إحصائية: حروب الحوثيين خلفت 28 ألف قتيل و60 ألف جريح و700 ألف نازح

احمد ابوبكر
1435/01/20 - 2013/11/23 02:39AM
خاض مسلحو الحوثي (10) حروب ضروس تشبه في تسلسلها الحروب العالمية الشهيرة، فقبل أعوام من الآن عمدت الجماعة إلى التلويح بقوتها، وما تملكه من عتاد وعدة وأنصار لا يهابون الموت.

ومع انطلاق مؤتمر الحوار ومشاركة الحوثي فيه - كأحد مكوناته - لم تتخلّ الجماعة عن سلاحها ، بل إن مواجهات عنيفة مع قبائل العصيمات شهدتها عمران واشتباكات مسلحة مع قبائل الرضمة وهجومًا وحصارًا على دماج تنشط من حين لآخر.

واليوم ونحن نقترب من حسم قضايا وطنية شائكة من خلال مخرجات فرق الحوار يتمترس الحوثي خلف معتقداته فقد شهدت جلسات الحوار منذ انطلاقة فوضى حوثية وتحالف مضحك مع انصار النظام السابق بهدف عرقلة المؤتمر والانحراف بمساره.

ويسعى الحوثيون من خلال مليشياتهم المسلحة إلى مد نفوذهم إلى أجزاء متفرقة من محافظات الجمهورية بعد أن أصبحت محافظة صعدة، دويلة مستقلة داخل الجمهورية اليمنية.

فقد أصبح الحوثي هو الحاكم الفعلي لمحافظة صعدة، وخاض ضد الدولة ست حروب حتى تمكن في الأخير من فرض سيطرته على المحافظة، وقد كان المواطنون في أرجاء البلاد يبدون تضامنا مع الحوثي خلال حروبه مع الدولة.

وما أن عرف البسطاء من عامة الشعب ما ينوي له الحوثي وأهدافه التي بدت متعارضة مع عادات وتقاليد وتشريعات المجتمع المدني، وانقلبت رؤيتهم تجاه الحوثي، وأصبحوا يناشدون السلطات باستخدام القوة العسكرية لإنهاء تمردهم، واستعادة هيبة الدولة في صعدة، وفك الحصار عن الأقليات المضطهدة في صعدة.

الحوثي.. سلطة واقع تمارس الاضطهاد

منظمة "هود" حمّلت الحوثيين مسئولية ما يحدث في دماج باعتبارهم سلطة الواقع، بحسب التوصيف الدولي، ويقع على عاتقهم ضمان حقوق الأقليات التي تقع تحت سيطرتهم بمن فيهم الأقلية السنية في دماج التي يرتادها طلاب العلم الشرعي من السنة في اليمن وخارجها، ولم يعرف عن هذا المعهد بأنه قد ألحق أي أذى بالتعايش الاجتماعي السلمي في منطقة صعدة، وأنه لمن المؤلم أن تكشّر هذه المأساة الطائفية عن أنيابها متجاوزة كل أخلاق الإسلام بل والإنسانية من قطع للطريق واستهداف للنساء والأطفال وقصف لأماكن العبادة.

وقال البيان: من المؤسف أن الحركة الحوثية، التي أسمت نفسها مؤخرًا بـ "أنصار الله"، وهي اليوم الحركة الحاكمة على أراضي محافظة صعدة في ظل غياب تام للدولة بعد أن طردت منها بالقوة المسلحة، وبقي بعض التشكيلات العسكرية ومسميات الدولة التي تعتبر في حكم الرهينة لدى هذه الحركة المسلحة، من المؤسف أن تقوم هذه الحركة بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفق التوصيف الدولي بحق أقلية مذهبية محاصرة وفي وادٍ ضيق.

وقالت "هود": إن من المؤسف أن تُشن هذه الحرب تحت عناوين دينية سواء باسم جهاد التكفيريين النواصب وبالمقابل ما يعلن من الأقلية المغلوبة من سنة دماج بدعوتهم للدفاع عنهم في مواجهة الرافضة، هذه العناوين الدينية المقيتة التي نخشى في "هود" كمنظمة مدنية حقوقية مستقلة أن تشمل هذه الفتنة المسلحة كل ربوع الوطن الذي ليس بحاجة إلى مزيد من نزيف الدم.

وأكدت أن المشهد اليمني الدامي يفطر القلوب ويدمي الأفئدة يتجلى المظهر الأسوأ له في الحرب الدينية على المخالفين مذهبيا في منطقة دماج، والذي لم يراع الطفل أو المرأة أو الجريح المحاصرين من قوة سلطة الواقع الحوثية "أنصار الله".. مضيفًا: نحن نقول لهم يا من تدعون أنكم أنصار لله.. أي نصر لله تدعونه وأنتم تحاصرون إخوتكم في العقيدة بغض النظر عن خلافاتكم المذهبية، والتي نعرف يقينًا أن الطرفين بمنطقهم المذهبي لا يعترفون بهذه الأخوّة؟..

ودعت "هود" سلطة الواقع في صعدة أن تتحمل مسئوليتها القانونية والأخلاقية في تأمين حقوق قاطني منطقة دماج ومعهدها، كما دعت معها سلطة الجمهورية اليمنية للقيام بمسئوليتها في إيقاف هذه الحرب بكل الطرق الشرعية، والقانونية التي تخولها لها المبادرة الخليجية ودستور الجمهورية اليمنية وقوانين الدولة والمعاهدات والاتفاقيات الدولية في هذا الصدد، وتدعو معها سلطة الواقع الحوثيين "أنصار الله" إلى وقف القتال وضمان حقوق قاطني منطقة دماج تحت طائلة مسئولية الملاحقة المحلية والدولية، وفوق ذلك كله المسئولية أمام الله تعالى.

وعمل الحوثيون - خلال السنوات الأخيرة - على تطوير مليشياتهم المسلحة، ومحاولة الارتقاء بها من حيث التنظيم والتسليح إلى مستويات مضاهية للجيوش النظامية، الأمر الذي دفع البعض إلى الجزم بأن الحوثيين أصبحوا يمتلكون جيشا شبه نظامي من حيث التنظيم ومستوى التسليح.

