إفساد اليهود ..ومصيرهم المحتوم
جابر السيد الحناوي
1431/06/21 - 2010/06/04 13:20PM
[align=justify]
( خطبة جمعة اليوم ، تأخر إنزالها لأسباب فنية ، فنأسف لذلك)
يقول الله تبارك وتعالى فى كتابه العزيز :" وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً *فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً *ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً *إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لَأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً *عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً " ( [1] )
يخبر تعالى أنه قضى إلى بني إسرائيل وأخبرهم في الكتاب الذي أنزله عليهم ، أنهم سيفسدون في الأرض مرتين ، ويَعْلوُنَ علوا كبيرا ، أي يتجبرون ويطغون ويفجرون على الناس ، فإذا جاء وعد أولى الإفسادتين ، بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد ، أي سلطنا عليكم جندا من خلقنا أولى قوة وعدة وعدد وسلطنة ، فجاسوا خلال الديار ، أي تملكوا بلادكم ، وسلكوا خلال بيوتكم ، أي بينها ووسطها ، وانصرفوا ذاهبين وجائين لا يخافون أحدا ، وكان وعدا مفعولا.
وقد اختلف المفسرون من السلف والخلف في هؤلاء المسلطين عليهم من هم ؟ فعن ابن عباس وقتادة : أنه جالوت الجزري وجنودُه ، سُلط عليهم أولا ، ثم أُديلوا عليه بعد ذلك ، وقتل داود جالوت ؛ ولهذا قال : "ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ ... " الآية.
وعن سعيد بن جبير أنه : ملك الموصل سنحاريب وجنوده ، وعنه أيضا وعن غيره أنه : بختنصر ملك بابل ، وقد وردت في هذا آثار كثيرة إسرائيلية لم أر ذكرها ؛ لأن منها ما هو موضوع من وضع بعض زنادقتهم ، ومنها ما قد يحتمل أن يكون صحيحا ، ونحن في غنية عنها ولله الحمد ، ففيما قص الله علينا في كتابه غنية عما سواه من بقية الكتب قبله ، فلم يحوجنا الله ولا رسوله إليهم .
وقد أخبر الله عنهم أنهم لما طغوا وبغوا ، سلط الله عليهم عدوهم ، فاستباح بيضتهم ، وسلك خلال بيوتهم ، وأذلهم وقهرهم ، جزاء وفاقا ، وما ربك بظلام للعبيد ؛ فإنهم كانوا قد تمردوا ، وقتلوا خلقا من الأنبياء والعلماء ... ثم قال تعالى : " إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لَأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا " أي فعليها ، كما قال تعالى : " مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ " ( [2] ) وقوله تعالى : " فإذا جاء وعد الآخرة " أي إذا أفسدتم الثانية ، وجاء أعداؤكم " ليسؤوا وجوهكم " أي يهينوكم ويقهروكم ، " وليدخلوا المسجد " أي بيت المقدس ، كما دخلوه أول مرة ، أي في المرة التي جاسوا فيها خلال الديار ، " وليتبروا " أي يدمروا ويخربوا " ما علوا " أي ما ظهروا عليه " تتبيرا " ثم " عسى ربكم أن يرحمكم " أي فيصرفهم عنكم " وإن عدتم عدنا " أي متى عدتم إلى إلافساد عدنا ، إلى الإدالة عليكم في الدنيا ، مع ما ندخره لكم في الآخرة من العذاب والنكال ؛ ولهذا قال : " وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا " أي مستقرا ، ومحصرا ، وسجنا لا محيد لهم عنه ، وقال قتادة : قد عاد بنو إسرائيل ، فسلط الله عليهم هذا الحي : محمدا صلي الله عليه وسلم وأصحابَه ، يأخذون منهم الجزية عن يد وهم صاغرون .
وقد ذكر الشيخ الشنقيطى رحمه الله فىتفسيره " أضواء البيان "عند قوله تعالى : " وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا " قال :
( لما بين جل وعلا أن بني إسرائيل قضى إليهم في الكتاب أنهم يفسدون في الأرض مرتين ، وأنه إذا جاء وعد الأولى منهما : بعث عليهم عبادا له أولي بأس شديد ، فاحتلوا بلادهم وعذبوهم . وأنه إذا جاء وعد المرة الآخرة : بعث عليهم قوما ليسوءوا وجوههم ، وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة ، وليتبروا ما علوا تتبيرا .
