أي الأعمال أفضل

HAMZAH HAMZAH
1442/05/09 - 2020/12/24 17:33PM
" أي الأعمال أفضل.."؟
ووقفات مستفادة .
جامع الفهد - محايل عسير - 
 
‏الحمدُ لله الأعزِ الأكرم ، الذي علّم بالقلم ، علمَ الإنسانَ ما لم يعلم .
علّمنا العلوم ، وأرشدنا الفضائلَ والفهوم { وعلّمك ما لم تكن تعلم ، وكان فضلُ الله عليك عظيما }.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمدا عبده ورسوله ، 
معلمُ الأجيال ، وهادي الأنام ، صلى الله وسلم عليه ، وعلى آلهِ وصحبه أجمعين...
أما بعد :
معاشرَ المسلمين :
تتوقُ النفوسُ إلى أفضل الأعمال عندما تحُسُّ بكثرتها ، وتشتاقُ الأرواحُ لنفائسِها إذا خالطها الملل ...
وهنا حديثٌ جليل في الصحيحين عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه ، يسأل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فيه سؤالًا جوهريا ، وينثرُ قضيةً هي محَلُّ اهتمامِ كل مؤمن... 
" أي الأعمالِ أفضل..؟!"
أي ما أفضلُ الأعمال.. محاسنها ... أجلّها...؟!
والذي نسارع فيه ....
فيُجيبُه عليه الصلاةُ والسلام ، فيقول : الإيمانُ بالله ، والجهادُ في سبيله قلت : أي الرقابِ أفضل ؟ قال: أنفَسُها عند أهلها ، وأكثرُها ثمنا، قلت : فإن لم أفعل.؟! قال: تعينُ صانعًا ، أو تصنع لأخرق- أي لا يُحسن فعله- قلت : يا رسول الله : أرأيتَ إن ضعُفتُ عن بعض العمل ؟قال: تكفُّ شرَّك عن الناس ، فإنها صدقةٌ منك على نفسِك } .
‏يا أيها الراغبُ الطماحُ فابتدرنْ... هذي الفضائلَ لا تركن إلى الكسلِ
فدينُ ربكَ ألوانٌ مطرزةٌ... فيها الجمالُ وفيها طيّبُ العسلِ
 
 وفي الحديث وقفات :
أولا : حرصُ الصحابة رضي الله تعالى عنهم على طلب الفضائل ، والسؤال عن محاسنها وأطايبها ، قال عز وجل :{ وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضُها السماوات والأرض..}.
وكذا هو ديدنُ المسلم، يتتبعُ الفضائل ، ويسألُ عن معالي الأمور ، المقربة من الله ، والأكثر ثوابًا.
ثانيا : لا ارتيابَ أنّ الأعمالَ متفاضلةٌ ومتفاوته في الحُسن والخيرية ، وأجلُّها هنا ، ومن أفضلِها : الإيمان بالله ، وهو سرُّ الوجود ، وطعمُ الحياة الحقيقي، ولا تطيبُ الحياةُ بلا إيمانٍ مخلصٍ وثيق، يُعلن فيه العبدُ توحيده لربه، وخضوعَه لشرعه، واستسلامَه لأركانه ، قال تعالى :{ يا أيها الذين آمنوا آمِنوا بالله ورسوله والكتابِ الذي نزل على رسوله ، والكتابِ الذي أنزل من قبل .. } سورة النساء .
وهذا الإيمانُ لا ينفعُ بلا أعمال ، ولا يصحُّ بلا طاعات، تقوّيه وتغذيه، وتشعلهُ وتُرقّيه .
 فإذا ما امتطى العبادُ ذلك ، حصَّلوا السعادة ، وبلغوا منائرَ الفوز والفلاح، ونالوا الراحةَ والاستقرار ...{ الذين آمنوا وتطمئن قلوبُهم بذكر الله ، ألا بذكر ِالله تطمئن القلوب } سورة الرعد . 
‏ولا أمنَ وأمانَ لمن كفَر بربه، وجحَد رسله، وتولى مع المعارضين الملحدين .. قال تعالى :{ الذين آمنوا ولم يَلبسوا إيمانَهم بظلم ، أولئك لهم الأمنُ وهم مهتدون } سورة الأنعام .
وثالثها : قرنَ هنا مع الإيمان بالله الجهادَ في سبيله ، ومقارعةَ الأعداء، لتكون كلمةُ الله هي العليا ، لاسيما إذا غزَوا بلادَ المسلمين ، واستباحوا ديارهم قال تعالى :{ أُذنَ للذين يُقاتَلونَ بأنهم ظُلموا ، وإن الله على نصرهم لقدير } سورة الحج .
وفيه من أخلاقِ البأسِ والبطولة والصبر ، وتربية الأجيال على الهمة والتضحيه مالا يخفى { والذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سُبلَنا ، وإن الله لمع المحسنين } سورة العنكبوت .
ومتى ما أحسّ العدو باستعداد الأمة وأخذها للأُهبة، واستجماعِها للآلة والعُدة ، خافَ وارتعد ، وتوقّى بأسها وموقفَها ..! { وأَعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيلِ تُرهبون به عدو الله وعدوكم..} سورة الأنفال.
 