ويتراوح إجمالي العدد التقديري للمقاتلين الأساسيين بين 3 آلاف إلى 5 آلاف مقاتل، وقد يتضاعف عدد المقاتلين الحوثيين في بعض الأوقات، وخصوصًا في مناطق المواجهات إلى أكثر من ذلك بكثير جراء التحاق مقاتلين من مناطق مختلفة بجبهات القتال والتوسع العسكري – حسب دراسة استقصائية أجرتها شبكة "مأرب برس" الإعلامية، تحت عنوان (الحوثيون من الدفاع التكتيكي إلى السيطرة والتوسع الاستراتيجي).

وأوضحت الدراسة أن العدد الإجمالي الكلي للمقاتلين الحوثيين يقدر بحوالى 15 إلى 20 ألف مقاتل، على اعتبار أن جميع المنتسبين إلى جماعة الحوثي يُعتبرون مقاتلين، حتى وإن لم ينخرطوا في جبهات القتال بشكل دائم.

ومنذ منتصف 2004 وصوت الحرب هو الأكثر صخباً في شمال البلاد، ويتبادل الحوثيون والدولة أو أي طرف آخر الاتهامات حول المتسبب في انفجار الوضع على هذا النحو الذي يثير القلق والخوف معاً.

وتطورت حروب الحوثي في أرجاء البلاد من من تمرد إلى تحدٍّ وطني، لأن الحكومة المركزية لم تبدِ اهتماماً يُذكر معالجات التظلمات الأساسية للحوثيين، ونتيجةً للتعنت داخل حركة التمرد.

ومن دون جهد دولي في الوساطة، فإن المزيد من القتال أمر لا مفر منه، وهو ما يشكل تهديداً خطيراً للاستقرار في اليمن.

وفي حين يبدي الحوثيون قدرة فائقة في الانتقال من حالة الكمون إلى التمدد وبسط النفوذ على مزيد من المناطق، معتمدين على استراتيجية واضحة في تحركاتهم وخطابهم السياسي، فإن الدولة بدت بلا رؤية تجاه ما يحصل، وعاجزة عن اقتراح الحلول، فضلاً عن فرضها، وهو الأمر الذي أدى إلى فشل خياراتها العسكرية في مواجهة التمرد الحوثي، بعد ستة حروب خاضتها الدولة في جبال مران وحوث.

ويرى الحوثيون بالرغم من خوضهم ست حروب مع الدولة حتى عام2009م، أنهم يدافعون عن أنفسهم وحسب، وهو الأمر الذي لا يجد قبولاً لدى خصومهم الذين يرون في ذلك مجرد إدعاءات. إلى حد كبير.

ومن خلال الإحصائيات، التي حصلت "مأرب برس" عليها، قدر إجمالي الخسائر المادية نتيجة حروب الحوثيين في أرجاء البلاد بنحو ملياري دولار، وبلغ عدد القتلى نتيجة الحروب التي افتعلها الحوثي هنا وهناك أكثر من 27,650 قتيلًا من الطرفين، فيما بلغ عدد الجرحى أكثر من 60,000 جريح، ووصل عدد النازحين في كل من صعدة وحجة إلى أكثر من 720,000 نازح .

انفجار الوضع ومواجهات 2004م

كانت أعمال مخلة قد مهدت للحملة العسكرية التي خرجت للتعامل مع جامعة الحوثي في معقلها، ومن هذه الأعمال إغلاق منطقة مران ووضع نقاط سيطرة والصدام مع نقاط عسكرية على خلفية السلاح واقتحام مساجد وترديد الصرخة داخلها وعرقلة العملية التعليمية في مناطق خارج مران من خلال إطلاق الشعار بمناسبة وغير مناسبة داخل المدارس والصدام مع مواطنين ومدرسين وشخصيات ومسؤولين بسبب ذلك، وكانت السجون قد استضافت عدداً غير يسير من عناصر الجماعة كانوا يخرجون وهم أشد تمسكاً بالشعار ومؤسسه.

الحرب الأولى.. شرارة النار

اندلعت شرارة الحرب الأولى في صعدة في 20 يونيو 2004، بعد أن فرض حسين الحوثي السيطرة على أغلب مديرية حيدان التي غابت فيها الدولة بصورة شبه كلية، وكان حسين الحوثي يتقاضى الزكوات، ما اضطر محافظ المحافظة - آنذاك - العميد يحيى العمري المعيّن في 2001م إلى تحريك حملتين عسكريتين في 20 / 6/ 2004م.

واستمرت الحرب 82 يوما لتنتهي بإعلان السلطات مقتل حسين الحوثي وانتهاء العمليات العسكرية في 10 سبتمبر2004 م.

وبحسب تقرير لجهاز الأمن القومي مقدم إلى مجلسي النواب والشورى في فبراير 2007م حول أحداث صعدة فإن عدد قتلى الجيش في هذه الجولة بلغ 473 قتيلاً و2588 جريحاً، فيما تشير تقديرات غير رسمية إلى أن عدد القتلى المدنيين 200 شخص، وقدر عدد النازحين بـ 14 آلاف نازح.

وقدرت الخسائر في الممتلكات العامة والخاصة بـ 6 ملايين دولار، ورصدت السلطة بعض الامتيازات السياسية والمادية والمناصب والدرجات الوظيفية لأسرة الحوثي وقادة التنظيم.

دارت تلك الحرب في منطقة مران من مديرية حيدان (60331) نسمة، ووصلت إلى عدد من المناطق المجاورة في ذات المديرية، ومناطق في مديرية ساقين المجاورة، ومنطقة آل الصيفي وبني معاذ في مديرية سحار، ومنطقة الرزامات بمديرية الصفراء. وفشلت أكثر من خمس وساطات متتابعة في وقف الحرب.

وفي 12 مارس 2005 كشف النائب البرلماني يحيى بدر الدين الحوثي أخو عبدالملك الحوثي المقيم في ألمانيا - في اتصال هاتفي مع "العربية نت" - أن عدد قتلى مواجهات 2004م بين صفوف الجيش فاق 25 ألفًا، ومن جماعة الحوثي ما يقرب من 300 شخص.

وكان من اللافت أن يعلن الحوثي مسئوليته عن قتل هذا العدد من الضباط والجنود.