وبين أيضا : أنهم إن عادوا للإفساد المرة الثالثة فإنه جل وعلا يعود للانتقام منهم بتسليط أعدائهم عليهم ، وذلك في قوله تعالى : " وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا " ولم يبين هنا : هل عادوا للإفساد المرة الثالثة أو لا ؟
ولكنه أشار في آيات أخر إلى أنهم عادوا للإفساد بتكذيب الرسول صلي الله عليه وسلم، وكتم صفاته ونقض عهوده ، ومظاهرة عدوه عليه ، إلى غير ذلك من أفعالهم القبيحة . فعاد الله جل وعلا للانتقام منهم تصديقا لقوله تعالى : " وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا " فسلط عليهم نبيه صلي الله عليه وسلم والمسلمين ، فجرى على بني قريظة ، والنضير ، وبني قينقاع وخيبر ما جرى من القتل والسبي والإجلاء ، وضرب الجزية على من بقي منهم ، وضرب الذلة والمسكنة . ( [3] ) ثم أجلاهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما جاء في كتب السيرة .
المهم أن في الآيات بشارة إلي كل عبد مسلم ، بشارة إلي كل ذى لب ، حتي لا يفتن بما يفعل اليهود في هذه الأيام ، فإن الله قد توعدهم بالذلة والمسكنة كلما أفسدوا في الأرض ، كما يقال في المثل : ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع ، فنسأل الله سبحانه وتعالىأن نكون ممن يكون تكسير جناح الطائر الصهيوني علي أيديهم .
وإذا تصفحنا صفحات التاريخ نجد أن اليهود ما برحوا يفسدون في الأرض ، ويكيدون لهذا الدين منذ الأيام الأولي لبزوغ فجر الإسلام ، وقد سجل القرآن الكريم بعضا من مظاهر افسادهم أيام رسول الله صلي الله عليه وسلم ومن ذلك :
· قوله تعالى : " فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ "( [4] ) أى أنهم أنكروا صفة رسول الله صلي الله عليه وسلم الموجودة عندهم فى التوراة .
· و قوله تعالى : " أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ( [5] ) " و قوله تعالى : " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً " ( [6] )
· و قوله تعالى : "هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ... "( [7] )
· وأيضا قوله تعالى : " وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً * وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَأُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً "( [8] )
إلى غير ذلك من الآيات البينات التى تدل على الإنتفام الإلهي بعد الإفساد الحادث منهم ، ذلك الإفساد الذى كان سببا فى تسليط الرسول صلي الله عليه وسلم عليهم ، فأجلي بني قينقاع وبني النضير ، وقتل مقاتلة بني قريظة ، وسبي نساءهم ، وفتح خيبر وضرب عليهم الجزية ...
ونظرا لأهمية خيبر فى التاريخ الإسلامى ، فهيا بنا نلقي عليها نظرة سريعة : تقع خيبر شمال المدينة المنورة علي بعد ثمانية مراحل ( أي حوالي 83 كم ) كانت مقاطعة يهودية ، خصبة التربة ، كثيرة النخل والزرع ، وكانت أموال خيبر تمول المحاولات اليهودية لإجهاض هذا الدين في مهده ، ولعبت دورا خطيرا في الصراع اليهودي الإسلامي ؛ فقد كانت ملجأ آمنا ليهود بني النضير و بني قينقاع بعد أن أجلاهم رسول الله صلي الله عليه وسلم لنقضهم عهدهم معه ، كما كانت خيبر غرفة عمليات تجميع قيادات الكفر إبان غزوة الأحزاب .
لكل هذه الأسباب صدرت أوامر القيادة المحمدية علي صاحبها أفضل الصلاة والسلامبضرب هذا التجمع المتآمر علي الإسلام والمسلمين ، بعد رحيل الأحزاب ، حتي لا يستمر خطره علي الكيان المسلم ، فسار إليهم في المحرم من السنة السابعة من الهجرة ، تحقيقا لقوله سبحانه وتعالى : " وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَاأي من الفتوحات الإِسلامية التي وصلت الأندلس غربا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ ...أي غنيمة خيبر " ( [9] )
ولما أراد الرسول صلي الله عليه وسلم الخروج أعلن ألا يخرج معه إلا راغب في الجهاد ، فلم يخرج معه إلا أصحاب الشجرة وهم ألف وأربعمائة ، في أرجح الأحول .
