أيها المهموم-9-2-1445هـ-مستفادة من خطبة الشيخ هلال الهاجري(مختصرة/للجوال)
محمد بن سامر
أيها المهموم-9-2-1445هـ-مستفادة من خطبة الشيخ هلال الهاجري
الحمدُ للَّهِ حمدًا كثيرًا طيِّبًا مبارَكًا فيهِ مبارَكًا عليْهِ كما يحبُّ ربُّنا ويرضى.
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ-صلى اللهُ وَسَلَّمَ وبَارَكَ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ-.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَـمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)، أمَّا بَعْدُ:
فهلْ تعلمُ-أيُّها المهمومُ-أنَّه ليسَ بينَكَ وبينَ ذهابِ همِّكَ إلا كلماتٌ مُباركاتٌ، ودَعواتٌ عَظيماتٌ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "ما أصابَ أحدًا قطُ همٌّ و لا حُزْنٌ ، فقال : اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي، إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ-عَزَّ وَجَلَّ-هَمَّهُ وَحُزْنَهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَحًا، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَعَلَّمَ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ؟ قَالَ: أَجَلْ يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهُنَّ أَنْ يَتَعَلَّمَهُنَّ".
أخي: للهمِّ ساعاتٌ، وللضِّيقِ أوقاتٌ، وللمرضِ لحظاتٌ، فلا تَأْسُرْكَ الحسراتُ، واسمعْ لأجملِ الكلماتِ: (وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ)، واعلَمْ أنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبرِ، وأنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَرْبِ، وأنَّ معَ العُسْرِ يُسرًا، زارَ سفيانُ بنُ عيينةَ-رحمَه اللهُ-رجلًا مريضًا، فقالَ: "يا أبا محمدٍ ادعُ اللهَ لي، فقالَ: دُعاؤُك لنفسِك خيرٌ من دعائي لكَ، ألمْ تقرأ قولَه-تعالى-: (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ)؟"
سيفتحُ اللهُ بابًا كُنتَ تَحسبُهُ*
من شِدةِ اليأسِ لم يُخلقْ بمفتاحِ
كيفَ يهتمُّ من له ربٌّ (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ)، وكيفَ يهتمُّ من له ربٌّ (لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ)، وكيفَ يهتمُّ من يتلو قولَه-تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا)، وكيفَ يهتمُّ من يؤمنُ بقولِه-سبحانَه-: (لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا)، فإذا كانَ اللهُ-سبحانَه-معكَ، كانَ معكَ القويُ القَديرُ: (وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ في السَّمَاوَاتِ ولا فِي الأرْض)، وإذا كانَ اللهُ-عزَّ وجلَّ-معكَ، فمعكَ العليمُ الحكيمُ: (فمَا ظَنكُم بِرَبِّ العَالَمِينَ)، وإذا كانَ اللهُ-تعالى-معكَ، كانَ معكَ الرَّؤوفُ الرَّحيمُ: (سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا)، وصدقَ القائلُ:
يا شاكيًا هَمَّ الحياةِ وضيقَها*
أبشِرْ فربُّك قد أبانَ المنهجَا
مَن يتَّقِ الرحمنَ جلَّ جلالُهُ*
يجعلْ له مِن كلِّ ضِيقٍ مَخرَجَا
فيا من أُبتليَ بغَمٍّ، كيفَ تَغفلُ عن قولِ: (لَا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)، واللهُ-سبحانَه-بعدَها يقولُ: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ).
ويا من أُبتليَ بِضُرٍّ، كيفَ تغفلُ عن-قولِ-: (مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)، واللهُ-تعالى-بعدَها يقولُ: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ).
ويا من أُبتليَ بخوفٍ، كيفَ تَغفلُ عن قولِ: (حَسْبُنَا اللَّـهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)، واللهُ-عزَّ وجلَّ-بعدَها يقولُ: (فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ).
ويا من أُبتليَ بمكرِ النَّاسِ، كيفَ تغفلُ عن قولِ: (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ)، واللهُ-تعالى-بعدَها يقولُ: (فَوَقَاهُ اللَّـهُ سَيِّئَاتِ مَا مكروا).
دعِ المقاديرَ تجري في أَعنَّتِها*
ولا تبيتنَّ إلا خاليَ البالِ
ما بينَ غمضةِ عَينٍ وانتباهتِها*
يُبدِّلُ اللهُ من حالٍ إلى حالِ
يقولُ ابنُ القيمُ-رحمَه اللهُ-: "لو كَشفَ اللهُ الغِطَاءَ لِعبدِه، وأظهرَ له كيفَ يُدبِّرُ له أمورَه، وكيفَ أَنَّ اللهَ أَحرصُ على مصلحةِ العبدِ من نفسِه، وأنَّه أرحمُ به من أُمِّه، لَذابَ قلبُ العبدِ محبةً للهِ، ولتقطَّعَ قلبُه شُكرًا للهِ"، وصدقَ-سبحانَه-: (فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا)، فليسَ خيرًا فقط، بل قد يكونُ فيما تكرَهُه خيرًا كثيرًا كثيرًا.
أستغفرُ اللهَ لي ولكم وللمسلمينَ...
