إذا مات مؤجر الوقف وانتقل الوقف لمن بعده فهل تنفسخ الإجارة؟ د.عبدالله آل سيف
احمد ابوبكر
1437/06/12 - 2016/03/21 06:46AM
[align=justify]إذا مات مؤجر الوقف وانتقل الوقف لمن بعده فهل تنفسخ الإجارة؟
صورة المسألة: أن يموت مستحق الوقف من البطن الأول وتنتقل ملكيته للبطن الثاني، فهل تنفسخ الإجارة بموت البطن الأول، أو لا تنفسخ وتلزم البطن الثاني إلى انتهاء مدة الإجارة؟ قولان للعلماء.
اختيار ابن تيمية:
اختار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - أن الإجارة تنفسخ بموت المؤجر الأول، خلافاً للمشهور من مذهب الحنابلة [1].
تحرير محل النزاع في المسألة:
1- الخلاف بين العلماء في المسألة فيما إذا أجر مستحق الوقف من البطن الأول الوقف ثم مات، وانتقل استحقاق الوقف للبطن الثاني.
قال المرداوي: محل الخلاف المتقدم: إذا كان المؤجر هو الموقوف عليه بأصل الاستحقاق ا.هـ. [2].
2- أما إذا كان المؤجر هو الناظر العام ثم مات، لم تنفسخ الإجارة بموته قولاً واحداً. قاله ابن تيمية وغيره [3].
والخلاف بين العلماء في أصل المسألة على قولين:
أقوال العلماء في المسألة:
القول الأول:
أن الإجارة لا تنفسخ بموته.
وهذا وجه عند الحنفية [4]، وقول عند المالكية فيما إذا أكراه مدة يجوز الكراء إليها [5]، وهو مشهور مذهب الحنابلة [6]، وقول عند الشافعية [7].
القول الثاني:
أن الإجارة تنفسخ.
وهذا مذهب الحنفية [8]، والمالكية [9]، ومشهور مذهب الشافعية [10]، ووجه قوي عند متأخري الحنابلة، رجحه ابن تيمية وابن رجب والمرداوي وغيرهم[11].
وذكر ابن قدامة تخريجاً يصلح قولاً ثالثاً ببطلان الإجارة [12].
أدلة القول الأول:
1- أنه أجر ملكه في زمن ولايته، فلم يبطل بموته، كما لو أجر ملكه الطلق[13].
2- أن البطن الثاني لا حق له في العين إلا بعد الأول، فهو كالوارث [14].
3- وحجة المالكية: أن الوفاء بالشروط إلى أمدها واجب، والمسلمون عند شروطهم، فلزم ورثته ومن في حكمهم الوفاء بها.
4- القياس على الرهن في كونه لا ينفسخ بالموت [15].
ونوقش:
أنه قياس مع الفارق؛ لأن الحق تعلق بالعين هنا.
أدلة القول الثاني:
1- أنه بموته تبين أنه أجر ملكه وملك غيره، فصح في ملكه دون ملك غيره، كما لو أجر دارين أحدهما له والأخرى لغيره [16].
2- أن المنافع بعد الموت ملك لغيره فلا ينفذ عقده عليها من غير ملك ولا ولاية، بخلاف الطلق، فإن الوارث يملكه من جهة الموروث، فلا يملك إلا ما خلفه، وما تصرف فيه في حياته، ولا ينتقل إلى الوارث، والمنافع التي أجرها قد خرجت عن ملكه بالإجارة، فلا تنتقل إلى الوارث، والبطن الثاني في الوقف يملكون من جهة الواقف فما حدث فيها بعد البطن الأول كان ملكاً لهم، فقد صادف تصرف المؤجر في ملكهم من غير إذنهم، ولا ولاية له عليهم فلم يصح [17].
3- أن العقد في الإجارة ينعقد ساعة فساعة على حسب حدوث المنافع شيئاً فشيئاً، وإذا كان كذلك فما في المستقبل لا يملكه ولا يتصرف فيه حتى يحدث [18].