الجهاد .. ذلك المفهوم الغائب عن حياة المسلمين في هذه الأيام .. اثاقلوا إلي الأرض ، آثروا الحياة الدنيا علي الموت في سبيل الله ، فحاق بهم ما نري ـ والعياذ بالله ـ من الذل والهزيمة والانكسار ... وعلي يد من ؟؟ علي يد خنازير الأرض الذين توعدهم الله بالانتقام منهم علي إفسادهم في الأرض .. ولكن علي أيدي عباد له عز وجل أولي بأس شديد.
*** *** ***
لا يختلف اثنان في أن اليهود الصهاينة قد أفسدوا في زماننا هذا أيما إفساد ، فلا يكاد يمر يوم ، بل لا تنقضي ساعة واحدة ، إلا ولهم فيها بصمات إفساد ، فدورهم البارز في إسقاط الخلافة الإسلامية العثمانية عن طريق جمعية الاتحاد والترقي ، ذلك الدور الذي لا يخفي إلا علي البلهاء والمغرضين ، حتي أوصلوا تركيا إلي ما هي عليه الآن من العلمانية والبعد عن الاسلام ، حتي إنه يقال إن الجيش التركي ، الحاكم الحقيقي لتركيا ، يسيطر عليه جنرالات يهود في أسماء إسلامية ، تأسيا بزعيمهم اليهودي أتاتوتورك .
كما أن لهم دورا بارزا في نشر الأفكار الهدامة ، والنظريات المنحرفة في العصر الحديث ، كنظرية دارون وماركس .
وهم أيضا وراء الماسونية العالمية ، ونوادي الروتاري واللايونز وغيرها من النوادي المشبوهة ، التي تهدم القيم الإنسانية باسم الخدمات الاجتماعية.
وهم الذن يصدرون الفساد إلي العالم أجمع عن طريق امتلاكهم لمدينة هوليوود ، والسيطرة علي وسائل الإعلام الفاجر في العالم .
وإذ تتبعنا كل رذيلة في العالم ، فسنجد بصمات أصابعهم الخفية مفضوحة لأصحاب العقول غير المنحازة .
أما في المنطقة العربية فإن إفساداتهم قد فاقت كل خيال ابتداء من احتلالهم لفلسطين السليبة ، وتدنيسهم للحرم القدسي الشريف ، واستمرار القتل والتشريد والتجويع للفلسطينيين تحت سمع وبصر العالم ، وتأييد الإنجليز والأمريكان الذين نتخذهم أولياء وأصدقاء .
أما قاصمة الظهر وكاسرة العظم ، والتي نرجو أن تكون كذلك ، فهي الهجوم الأخير على أسطول المساعدات إلى غزة ، إن إسرائيل وجهت رسالة جديدة إلى العالم بقتل ناشطي السلام الدوليين ، رسالة تؤكد الصلف الصهيوني ، وأنه لا يهم ما ستدفع به إسرائيل من مبررات ، فهي كعادتها منذ 62 عاما باستخدام الكلمات للتعتيم على أفعالها ، ولكن بمقتل هؤلاء النشطاء يتضح أن كل من يغض البصر عن جرائم إسرائيل فهو يقوم بذلك متعمدا.
إن العالم كله في حالة غضب شديد ولكن الزعماء هم الذين يلتزمون الصمت ، إنهم قادة جبناء أجبن من أن يساعدوا على إنقاذ الأرواح . ( [10] )
هل بعد حرب غزة وحرب لبنان وحتى الهجوم الأخير على أسطول المساعدات إلى غزة من الممكن أن يقبل العالم مزيدا من الصلف الإسرائيلي ؟
يكفى أن ترى البيان الصادر عن البيت الأبيض لتعرف الإجابة ، فإدارة أوباما قالت أنها "ستعمل على فهم ملابسات المأساة التي وقعت" ، عشرة جثث جديدة أضيفت إلى حصيلة القتلى في الشرق الأوسط ، ولم تصدر كلمة إدانة واحدة بحق إسرائيل.
تلك كلها إفسادات يهودية ، في شتي الميادين ، علي الستوي العالمي والمحلي ، جعلت قصار النظر ومن لا فهم له بحقيقة الدين الإسلامي ، يفتنون بهم وبأتباعهم ، ويخطبون ودهم ويخافونهم .
