أيدي الغدر الآثمة في حادثة شرورة

عبدالله بن رجا الروقي
1435/09/13 - 2014/07/10 22:31PM
الخطبة الأولى
أما بعد فاعلموا - معاشر المسلمين - أنه لا إسلام إلا بجماعة ولا جماعة إلا بإمام ولا إمام إلا بطاعة، ومن مات وليس في عنقه بيعة فقد مات ميتة جاهلية كما أخبر النبي ﷺ.
وقد أمر الله عز وجل بالجماعة وحذر من الفرقة فقال تعالى : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ )
وكل أمر يفرق الجماعة ويورث العداوة بين المسلمين فقد جاء الشرع بالتحذير منه
وإن أعظم ذلك الخروج بالسلاح على جماعة المسلمين وإمامهم وسفك الدم الحرام.

معاشر المسلمين
لايخفى عليكم ماوقع منذ أيام من قيام فئة عصت الرحمن وسلمت قيادها للهوى والشيطان فأصبحوا والعياذ بالله جندا من جنود إبليس
حيث قامت هذه الفئة باستهداف منفذ من المنافذ الحدودية فوجهوا رصاصاتهم الغادرة !!
أتدرون وجهوها لمن؟ لقد صوبوا سلاحهم إلى نحور مسلمين صائمين وفي يوم الجمعة وفي شهر رمضان.
تالله لقد عظم جُرمهم وشنع أمرهم استباحوا دماء معصومة لرجال الأمن المرابطين في يوم فاضل في شهر فاضل.
إن هذا الجرم العظيم من هؤلاء الخوارج ليس بالأمر المستغرب فإنهم ماوقعوا في هذا الأمر إلا بعد وقوعهم في مستنقع الغلو في التكفير فكرعوا منه ثم تقيؤوه قتلاً وتفجيراً وتدميراً.
لقد جمع هؤلاء المفسدون بين الخروج على ولي الأمر وسفك الدم الحرام في زمن شريف ثم ختموا حياتهم بخاتمة السوء وهي الانتحار.

وقد خرج سلفهم الأول على رسول الله ﷺ قائلاً له إعدل فإنك لم تعدل فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بينا نحن عند رسولِ اللهِ ﷺ وهو يقسمُ قسمًا . أتاه ذو الخُوَيصرةِ . وهو رجل ٌمن بني تميمٍ . فقال : يا رسولَ اللهِ اعدِلْ . قال رسولُ اللهِ ﷺ : " ويلك ! ومَن يعدلْ إن لم أعدلْ ؟ قد خِبتَ وخسرتَ إن لم أَعدِلْ " . فقال عمرُ بنُ الخطابِ رضي اللهُ عنه : يا رسولَ الله ِ! ائذنْ لي فيه أضربْ عُنقَه . قال رسولُ اللهِ ﷺ : " دَعْه . فإنَّ له أصحابًا يحقِر أحدُكم صلاتَه مع صلاتِهم . وصيامَه مع صيامِهم . يقرأون القرآنَ . لا يجاوزُ تَراقيهم . يمرُقون من الإسلامِ كما يمرُق السهمُ من الرَّميَّةِ . متفق عليه
فإذا كان هذا الكلام الشديد من رسول ﷺ في حق من تكلم بهذا الكلام الآثم فكيف بمن خرج بالسلاح؟!
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عند هذا الحديث:... بل العجب أنه وُجّه الطعن إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، قيل لـه : إعدل، وقيل لـه: هذه قسمة ما أريد بها وجه الله. وهذا أكبر دليل على أن الخروج على الإمام يكون بالسيف ويكون بالقول والكلام، يعني: هذا ما أخذ السيف على الرسول صلى الله عليه وسلم، لكنه أنكر عليه.
انتهى كلام الشيخ رحمه الله.

عباد الله إن قتل المسلم ليس بالأمر الهين فقد جاء الوعيد الشديد الذي تنفطر له القلوب في قوله تعالى: ﴿ ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما ﴾ .
قال العلامة ابن سعدي رحمه الله عند هذه الآية:
وذكر هنا وعيد القاتل عمداً وعيداً ترجُف له القلوب، وتنصدع له الأفئدة، وينزعج منه أولو العقول، فلم يرد في أنواع الكبائر أعظم من هذا الوعيد، بل ولا مثله، ألا وهو الإخبار بأن جزاءه جهنم، أي فهذا الذنب العظيم قد انتهض وحده أن يجازى صاحبه بجنهم بما فيها من العذاب العظيم، والخزي المهين، وسخط الجبار، وفوات الفوز والفلاح، وحصول الخيبة والخسار، فعياذاً بالله من كل سبب يُبعد عن رحمته. ا.هـ
ومما يبين عِظم حرمة الدماء ماجاء من التشديد في النهي عن الإشارة بالسلاح حتى لو كان من باب المزاح، قال ﷺ : لا يشير أحدكم على أخيه بالسلاح؛ فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزغ في يده، فيقع في حفرة من حفر النار. متفق عليه.
وقال ﷺ : من أشار إلى أخيه بحديدة؛ فإن الملائكة تلعنه حتى يدعه، وإن كان أخاه لأبيه وأمه. رواه مسلم .
وأعظم من ذلك حمل السلاح على المسلمين؛ لقتالهم، قال ﷺ : من حمل علينا السلاح فليس منا. رواه البخاري .
بل إن قتل المؤمن أعظم من زوال الدنيا كلها
قال ﷺ : والذي نفسي بيده لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا. رواه النسائي
فسبحان الله ما أعظم شأنَ الدماء وما أشدَ حرمتها.
والمؤمن في سعة من دينه مالم يتلطخ بالدماء
فإذا وقع فيها فقد وقع في الحرج والضيق قال ﷺ: لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يُصب دماً حراماً.رواه البخاري.
ولهذا قال ابن عمر رضي الله عنهما مبيناً أن قتل النفس المحرمة ورْطة عظمى:
إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله. رواه البخاري.

