أيام اختبار الجميع !! اختبار الأب والمعلم والطالب ورجل الأمن!!

عبدالإله بن سعود الجدوع
1434/07/11 - 2013/05/21 23:39PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذه خطبة ألقيتها ، واستفدت في الخطبة الثانية من خطبة سابقة للشيخ ابراهيم العجلان وفقه الله
وكانت عن ( أيام اختبار الجميع ) !
ولاغنى لي عن تصويباتكم وملحوظاتكم ،،












أمابعد أيها الفضلاء : ((يوم الاختبار .. يوم يكرم فيه المرء أو يُهان )) عبارة يُكثَر تردادها على المسامع من الأهالي والمعلمين قبل أيام الاختبار،وكأن الإختبار هو معركة شرفٍ وكرامةٍ !! وكأن من سيفشل في الاختبارات لم يَعُد يجدي لأن يكون نافعا صالحاً مصلحا ً. تلك العبارة القاسية ونحوها هي أحد النماذج التي يضغط فيها المجتمع على الطلاب .
وتترسخ أكثر هذه الفكرة في نفوس الطلاب لمّا يضع بعض الآباء والأمهات شرط محبتهم لابنهم بتفوقه الدراسي ، ولمّا يضع المجتمع فشل أو نجاح الإنسان بتقدمه الدراسي فقط !
عن ذلك وأكثر أود أن أتحدث وإياكم عن الأيام القادمة أيام اختبار الجميع ، فهي أيام اختبار للوالدين والمدرس ورجل الأمن وليس الطلاب فحسب .
فهي اختبار لك أيها الأب و لك أيها الطالب في تعاملك مع الله ، وسؤال الاختبار للأب هو :
هل حثك على المذاكرة والإجتهاد يوازي حثك لابنك على فعل الخيرات وترك المنكرات والحفاظ على الصلوات؟هل تكدرك إذا أخفق ابنك دراسياً عن ما تطمح له ؟ يوازي تكدرك إذا ارتكب ابنك معصية ؟ ونحن هنا لا نقلل من شأن حثك لابنك لتحقيق ما تطمح له . بل نريد أن يكون حثك لما يُحسّن علاقة ابنك مع ربه أكثر ، وإذا أحسنت وأحسن ابنك في العلاقة مع رب العالمين ، فهو طريق للفالحين يقول الله ( واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم)
إنها اختبار لك أيها الأب لتستخدم أساليب أخرى في الحث على المذاكرة والاجتهاد غير الترهيب الذي يُستخدم كثيرا ، مثل أساليب الإقناع والترغيب وهي أفضل في وجهة نظر بعض التربويين ، وكما قال الكواكبي ( الإقناع خير من الترغيب فضلاً عن الترهيب )
إنها اختبار لك أيها الطالب : عندما تلتجأ إلى الله وتحافظ على الصلاة والأذكار وغيرها أيام الشدة ، وهو شيء جميل وحسن أن تلتجأ لربك وأن تدعو ربك وأن تعرف أن لك ربا هو حسبك . لكن يزيد الجمال جمالاً ، والحسن حسناً ، والخير خيراً إذا لجئت إلى الله في حال رخائك وشدتك ، فإن من عرف الله في الرخاء عرفه في الشدة كما في الحديث .
إنها اختبار لك أيها الطالب في مقدار خوفك من الله والشعور بمراقبته سبحانه لمّا تتهيأ لك أسباب الغش وأفكاره ، فتمتنع عن ذلك مخافة من الله ، وأنت إذا نجحت في اختبار مادة بغش ، فأنت في الحقيقة رسبت في موضوع أهم وأعظم وهو مقدار مراقبة الله عندك .
ونحن لا نريد أن نسقط حديث الغش على الطلاب فقط بل هناك أنواع من الغش في حياتنا ومن حولنا كما لا يخفاكم والله المستعان .
هي أيام اختبار لك أيها الطالب لمقدار ضبط نفسك ورجاحة عقلك . فكيف هو حلمك وحفظ لسانك إذا أخفقت في اختبار كنت أنت أحد أسباب الإخفاق فيه بقلة مذاكرة المادة .
هي أيام اختبار لمدى استجابتك لطلب الأصدقاء اللذين يدعونك للتفحيط وللمعاكسات وللتنفيس في غير ما هو لائق بمقامك وديانتك .
كما هي اختبار لك أيها المدرس للنظر في قياس مستوى توصيلك للمعلومة وسعيك لثباتها
كما هو اختبار لك في تهيئة الطالب للاختبار في قاعة الاختبار و بث كلمات التفاؤل والدعوات وتهيئة الجو المناسب حال أداء الاختبار .
كما هو اختبار لك يا رجل الأمن المعني ، اختبار لتعاملك مع ازدياد ظاهرة ترويج المخدرات والتفحيط والتجمهر وغيرها . إذن هي أيام اختبار للجميع .