فما هو السبيل ؟ وأين موعود الله ؟ وأين الأمل في " وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا " ؟؟
لقد وعد الله هذه الأمة بالتمكين والاستخلاف في الأرض ، ووعده حـق لا يتخلف أبدا " ومن أصدق من الله قيلا " ؟؟ فأين السبيل وأين التمكين ؟؟
إن العيب فينا نحن ، فنساؤنا تلبس الآن نفس الأزياء ، وأفلامنا كأفلامهم ، وشبابنا ورجالنا يلبسون نفس ملابسهم ، ويحلقون رءوسهم ولحاهم علي نفس طريقتهم ، ونقيم الموالد ونرعاها كموالدهم ، ولعلي لا أكون متجاوزا إذا قلت أننا قد فقناهم في مقارفة الرذيلة ، فكيف يأتي التمكين والاستخلاف ؟؟!!!
لقد بين لنا عز وجل في شريعته الغراء شروط هذا التمكين ، فقال وقوله الحق : " وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ "( [11] )
فعلينا إذن لكي يتحقق لنا موعود الله ، أن نحقق في أنفسنا شروط هذا الموعود ، " وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً ... " ( [12] ) علينا أن نؤسلم حياتنا كلها ، وأن نسير علي هدي المصطفي صلي الله عليه وسلم في كل صغيرة وكبيرة ، فهو الهادي غلي الرشاد بإذن الله " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا " ( [13] ) فنجعله قدوتنا وأسوتنا ، كما فعل عمر بن الخطاب الذي أجلي اليهود عن جزيرة العرب ، وكما فعل صلاح الدين الأيوبي الذي وحد المسلمين ودعا إلي التوبة العامة ، وأبطل الضرائب وأغلق الحانات ، فكان النصر للمسلمين والعزة والتمكين .
وعلي المستوي الفردي فيجب علي كل منا أن يعد نفسه للجهاد في سبيل الله ، يجب أن نغير من أسلوب حياتنا ، يجب أن نتعلم فقه الجهاد ، كما نتعلم فقه الطهارة والصلاة وغيرها من العبادات ، لأن الجهاد في سبيل الله هو أسمي عبادة في هذا الدين ، اسـتمعوا إلي قول المصطفي صلي الله عليه وسلم : " ... رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلَامُ وَعَمُودُهُ الصَّلاةُ وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ ... " ( [14] )
لا تقل لي من ستجاهد ؟ ولا كيف سنجاهد ؟ ولا من سيسمح لنا بالجهاد ؟؟ حدث نفسك فقط بالجهاد ، حدث نفسك بالغزو في سبيل الله ، حدث نفسك بأن تنال الشهادة في سبيل أن تكون كلمة الله هي العليا ، احلم بأن تختم حياتك بالشهادة في سبيل الله ، كما تحلم بأن تكون لك شقة وسيارة وزوجة جميلة ، احلم ولا تخف فلن يعاقبك أحد علي الحلم ، ولن تخسر شيئا بالحلم ، فقط حدث نفسك صادقا بالغزو في سبيل الله ؛ اطلب الشهادة بصدق ، فمن طلبها صادقا أتاه الله إياها ولو علي فراشه ، واحذر أن تغفل عن هذا الحلم فإن : " مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ وَلَمْ يُحَدِّثْ نَفْسَهُ بِالْغَزْوِ مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ " ( [15] )
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين .
(جميع الحقوق متاحة لكافة المسلمين بمختلف الوسائل غير الربحية فإنها تحتاج إلي تصريح كتابي )
[1] الإسراء من 4ـ 8
[2] فصلت46
[3] أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن 3 /15- 16
[4] البقرة: من الآية89
[5] البقرة: 100
[6] النساء: من الآية50
[7] الحشرم الآية 2
[8] الأحزاب 26 و 27
[9] الفتح: 20
[10]صحيفة الاندبندنت عن مقال بعنوان " قادة الغرب أجبن من أن يساعدوا على إنقاذ الأرواح" للكاتب روبرت فيسك .
