إِسْلَامُ حَمْزَةَ وَغَيْرِهِ رَضَيِ اللهُ عَنْهُمْ 25 جُمَادَ ثَانِي 1435هـ

محمد بن مبارك الشرافي
1435/06/23 - 2014/04/23 07:47AM
إِسْلَامُ حَمْزَةَ وَغَيْرِهِ رَضَيِ اللهُ عَنْهُمْ 25 جُمَادَ ثَانِي 1435هـ
الْحَمْدُ للهِ الذِي كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرَاً بَصِيرَا ، وَتَبَارَكَ الذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجَاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجَاً وَقَمَرَاً مُنِيرَاً ، وَهُوَ الذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورَاً .
أَشْهَدُ أنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ , وأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ ورسُولُهُ , صلَّى اللهُ عليْهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلَّمَ تَسْلِيمَاً كثَيراً .
أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ , وَاعْرِفُوا لِلصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ حَقَّهُمْ وَاقْدُرُوا لَهُمْ قَدْرَهُمْ , فَإِنَّ اللهَ أَعَزَّ بِهِمُ الإِسْلَامِ وَنَصَرَ بِهِمْ نَبِيَّنَا مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكَانَ لِبَعْضِهِمْ قَصَصٌ عَجِيبَةٌ فِي دُخُولِهِمُ الإِسْلَامَ وَتَخَلُّصِهِمْ مِنْ عِبَادَةِ الأَوْثَانِ .
فَهَذَا حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمُّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , كَانَ فَتَى مِنْ فِتْيَانِ قُرَيْشَ عُرِفَ بِالشَّجَاعَةِ وَقُوَّةِ الشَّكِيمَةِ , وَكَانَ كَالأَسَدِ الْهَصُورِ فِي بَأْسِهِ وَشِدِّتِهِ , وَكَانَ مُحِبَّاً لِلصَّيْدِ وَكَثِيرَ الْخُرُوجِ بِسَهْمِهِ وَرُمْحِهِ إِلَى جِبَالِ مَكَّةَ يَصِيدَ بِهَا , وَكَانَ مِنْ عَادَتِهِ إِذَا رَجَعَ مِنَ الصَّيْدِ أَنْ يَمُرَّ عَلَى أَنْدِيَةِ قُرْيشَ حَوْلَ الْكَعْبَةِ فَيُحَادِثَهُمْ وَيُنَادِمَهُمْ بِمَا حَصَلَ لَهُ فِي رِحْلَةِ صَيْدِهِ , وَكَانَ مُحِبَّاً لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لَكِنَّهُ مَا قَبِلَ دَعْوَتَهُ وَلا دَخَلَ فِي الإِسْلَامِ , لَكِنْ مَعَ ذَلِكَ فَكَانَ لا يَرْضَى أَنْ يُمَسَّ ابْنُ أَخِيهِ بِسُوءٍ .
وَلَمَّا أَرَادَ اللهُ بِهِ خَيْرَاً حَصَلَتْ حَادِثَةٌ غَيَّرَتْ مَجْرَى حَيَاتِهِ وَأَحْيَاهُ اللهُ بَعْدَ مَمَاتِهِ , وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا جَهْلٍ اعْتَرَضَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الصَّفَا فَآذَاهُ وَشَتَمَهُ وَنَالَ مِنْهُ مَا يَكْرَهُ مِنَ الْعَيْبِ لِدِينِهِ وَالتَّضْعِيفِ لِأَمْرِهِ , وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاكِتٌ لا يُكَلِّمُهُ , ثُمَّ ضَرَبَهُ أَبُو جَهْلٍ بِحَجَرٍ فِي رَأْسِهِ فَشَجَّهُ حَتَّى نَزَفَ مِنْهُ الدَّمُ , ثُمَّ انْصَرَفَ أَبُو جَهْلٍ إِلَى نَادِي قُرْيشٍ عِنْدَ الْكَعْبَةِ فَجَلَسَ مَعَهُمْ .
وَكَانَتْ مَوْلاةٌ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ جَدْعَانَ فِي مَسْكَنٍ لَهَا عَلَى قُرْبَ جَبَلِ الصَّفَا تَرَى مَا حَصَلَ , فَتَحَيَّنَتْ رُجُوعَ حَمْزَةَ مِنَ الصَّيْدِ , فَتَلَقَّتْهُ وَأَخْبَرَتْهُ بِالْخَبَرِ الذِي أَزْعَجَهُ وَأَثَارَ حَفِيظَتَهُأب !
