى من أجرك ، من الإبل


والبقر والغنم والرقيق ، فقال : يا عبد الله لا تستهزئ بي ، فقلت : إني لا أستهزئ بك ، فأخذه كله فاستاقه فلم


يترك منه شيئا ، اللهم فإن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه ، فانفرجت الصخرة فخرجوا


يمشون ) . متفق عليه. هكذا يكون ثواب الصادقين المخلصين الأمناء .. بارك الله لي ولكم



الخطبة الثانية :


الحمد لله حق حمده وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله


عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه، وسلم تسليماً : ايها الكفيل اتق الله فيمن هو تحت يديك واحذر الظلم وأحرص


على التَّلطُّف في القول لهم، والاحسان اليهم في المعاملة، وبإرشاد ضالِّهم، وتعليم جاهلهم، والاحسان اليهم


بالقول وعدم شتمهم او نبزهم بالألفاظ البذيئة ان الرحمة... خُلق نعرفه جميعا... ونعرف معناه.. ولكنه أصبح


غير موجود بيننا.... العالم كله في أشد الاحتياج لهذا الخلق.... من لا يرحم الناس لا يرحمه الله" يقول النبي -


صلى الله عليه وسلم -: ((إِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ))..


عباد الله : صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه ....................



اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ , وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ , كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ , وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ


وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ , كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ , وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ


الْعَالَمِينَ .
المشاهدات 2848 | التعليقات 2

اعنذر من الجميع لعدم تنسيق الخطبة بشكل جيد ...


وفقكم الله ,,,,


يا أخي الحبيب رعاك الله ورفع قدرك وأحسن الله إليك