اللهم آت نفوسا تقواها ، وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها ...
أقولُ قولي هذا وأستغفر الله....
——-
الحمدُ لله على سماحةِ دينه، وفضيلةِ شرعِه، وطيبِ تعاليمه، وصلّى اللهُ وسلم على عبدهِ ورسوله وخيرتِه من خلقه، نبينا محمد وعلى آلهِ وصحبه والتابعين ....
وبعد :
إخواني الكرام :
كرّموا نفوسَكم باتباعِ الصراط المستقيم، وتوخي الفضائل والمحاسن ، واستباقِ الخيرات ...!
ومن ذلك ؛ فقهُ هذا الحديث، وسلوكُ دربه، واقتفاءُ منهاجه ، فمن فوائده أيضا : 
‏رابعا : سؤالُ أبي ذر رضي الله تعالى عنه عن أنفسِ الرقاب ، وهي عتق الأرقاء الخُلّص ، فأجابه عليه الصلاة والسلام بأنفسِها وأغلاها ثمنا ، عند أهلها ، والأرقاءُ هم المُستجلَبون من المعارك مع الكافرين ، يؤسرون ويُضرب عليهم الرقُّ ، فاتخذ من كل عملٍ صالحٍ أغلاه وأعلاه.
 
وخامسا : معاونةُ الناس ، إذ يلتمسُ أبو ذر رضي الله بابا آخر من الخير، إذا لم يوفق لذلك ، فأرشده إلى عون الناس { تُعينُ صانعا أو تصنعُ لأخرق }.
‏أي تساعد من لا يُحسن العمل ، أو تدعمُ من يحتاج إلى دعم وإغاثة ، وكم في الناس من بسيطٍ ضعيف، أو تائهٍ مقصر، لا يفقه المهنَ ولا الصنائع ، ويجهل التعامل والطرائق ، فانهض للإحسان إليهم ...! وذلك من محاسن الأخلاق ، وروائع هذا الدين...!
وضُبطت (ضائعا ) أي من كان ذَا فقر وضياع، وجبَ على أهل الإسلام إغاثتُه وتقديمُ العون إليه ، قال تعالى:{ وفِي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم }.
ثم سادسا : ختم له ، إن ضاقت عليك السبلُ، وضعُفت الهمم، فالزمْ لسانَك، وكفَّ شرك، وتباعد عن البوائق..! فلا يشتكِ منك شاكٍ، ولا يدعُ عليك داع، وتودد بلا جُناح، وأعرضْ بلا توقف ..!
وما أحوجَنا إلى هذه الموعظة " تكف شرك عن الناس " ، في زمان استطال فيه الأذى ، وعظم التنازع، وكثر التحريش ، وتفاقمت الضغائن ، والله المستعان .
" فإنها صدقةٌ منك على نفسك ". 
اللهمَّ أصلح أحوالنا ، وطهر قلوبَنا ، وسلّم ألسنتنا ، ياذا الجلالِ والإكرام...
اللهم صل على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ...
 
——-
المشاهدات 814 | التعليقات 0