[11] النور55
[12] التوبة : 46
[13] الأحزاب: 21
[14]سنن الترمذي 9 /202
[15]سنن أبي داود 7 /17
[/align]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إفســاد اليهــود
ومصــيرهم المحــتوم
ومصــيرهم المحــتوم
( خطبة جمعة اليوم ، تأخر إنزالها لأسباب فنية ، فنأسف لذلك)
يقول الله تبارك وتعالى فى كتابه العزيز :" وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً *فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً *ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً *إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لَأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً *عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً " ( [1] )
يخبر تعالى أنه قضى إلى بني إسرائيل وأخبرهم في الكتاب الذي أنزله عليهم ، أنهم سيفسدون في الأرض مرتين ، ويَعْلوُنَ علوا كبيرا ، أي يتجبرون ويطغون ويفجرون على الناس ، فإذا جاء وعد أولى الإفسادتين ، بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد ، أي سلطنا عليكم جندا من خلقنا أولى قوة وعدة وعدد وسلطنة ، فجاسوا خلال الديار ، أي تملكوا بلادكم ، وسلكوا خلال بيوتكم ، أي بينها ووسطها ، وانصرفوا ذاهبين وجائين لا يخافون أحدا ، وكان وعدا مفعولا.
وقد اختلف المفسرون من السلف والخلف في هؤلاء المسلطين عليهم من هم ؟ فعن ابن عباس وقتادة : أنه جالوت الجزري وجنودُه ، سُلط عليهم أولا ، ثم أُديلوا عليه بعد ذلك ، وقتل داود جالوت ؛ ولهذا قال : "ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ ... " الآية.
وعن سعيد بن جبير أنه : ملك الموصل سنحاريب وجنوده ، وعنه أيضا وعن غيره أنه : بختنصر ملك بابل ، وقد وردت في هذا آثار كثيرة إسرائيلية لم أر ذكرها ؛ لأن منها ما هو موضوع من وضع بعض زنادقتهم ، ومنها ما قد يحتمل أن يكون صحيحا ، ونحن في غنية عنها ولله الحمد ، ففيما قص الله علينا في كتابه غنية عما سواه من بقية الكتب قبله ، فلم يحوجنا الله ولا رسوله إليهم .
وقد أخبر الله عنهم أنهم لما طغوا وبغوا ، سلط الله عليهم عدوهم ، فاستباح بيضتهم ، وسلك خلال بيوتهم ، وأذلهم وقهرهم ، جزاء وفاقا ، وما ربك بظلام للعبيد ؛ فإنهم كانوا قد تمردوا ، وقتلوا خلقا من الأنبياء والعلماء ... ثم قال تعالى : " إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لَأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا " أي فعليها ، كما قال تعالى : " مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ " ( [2] ) وقوله تعالى : " فإذا جاء وعد الآخرة " أي إذا أفسدتم الثانية ، وجاء أعداؤكم " ليسؤوا وجوهكم " أي يهينوكم ويقهروكم ، " وليدخلوا المسجد " أي بيت المقدس ، كما دخلوه أول مرة ، أي في المرة التي جاسوا فيها خلال الديار ، " وليتبروا " أي يدمروا ويخربوا " ما علوا " أي ما ظهروا عليه " تتبيرا " ثم " عسى ربكم أن يرحمكم " أي فيصرفهم عنكم " وإن عدتم عدنا " أي متى عدتم إلى إلافساد عدنا ، إلى الإدالة عليكم في الدنيا ، مع ما ندخره لكم في الآخرة من العذاب والنكال ؛ ولهذا قال : " وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا " أي مستقرا ، ومحصرا ، وسجنا لا محيد لهم عنه ، وقال قتادة : قد عاد بنو إسرائيل ، فسلط الله عليهم هذا الحي : محمدا صلي الله عليه وسلم وأصحابَه ، يأخذون منهم الجزية عن يد وهم صاغرون .
وقد ذكر الشيخ الشنقيطى رحمه الله فىتفسيره " أضواء البيان "عند قوله تعالى : " وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا " قال :
( لما بين جل وعلا أن بني إسرائيل قضى إليهم في الكتاب أنهم يفسدون في الأرض مرتين ، وأنه إذا جاء وعد الأولى منهما : بعث عليهم عبادا له أولي بأس شديد ، فاحتلوا بلادهم وعذبوهم . وأنه إذا جاء وعد المرة الآخرة : بعث عليهم قوما ليسوءوا وجوههم ، وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة ، وليتبروا ما علوا تتبيرا .