أيها الأخوة الأفاضل:
لابد يعرف الكل على أن اختبار الطالب هو اختبار لمعلوماته لا لشخصه وما يمتاز به مهارات .
وإذا أخفق أحدٌ ما ، فهي ليست نهاية الدنيا وهي ليست بالضرورة اختبار لكل القدرات والطاقات التي يمتلكها الطالب ، واعلم أن إخفاقاً أُصبت أو ستصاب به ليس معناه نهاية الحياة وانغلاق أبواب النجاح الأخرى .

أيها الكرام : يحسن بنا جميعاً وللطالب بشكل أخص أن نتذكّر دعاء الخروج من البيت : ( بسم الله ، توكلت على الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ) ولا تنس التماس رضا والديك فدعوتهما لك مستجابة ، تذكر البسملة ، وتذكر الدعاء عن الصعاب " اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا و أنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا " صححه الألباني
تأنّ في الإجابة فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " التأني من الله والعجلة من الشيطان . " حديث حسنه الألباني
تحدى الصعاب وكرر المحاولة وتذكّر حديث النبي صلى الله عليه وسلم : احرص على ماينفعك واستعن بالله ولاتعجز وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ ) رواه مسلم



بارك الله ....


الخطبة الثانية :

يا كلَّ والدٍ وأبٍ ، ويا كلَّمُرْشِدٍ ومُرَبٍ ، ياكل شاب وفتاة
استجْمِع لنا القلبَ وأَرْعِ لنا السَّمْعَ ، إلى لاءات ثلاث :
اللاء الأولى :
_ اللاءُ الأُولى : لا للكَسَلِ .
فأنت ترى في أيامِ الامتحاناتِتَوَقُدَ الهِّمَمَ , والطموح إلى القمم ، ويَطيرُ النَّومُ عنِ الأَجْفَانِ ،ويَحُلُّ التَّحفزُّ والاهتِمامُ ، لترى أمامك نفوساً كبيرة ، وهِمَماً عَالية ,
في مثلِ هذه الأيامِ يُقْتلُ التَّسويفُ بسكينِالجِّد , فتُبْعدُ المُلْهِيات , وتُهْجَرُ الصَّوارفُ والمُشْغِلات ، حتى لا تكادُتَرى لها ذِكْراً في قاموسِ الطُّلاب والطالبات .
إذن نحن في أيام نَقْلةٌ نَوعيةٌ في حياةِ النَّاس ، والذي نريد قوله ، ماذا لو كان السائد في حياة الناس كمثل هذه الأيام من الجد والكد ، لا شك أننا سنكون بصدد تحقيق التقدم والإنجازات .
فحريٌّ بنا أنْ نربيَونتربى على هذه الجِّدية , وتلك المثابرةِ , وأنْ نَجْعلَها جزءاً من شخصيتِنا فيهذه الحياة ، إذ أنَّ عالمَ اليومِ , لا مكانَ فيه للكُسالى , وإنَّما هو لأولئِك الذين يَسْري الجِّدُّ في أعماقِهم وأرواحِهم , من أجلِ تحقيقِأهدافِهم.
وكتابُ ربـِّنا يُوضِّح لنا الأخذَ بمبدأِ الجدِّوالمثابرةِ أتمَّ الإيضاحٍ ، قال تعالى : {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍوَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً (


