إخوانكم في السودان

خالد الكناني
1444/10/21 - 2023/05/11 17:51PM

إخوانكم في السودان 22 / 10 / 1444ه

 إن الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلِ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أن محمدًا عبده ورسوله ،  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

أما بعدُ : عبادَ الله : اتقوا الله حق التقوى، قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا ِاللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }

أيها المسلمون : اعلموا أن رابطة الأخوة في الإسلام رابطة قوية وهي تشريع رباني ومنّة عظيمة أمتن الله بها على أهل الإيمان ، فتتألف القلوب وتتوثق الروابط وهكذا هو حال الجيل الأول من الصحابة من المهاجرين والأنصار ، قال تعالى : { وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63)

 

ويأتي التوجيه الرباني الداعي إلى الترابط الاخوي الايماني مذكرا لهم بنعمة هذا الدين الذي ألف بينهم ، قال تعالى :

{ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }

هذه الاخوة وهذا الترابط بين أهل الاسلام رباط عقدي ، قال تعالى : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ }

وهكذا هم المؤمنون في كل زمان وفي كل وقت وحين ، يشد بعضهم بعضا ويألم الواحد منهم لألم أخيه المسلم .

قال تعالى : {  وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }

هذه الآيات البينات التي توضح روابط الاخوة في الإسلام، لتوجب على كل مسلم أن يستشعر بتلك الاخوة في الله وبتلك الرابطة الإيمانية، فيفرح المؤمن لفرح إخوانه المؤمنين في كل مكان ويتألم ويحزن لما ينالهم من شدة أو ضيق ، المؤمنون رحماء بينهم يرحم بعضهم بعضا ، قال تعالى : { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ }

وإننا في هذه الأيام ،ومنذ عيد الفطر حتى هذه الأيام لنسمع ونشاهد ما يحدث بين إخواننا في السودان من قتل وما نزل بهم من ضرر في الأنفس وفي المال وفي الديار ، ونحن نتألم لما حدث بينهم وما نزل بساحتهم .

 

وإن لهم علينا حقوقا كثيرة منها الشعور والألم لألأمهم ، ومنها أنه ينبغي علينا مد يد العون والمساعدة لهم  ، وأن نشد من أزرهم .

عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا»

وعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى )

ومن هذه المعاني الكريمة والتوجيهات النبوية الشريفة انطلقت حملة شعبية مباركة للوقوف مع إخواننا المسلمين في بلاد السودان بتقديم المساعدات الإنسانية لإخواننا وتخفيف معاناتهم جراء هذه الحرب الضروس والقتال بينهم مما نالهم من الضرر في الأنفس والممتلكات ، وذلك عبر منصة ( ساهم ) وهذا من حق إخواننا علينا الوقوف معهم ومد يد العون لهم بتقديم المساعدات المادية والاغاثية والدعاء لهم بالأمن والاستقرار ، وهذا التوجيه الكريم من خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين ، أيدهما الله ، يأتي امتدادا لموقف المملكة العربية السعودية في إغاثة المنكوبين ومد يد العون والمساعدة لإخواننا في الدين ، فاحتسبوا الأجر في ذلك وليقدم كل واحد منا ما يستطيع لإخوانه في السودان عبر هذه المنصة الرسمية ( ساهم ) مستشعرين قول النبي

  صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ... ) وقوله صلى الله عليه وسلم  «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ )

فقدموا لأنفسكم وكونوا عونا لإخوانكم المسلمين في بلاد السودان الشقيق .

أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه واشهد الا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى أله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .

أما بعد ، أيها المسلمون : اتقوا الله تعالى وحققوا هذه العبادة العظيمة وهذه القيمة النبيلة قيمة الأخوة في الله والمحبة في الله والتي هي طريق موصل إلى محبة الله تعالى وإلى الجنة ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا ... ))

وهذه المحبة تدعونا إلى أن نحس بما يعانيه إخواننا في السودان وما هم فيه هذه الأيام من شده وبؤس، فهبوا جميعًا لمساعدتهم والدعاء لهم ، اللهم احفظ السودان وأهله من كيد الكائدين وعدوان المعتدين اللهم احقن دماءهم وألف بين قلوبهم وأصلح ذات بينهم، واهدهم سبل السلام  ، اللهم واجعل بلدنا آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين ياربّ العالمين .......................................

هذا وصلوا على من أمركم الله تعالى بالصلاة والسلام عليه قال تعالى  : ((إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ))

 

 

المشاهدات 1338 | التعليقات 0