وبين أيضا : أنهم إن عادوا للإفساد المرة الثالثة فإنه جل وعلا يعود للانتقام منهم بتسليط أعدائهم عليهم ، وذلك في قوله تعالى : " وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا " ولم يبين هنا : هل عادوا للإفساد المرة الثالثة أو لا ؟
ولكنه أشار في آيات أخر إلى أنهم عادوا للإفساد بتكذيب الرسول صلي الله عليه وسلم، وكتم صفاته ونقض عهوده ، ومظاهرة عدوه عليه ، إلى غير ذلك من أفعالهم القبيحة . فعاد الله جل وعلا للانتقام منهم تصديقا لقوله تعالى : " وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا " فسلط عليهم نبيه صلي الله عليه وسلم والمسلمين ، فجرى على بني قريظة ، والنضير ، وبني قينقاع وخيبر ما جرى من القتل والسبي والإجلاء ، وضرب الجزية على من بقي منهم ، وضرب الذلة والمسكنة . ( [3] ) ثم أجلاهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما جاء في كتب السيرة .
المهم أن في الآيات بشارة إلي كل عبد مسلم ، بشارة إلي كل ذى لب ، حتي لا يفتن بما يفعل اليهود في هذه الأيام ، فإن الله قد توعدهم بالذلة والمسكنة كلما أفسدوا في الأرض ، كما يقال في المثل : ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع ، فنسأل الله سبحانه وتعالىأن نكون ممن يكون تكسير جناح الطائر الصهيوني علي أيديهم .
وإذا تصفحنا صفحات التاريخ نجد أن اليهود ما برحوا يفسدون في الأرض ، ويكيدون لهذا الدين منذ الأيام الأولي لبزوغ فجر الإسلام ، وقد سجل القرآن الكريم بعضا من مظاهر افسادهم أيام رسول الله صلي الله عليه وسلم ومن ذلك :
· قوله تعالى : " فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ "( [4] ) أى أنهم أنكروا صفة رسول الله صلي الله عليه وسلم الموجودة عندهم فى التوراة .
· و قوله تعالى : " أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ( [5] ) " و قوله تعالى : " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً " ( [6] )
· و قوله تعالى : "هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ... "( [7] )
· وأيضا قوله تعالى : " وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً * وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَأُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً "( [8] )
إلى غير ذلك من الآيات البينات التى تدل على الإنتفام الإلهي بعد الإفساد الحادث منهم ، ذلك الإفساد الذى كان سببا فى تسليط الرسول صلي الله عليه وسلم عليهم ، فأجلي بني قينقاع وبني النضير ، وقتل مقاتلة بني قريظة ، وسبي نساءهم ، وفتح خيبر وضرب عليهم الجزية ...
ونظرا لأهمية خيبر فى التاريخ الإسلامى ، فهيا بنا نلقي عليها نظرة سريعة : تقع خيبر شمال المدينة المنورة علي بعد ثمانية مراحل ( أي حوالي 83 كم ) كانت مقاطعة يهودية ، خصبة التربة ، كثيرة النخل والزرع ، وكانت أموال خيبر تمول المحاولات اليهودية لإجهاض هذا الدين في مهده ، ولعبت دورا خطيرا في الصراع اليهودي الإسلامي ؛ فقد كانت ملجأ آمنا ليهود بني النضير و بني قينقاع بعد أن أجلاهم رسول الله صلي الله عليه وسلم لنقضهم عهدهم معه ، كما كانت خيبر غرفة عمليات تجميع قيادات الكفر إبان غزوة الأحزاب .
لكل هذه الأسباب صدرت أوامر القيادة المحمدية علي صاحبها أفضل الصلاة والسلامبضرب هذا التجمع المتآمر علي الإسلام والمسلمين ، بعد رحيل الأحزاب ، حتي لا يستمر خطره علي الكيان المسلم ، فسار إليهم في المحرم من السنة السابعة من الهجرة ، تحقيقا لقوله سبحانه وتعالى : " وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَاأي من الفتوحات الإِسلامية التي وصلت الأندلس غربا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ ...أي غنيمة خيبر " ( [9] )
ولما أراد الرسول صلي الله عليه وسلم الخروج أعلن ألا يخرج معه إلا راغب في الجهاد ، فلم يخرج معه إلا أصحاب الشجرة وهم ألف وأربعمائة ، في أرجح الأحول .
