إغلاق المحلات التجارية وقت الصلاة
حاطب خير
1433/05/14 - 2012/04/06 16:57PM
إغلاق المحلات التجارية وقت الصلاة
عباد الله
لقد أنعَم الله عليكم بنعمٍ سابغة وآلاء بالغة. وإنّ أعظمَ نعمةٍ وأكبرَ مِنّة نعمةُ الإسلام ، قال الله تعالى : (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُواْ قُل لاَّ تَمُنُّواْ عَلَىَّ إِسْلَـٰمَكُمْ بَلِ ٱللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلإِيمَـٰنِ إِنُ كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ)
ألا وإنَّ من أظهرِ معالمِ الإسلام وأعظمِ شعائره الصلاةَ ثانيةَ أركان الإسلام ودعائمه العظام. هي بعد الشهادتين آكَدُ مفروض وأعظم معرُوض وأجلُّ طاعةٍ وأرجى بضاعة، من حفِظها حفِظ دينَه، ومن أضاعها فهو لما سواها أضيَع، هي عمودُ الدّيانة ورأسُ الأمانة، قال رسول الله : ( رأسُ الأمر الإسلام، وعمودُه الصلاة )
الصلاةُ هي سرُّ النجاح وأصلُ الفلاح وأوّلُ ما يحاسب به العبدُ يومَ القيامة من عمله، فإن صلَحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسَدت فقد خاب وخسِر. المحافظةُ عليها عنوان الصِدق والإيمان، والتهاون بها علامةُ الخذلان والخُسران. طريقُها معلوم، وسبيلُها مرسوم، من حافظ عليها كانت له نورًا وبرهانًا ونجاةً يوم القيامة، ومن لم يحافِظ عليها لم يكن له نورٌ ولا برهان ولا نجاة،
عباد الله
إنَّ من أكبر الكبائر وأبين الجرائر تركَ الصلاة تعمُّدًا وإخراجَها عن وقتها كسَلاً وتهاوُنًا، قال رسول الله : (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقَد كفر)، وقال رسول الله : (بين الرجل وبين الشرك والكفر تركُ الصلاة) أخرجه مسلم ، ويقول عبد الله بن شقيق رحمه الله تعالى: كان أصحابُ رسول الله لا يرونَ شيئًا من الأعمال تركُه كفر غير الصلاة. أخرجه الترمذي.
عباد الله ، جاءت الأدلّة الشرعيةُ الصحيحة الصريحة ساطعةً ناصعة متكاثرةً متضافرة على وجوب صلاة الجماعة على الرجال حَضرًا وسفرًا، قال الله تعالى : ( وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلوٰةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱرْكَعُواْ مَعَ ٱلرَّاكِعِينَ )، وعَنْ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي رَجُلٌ ضَرِيرُ الْبَصَرِ شَاسِعُ الدَّارِ وَلِي قَائِدٌ لَا يُلَائِمُنِي فَهَلْ لِي رُخْصَةٌ أَنْ أُصَلِّيَ فِي بَيْتِي ؟ قَالَ : ( هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ ؟ ) قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ ( لَا أَجِدُ لَكَ رُخْصَةً )قال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى : يقول لهذا الأعمى ( لا أجد لك رخصة) فكيف بالبصير المعافى؟!.
عباد الله اتقوا الله في أبنائكم ، فإنهم أمانةٌ في أعناقكم. مروهم بالمحافظة على الصّلوات وحضور الجُمَع والجماعات، رغِّبوهم ورهّبوهم، وشجّعوهم بالحوافز والجوائز، نشِّئوهم على حبِّ الآخرة، وكونوا لهم قدوةً صالحة، قال الله تعالى : ( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلوٰةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَٱلْعَـٰقِبَةُ لِلتَّقْوَى )
ويقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (ما بال أقوامٍ يتخلّفون عن الصلاة، فيتخلَّف لتخلُّفهم آخرون، لأن يحضروا الصلاة أو لأبعثنَّ عليهم من يجافي رقابَهم).