اللاءة الثانية : ربنا : ( لا تجعل الدنيا أكبر همنا ) هكذا كانت دعوة النبي صلى الله عليه وسلم ، فمن المؤسف أيها الأخوة أن نجد مظاهر الجد والحرص في أشياء دنيوية ، والتساهل والتفريط في أمور أخروية ، وهنا يكمن التنبيه ، لا تَكُنِ الدنيا هي الغايةُ و المَقْصِد .
فيا أيها الطالب ، ويا أيها الأبُ الرحيمُ , الذي أَجْهَدَ نفسَه، وأَذْهبَ راحتَه من أجل نجاح ابنه .
حَسَنٌ هو الاهتمام ،إذ أنِّ الامتحاناتِ فيها مزيد علمِ ، ويقظةُ وعيِّ , وخُلاصةُ تجربةِ .
ولكنْ هل سألتَم أنفسكم ، هل عَملتم لامتحانِ الآخرةِ،
قِفْ مع نفسِك بصراحةٍ وصدقٍ , وكلُّ إنسانٍ خصيمُنفسِه، ويجيب على نفسه


اللاءة الثالثة :
لا للمخدرات ، هذه العبارة وإن عفى عليها الزمن لكن لابد أن نسلط عليها الإضاءات
ففي أيام الاختبارات يكثر مروجي الشر ، وأكثرَ مَن يسقط في حبائلهم في هذه الفترة .تحت شعار: جرب مرة واحدة، فقط هذه المرة، لتنسى همومك، لتُعِينُك على المذاكرة والحفظ، لتعيش في عالم الخيال والسعادة،وتحت هذه الشعارات البراقة سقط في كمين الإدمان مئات الشباب والفتيات،
ولعلك تشاهد أن في ساعات الصباح بعد الخروج من قاعاتالامتحانات , تتلقاهم أيادي الخبث , وقرناء السوء إلى مهاوي الردى .
وقلِّبْ نَظَرَكَ في المقاهي , أو محلات الإنترنت , أو في المتَسكِّعين في الشوارع لترى حجم أولئك الشباب , الذيما عَرفَ بعضُهم هذه الأماكن , إلا في أيام الامتحانات , فكانت تلك الأيام شرارةَالانحراف في حياة بعض الشباب , وتغيُّرِ كثيرٍ من أخلاقياتهم .
حمانا الله وإياكم ومن نحب من كل سوء


أيها الأفاضل : هناك اختبار سنختبره جميعا وأسئلته واضحة ومكشوفه الآن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع : عن عمره فيما أفناه ، وعن شبابه فيما أبلاه ، وعن علمه ما عمل فيه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه )
و النهاية المؤسفة والخاسر الأكبر والله ، هو من قال الله عنهم { قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين } .
المشاهدات 2437 | التعليقات 1

القراءةُ والتعلُّم فريضةٌ إسلاميّة بأتمّ معنى الكلمة ، لا لأنّها بالنّسبة للتلميذ فرصةٌ لإحراز الرُّتبِ وتحصيل الوظيف والرّغيف . . لا .. ! ؛ بل لأنّها فريضةٌ شرعيَّةٌ تحفظُ الدين وتنهضُ بالدنيا. . !
أُصيبت هذه الرؤية - كما بيّن الأستاذ - في جملةِ ما أصيبَ في منهج الحياة ، و انحرفت المفاهيم ، فلم يعُد حرصُ الوالدِ على دينِ الولَدِ و قِيَمِهِ و أخلاقِهِ و عبادَاتِهِ و منهجِ حياتِهِ يلقى نفسَ أو شِبهَ التَّعبِ والحرص ! ، والسبب : الحرصُ على الدُّنيا و عدَمُ فقهِ معنى النَّجاحِ الحقيقي والعبادةِ الحقيقيّة والتي تُعَدُّ الدّراسةُ وطلبُ العلم والتفوّق فيه صورةً من صورِها حينَ يتّجِهُ إليها الجميعُ إيمانًا واحتسابًا ! .

بارك اللهُ فيك أستاذ عبد الإله فقد بيّنت الخلل ووصفت العلاج لمن كان له قلب ، ولكن : أين من يعقل وأين من يعي .. ؟!