أول ما يحاسب عليه العبد ( الصلاة )
أنشر تؤجر
الحَمْدُ للهِ عَمَرَ قُلُوبَ عِبادِهِ بِالإيمَانِ، وَغَمَرَ صُدُورَهُمْ بِالإحْسَانِ , وأَشهَدُ ألَّا إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ بَشَّرَ الذين أَحْسَنُوا بِالحُسْنَى وَزِيَادَة،وأَشهدُ أنَّ مُحمَّداً عَبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَليهِ وَعلى آلِهِ وَأصحَابِه أُولِي الفَضْلِ والرِّيادَةِ ، وَمَن تَبِعَهُم بِإحسانٍ وَإيمانٍ إلىيومِ القِيَامَةِ .
أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ، وَأَحْسِنُوا الظَّنَّ بِرَبِّكُمْ وَلا تَعْصُوهُ فَهُوَ القَائِلُ :( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ).
أيها المسلمون : أوَّلُ صِفَةٍ للمُتَّقينَ في كتابِ الله ؛ بعدَ الإيمَانِ بالغَيب ، إقَامةُ الصَّلاة :( الم* ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَيُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ ).
وأوَّلُ وَاجِبٍ بعدَ التَّوحِيد : الصَّلاة ؛ قالَ اللهُ لموسى عليه السلام مِنْ غَيرِ وَاسِطَة :( إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي )،وقالَ النبي عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ لمُعاذٍ رضي الله عنه ، لما بعثه إلى اليمن :( فَلْيَكُنْ أوَّلَ ما تَدعُوهُمْ إليه : عِبَادَةُ اللهِ عزَّ وجَل ، فإذا عَرَفُوا اللهَ فأَخْبِرْهُمْ أنَّ اللهَ فَرَضَ عَليْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ في يَومِهِمْ ولَيلَتِهِمْ ) متفق عليه.
وأوَّلُ مَا يُحَاسَبُ عَليهِ العَبدُ يَومَ القِيامَةِ مِنْ عَمَلِهِ : صَلَاتُه ، فإنْ صَلَحَتْ فَقَدْ أَفلَحَ وأَنجَحَ ، وإنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ واللهِ وخَسِرَ .
ومَنْ أرَادَ تَحقِيقَ السَّعادَة ، وكَثْرَةَ الرِّزْق ، وإجَابَةَ الدُّعاء ؛ فإنَّ مَطْلُوبَهُ : في الصَّلاةِ ، والاصْطِبَارِ عليها .
كمَا قالَ تعالَى عَنْ زكريَّا عليه السلام بعدَ أنْ دَعَا ربَّه :( فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ..) الآية، وقالَ جَلَّ وعَلا: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ).
عِبادَ الله : ومِنْ عَظِيمِ قَدْرِ الصَّلاةِ عِندَ ربِّكُمْ جَلَّ في عُلَاه : أنْ عَظَّمَ سُبحَانَهُ كلَّ عَمَلٍ مُتَعَلِّقٍ بالصَّلاة ؛ فالوُضُوءُ لِلصَّلاة ؛ يُكَفِّرُ الخَطَايا ،(ومَنْ غَدَا إلى المَسْجِدِ أو رَاحَ ؛ أعَدَّ اللهُ لَهُ في الجنَّةِ نُزُلاً كلَّمَا غَدَا أو راحَ )، وكلُّ خُطْوَةٍ تَخْطُوهَا إلى الصَّلاةِ حَسَنَة ، تَرفَعُكَ عِندَ اللهِ دَرَجَة ،والأُخْرَى تَضَعُ عَنْكَ سَيِّئة ، ومَنْ دَخَلَ المَسْجِدَ دَعَتْ لَهُ المَلائِكةُ تَقُول : اللهُمَّ صَلِّ عليه ، اللهُمَّ ارحَمْه ، ما لم يُحْدِث.
ورَكْعَتَا الفَجْر ؛ أيْ : سُنَّتُها ؛ خَيرٌ مِنَ الدُّنيَا ومَا فِيهَا.
و(أَحَبُّ البِلَادِ إلى اللهِ مَسَاجِدُهَا).
فالصلاة هي صِلَتُكَ الوَاصِلَةُ بالمولَى سُبحَانَه ، ولذلكَ فهِيَ مِنْ أعظَمِ أسبَابِ دُخُولِ الجنَّة ، ورُؤيةِ وَجْهِ اللهِ الكَرِيم ، قالَ صلى الله عليه وسلم:( إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُم ؛ كمَا تَرَونَ هذَا القَمَرَ لا تُضَامُونَ في رُؤيتِه ؛ فإنِ اسْتَطَعْتُمْ ألَّا تُغْلَبُوا علَى صَلَاةٍ قبلَ طُلوعِ الشَّمْسِ وقبلَ غُرُوبِهافَافْعَلوا ) متفق عليه.