عباد الله
ومِن مظاهر الإعتزاز بهذا الدين, إعلانُ شعائرِه الظاهرة, ودعوةُ الناسِ إلى القيامِ بها. ومن ذلك أمرُ الناس بإقامةِ الصلاةِ في المساجد, وبذلُ الأسبابِ التي تُعِينُهُم على ذلك, واحتسابُ وُلاةِ الأمر وَنُوَّابِهم من أجْلِ القيام بهذه المهمة العظيمة, كما قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴾. وهذا ما مَيَّزَ هذه البلادَ ولله الحمد بقيام حُكَّامِها وفقهم الله بهذا العمل الجليل, وتعيينِ محتسبين يأمرون الناس بأداء الصلاة, والاستعدادِ لها بإغلاق المتاجر وكلِّ ما يُشْغِلُ وَيُلْهِي عن التوَجُّهِ إلى بيوت الله قال تعالى: ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ، رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ ﴾.وَمَعَ هذا التَّمَيُّز العظيم نَجِدُ شِرْذِمَةً آثِمَة لا تَأْلُوا جُهْداً في التنفير من كُلِّ ما فيه إظهارٌ لشعائرِ الإسلام وتطبيقِ تعاليمِه, , وهاهُم اليومَ يُشْغِلُون المسلمين ويُؤذُون أَسماعَهُم عَبْرَ الصحفِ والفضائيات بِشُبَهٍ ماكِرَة وتلبيس وتدليس, وذلك من خلال حَمْلَةٍ شَنِيعَة يدعون فيها إلى عَدَم إغلاقِ المحلات التجارية وقت الصلاة. ويتحدثون عن عدم وجوده في الإسلام تارة، وتارة أخرى عن عدم توافقه مع مصلحة الناس ويكفي في الرد عليهم ما رواه مسلم في "الصحيح": عن ابن مسعود قال : (مَن سرّه أن يلقى الله غدًا مسلِمًا فليحافِظ على هؤلاء الصلواتِ حيث يُنادَى بهنّ، فإنّ الله شرع لنبيكم سُننَ الهدى، وإنّهنّ من سُنن الهدى، ولو أنكم صلّيتم في بيوتكم كما يصلّي هذا المتخلِّف في بيته لتركتم سنّةَ نبيكم، ولو تركتم سنةَ نبيّكم لضللتم، ولقد رأيتُنا وما يتخلّف عنها إلا منافقٌ معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتَى به يُهادَى بين الرجلين حتى يُقام في الصفّ) فإذا كان التارك لصلاة الجماعة منافقاً معلوم النفاق، فكيف بالمُزَهِّد فيها لدى العامة، وقد أمر الله بصلاة الجماعة حال التحام الصفين للقتال، فكيف حال التحام الصفين للبيع والشراء، أمروا بأدائها والسلاح باليدين، فكيف وما باليدين غير دنانير ودراهم قال الله تعالى : ( وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ )
أما ما زعموه من مصالحَ متوهمة، كحاجة الناس المالية والصحية، والصلوات لا تأخذ إلا دقائق معدودة في كل وقت، وما سمع الناس على مر العصور أن تاجراً خسر وأفلس لإغلاق متجره لأداء صلاته، والناس يُغلقون المتاجر لأجل مصالح الإنسان كالنوم والطعام ونحوهما ليلاً ونهاراً في اليوم الواحد وقتاً طويلاً يجتمع فيه وقت صلوات أسبوع تام وزيادة، وما تحدثوا عن مواضع الربح والخسارة في طلب صحة الأبدان واتباع النظام، فكيف بسلامة الدين.ولم ير الناس فرداً مات جوعاً على أعتاب المطاعم والمتاجر ، لانصراف الناس عن متاجرهم إلى الصلاة. اللهمّ اجعلنا من مقيمي الصلاة
الخطبة الثانية
عباد الله إِن مِنْ أَعْظَمِ واجبات الحكام, أمرَ الناس بالصلاة, وإزالةَ العقبات التي تعيقُهُم أو تشغلُهُم عن حضورها.ولقد اهتمَّ النبي بذلك اهتماما بالغاً حتى قال : ( لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ رَجُلا يُصَلِّي بِالنَّاسِ ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إِلَى قَوْمٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنِ الصَّلاةِ ، فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ ) متفق عليه. ففي هذا الحديث موعظةٌ بليغة لمن يتخلف عن صلاة الجماعة في المسجد, وموعظةٌ لمن وَلاَّهُ الله أمر المسلمين في عدمِ التهاونِ مع المتخلفين عنها قال الشيخ ابن باز رحمه الله : فهذا يدل على أن التاركين لصلاة الجماعة جديرون بالعقوبة ، وقدكانت الأسواق تخلوا من التجار في ممالك المسلمين وحواضر الإسلام، على اختلاف الآفاق، وتباين القرون.ففي "الحلية" لأبي نعيم عن سفيان الثوري: كانوا يتبايعون ولا يدعون الصلوات المكتوبات في الجماعة. وقال أبو طالب المكي (ت:386) في "قوت القلوب" (2/437) ذاكراً حال الأسواق السالفين: إذا سمعوا الأذان ابتدروا المساجد، وكانت الأسواق تخلوا من التجار. وكان المفسرون من التابعين على تباين بلدانهم، يحملون قول الله تعالى: {لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ}. على ترك البيع والشراء والانصراف للصلوات.منهم في مكة عطاء بن أبي رباح.وفي البصرة رفيع بن مهران أبو العالية وأيوب والحسن وقتادة ومطر الوراق والربيع بن أنس.وفي الكوفة السدي والثوري وغيرهما.وفي خراسان مقاتل بن حيان والضحاك رحمهم الله تعالى.
أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتدوا، ولا تكونوا كالذين قال الله عنهم : {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}
المشاهدات 4345 | التعليقات 3
المفتي :
: «من يطالب بفتح المحال وقت الصلاة، مغالط ومكابر ومفترٍ ودجال، فقد كان أهل السلف يغلقون المتاجر ويحضرون الصلاة جماعة، وهو أمر تعاقب عليه المسلمون، والطاعن فيه والداعي أن هذا بدعة مفترٍ جاهل كاذب لا علم عنده».
-لجينيات
حاطب خير
للفائدة :
خطبة أخرى للشيخ / أحمد بن محمد العتيق :
http://www.islamek.net/play-671.html
تعديل التعليق