الحرب الثانية.. تمدد الجحيم

اندلعت شرارة الجولة الثانية من الحرب يوم 19 مارس 2005 م، واستمرت 25 يوماً، وكان يقودها بدر الدين الحوثي وبعض القيادات الميدانية أمثال عبدالله عيظة الرزامي ويوسف المداني.

وتزامنا مع عودة بدرالدين الحوثي من صنعاء إلى الرزامات 15 مارس 2005، نشبت مواجهات بين عدد من رجال الأمن وعدد من أتباع الحوثي في سوق

السلاح بـ"الطلح"، وسقط ستة قتلى من الجانبين، وكانت تلك شرارة الجولة الثانية من الحرب.

وفي 12 إبريل 2005م تمكنت القوات المسلحة والأمن من استعادة السيطرة على منطقة الرزامات إلا أن بدر الدين ونجله عبدالملك وعبدالله الرزامي ويوسف المداني وقيادات أخرى تمكنوا من الفرار إلى منقطة نقعة وفرد وآل سالم.

وتركزت الحرب في منطقة الرزامات، وامتدت إلى مناطق في مديرية الصفراء ومنها نشور وآل الصيفي وأم عيسى وذات السيل ومناطق في السالم بمديرية كتاف وأخرى في مديرية سحار وبني معاذ وآل الصيفي وربيع والشط.

وبحسب تقرير جهاز الأمن القومي المقدم إلى مجلسي النواب والشورى حول أحداث صعدة، فقد بلغ عدد الخسائر البشرية التي تكبدتها المؤسسات العسكرية والمدنية 254 قتيلاً و2708 جرحى.

فيما أعلنت الحكومة في 21 مايو 2005 عن ضحايا المواجهات التي قدرته بحوالى 552 قتيلًا و2.708 جرحى، و41 ألف نازح.

وبلغت الخسائر الاقتصادية أكثر من 270مليون دولار. فيما بلغ عدد المنشآت والمباني التي تم إصابتها بأضرار كلية وجزئية 50 منزلاً ومنشأة.

بعد ذلك أعلن الرئيس – حينها - علي عبدالله صالح العفو العام والبدء بإطلاق السجناء ودفع التعويضات للمتضررين، ثم اختفى بدر الدين الحوثي في ظروف غامضة.

الجولة الثالثة: استثمار المظلومية

أوضحت دراسة شبكة "مأرب برس" الإعلامية أن الظروف تهيأت للحوثيين في فترة ما بعد توقف الجولة الثانية من الحرب. وفي ظل غفلة أو تغافل السلطات التي اهتمت - إلى حد ما - بالمواقع التي كانت تحت سيطرة الحوثي، وأهملت المواقع الأخرى، بالإضافة إلى ما وفرته الفترة التي أعقبت الحرب الثانية وما ترافق معها من ظروف سياسية وضغوط محلية ودولية لوقف العنف الذي كان يبدو فيه الطرف الحوثي كضحية، تمكن الحوثي من السيطرة على المواقع والمنافذ الحساسة، فضلًا عن التوسع إلى مواقع جديدة.

وأشارت الدراسة إلى أنه وخلال فترة التهدئة تمكن الحوثيون من كسب مزيد من الأنصار الذين نظروا إلى الحوثي كمظلوم معتدى عليه.

ولأن الحوثي صور ما يحدث وكأنه حرب طائفية ومحاولة لاجتثاث التيار الزيدي فقد كسب عددا من الهاشميين والمناصرين، كما استغل المناصرة الإعلامية الواسعة والرفض السياسي للعنف اللذين وفرا له غطاء كافيا لتعزيز نفوذه وتمديد سيطرته على عدد من المديريات وترتيب صفوفه، وتلقي الدعم اللوجيستي والمادي من أطراف إقليمية مكنته من تخزين مزيد من السلاح.

أفضى ذلك إلى تجدد مواجهات الجولة الثالثة في 28 نوفمبر 2005 م بقيادة عبدالملك الحوثي.

وكانت محصورة في مناطق: سحار، الصفراء، آل سالم، ساقين، حيدان، مجز، الرزامات.

وانتهت المواجهات في 28 فبراير 2006 م بعد جهود لجنة وساطة برئاسة العميد يحيى الشامي، شكلت في 16 يناير 2006 أعقبها توقيع صلح وقعه عن الحوثيين عبدالملك الحوثي ومن الجانب الرسمي يحيى الشامي بتعين محافظاً لصعدة أواخر فبراير 2006، وهو الصلح الذي أعلن رسميا – بموجبه - انتهاء التمرد "إلى الأبد" وتوقفت القوات المسلحة عن تعقب القيادات الحوثية التي فرت من الرزامات.

وسارعت السلطات إلى إيقاف المواجهات استباقا للانتخابات الرئاسية التي جرت في 20 سبتمبر 2006 م.

وحرص مرشح حزب المؤتمر الشعبي العام علي عبدالله صالح - في ظل المنافسة المحتدمة مع مرشح تكتل أحزاب اللقاء المشترك المعارض فيصل بن شملان - على كسب أصوات الناخبين بمحافظة صعدة، 354344 ناخب، بحسب جداول 2008م، وهو ما عجل من زمن وقف المواجهات، وبصورة مبهمة أعلن وقف الحرب.

وعلاوة على تعيين الشامي محافظا لصعدة بناء على توصيات لجنة الوساطة بإبعاد سابقه يحيى العمري، اتخذ صالح قرارات بإلغاء عدد من الأحكام القضائية بحق من أدينوا بالتورط في دعم الحوثي والتخابر مع دولة أجنبية (إيران)، وبينهم خطباء مساجد وقضاة في المحاكم

ومعلمون.

وأصدر صالح عفوًا عن نحو 600 سجين، من بينهم محمد بدر الدين الحوثي.

أعقب ذلك تدشين مرشح حزب المؤتمر حملته الانتخابية في المحافظة في 27 فبراير 2006م، وجدد منها إعلان العفو العام ألقى خطابا في مهرجان حشد له الحوثيون جماهيرهم، ودعاهم فيه صالح إلى"فتح صفحة جديدة"، والعودة إلى بيوتهم "آمنين مطمئنين يمارسون حياتهم السياسية مثل غيرهم من المواطنين..