الجهاد .. ذلك المفهوم الغائب عن حياة المسلمين في هذه الأيام .. اثاقلوا إلي الأرض ، آثروا الحياة الدنيا علي الموت في سبيل الله ، فحاق بهم ما نري ـ والعياذ بالله ـ من الذل والهزيمة والانكسار ... وعلي يد من ؟؟ علي يد خنازير الأرض الذين توعدهم الله بالانتقام منهم علي إفسادهم في الأرض .. ولكن علي أيدي عباد له عز وجل أولي بأس شديد.
*** *** ***
لا يختلف اثنان في أن اليهود الصهاينة قد أفسدوا في زماننا هذا أيما إفساد ، فلا يكاد يمر يوم ، بل لا تنقضي ساعة واحدة ، إلا ولهم فيها بصمات إفساد ، فدورهم البارز في إسقاط الخلافة الإسلامية العثمانية عن طريق جمعية الاتحاد والترقي ، ذلك الدور الذي لا يخفي إلا علي البلهاء والمغرضين ، حتي أوصلوا تركيا إلي ما هي عليه الآن من العلمانية والبعد عن الاسلام ، حتي إنه يقال إن الجيش التركي ، الحاكم الحقيقي لتركيا ، يسيطر عليه جنرالات يهود في أسماء إسلامية ، تأسيا بزعيمهم اليهودي أتاتوتورك .
كما أن لهم دورا بارزا في نشر الأفكار الهدامة ، والنظريات المنحرفة في العصر الحديث ، كنظرية دارون وماركس .
وهم أيضا وراء الماسونية العالمية ، ونوادي الروتاري واللايونز وغيرها من النوادي المشبوهة ، التي تهدم القيم الإنسانية باسم الخدمات الاجتماعية.
وهم الذن يصدرون الفساد إلي العالم أجمع عن طريق امتلاكهم لمدينة هوليوود ، والسيطرة علي وسائل الإعلام الفاجر في العالم .
وإذ تتبعنا كل رذيلة في العالم ، فسنجد بصمات أصابعهم الخفية مفضوحة لأصحاب العقول غير المنحازة .
أما في المنطقة العربية فإن إفساداتهم قد فاقت كل خيال ابتداء من احتلالهم لفلسطين السليبة ، وتدنيسهم للحرم القدسي الشريف ، واستمرار القتل والتشريد والتجويع للفلسطينيين تحت سمع وبصر العالم ، وتأييد الإنجليز والأمريكان الذين نتخذهم أولياء وأصدقاء .
أما قاصمة الظهر وكاسرة العظم ، والتي نرجو أن تكون كذلك ، فهي الهجوم الأخير على أسطول المساعدات إلى غزة ، إن إسرائيل وجهت رسالة جديدة إلى العالم بقتل ناشطي السلام الدوليين ، رسالة تؤكد الصلف الصهيوني ، وأنه لا يهم ما ستدفع به إسرائيل من مبررات ، فهي كعادتها منذ 62 عاما باستخدام الكلمات للتعتيم على أفعالها ، ولكن بمقتل هؤلاء النشطاء يتضح أن كل من يغض البصر عن جرائم إسرائيل فهو يقوم بذلك متعمدا.
إن العالم كله في حالة غضب شديد ولكن الزعماء هم الذين يلتزمون الصمت ، إنهم قادة جبناء أجبن من أن يساعدوا على إنقاذ الأرواح . ( [10] )
هل بعد حرب غزة وحرب لبنان وحتى الهجوم الأخير على أسطول المساعدات إلى غزة من الممكن أن يقبل العالم مزيدا من الصلف الإسرائيلي ؟
يكفى أن ترى البيان الصادر عن البيت الأبيض لتعرف الإجابة ، فإدارة أوباما قالت أنها "ستعمل على فهم ملابسات المأساة التي وقعت" ، عشرة جثث جديدة أضيفت إلى حصيلة القتلى في الشرق الأوسط ، ولم تصدر كلمة إدانة واحدة بحق إسرائيل.
تلك كلها إفسادات يهودية ، في شتي الميادين ، علي الستوي العالمي والمحلي ، جعلت قصار النظر ومن لا فهم له بحقيقة الدين الإسلامي ، يفتنون بهم وبأتباعهم ، ويخطبون ودهم ويخافونهم .