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ كما يحبُ ربُنا ويرضى، أَمَّا بَعْدُ:
فيا من ضاقتْ عليه الدُّنيا بما رَحُبتْ، قل: (كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي).
ويا من أظلمتْ في عينِه أنوارُ الحياةِ، قل: (كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي).
ويا من ظُلِمَ ولم يجدْ له ناصرًا، قل: (كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي).
ويا من تراكمتْ عليه الدُّيونُ، قل: (كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي).
ويا من فقدَ الأحبابَ، قل: (كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي).
ويا من أُوصدتْ في وجهِه الأبوابُ، قل: (كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي).
أخي المكروبُ: الدنيا مليئةٌ بالمصائبِ والابتلاءاتِ، فمن مِنَّا لم يخالجُه همٌّ ولا حُزنٌ، فلا مَفرَ من الهمومِ والغمومِ، ولكن لا تنسَ أن ما أصابَك هو تكفيرٌ لذنوبِك، وزيادةٌ في حسناتِك، ورفعٌ لدرجاتِك، فربُّنا-عزَّ وجلَّ-إذا أحبَّ عبدًا ابتلاه، وما ابتلاهُ إلا ليسمعَ تضرعَه وشَكواه.
فيا من تقطعتْ به الأسبابُ، وأُغلقتْ في وجهِه الأبوابُ، اقرعْ أبوابَ السَّماءِ، وألحَّ على اللهِ بالدُّعاءِ، بُثَّ إليه شكواكَ، وأحسنْ الظنَّ بـمولاك، فما خابَ من رجاهُ، ولا رُدَّ من دعاهُ، فمَنْ لنا غيرُ اللهِ-جلَّ جلالُه-نستأنسُ بنجواه، فناجِ ربَّك في الأسحارِ، وانكسرْ بين يدي العزيزِ الغفارِ، وأبشر بانفراجِ الهمِّ، ونزولِ الخيرِ المدرارِ.
عَسَى مَا تَرَى أَلَا يَدُومَ وَأَنْ*
تَرَى لَهُ فَرَجًا مِمَّا أَلَحَّ بِهِ الدَّهْرُ
عَسَى فَرَجٌ يَأْتِي بِهِ اللهُ إِنَّهُ*
لَهُ كُلَّ يَوْمٍ فِي خَلِيقَتِهِ أَمْرُ
إذَا اشْتَدَّ عُسْرٌ فَارْجُ يُسْرًا فَإِنَّهُ*
قَضَى اللَّهُ أَنَّ الْعُسْرَ يَتْبَعُهُ الْيُسْرُ
يا حيُّ يا قيومُ، يا ذا الجلالِ والإكرامِ، نسألكَ بأسمائِك الحُسْنَى، وصفاتِك العُلَى، يا ولي الإسلامِ وأهلِه ثبتْنا والمسلمينَ به حتى نلقاكَ.
اللَّهُمَّ فرجْ همَّ المهمومينَ، ونفسْ كربَ المكروبين، وأقضِ الدينَ عن المدينينَ، ويسرْ أمورَ المسلمينَ.
اللَّهُمَّ اجعلْ لنا وللمسلمينَ من كل همٍّ فرجًا، ومن كلِّ ضيقٍ مخرجًا، ومن كلِّ بلاءٍ عافيةً، ومن كلِّ مرضٍ شفاءً، ومن كلِّ دَيْنٍ وفاءً، ومن كلِّ حاجةٍ قضاءً، ومن كلِّ ذنبٍ مغفرةً ورحمةً.
اللَّهُمَّ أصلحْ لنا وللمسلمينَ الدِّينَ والدُنيا والآخرةَ، واجعلِ الحياةَ زيادةً في كلِّ خيرٍ، والموتَ راحةً منْ كلِّ شرٍ.
اللَّهُمَّ اهدنا والمسلمينَ لأحسنِ الأخلاقِ والأعمالِ، واصرفْ عنا وعنهم سيِئها.
اللَّهُمَّ اغفرْ لوالدينا وارحمْهم واجعلْهم في الفردوسِ الأعلى من الجنةِ وإيانا والمسلمينَ.
اللَّهُمَّ إنَّا نسألك لنا وللمسلمينَ من كلِّ خيرٍ، ونعوذُ ونعيذُهم بك من كلِّ شرٍ، ونسْأَلُكَ لنا ولهم العفوَ والْعَافِيَةَ في كلِّ شيءٍ.
اللَّهُمَّ أصلحْ وُلاةَ أُمورِنا وأُمورِ المسلمينِ وبطانتَهم، واجعلْ أَمرَهم لِنَصرِ دِينِكَ، ولإعلاءِ كَلمتِكَ، ووفقهمْ لما تحبُ وترضى.
اللَّهُمَّ انصرْ جنودَنا المرابطينَ، ورُدَّهُم سالـمينَ غانـمينَ.
اللَّهُمَّ صلِ وسلمْ وباركْ على نبيِنا محمدٍ، والحمدُ للهِ ربِ العالمين.
المرفقات
1693059473_أيها المهموم-9-2-1445هـ-مستفادة من خطبة الشيخ هلال الهاجري.docx
1693059474_أيها المهموم-9-2-1445هـ-مستفادة من خطبة الشيخ هلال الهاجري.pdf