وتقدر حجم الخسائر البشرية للجولة الثالثة بنحو 268 قتيلاً من الجيش و310 مصاباً، وبلغ عدد قتلى الحوثيين 1200، فيما قدر عدد النازحين بـ50 ألف نازح. وتبقى هذه الإحصائيات غير مؤكدة، إذ صاحب هذه الجولة تكتم شديد على حجم الخسائر المادية والبشرية من قبل طرفي الحرب.

ونقلت دراسة عن السفارة الأميركية في صنعاء أن عدد القتلى والجرحى والمعوقين من الحوثيين والجيش ومن المدنيين بلغت منذ الحرب الأولى إلى نهاية الحرب الثالثة

727 قتيلًا و5296 جريحًا.

الجولة الرابعة: قشة يهود آل سالم

بد أ الحوثيون في التفكير ببسط النفوذ على كامل محافظة صعدة، وبكسر الأقليات الدينية والقبلية التي تعارض وقد تمنع أو تعرقل استراتيجياتهم التوسعية.

واستهدفوا الأقلية اليهودية في منطقة آل سالم الذين يقفون في طريق شعار "الموت..." فأجلوا عن المحافظة قرابة 45 يهوديًّا، ورفع عن نفسه الحرج وأمن من تساؤل ربما توقع أن يطرحه البعض في ذلك الحين حول شعار "الموت..."؟

ووفرت لهم السلطة المحلية مكاناً مؤقتاً للإقامة فيه، ثم نقلوا إلى العاصمة صنعاء على متن طائرة بعد توفير مساكن بتوجيهات من الرئيس السابق علي صالح، كما صرفت لهم مبالغ مالية لتأثيث مساكنهم وأخرى كرواتب شهرية.

ترافق ذلك مع اعتداء الحوثيين على بعض المواقع الجديدة في منطقة مذاب وفي مديرية مجز وقطابر وغمر ورازح، ومواقع في مناطق سحار وآل سالم من مديرية كتاف ومناطق في مديريتي الصفراء وباقم، حيث دارت المواجهتان الأولى والثانية.

ودخل الحوثيون الحرب بجاهزية كبيرة وتمكنوا خلال فترة التهدئة من بناء التحصينات والسيطرة على المواقع المهمة وحفر الخنادق، كما استفادوا من صفقة الانتخابات الرئاسية في شراء الأسلحة.

وتوسعت جغرافية المواجهات في هذه الجولة لتشمل مديريات: (رازح، غمر، قطابر، حيدان، ساقين، باقم، سحار، مجز، ال صفراء، كتاف).

وبعد دخول إسرائيل على الخط ودعوتها الجهات المختصة 22 يناير 2007 لحماية يهود آل سالم، بدأت بوادر الجولة الرابعة من الحرب تلوح في الأفق.

ويمكن القول: إن قضية يهود آل سالم هي القشة التي قصمت ظهر التهدئة وأشعلت فتيل الحرب.

واندلعت مواجهات الحرب الرابعة في 27 يناير 2007م.

وبعد تفويض البرلمان للحكومة بحسم الوضع عسكريًّا في 10 فبراير 2007 أعلن الرئيس صالح مهلة يومين للحوثيين كفرصة أخيرة ونهائية للعودة إلى "جادة الحق والصواب". وخول صالح السلطة المحلية واللجنة الأمنية بصعدة بإنهاء تلك الفتنة وقطع دابر مشعلها في حال لم يوافق الحوثيون على حزمة الشروط التي وضعها.

أعقب ذلك لقاء الرئيس صالح بأعضاء جمعية علماء اليمن 19 فبراير 2007 للحصول على تخويل بالحسم العسكري، وأصدر أعضاء الجمعية في 20 فبراير 2007 بياناً يطالب "بقطع دابر الفتنة التي أشعلها الحوثي".

في 26 مارس اعتدى حوثيون على مجموعة من طلاب معهد دماج، متسببين في مقتل اثنين من الطلاب، أحدهما يحمل الجنسية الفرنسية.

وبدأت في هذه الجولة عملية تجنيد القبائل لقتال الحوثيين (الجيش الشعبي)، وهو الأمر الذي زاد من تعقيدات الوضع بدخول القبائل في قتال بينيّ، ونشوب الثأرات واستمرار جحيم القتال.

وبفعل فشل الوساطات الداخلية المتعددة في إنهاء المواجهات، انتهت الوساطة القطرية بتوقيع اتفاق الدوحة و إعلان وقف العمليات العسكرية في 2 فبراير 2008.

وتشير التقديرات إلى أن الخسائر البشرية للجولة الرابعة نحو 500 قتيل من الجيش و820 جريحاً، ونحو 1200 قتيل من الجانب الحوثي، ونحو 159 قتيلًا، وأكثر من 200 جريح من القبائل المتطوعين (الجيش الشعبي)، ونحو100 ألف نازح.

وذكرت دراسة للسفارة الأميركية في صنعاء أن عدد القتلى والجرحى والمعوقين من الحوثيين والجيش ومن المدنيين بلغت في الحرب الرابعة بمفردها 9 آلاف قتيل، و20 ألف جريح، و20 ألف يتيم، و9 آلاف أرملة.

الحرب الخامسة.. التوجه نحو العاصمة وعمران

بتوقيع اتفاقية الدوحة شعر الحوثيون بأنهم خرجوا بنصر مؤزر، وتجسد لديهم شعور العظمة وغرور الانتصار، خاصة وأنهم يدركون أن الطرف الآخر، ممثلا بالرئيس صالح، يتعامل مع الحرب كبورصة لجني الأرباح، ويستثمرها لإضعاف بعض الأطراف في السلطة - حسب ما أكدته دراسة شبكة "مأرب برس".

ومكنت اتفاقية الدوحة، ومعها حالة الطقس السياسي وحركة الرياح الإقليمية، دعم قوتهم والاستفادة من خبرات الحروب السابقة في وضع استراتيجية حربية جديدة قامت على تشتيت قوة الخصم وفتح جبهات جديدة واعتمال قاعدة الهجوم بدل الدفاع.

كما أن التعويضات التي جناها الحوثيون من الحرب الرابعة، التي تقدر بحوالى 18 مليون دولار، قد مثلت لهم إيرادًا ضخمًا لشراء الأسلحة وتجنيد المزيد من الأنصار علاوة على الأسلحة التي استولوا عليها، ونتاجًا لذلك توفرت لهم ممكنات الدخول في جولة جديدة من المواجهات.