فما هو السبيل ؟ وأين موعود الله ؟ وأين الأمل في " وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا " ؟؟
لقد وعد الله هذه الأمة بالتمكين والاستخلاف في الأرض ، ووعده حـق لا يتخلف أبدا " ومن أصدق من الله قيلا " ؟؟ فأين السبيل وأين التمكين ؟؟
إن العيب فينا نحن ، فنساؤنا تلبس الآن نفس الأزياء ، وأفلامنا كأفلامهم ، وشبابنا ورجالنا يلبسون نفس ملابسهم ، ويحلقون رءوسهم ولحاهم علي نفس طريقتهم ، ونقيم الموالد ونرعاها كموالدهم ، ولعلي لا أكون متجاوزا إذا قلت أننا قد فقناهم في مقارفة الرذيلة ، فكيف يأتي التمكين والاستخلاف ؟؟!!!
لقد بين لنا عز وجل في شريعته الغراء شروط هذا التمكين ، فقال وقوله الحق : " وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ "( [11] )
فعلينا إذن لكي يتحقق لنا موعود الله ، أن نحقق في أنفسنا شروط هذا الموعود ، " وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً ... " ( [12] ) علينا أن نؤسلم حياتنا كلها ، وأن نسير علي هدي المصطفي صلي الله عليه وسلم في كل صغيرة وكبيرة ، فهو الهادي غلي الرشاد بإذن الله " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا " ( [13] ) فنجعله قدوتنا وأسوتنا ، كما فعل عمر بن الخطاب الذي أجلي اليهود عن جزيرة العرب ، وكما فعل صلاح الدين الأيوبي الذي وحد المسلمين ودعا إلي التوبة العامة ، وأبطل الضرائب وأغلق الحانات ، فكان النصر للمسلمين والعزة والتمكين .
وعلي المستوي الفردي فيجب علي كل منا أن يعد نفسه للجهاد في سبيل الله ، يجب أن نغير من أسلوب حياتنا ، يجب أن نتعلم فقه الجهاد ، كما نتعلم فقه الطهارة والصلاة وغيرها من العبادات ، لأن الجهاد في سبيل الله هو أسمي عبادة في هذا الدين ، اسـتمعوا إلي قول المصطفي صلي الله عليه وسلم : " ... رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلَامُ وَعَمُودُهُ الصَّلاةُ وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ ... " ( [14] )
لا تقل لي من ستجاهد ؟ ولا كيف سنجاهد ؟ ولا من سيسمح لنا بالجهاد ؟؟ حدث نفسك فقط بالجهاد ، حدث نفسك بالغزو في سبيل الله ، حدث نفسك بأن تنال الشهادة في سبيل أن تكون كلمة الله هي العليا ، احلم بأن تختم حياتك بالشهادة في سبيل الله ، كما تحلم بأن تكون لك شقة وسيارة وزوجة جميلة ، احلم ولا تخف فلن يعاقبك أحد علي الحلم ، ولن تخسر شيئا بالحلم ، فقط حدث نفسك صادقا بالغزو في سبيل الله ؛ اطلب الشهادة بصدق ، فمن طلبها صادقا أتاه الله إياها ولو علي فراشه ، واحذر أن تغفل عن هذا الحلم فإن : " مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ وَلَمْ يُحَدِّثْ نَفْسَهُ بِالْغَزْوِ مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ " ( [15] )
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين .
(جميع الحقوق متاحة لكافة المسلمين بمختلف الوسائل غير الربحية فإنها تحتاج إلي تصريح كتابي )
[1] الإسراء من 4ـ 8
[2] فصلت46
[3] أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن 3 /15- 16
[4] البقرة: من الآية89
[5] البقرة: 100
[6] النساء: من الآية50
[7] الحشرم الآية 2
[8] الأحزاب 26 و 27
[9] الفتح: 20
[10]صحيفة الاندبندنت عن مقال بعنوان " قادة الغرب أجبن من أن يساعدوا على إنقاذ الأرواح" للكاتب روبرت فيسك .
[11] النور55
[12] التوبة : 46
[13] الأحزاب: 21
[14]سنن الترمذي 9 /202
[15]سنن أبي داود 7 /17
[/align]
المرفقات
38.pdf
39.pdf
40.pdf
41.pdf
42.pdf
38.pdf
39.pdf
40.pdf
41.pdf
42.pdf
مازن النجاشي-عضو الفريق العلمي
تنبيه:
الذي لا تظهر عنده الآيات أو أي خلل آخر عليه أن يتصفح بمتصفح فيرفكس.
تعديل التعليق