الترجيح:
والراجح - والله أعلم - هو القول الثاني:
1- لقوة أدلته.
2- ضعف أدلة المخالفين.
3- أنه يلزم على القول الأول عقد الإجارة مع الطرف الثاني من غير رضا، والعقود مبناها على التراضي، فإن رضي المستحق بتجديد العقد جدده وإلا فلا يلزم.
4- ثم قد تكون مدة الإجارة طويلة فيتضرر المؤجر بطولها مع قلة الأجرة.
ومن أسباب الخلاف: هل المنافع تأخذ حكم الأعيان القائمة فتكون كالمبيع في البيع لا ينفسخ بالموت، أو تأخذ حكم الذي يحدث شيئاً فشيئاً بحيث يكون لكلٍ حكمه الخاص به؟ قولان للعلماء [19].
ومن أسباب الخلاف: هل تأخذ إجارة الوقف حكم الإجارة أو لا؟. قولان للعلماء [20] والله أعلم.
(*) للاستزادة يراجع موقع الشيخ:
http://www.alukah.net/web/abdullah-ibn-mubarak/11511/85306/
[1] انظر: الفتاوى الكبرى: (5/ 409)، مختصر الفتاوى المصرية: (475)، الاختيارات: (154)، المستدرك: (4/ 50)، الإنصاف: (6/ 36)، تصحيح الفروع: (4/ 443)، حاشية ابن قاسم: (5/ 314).
[2] الإنصاف: (6/ 37).
[3] انظر: الإنصاف: (6/ 37).
[4] انظر: حاشية ابن عابدين: (6/ 91).
[5] انظر: التاج والإكليل: (7/ 565)، مواهب الجليل: (5/ 434).
[6] انظر: المغني: (8/ 45)، قواعد ابن رجب: (ص45 ق 36)، الفروع: (4/ 442)، المبدع: (5/ 82)، تصحيح الفروع: (4/ 443)، الإنصاف: (6/ 36)، كشاف القناع: (3/ 566)، الروض المربع: (5/ 314).
[7] انظر: حاشية قليوبي وعميرة: (3/ 84).
[8] انظر: تبيين الحقائق: (5/ 144)، بدائع الصنائع: (4/ 222)، حاشية ابن عابدين: (6/ 88-92)، المبسوط: (11/ 143)، بدائع الصنائع: (5/ 454)، شرح العناية: (9/ 481)، شرح فتح القدير: (9/ 481).
[9] انظر: المدونة: (3/ 525)، التاج والإكليل: (7/ 562، 565)، مواهب الجليل: (5/ 434)، حاشية الخرشي: (7/ 32)، حاشية الدسوقي: (4/ 33)، حاشية الصاوي: (4/ 55)، منح الجليل: (7/ 525).
[10] انظر: الأم: (4/ 30)، أسنى المطالب: (2/ 433)، حاشية قليوبي وعميرة: (3/ 84)، حاشية الجمل: (3/ 558)، تحفة الحبيب: (3/ 214)، شرح البهجة: (3/ 339)، تحفة المحتاج: (6/ 131)، نهاية المحتاج: (5/ 318).
[11] انظر: قواعد ابن رجب: (ص45 ق 36)، الإنصاف: (6/ 36)، المبدع: (5/ 82)، مختصر الفتاوى المصرية: (475)، المغني: (8/ 45).
[12] انظر: المغني: (8/ 45).
[13] انظر: المغني: (8/ 45)، المبدع: (5/ 82)، شرح المنتهى: (2/ 362).
[14] انظر: قواعد ابن رجب: (45 ق 36).
[15] انظر: الأم: (4/ 30).
[16] انظر: المغني: (8/ 45)، التاج والإكليل: (6/ 625، 670، 565)، مواهب الجليل: (5/ 434).
[17] انظر المغني: (8/ 45)، قواعد ابن رجب: (46)، المبدع: (5/ 82)، تصحيح الفروع: (4/ 443)، تبيين الحقائق: (5/ 144).
[18] انظر: بدائع الصنائع: (4/ 222)، تبيين الحقائق: (5/ 144).