فَأَقْبَلَ نَحْوَ أَبِي جَهْلٍ , حَتَّى إِذَا قَامَ عَلَى رَأْسِهِ قَالَ : أَتَشْتِمُ ابْنَ أَخِي مُحَمَّداً وَأَنَا عَلَى دِينِهِ ؟ ثُمَّ ضَرَبَهُ بِالْقَوْسِ فَشَجَّهُ شَجَّةً مُنْكَرَةً ، فَثَارَ رِجَالٌ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ إِلَى حَمْزَةَ لِيَنْصُرُوا أَبَا جَهْلٍ ، وَقَالُوا مَا نَرَاكَ يَا حَمْزَةُ إِلَّا قَدْ صَبَوْتَ ؟ قَالَ حَمْزَةُ وَمَنْ يَمْنَعُنِي وَقَدِ اسْتَبَانَ لِي مِنْهُ مَا أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ وَأَنَّ الذِي يَقُولُ حَقٌّ ، فَوَاللهِ لا أَنْزِعُ فَامْنَعُونِي إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ! فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ : دَعُوا أَبَا عِمَارَةَ فَإِنِّي وَاللهِ لَقَدْ سَبَبْتُ ابْنَ أَخِيهِ سَبَّاً قَبِيحَاً !
وَكَانَ إِسْلَامُ حَمْزَةَ أَوَّلَ الأَمْرِ حِمْيَةً وَأَنَفَةً أَنْ يُهَانَ ابْنُ أَخِيهِ , ثُمَّ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ , وَاعْتَزَّ بِهِ الْمُسْلِمُونَ أَيَّمَا اعْتِزَازٍ , وَعَرَفْتْ قُرَيْشٌ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عَزَّ وَامْتَنَعَ , فَكَفَّوا عَنْ كَثِيرٍ ممَّا كَانُوا يَنَالُونَ مِنْهُ !
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : ثُمَّ إِنَّ خَبَرَ الإِسْلَامِ قَدْ شَاعَ فِي الْعَرَبِ وَانْتَشَرَ فِي الْبَوَادِي , لَكِنَّ كَثِيرَاً مِنْهِمْ كَانَ لَا يَدْرِي مَا حَقِيقَتُهُ وَمَا مَدَى صِدْقِهِ , وَكَانَ مِمَّنْ سَمِعَ بِهِ أَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ , مِنْ قَبِيلَةِ غِفَارٍ التِي تَعِيشُ وَسَطَ الْجَزِيرَةِ الْعَرَبِيَّةِ فِي الْبَادِيَةِ , وَكَانُوا مَعْرُوفِينَ بِالشَّرِّ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ .
فَلَمَّا بَلَغَ أَبَا ذَرٍّ مَبْعَثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَخِيهِ ارْكَبْ إِلَى هَذَا الْوَادِي فَاعْلَمْ لِي عِلْمَ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ يَأْتِيهِ الْخَبَرُ مِنْ السَّمَاءِ , وَاسْمَعْ مِنْهُ قَوْلَهُ ثُمَّ ائْتِنِي .
فَانْطَلَقَ الْأَخُ حَتَّى قَدِمَه مَكَّةَ وَسَمِعَ مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَبِي ذَرٍّ , فَقَالَ لَهُ رَأَيْتُهُ يَأْمُرُ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ , وَيَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ مَا هُوَ بِالشِّعْرِ !
فَقَالَ مَا شَفَيْتَنِي مِمَّا أَرَدْتُ ! فَتَزَوَّدَ أَبُو ذَرٍّ بِطَعَامٍ وَحَمَلَ شَنَّةً لَهُ فِيهَا مَاءٌ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ , فَأَتَى الْمَسْجِدَ فَالْتَمَسَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهو لَا يَعْرِفُهُ , وَكَرِهَ أَنْ يَسْأَلَ عَنْهُ ... حَتَّى أَدْرَكَهُ بَعْضُ اللَّيْلِ فَاضْطَجَعَ فَرَآهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَعَرَفَ أَنَّهُ غَرِيبٌ , فَدَعَاهُ إِلَى مَنْزِلِهِ فتَبِعَهُ وَأَضَافَهُ , وَلَكِنْ لَمْ يَسْأَلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أَصْبَحَا , فاحْتَمَلَ أَبُو ذَرٍّ رّضِيَ اللهُ عَنْهُ قِرْبَتَهُ وَزَادَهُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَظَلَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى أَمْسَى , فَعَادَ إِلَى مَضْجَعِهِ فَمَرَّ بِهِ عَلِيٌّ رضي الله عنه فَقَالَ : أَمَا آنَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَعْلَمَ مَنْزِلَهُ ؟ فَأَقَامَهُ فَذَهَبَ بِهِ مَعَهُ لَا يَسْأَلُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَنْ شَيْءٍ , حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ الثَّالِثِ فَعَادَ عَلِيٌّ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ ! ثُمَّ قَالَ : أَلَا تُحَدِّثُنِي مَا الَّذِي أَقْدَمَكَ إِلَى مَكَّةَ ؟
قَالَ : إِنْ أَعْطَيْتَنِي عَهْدًا وَمِيثَاقًا لَتُرْشِدَنِّي فَعَلْتُ ! فَأَعْطَاُه عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ , فَأَخْبَرَهُ أَبُو ذَرٍّ خَبَرَهُ , فقَالَ عَلِيٌّ : فَإِنَّهُ حَقٌّ وَهُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَإِذَا أَصْبَحْتَ فَاتْبَعْنِي , فَإِنْ رَأَيْتُ شَيْئًا أَخَافُه عَلَيْكَ قُمْتُ كَأَنِّي أُرِيقُ الْمَاءَ لِئَلَّا تَشْعُرَ بِكَ قُرْيشُ , ثُمَّ إِذَا مَضَيْتُ فَاتْبَعْنِي .