ولم يصمد اتفاق الدوحة لأكثر من أربعة أشهر رغم إعلان قطر التزامها بتقديم 500 مليون دولار للتعويضات وإعادة الإعمار.

وكانت عملية تفجير مسجد بن سلمان تابع للسلفيين عقب صلاة الجمعة إبريل 2008م، الذي اتهمت السلطة الحوثيين بالتخطيط لها، ومن قبلها مقتل النائب البرلماني في حزب المؤتمر الشعبي العام صالح دغسان في صعدة، كانتا بمثابة فتيل الجولة الخامسة من الحرب.

واندلعت شرارة الحرب مجددًا في مايو 2008 وتوعد الحوثيون، ولأول مرة، بنقل المواجهات إلى العاصمة صنعاء.

وامتدت الجبهات إلى جميع مديريات صعدة، بل وإلى محافظتي صنعاء وعمران، إذ فتح الحوثيون جبهة في حرف سفيان بعمران وجبهة أخرى في مديرية بني حشيش بصنعاء على مشارف العاصمة.

وأمام الجبهات المتعددة التي فتحها الحوثيون وإفشال سيطرة الجيش عليها، تم اللجوء إلى الجيش الشعبي وتشكيله من 27 ألف مقاتل، ودخل الحرس الجمهوري في تلك الحرب للمرة الأولى.

وفيما يتعلق بجبهة حرب مديرية سفيان 2782 كم2 بمحافظة عمران، فقد بدأت المواجهات في المركز الإداري للمديرية 1 مايو 2008 إثر قيام مسلحين تابعين للحوثي بقطع الطريق الإسفلتي بين صنعاء وصعدة في عدة مناطق أهمها جسر وادي شبارق.

وفي السابع من مايو 2008 أطلق حوثيون النيران على سيارة مدير عام مديرية حرف سفيان ما أدى إلى إصابة 4 من مرافقيه وفرضوا حصارا على اللواء 119 بـالجبل الأسود المشرف على مركز المديرية، لتبدأ بعدها - في اليوم التالي - المعركة بإطلاق صاروخين تابعين للطيران الحربي على أتباع الحوثي بمنطقة وادي شبارق.

واتسعت بعدها رقعة الحرب، وشملت عدة مناطق بمديرية حرف سفيان منها: مدينة الحرف مركز المديرية– ذو طالع– ذو كزمة– المربعة– وادي شبارق- الوقبة– العمشية- المجزعة– مدقة– واسط- الثنثلة– ذوصيفان، وغيرها.

وتشير المعلومات إلى مقتل 45 عسكرياً من العائدين من التقاعد بعد تعرضهم لقصف بالطيران الحكومي "عن طريق الخطأ" عندما كانوا متحصنين بمبنى المجمع الحكومي.

وسقط 15 عسكرياً بتبادل لإطلاق النار بين أفراد اللواء 119، و117 مشاة "عن طريق الخطأ".

وخلال هذه الجولة امتدت المواجهات إلى محافظة الجوف، وبالتحديد إلى مديرية الغيل ومنطقة الساقية، إثر مهاجمة مسلحين حوثيين لمعسكر السلام التابع للأمن المركزي بمديرية المصلوب، ومقتل مدير أمن مديرية المطمة في تبادل إطلاق النار مع مسلحين مجهولين.

وعلى خلفية توعد الحوثي بفتح جبهات في "مواقع حساسة" وسط العاصمة صنعاء، اندلعت المواجهات بين قوات الأمن وعدد من الأهالي في قرية "الشرية" بمديرية بني حشيش القريبة من مطار صنعاء الدولي 20 كم شرق العاصمة، وذلك في 14 مايو 2008.

وخرجت حملة عسكرية بقيادة العميد "محمد صالح طريق" مكونة من قرابة 40 طقماً عسكريًّا بهدف حل خلاف على قطعة أرض نشب بين أسرة القاضي وآل سريع، وتمكن خصوم القاضي من نصب كمين للحملة وقتل 2 من أفرادها، وإصابة 6آخرين، وإحراق أحد الأطقم وإجبار الحملة على الانسحاب.

وفي 18 من مايو 2008، نفذت قوات الحرس الجمهوري هجوماً واسعاً على قرى: (الشرية، غضران، بيت النخيف، رجام).

استخدمت فيه القصف الصاروخي والمدفعي في ظل غطاء جوي لمقاتلات استهدفت معاقل المسلحين الحوثيين، وانتهت المواجهات في 28 مايو2008م بإعلان الجيش سيطرته الكاملة على منطقة بني حشيش.

وبحسب تقديرات لجنة الإعمار الحكومية فقد تسببت الحرب في تدمير 405 منشأة، منها 379 منزلاً بكلفة إجمالية قدرها 717 مليونًا و234 ألف ريال.

وقام رئيس الوزراء السابق علي مجور في 22 يوليو 2010 بتسليم 40 مليون ريال كدفعة أولى من التعويضات.

وانتهت الجولة الخامسة بإعلان الرئيس صالح انتهاء المواجهات من طرف واحد "وإلى الأبد".

في 17 يوليو 2008م الذي صادف ذكرى توليه الحكم، وتزامن ذلك الإعلان مع إصدار محكمة الجنايات الدولية مذكرة اعتقال بحق الرئيس السوداني عمر البشير، كما جاء الإعلان في ظل ضغوط محلية ودولية لوقف الحرب.

وتقدر خسائر الجولة الخامسة بـ 150 مليار ريال، فيما تشير بعض التقديرات إلى أن نفقات الحرب بلغت 400 مليار ريال.

وخلّفت الحرب 12 ألف قتيل من الطرفين، منهم 6 آلاف من الجيش والمتطوعين، وقرابة 7 آلاف جريح، و20 ألف يتيم و10 آلاف معاق و6 آلاف شخص بدون عائل، و120 ألف متضرر من الحرب بشكل مباشر وتدمير 9308 منزلاً، و422 منشأة منها 287 مسجداً. وبلغ عدد النازحين حوالى 150 ألف نازح.