[19] انظر: تبيين الحقائق: (5/ 144)، بدائع الصنائع: (4/ 222).
[20] انظر: الفروق: (3/ 6).
[/align]
صورة المسألة: أن يموت مستحق الوقف من البطن الأول وتنتقل ملكيته للبطن الثاني، فهل تنفسخ الإجارة بموت البطن الأول، أو لا تنفسخ وتلزم البطن الثاني إلى انتهاء مدة الإجارة؟ قولان للعلماء.
اختيار ابن تيمية:
اختار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - أن الإجارة تنفسخ بموت المؤجر الأول، خلافاً للمشهور من مذهب الحنابلة [1].
تحرير محل النزاع في المسألة:
1- الخلاف بين العلماء في المسألة فيما إذا أجر مستحق الوقف من البطن الأول الوقف ثم مات، وانتقل استحقاق الوقف للبطن الثاني.
قال المرداوي: محل الخلاف المتقدم: إذا كان المؤجر هو الموقوف عليه بأصل الاستحقاق ا.هـ. [2].
2- أما إذا كان المؤجر هو الناظر العام ثم مات، لم تنفسخ الإجارة بموته قولاً واحداً. قاله ابن تيمية وغيره [3].
والخلاف بين العلماء في أصل المسألة على قولين:
أقوال العلماء في المسألة:
القول الأول:
أن الإجارة لا تنفسخ بموته.
وهذا وجه عند الحنفية [4]، وقول عند المالكية فيما إذا أكراه مدة يجوز الكراء إليها [5]، وهو مشهور مذهب الحنابلة [6]، وقول عند الشافعية [7].
القول الثاني:
أن الإجارة تنفسخ.
وهذا مذهب الحنفية [8]، والمالكية [9]، ومشهور مذهب الشافعية [10]، ووجه قوي عند متأخري الحنابلة، رجحه ابن تيمية وابن رجب والمرداوي وغيرهم[11].
وذكر ابن قدامة تخريجاً يصلح قولاً ثالثاً ببطلان الإجارة [12].
أدلة القول الأول:
1- أنه أجر ملكه في زمن ولايته، فلم يبطل بموته، كما لو أجر ملكه الطلق[13].
2- أن البطن الثاني لا حق له في العين إلا بعد الأول، فهو كالوارث [14].
3- وحجة المالكية: أن الوفاء بالشروط إلى أمدها واجب، والمسلمون عند شروطهم، فلزم ورثته ومن في حكمهم الوفاء بها.
4- القياس على الرهن في كونه لا ينفسخ بالموت [15].
ونوقش:
أنه قياس مع الفارق؛ لأن الحق تعلق بالعين هنا.
أدلة القول الثاني:
1- أنه بموته تبين أنه أجر ملكه وملك غيره، فصح في ملكه دون ملك غيره، كما لو أجر دارين أحدهما له والأخرى لغيره [16].
2- أن المنافع بعد الموت ملك لغيره فلا ينفذ عقده عليها من غير ملك ولا ولاية، بخلاف الطلق، فإن الوارث يملكه من جهة الموروث، فلا يملك إلا ما خلفه، وما تصرف فيه في حياته، ولا ينتقل إلى الوارث، والمنافع التي أجرها قد خرجت عن ملكه بالإجارة، فلا تنتقل إلى الوارث، والبطن الثاني في الوقف يملكون من جهة الواقف فما حدث فيها بعد البطن الأول كان ملكاً لهم، فقد صادف تصرف المؤجر في ملكهم من غير إذنهم، ولا ولاية له عليهم فلم يصح [17].
3- أن العقد في الإجارة ينعقد ساعة فساعة على حسب حدوث المنافع شيئاً فشيئاً، وإذا كان كذلك فما في المستقبل لا يملكه ولا يتصرف فيه حتى يحدث [18].
الترجيح:
والراجح - والله أعلم - هو القول الثاني:
1- لقوة أدلته.
2- ضعف أدلة المخالفين.