فالصَّلاة ، تُكَفِّرُ السيِّئات ، وتَرفَعُ الدَّرَجَات ، فهي جَامِعَةٌ لِكُلِّ خيرٍ ، وتَنْهَى عَنْ كُلِّ شرٍّ ، فيها صَلَاحُ الحَالِ والمآل ، وفيها التَّوفِيقُ وسَعَادَةُالبَال ، وانْشِرَاحُ الصُّدور وصلاحُ الذرية ؛ يَقولُ المولَى جَلَّ وعَلا: ( أتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهي عن الفحشاءوالمنكر ).
بارَكَ اللهُ لي ولكم في القرآنِ العظيم، ونفعني وإيَّاكُم بما فيهِ من الآياتِ والذكرِ الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفرُ الله لي ولكم ولسائرِالمُسلمينَ والمسلمات من كلِّ ذنبٍ، فاستغفِروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية/
الحمدُ للهِ على إحسَانِه، وصلَّى اللهُ على عَبْدِهِ ورسُولِهِ الدَّاعي إلى رِضْوَانِه، صلَّى اللهُ عليه، وعلى آلهِ وأصحَابِه، وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا.
أمَّا بعد: فاتَّقوا اللهَ - عِبادَ الله – واعلموا أن الله أوْجَبَ علَى الرِّجَالِ أداءَ الصَّلاةِ جَمَاعةً في المسَاجِد ، فقالَ سُبحَانه: (وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ)،وهَمَّ عليه الصلاة والسلام بتَحْرِيقِ بُيُوتِ المُتَخَلِّفينَ عَنْ صَلاةِ الجَمَاعة ، ولم يُرخِّصْ لِرَجُلٍ أعمَى لا قَائِدَ له ، بالتَّخَلُّفِ عَنْ صَلاةِ الجَمَاعة ؛ بَلْقالَ له :( هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بالصَّلاة؟ ). قالَ : نعم ، قالَ :( فأَجِبْ ) رواه مسلم .
ومَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ عِبادَ الله ؛ فلَا حَظَّ لَهُ في الإسلام ، قالَ عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلام :( بينَ الرَّجُلِ وبينَ الشِّركِ والكُفْرِ : تَرْكُ الصَّلاة ) رواه مسلم .
وتَوَعَّدَ اللهُ مَنْ أضَاعَها بجهنَّمَ ، فقال :( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) .
عباد الله : كيفَ يَطْمَئِنُّ في حَيَاتِه : السَّاهِي عَنْ صَلَوَاتِه ؟!، وكيفَ يَهْنَأُ في مَعَاشِه : مَنْ يَنَامُ عَنْ صَلَوَاتِهِ في فِرَاشِه ؟! وقد أَخَلَّ بأعظَمِ أركَانِدِينِهِ بعدَ التَّوحِيد!!
ألَا فاتَّقوا اللهَ عِبادَ الله ، تَعَاهَدُوا أَهْلِيكُمْ ومَنْ تَحتَ أيْدِيكُم ؛ بالمُحَافَظَةِ علَى الصَّلوَات ، عَلِّمُوهُمْ أركَانَها وشُرُوطَها وصفتها ، وعظم مكانتهاوقدرها !
ثم صلّوا وسلِّموا رحمكم الله: على نبيّكم محمّدٍ رسولِ الله، فقد أمركم بذلك ربُّكم جل وعلا فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَاالَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).. اللهم صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وعلى آله الطاهرين، وأزواجِهِ أمهاتِ المؤمنين، وخُلفائِه الأربعةِ الراشدين: أبي بكرٍ، وعُمر، وعُثمان، وعليٍّ، وسائر صحابةِ نبيِّك أجمعين، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وارضَ اللهمَّعنَّا معهم بعفوك وكرمك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداءَ الدين، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًا سَخَاءً رَخَاءً وسائرَ بلاد المسلمين.
اللهم آمنَّا في أوطاننا، وأصلحْ أئمَّتَنَا وولاةَ أمورنا، وأيِّدْ بالحقِّ والتوفيق إمامَنا ووليَّ أمرنا، اللهُمَّ وفِّقْهُ ووليَّ عهدِهِ لما تحب وترضى، وأعنهماعلى البر والتقوى، وهيئ لهما البطانةَ الناصحة الصالحة التي تدلُّهم على الخير وتعينهم عليه.
اللهم آتِ نفوسنا تقواها، زكِّها أنتَ خيرُ مَن زكَّاها، أنت وليها ومولاها، اللهم إنا نسألك الهُدى والتُّقى، والعفَافَ والغِنى.
(ربَّنا آتِنا في الدُّنيا حسنةً وفي الآخرةِ حسنةً وقنا عذابَ النار).
عِبادَ الله: اذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه وآلائه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون
أنشر تؤجر
منتقاة ومنسقة بتصرف من خطب الملتقى ، نفع الله بها
تعديل التعليق