الحرب السادسة.. تدويل الصراع

تعد الحرب السادسة الحرب الأطول؛ حيث استمرت نحو ستة أشهر من أغسطس 2009م – حتى فبراير 2010م، وكانت على المساحة الجغرافية الأكبر، حيث شملت مختلف مناطق ومديريات محافظة صعدة، وتوسعت إلى منطقة حرف سفيان بمحافظة عمران، وبعض مناطق محافظة الجوف ومنطقة الحصامة الحدودية ومناطق بجيزان السعودية.

وفي هذه الجولة دخل الحوثيون في مواجهات مسلحة ومعارك واسعة ضد الجيش السعودي، بعد عمليات التسلل التي قام بها الحوثيون إلى داخل الأراضي السعودية في 2 نوفمبر 2009م.

وخلال 13 شهرًا من التهدئة التي أعقبت الجولة الخامسة استمر الحوثيون في تنفيذ الاغتيالات وقتال القبائل واستهداف المعارضين وحوادث الثأر والمضايقات والملاحقات ومد نفوذهم إلى مناطق لم يصلوا إليها من قبل والانتقام من القبائل المناصرة للدولة كما حدث في مديرية رازح مثلا والاستيلاء على منطقة الغرافة بمديرية سحار وتدمير دبابتين وكثير من الاشتباكات المتقطعة.

وتوسعوا إلى منطقة الحصامة على الحدود السعودية و إلى قبيلة حاشد التي شهدت قتالًا أودى بحياة 57 قتيلًا، وتوجهوا نحو محافظة حجة بغية السيطرة على منفذ ميدي البحري، فيما استمر نزوح المواطنين، وبالأخص خلال شهري يونيو ويوليو 2009 التي نزح فيهما 100 ألف مواطن.

وخلال عام من التهدئة قتل أكثر من 300 شخص، وجُرح مئات وشُرّد آلاف، واختطف 500 رجل وامرأة على يد الحوثيين، وفقًا لاتهام السلطة المحلية بصعدة حينها.

واندلعت شرارة الجولة السادسة في 11 أغسطس 2009م.

ودخل الحوثيون خلال هذه الحرب في مواجهة مع المملكة العربية السعودية كمحاولة لخلط الأوراق المحلية والإقليمية والدولية وإظهار مظلوميتهم وتصوير الحرب على أنها استهداف خارجي لهم، قبل أن يتهموا السعودية بمساندة نظام صالح في الحرب.

ودفعت السعودية كلفة تلك المواجهات 113 قتيلًا و470 جريحًا، فيما لم يعلن الطرف الحوثي حجم الخسائر التي تكبدها.

وبحسب التقديرات الرسمية فقد أسفرت الحرب السادسة عن أكثر من 3000 قتيل ونحو 14 ألف جريح.

وكشف تقرير حكومي أن حجم الخسائر المادية في الحرب السادسة يفوق 850 مليون دولار، موضحًا أن التقديرات الأولية للخسائر التي تكبدتها الخزينة العامة للدولة في الحرب بمحافظة صعدة وحدها فقط تصل إلى نحو 750 مليون دولار، تمثلت في شراء سلاح ونفقات يومية خلال المواجهة، فضلاً عن 100 مليون دولار تحتاجها مرحلة إعادة إعمار ما دمرته الحرب من منشآت عامة وخاصة في صعدة.

وأكد التقرير أن الدمار طال - بشكل جزئي أو كلي – نحو 4141 منزلًا، و64 مزرعة لإنتاج الفاكهة، و24 مزرعة لإنتاج الدواجن، و201 منشأة حكومية، منها 116 مدرسة و36 منشأة صحية، و26 منشأة أخرى ومسجدًا.

وقدرت السلطة المحلية بمحافظة صعدة عدد النازحين بـ350 ألف نازح بما يساوي 50 ألف أسرة تقريباً، وهو ما يقرب من نصف مواطني محافظة صعدة التي يصل تعدادها إلى 695033 نسمة – حسب تعداد 2004م.

الزحف نحو الجوف

حاول الحوثيون في مطلع العام 2011م إسقاط محافظة الجوف لتصبح امتدادًا جغرافيًّا لمحافظة صعدة، إضافة إلى إسقاط محافظة مأرب للوصول إلى تكوين مكون جغرافي واسع خاصة في المحافظات التي ترتبط حدودها مع المملكة العربية السعودية.

ففي بداية الأمر فوجئ أبناء محافظة الجوف بتدفق المئات من "حوثة صعدة وحرف سفيان ولفيف من مناطق أخرى" إلى مناطقهم وقراهم، وبدأت تلك العناصر الزاحفة إلى الجوف في خوض مواجهات مسلحة مع أبناء المنطقة بقوة الحديد والنار، إضافة إلى أطماع الزحف صوب محافظة مأرب والسيطرة عليها.

وبدأت مرحلة التوغل الحوثي من الجوف العالي "شمال المحافظة" إلى مديرية الغيل، إضافة إلى غراسهم السلالي والطائفي في بعض مناطق مديرية مدغل وبدبدة في مأرب.

وذكرت الدراسة التي أعدتها شبكة "مأرب برس" أن الحوثيين تلقوا أكبر الهزائم في حروبهم على المواطنين في الجوف، مشيرة إلى أنهم تكبدوا خسائر فادحة في القوة البشرية والمادية.

وقدرت الدراسة عدد القتلى بالمئات، موضحة أن شقيقًا لعبدالملك الحوثي، قُتل أثناء مواجهة الجوف.

ولم نستطع التوصل الى إحصائية محددة لمواجهات الجوف بسبب التكتم الشديد من جانب الطرفين.

هاجس السيطرة ينقل الحرب إلى حجة

بعد أن توقفت حروب الدولة ضد الحوثيين أتيحت الفرصة أمامهم للتوسع ومد نفوذهم يمنة ويسرة، فقد نقلوا حروبهم إلى محافظة حجة وتلغيمها، في خطوة تصعيدية أولية يهدف الحوثي من خلالها إلى إخضاع قبائل المرتفعات الجبلية المحاذية لسهل تهامة لتسهل عليه السيطرة على ميناء ميدي الاستراتيجي على ساحل البحر الأحمر، حيث سيتمكن، من تأمين الاحتياجات العسكرية والاقتصادية التي يحتاج إليها، إذا استطاع السيطرة عليه - حسب ما فسره مراقبون.