3- أنه يلزم على القول الأول عقد الإجارة مع الطرف الثاني من غير رضا، والعقود مبناها على التراضي، فإن رضي المستحق بتجديد العقد جدده وإلا فلا يلزم.
4- ثم قد تكون مدة الإجارة طويلة فيتضرر المؤجر بطولها مع قلة الأجرة.
ومن أسباب الخلاف: هل المنافع تأخذ حكم الأعيان القائمة فتكون كالمبيع في البيع لا ينفسخ بالموت، أو تأخذ حكم الذي يحدث شيئاً فشيئاً بحيث يكون لكلٍ حكمه الخاص به؟ قولان للعلماء [19].
ومن أسباب الخلاف: هل تأخذ إجارة الوقف حكم الإجارة أو لا؟. قولان للعلماء [20] والله أعلم.
(*) للاستزادة يراجع موقع الشيخ:
http://www.alukah.net/web/abdullah-ibn-mubarak/11511/85306/
[1] انظر: الفتاوى الكبرى: (5/ 409)، مختصر الفتاوى المصرية: (475)، الاختيارات: (154)، المستدرك: (4/ 50)، الإنصاف: (6/ 36)، تصحيح الفروع: (4/ 443)، حاشية ابن قاسم: (5/ 314).
[2] الإنصاف: (6/ 37).
[3] انظر: الإنصاف: (6/ 37).
[4] انظر: حاشية ابن عابدين: (6/ 91).
[5] انظر: التاج والإكليل: (7/ 565)، مواهب الجليل: (5/ 434).
[6] انظر: المغني: (8/ 45)، قواعد ابن رجب: (ص45 ق 36)، الفروع: (4/ 442)، المبدع: (5/ 82)، تصحيح الفروع: (4/ 443)، الإنصاف: (6/ 36)، كشاف القناع: (3/ 566)، الروض المربع: (5/ 314).
[7] انظر: حاشية قليوبي وعميرة: (3/ 84).
[8] انظر: تبيين الحقائق: (5/ 144)، بدائع الصنائع: (4/ 222)، حاشية ابن عابدين: (6/ 88-92)، المبسوط: (11/ 143)، بدائع الصنائع: (5/ 454)، شرح العناية: (9/ 481)، شرح فتح القدير: (9/ 481).
[9] انظر: المدونة: (3/ 525)، التاج والإكليل: (7/ 562، 565)، مواهب الجليل: (5/ 434)، حاشية الخرشي: (7/ 32)، حاشية الدسوقي: (4/ 33)، حاشية الصاوي: (4/ 55)، منح الجليل: (7/ 525).
[10] انظر: الأم: (4/ 30)، أسنى المطالب: (2/ 433)، حاشية قليوبي وعميرة: (3/ 84)، حاشية الجمل: (3/ 558)، تحفة الحبيب: (3/ 214)، شرح البهجة: (3/ 339)، تحفة المحتاج: (6/ 131)، نهاية المحتاج: (5/ 318).
[11] انظر: قواعد ابن رجب: (ص45 ق 36)، الإنصاف: (6/ 36)، المبدع: (5/ 82)، مختصر الفتاوى المصرية: (475)، المغني: (8/ 45).
[12] انظر: المغني: (8/ 45).
[13] انظر: المغني: (8/ 45)، المبدع: (5/ 82)، شرح المنتهى: (2/ 362).
[14] انظر: قواعد ابن رجب: (45 ق 36).
[15] انظر: الأم: (4/ 30).
[16] انظر: المغني: (8/ 45)، التاج والإكليل: (6/ 625، 670، 565)، مواهب الجليل: (5/ 434).
[17] انظر المغني: (8/ 45)، قواعد ابن رجب: (46)، المبدع: (5/ 82)، تصحيح الفروع: (4/ 443)، تبيين الحقائق: (5/ 144).
[18] انظر: بدائع الصنائع: (4/ 222)، تبيين الحقائق: (5/ 144).
[19] انظر: تبيين الحقائق: (5/ 144)، بدائع الصنائع: (4/ 222).
[20] انظر: الفروق: (3/ 6).
[/align]