وأما الوعيد على الانتحار فقد قال فيه ﷺ : من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ، ومن شرب سما فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا. متفق عليه.

عباد الله إن هذه الفِرٓق الغالية في التكفير ماعادت على المسلمين إلا بالشر والصد عن سبيل الله فهم يفسدون في الأرض بالإخلال بالأمن وسفك الدماء المعصومة وهم يصدون غير المسلمين عن دين الإسلام إذا رأوا فعالهم.
وعلى رأس هذه الفرق المفسدة في الأرض ما يسمى بتنظيم القاعدة وماتفرع منه أو انشق عنه كتنظيم داعش وأضف إليها أيضاً جبهة النصرة التي تعلن صراحة بيعتها للظواهري زعيم الفاعدة الحالي.
وانظروا رحمكم الله إلى البلدان التي انتشر فيها هذا التنظيم هل استفادت شيئا إلا ازدياد الشر والفساد تحت مسمى الجهاد.
إن الجهاد عبادة عظيمة لها شروطها ووقتها ولايدرك هذا إلا العلماء الراسخون في العلم.

ولهذا جاءت فتوى في تنظيم القاعدة وزعيمه السابق صادرة من اللجنة الدائمة للإفتاء برئاسة المفتي العام حيث ورد فيها مانصه :
"المدعو الضال أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة متقرر لدى العلماء ضلال مسلكهم وشناعة جرمهم وأنهم بأقوالهم وأفعالهم ماجرُّوا على الإسلام والمسلمين إلا الوبال والدمار.
وكل عاقل فضلاً عن عالم يدرك انحراف هذا المسلك وأنه لايجوز لمسلم أن ينتسب إلى تنظيم القاعدة ولا أن يرضى بأفعاله ولا أن يتكتم على المنتسبين إليه لقول النبي ﷺ في الحديث الصحيح لعن الله من آوى محدثاً. رواه مسلم...انتهى [ فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الثالثة ، المجلد الأول ص 42 ط الأولى 1433]

عباد الله إن أعداء المسلمين كثر وهم يتفاوتون في شدة عداوتهم لكن الخوارج الغلاة في التكفير من أشد الناس ضرراً على الإسلام والمسلمين قال فيهم ﷺ بعد أن ذكرهم : لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود. متفق عليه. وماقال ﷺ ذلك إلا لعظيم جرمهم وشدة ضررهم.
أقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب...


الخطبة الثانية:
أما بعد فإن من أعظم من أسباب انحراف الشباب ووقوعهم في الغلو في التكفير هو ابتعادهم عن العلماء الموثوق بهم في هذه البلاد كالشيخ صالح الفوزان والشيخ صالح اللحيدان والمفتي العام الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ حفظهم الله جميعاً.
ولهذا لاتجد خارجياً إلا وهو يبغض هؤلاء ويرميهم بالمداهنة لأنهم لايوافقونه على هواه بل إن أحد من تأثر بهم خرج قبل مدة في لقاء تلفزيوني شهير يقدح في الشيخين ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله.
ولهذا فإن من علامات الضلال القدح في العلماء

عباد الله: إن التكفير مرتقى صعب ليس لكل أحد أن يتكلم فيه والتسرع في التكفير يترتب عليه أمور خطيرة ، كاستحلال الدم والمال ، فكيف يسوغ للمؤمن أن يقدم عليه لأدنى شبهة ؟!
قال ﷺ : أيُّما رجُلٍ قالَ لأخيهِ : يا كافرُ ، فقد باءَ بِها أحدُهُما. متفق عليه.


وإذا كان االتكفير في حق ولي الأمر المسلم : كان أشد ؛ لما يترتب عليه من التمرد عليه ، وحمل السلاح ، وإشاعة الفوضى ، وسفك الدماء ، وفساد العباد والبلاد ؛ ولهذا منع النبي - ﷺ من منابذتهم ، فقال : ( ... إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان ) متفق عليه.
فقوله ﷺ : " إلا أن تروا " يفيد أنه لا يكفي مجرد الظن والإشاعة .
وأفاد قوله ﷺ : " كفرا " أنه لا يكفي الفسوق –ولو كبُر - ، كالظلم ، وشرب الخمر ، والاستئثار بالأموال .
وقوله ﷺ : " بواحا " يفيد أنه لا يكفي الكفر الذي ليس ببواح ، أي : صريح ظاهر .
وأفاد قوله ﷺ : " عندكم فيه من الله برهان " أنه لابد فيه من دليل صريح ثابت.

اللهم احفظ الإسلام والمسلمين اللهم احفظ ولي إمرنا ملك هذه البلاد بحفظك اللهم أعزه بالإسلام وأعز الإسلام به.
اللهم احفظ رجال أمننا وقهم الشرور ياحي ياقيوم.
اللهم ارحم من توفي من رجال الأمن وتقبل صيامهم وصالح أعمالهم اللهم اكتب لهم الشهادة واغفر لهم يارب العالمين....
المشاهدات 3914 | التعليقات 3

جزاك الله كل خير وحمى بلادنا من شر الاشرار وكيد الفجار ومن شر طوارق الليل والنهار


جزاك الله خيرا


وأنتما كذلك جزاكما الله خيرا وشكر لكما.