وذكر تقرير صحفي أن شرارة الحرب على حجور ومستباء بدأت في يوم عيد الأضحى من العام 2012م، كان المصلون من قبائل حجور وعاهم يجتمعون في منطقة الجبانة بسوق عاهم لأداء صلاة العيد، حينها جاء الحوثيون بسيارات يعلنون الصرخة وسط المصلين، وكان خلفهم 2 حميضات، وهي مدرعات ضد الرصاص وفوقها مسلحون، فقام بعض الشباب من حجور وعلى رأسهم الشاب منصور جبهان، وهو من أبناء العبيسة مديرية كشر، وقال للحوثيين: مش وقت الصيحة اتركوا الناس يصلون، فتناوشوا، يقول محسن عمر، مع الشباب وأطلقوا النار وطلبوا من منصور جبهان تسليم سلاحه، وهو رفض فأطلقوا عليه الرصاص، وكان أول قتيل من قبائل حجور يسقط في المنطقة، وكان سقوط منصور جبهان هي الشرارة التي أشعلت الحرب حتى الآن، لأن قتل منصور جبهان أمام القبائل استفزهم فتركوا الصلاة ورجعوا بيوتهم ليحملوا السلاح. الحوثيون انتشروا في الجبال مباشرة، وخصوصاً جبل وكل الذي يطل على دار القران بعاهم فقاموا بقصفه مباشرة بالأسلحة الثقيلة.

وكشف فريق حقوقي وإعلامي زار محافظة حجة عن إحصائية تسلمها من تكتل قبائل حجور، حيث تؤكد الإحصائية أن 94 قتيلًا و154 جريحًا سقطوا خلال حرب الحوثي على حجة، بالإضافة إلى إغلاق 9 مدارس وتعطيل 20 مسجداً وإغلاق 7 مستوصفات وحرق 3000 مصحف وإغلاق 9 محطات بترول، ونزوح قرابة 15000 مواطن، أي ما يعادل 5000 أسرة.

كما تشير الإحصائيات إلى أن 2750 عاملاً فقدوا أعمالهم ومصالحهم جراء قصف سوق عاهم بقذائف الهاون والمدفعية من قبل مسلحي الحوثي المتمركزين في الجبال المقابلة والمعتلية منطقة أبو مدور.

كما قام الحوثيون بقتل الطفل أمين ريبان، وذلك بعد اختطافه وتعذيبه، وكذلك اختطاف عدد أخر، وتلغيم جثث القتلى ومنازل المواطنين وبعض المؤسسات الحكومية.

دماج.. الجبهة الساخنة

الحرب الأولى وجبهة كتاف

أطبق الحوثيون حصارًا مسلحًا على منطقة دماج في محافظة صعدة التي يوجد بها مركز للسلفيين منذ الثمانينيات، وهو الحصار الذي منع الحوثيون – خلاله - وصول الاحتياجات الإنسانية من الغذاء والدواء لساكني دماج، إضافة إلى قصفهم المنطقة بأنواع الأسلحة، مستهدفين المساكن والمساجد وخزانات المياه والوقود.

وتزامن مع ذلك صمت مطبق من قبل السلطات وتقاعس عن القيام بواجباتها في حماية المواطنين وإيقاف المعتدين، فضلًا عن ردعهم ومحاسبتهم. بل تجاوزت السلطات ذلك إلى تمويل جماعة الحوثي - حسب اتهامات من أطراف عدة أفادتها تقارير صحفية وإعلامية، نُشرت في حينه.

ونتيجة صمت الحكومة تحالفت عدد من القبائل اليمنية لنصرة السلفيين، وكان من أهم القبائل المنضوية في هذا التحالف: وائلة- ذو حسين- آل جعيد– عبيدة- بني عوير- سحار- حاشد- مراد- بني ضبيان.

وتمثلت المناطق التي تمركزت فيها القبائل بـ: الفحلوين، عنبان، أطراف من العقيق، آل نميص،وادي مدار، الشافعية، أغلب الجبال والتباب التي تطل على مدينة كتاف. أما الحوثيون فقد تمركزوا في: مدينة كتاف، كبري الشيبة، القطعة، المشيعة.

وكانت هناك مناطق يمكن تسميتها بـ"مناطق الكر والفر"، وهي: مدينة كتاف، كبري الشيبة، مفرق الزبيرات.

وبحسب الإحصائيات والمصادر الخاصة فإن المعارك التي دامت –في جبهة كتاف - ثلاثة أشهر قد كبدت تلك القبائل قرابة 70 قتيلًا، ونحو 200 جريح و8 مفقودين، إضافة إلى خسائر في المعدات، منها سيارتان أصيبتا بأضرار نتيجة الألغام أو الانقلاب أثناء المواجهات – حسب إفادة بعض المصادر.

ومن جانب جماعة الحوثي فإنه لا توجد إحصائية دقيقة لخسائر الحوثيين نتيجة التكتم الشديد، إلا أن مصادر أخرى محلية في صعدة تؤكد سقوط قرابة 400 قتيل.

وتعيد المصادر ضخامة هذا الرقم إلى أتباع الحوثي استراتيجية في تلك المعارك تتمثل في الدفع بأعداد كبيرة للقتال بغرض الهجوم الكاسح، الأمر الذي ينتج عنه سقوط أعداد كبيرة.

أما حصار دماج وهجوم الحوثيين بمختلف الأسلحة على المنطقة في الحرب الأولى على دماج فقد نتج عنه أكثر من 58 قتيلًا، بينهم نساء وأطفال، ونحو 111 جريحًا، أغلبهم قنص، ولم نستطع معرفة ضحايا الحوثيين، إلا أن مراقبين يقدرونها بالعشرات.

الحرب الثانية.. الإبادة في دماج

في ظل هدنة كان يعيشها الطرفان (الحوثيون – السلفيون)، على أن يتم إيجاد حل جذري لقضية دماج في صنعاء – حسب ما أعلنته اللجنة الرئاسية.

وتم التوقيع على اتفاق لحل قضية دماج في صنعاء بتاريخ 20 /9 /2013م، على أن يتم تنفيذ الاتفاق عقب إجازة عيد الأضحى المبارك.

في 8/ 10/ 2013م تفاجأ أحد مواطني دماج أثناء دخوله إلى مزرعته برفقة أحد طلاب مركز دماج بإطلاق نار كثيف من قبل الحوثيين، توفي المواطن حينها وجرح الطالب.