فَانْطَلَقَ يَقْفُوهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَسَمِعَ مِنْ قَوْلِهِ وَدَعَاهُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الإِسْلَامِ فَأَسْلَمَ مَكَانَهُ ! فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ارْجِعْ إِلَى قَوْمِكَ فَأَخْبِرْهُمْ حَتَّى يَأْتِيَكَ أَمْرِي !)
فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَصْرُخَنَّ بِهَا بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ , فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ , فَثَارَ عَلَيْهِ الْقَوْمُ فَضَرَبُوهُ حَتَّى أَضْجَعُوهُ , فَأَتَى الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَأَكَبَّ عَلَيْهِ! وَقَالَ : وَيْلَكُمْ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ مِنْ غِفَارٍ , وَأَنَّ طَرِيقَ تِجَارِتِكُمْ إِلَى الشَّأْمِ ؟ فَأَنْقَذَهُ مِنْهُمْ ثُمَّ عَادَ مِنْ الْغَدِ لِمِثْلِهَا فَضَرَبُوهُ وَثَارُوا إِلَيْهِ فَأَكَبَّ الْعَبَّاسُ عَلَيْهِ , وَاسْتَنْقَذَهُ مِنْهُمْ !
ثُمَّ إِنَّهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ رَجَعَ إِلَى دِيَارِ قَوْمِهِ حَامِلاً الإِسْلَامَ , وَجَالِبَاً لَهُمُ النُّورَ , يَقُولُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَتَيْتُ أَخِي أُنْيَسَاً ، فَقَالَ لِي مَا صَنَعْتَ ؟ قَالَ قُلْتُ صَنَعْتُ أَنِّي أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ ، قَالَ : فَمَا بِي رَغْبَةٌ عَنْ دِينِكِ , فَإِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ ، ثُمَّ أَتَيْنَا أُمَّنَا فَقَالَتْ : مَا بِي رَغْبَةٌ عَنْ دِينِكُمَا , إِنَّي قَدْ أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ ، ثُمَّ أَتْيَنَا قَوْمَنَا غِفَار ، فَأَسْلَمَ بَعْضُهُمْ قَبْلَ أَنْ يَقْدُمُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ , وَقَالَ : بَقِيَّتُهُمْ إِذَا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْلَمْنَا ، فَقَدِمُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ بَقِيَّتُهُمْ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ !
فَهَكَذَا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ رَجُلٌ وَاحِدٌ كَانَ سَبَبَاً فِي إِسْلَامِ قَبِيلَتِهِ , وَسَوْفَ يَأْتُونَ فِي صَحِيفَةِ أَعْمَالِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ , مَعَ مَا لَهُمْ هُمْ مِنَ الأَجْرِ وَالثَّوَابِ !
فَأَيْنَ مَنْ يَكُونُ خَيْرَاً لِأَهْلِهِ وَبَرَكَةً عَلَى جَمَاعَتِهِ وَجِيرَانِهِ , يُرْشِدُهُمْ عَلَى الْخَيْرِ وَيَدُلُّهُمْ عَلَى الْهُدَى وَيَكُونُ مِفْتَاحَاً لِلْخَيْرِ مِغْلَاقَاً لِلشَّرِّ ؟
عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ دَعَا إِلَى هُدَىً ، كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أجُورِ مَنْ تَبِعَه ، لاَ يَنْقُصُ ذلِكَ مِنْ أجُورِهمْ شَيئاً ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم .
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ , وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ .
أَمَّا بَعْدُ : فَهَا هُو الإِسْلَامُ يَنْتَشِرُ وَالنَّاسُ يَدْخُلُونَ وَاحِدَاً بَعْدَ الآخَرِ , وَكَانَ مِنْ أَعْجَبِ قَصَصِ الإِسْلَامِ قِصَّةُ إِسْلَامِ ضِمَادِ بْنِ ثَعْلَبَةَ مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ ، وَكَانَ رَجُلاً يَرْقِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَيُعَالِجُ النَّاسَ مِنْ مَسِّ الْجِنِّ , وَكَانَتِ الرُّقْيَةُ مَعْرُوفَةً عِنْدَ الْعَرَبِ قَبْلَ الإِسْلَامِ , وَبَعْضُهَا رُقَىً شِرْكِيَّةً , وَبَعْضَهَا لا بَأْسَ بِهِ .
فَهَذَا الرُّجُلُ سَمِعَ سُفَهَاءَ مَكَّةَ يَقُولُونُ : إِنَّ مُحَمَّدَاً مَجْنُونٌ .
فَقَالَ فِي نَفْسِهِ : أَيْنَ هَذَا الرَّجُلُ ؟ أَذْهَبُ إِلَيْهِ لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَشْفِيَهُ عَلَى يَدِي ؟
قَالَ : فَلَقِيتُ مُحَمَّدَاً فَقُلْتُ لَهُ : إِنِّي أَرْقِي مِنْ هَذِهِ الرِّيَاحِ ، وَإِنَّ اللهَ يَشْفِى عَلَى يَدِي مَنْ شَاءَ , فَهَلُمَّ أَرْقِيكَ !
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ الْحَمْدَ للهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ , وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ ، أَشْهَدُ أَنَّ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ , أَمَّا بَعْدُ)
فَتَعَجَّبَ ضِمَادٌ مِنْ حُسْنِ كَلامِهِ وَجَمِيلِ خِطَابِهِ , وَقَالَ لَهُ : أَعْدِ عَلَيِّ كَلِمَاتِكَ هَؤُلاءِ فَلَقْدَ بَلَغْنَ نَاعُوسَ الْبَحْرِ ! (أَيْ وَسَطَهُ وَلُجَّتَهُ وَقَعْرَهُ الأَقْصَى) , فَأَعَادَ عَلَيْهِ تِلْكَ الْكَلَمَاتِ الْبَلِيغَاتِ , فَقَالَ : وَاللهِ لَقَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ الْكَهَنَةِ ، وَقَوْلَ السَّحَرَةِ , وَقَوْلَ الشُّعَرَاءِ , فَمَا سَمَعْتُ مِثْلَ هَؤُلاءِ الْكَلَمِاتِ , فَهَلَمُّ يَدَكَ أُبَايِعْكَ عَلَى الإِسْلَامِ !!!
فَبَايَعُهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَرَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ كَمْ كَانَ عَاقِلاً , وَكَمْ كَانَ حَصِيفَاً يَطْلُبُ الْحَقَّ وَيَقْبَلُهُ .
فَأَيْنَ كَثِيرٌ مِنَ الشَّبَابِ بَلْ وَكَثِيرٌ مِنَ الْكِبَارِ عَنْ طَلَبِ طَرِيقِ الْهِدَايَةِ وَالتَّضْحِيَةِ فِي سَبِيلِهِ ؟ إِنَّ الاسْتِقَامَةَ نُورٌ فِي الْوَجْهِ نُورٌ فِي الْقَلْبِ , بَلْ وَنُورٌ فِي الْقَبْرِ وَنُورٌ فِي الْحَشْرِ , (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُون)
اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا تَوْبَةً قَبْلَ الْمَوْتِ وَرَجْعَةً قَبْلَ الْفَوْتِ , اللَّهُمَّ اجْعَلْ لَنَا مِنْ كُلِّ بَلاءٍ عَافِيَةً وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجَاً وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجَا ! اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنا دِينَناَ الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنا , وَأَصْلِحْ لَنا دُنْيَانا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا , وَأَصْلِحْ لَنا آخِرَتَنا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنا , وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنا فِي كُلِّ خَيْرٍ وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنا مِنْ كُلِّ شَرٍّ ... اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ , اللَّهُمَّ ارْضَ عَنْ صَحَابَتِهِ وَعَنِ التَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِم إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَعَنَّا مَعَهُم بِعَفْوِكَ وَمَنِّكَ وَكَرَمِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ , وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
المرفقات

إِسْلَامُ حَمْزَةَ وَغَيْرِهِ رَضَيِ اللهُ عَنْهُمْ 25 جُمَادَ ثَانِي 1435هـ.doc

إِسْلَامُ حَمْزَةَ وَغَيْرِهِ رَضَيِ اللهُ عَنْهُمْ 25 جُمَادَ ثَانِي 1435هـ.doc

المشاهدات 2591 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا ونفع بعلمك