وأكد ناطق السلفيين سرور الوادعي - في حديث خاص لـ"مأرب برس" - أنه وبعد نصف ساعة من مقتل المواطن هيثم البوني في مزرعته، فوجئ أهالي دماج بإطلاق نار كثيف على مركز دار الحديث.

وأعلنت اللجنة الرئاسية أكثر من مرة عن وقف إطلاق النار إلا أن الحوثيين وبحسب اتهامات اللجنة الرئاسية هم من يقوموا بخرق الهدنة ومعاودة إطلاق النار.

وأوضح الوادعي أن حجم الخسائر البشرية إلى الآن وصل 115 قتيلًا، وأكثر من 250 جريح، بالإضافة إلى تدمير عدد من المنازل والمنشآت وخرانات المياه.

ووصل عدد القتلى من طرف الحوثيين إلى أكثر من 200 قتيل - حسب ما ذكرته تقارير صحفية ووسائل إعلامية مختلفة.

وفي تصعيد السلفيين للرد على هجومهم على دماج أعلن عن فتح جبهات قتالية متعددة منها جبهة كتاف وحرض، وفرضوا حصارًا على محافظة صعدة من أجل الضغط على الحوثيين لفك حصار دماج.

وسقط في جبهة كتاف العشرات بين قتيل وجريح من كلا الطرفين، بالإضافة إلى حرق وتدمير عدد من الأطقم العسكرية، والمدرعات التابعة لمسلحي الحوثي.

تعز.. هدف للتوسع الحوثي

منتصف فبراير الماضي، بدأت مجموعات مسلحة تتردد على جبل منيف في منطقة التربة بالحجرية 50 كليو متر غربي مدينة تعز.

وقالت مصادر محلية: إن تلك الجماعات المسلحة تابعة لجماعة الحوثي، ومدفوعة منه.

وترافق تردد تلك الجماعات المسلحة على المنطقة مع استقطاب شخصيات اجتماعية ومدرسين في المنطقة للقيام بعمليات استقطاب للشباب ودعم العاطلين منهم.

وانضم مجموعة من هؤلاء الشباب بعد تخليهم عن أحزاب كانوا مؤطرين فيها للعمل مع هذه الجماعات، وعلى إثر ترك بعضهم مهناً كانوا يشغلونها كبيع القات في المنطقة مفضلين العمل حاليًّا كمرافقين في صفوف هذه الفرق الغريبة.

وأضاف شهود عيان: أن خلافات بدأت داخل القرية وسط بعض الأسر والأقارب مع تنامي هذه الظاهرة التي وصفوها بـ"الغريبة على المنطقة".

ويعتقد مراقبون بأن جماعات الحوثي تسعى لمد نفوذها في مدينة تعز، وتحاول استمالة شباب المدينة التي عرفت بعاصمة الثورة.

كما يجري نشاط هذه الجماعة في تعز من خلال شخصيات اجتماعية وسياسية وشباب برزوا في العام الثورة 2011 في ساحة الحرية، إلا أنها لم تحرز إلى الآن أي تقدم يذكر، سوى بعض الأنشطة المكشوفة – حد قول مصادر مطلعة.

ويعد جبل منيف أحد أهم الجبال المطلة على منطقة الشمايتين، التي يبلغ عدد سكانها 152486 نسمة، حسب تعداد 2004م، ومن مختلف مناطق الحجرية الغربية، يبلغ ارتفاعه حولى 1300 متر عن سطح البحر.

ويمكن للواقف أعلاه أن يشاهد باب المندب من الغرب، ومن الشرق مدينة عدن، وهذه الميزة - بحسب المصادر - تجعل من جماعة الحوثيين وأتباعهم يحاولون السيطرة على أهم موقع في هذه المنطقة.

وتمكّنهم من التمدد المباغت الذي يطمحون له في الوضع الراهن الذي تشهده البلاد، وما فيه من اضطرابات وانفلات أمني.

كما تعتبر الشمايتين إحدى أكبر مديريات محافظة تعز وعاصمتها هي مدينة التربة، وتنتمي إليها مناطق عدة، أهمها: شرجب وذبحان والحضارم وأديم وبني عمر (المعامرة)، وهي من أكبر عشائر اليمن، والكويرة، والمقاطرة، والقريشة، والمقارمة، والعزاعز، والأصابح، وبني شيبة (الغرب والشرق)، ودبع الداخل ودبع الخارج والزكيرة، وبني محمد، والزعازع، والمساحين، والمذاحج، والمشارقة، وجبل صبران وبني غازي.

الغدير.. لعنة على أهالي الرضمة

وفي الرضمة - أيضًا - بدأت المعارك بعد مواجهات بين رجال قبائل يقودهم الشيخ عبدالواحد هزام الشلالي ومسلحون حوثيون، نصبوا نقاط تفتيش في المديرية في 30 يوليو الماضي من أجل تأمين إقامة مهرجان بمناسبة استشهاد علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، وقُتل إثرها مسلحان.

وأسفرت المعارك الضارية بين الطرفين عن عشرات القتلى والجرحى، ولم يُكتب النجاح لوساطات وتدخلات سابقة بوقف المعارك، مع اشتدادها.

العصيمات.. الرقبة المستعصية

كان لحاشد ومشائخها دورًا بارزًا في قتال الحوثيين خلال الحروب الستة في صعدة، وتُمثل العصيمات ممثلة بأبناء الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر الرقبة المستعصية أمام مسلحي الحوثي، الذين يحاولون احتواءها والسيطرة عليها، وضمن خارطة"مملكة صعدة".

ففي الأيام الأخيرة دارت اشتباكات ومواجهات عنيفة بين مسلحي الحوثي ومسلحي آل الأحمر في سعي من الأول إلى السيطرة على "عذر" إحدى مناطق العصيمات، إلا أن مسلحي أل الأحمر كانوا للحوثيين بالمرصاد.

وذكرت تقارير صحفية أن عدد ضحايا المواجهات الحوثية الحمراء بلغت نحو 140 قتيلًا، معظمهم من الحوثيين في الحرب التي دارت خلال الأيام الماضية بين جماعة الحوثي المسلحة وعناصر قبلية في العصيمات.

المصدر: صعدة اونلاين
المشاهدات 1425 | التعليقات 0