أولُ جُمُعَة بعدَ عيدِ الفِطرِ
راشد بن عبد الرحمن البداح
الحمد لله نحمده حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه من تبعهم بإحسان، أما بعد:
فيا أيها المسلمون: اتقوا الله ربكم، واشكروه على ما مَنَّ به علينا من نعم رمضانية عديدة لا نستطيع لها إحصاءً.
ومن أعظم هذه النعم هذه الصلوات والركعات:
فاللَّهُمَّ لَوْلاَ أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا.
أتدري كم صلاة مفروضة مرت عليك؟ مرَّ عليك مائة وخمسون صلاة!
أتدري كم ركعة ركعتها في رمضان بين فريضة ونافلة ؟
أكثر من ألف ومئتي ركعة. فاحمد الله كثيرًا.
فالصلاة الصلاة يا خارجاً من رمضان، واحذر من تفويت الركعة والركعتين، وأشد منه الصلاة والصلاتين، مهما اعتذرت من أعذار.
وإن من ينام عن صلاتي الظهر والعصر لهو على خطر عظيم إن لم يتُب. قال e: الَّذِي تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ كَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ([1]). وَالْمُوتُورُ أَهْلَهُ وَمَالَهُ يعني كأنهم هلكوا جميعًا في لحظة واحدة، ففاجعته مثل الفاجعة بترك صلاة العصر ولو لمرة واحدة. قال ابن تيمية رحمه الله: (وتفويت العصر أعظم من تفويت غيرها..)([2]).
صلاة العصر –معاشرَ المصلين- ضيعها الساهرون واللاهون بحجج متهافتة، التعب وغلبة النوم. وإنما خَفَّ ميزانها من نفوسهم؛ لضعف إيمانهم وإملاء الشيطان لهم.
ولو قال قائل: قد حاولت الاستيقاظ لصلاتي الظهر والعصر، ولكن دون جدوى! فيقال: إليك هذه الوصايا المعينة:
1- اذكر الله قبل النوم، وعند الاستيقاظ؛ فإن نومًا بين ذكرين لن تضيع معه الصلاة.
2- اصدق نيتك للقيام للصلاة، أما من ينام وهو يتمنى ألا يدق جواله، ولا أن يوقظه أحد، فإنه لن يستطيع بهذه النية الفاسدة أن يصلي.
3-كن قوي عزيمة عند الاستيقاظ، لتهُب من أول مرة، ولا تقم على مراحل. ومن يغلق جواله إذا كان عند رأسه فليبعده، أو ليضع أكثر من منبه.
4- ادع ربك كثيرًا ؛ فالدعاء من أكبر أسباب النجاح والتوفيق في كل شيء.
5- دع طول السهر، ومن علم من نفسه أنه لو سهر للساعة الواحدة ليلاً لم يستيقظ للصلاة، فإنه لا يجوز له شرعاً أن يسهر هذا السهر.
ومن النعم التي مرت بنا خلال أسبوعنا هذا: نعمة إكمال عدة شهر رمضان صيامه وقيامه، ومنها نعمة وفرحة عيد الفطر وشهود الخير ودعوة المسلمين، وأخرى تحبونها ألا وهي نعمة التكافل الاجتماعي، بإعانةِ المحتاج وتفقدِ الضعيف، عبر (إحسان) و(جود) و(إسكان) و(فرجت) و(مباشر).
فبارك الله لمَن فرج عن مكروب، وأظل كل متصدق بظل صدقته يوم تدنو الشمس من الخلائق.
الحمد لله الذي كفى ووقى، والصلاة والسلام على إمام الهدى، أما بعد:
فمن النعم المفرحة المنشرة، والمظاهر الطيبة المشتهرة، في هذه الآونة المتأخرة: تواصي على سنة نبوية، حتى كثر مطبقوها ألا وهي سنة صيام الست من شوال، حتى لقد تربى عليها ثلة من الصبيان؛ لنيل أجر صوم سنة كاملة. قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ.
وإليكم الآن ستَّ مسائل متعلقة بصيام ست شوال:
1. أيهما أفضل أن تصوم بعد العيد مباشرة وتكمل الست كلها، أم توزعها بين الاثنين والخميس؟ الأول هو الأفضل. أي السرد([3]).
2. من صامها بنية صيام ثلاثة أيام من كل شهر، أجزأت عنهما، وحصّل أجر العملين، بمجرد النية([4]).
3. من عليه قضاء من صيام رمضان فليبدأ به قبل الست؛ لأن الفرض أهم من النفل([5]).
4. من أفرد صيام يوم الجمعة؛ لأنه وقت فراغه من عمله فيجوز، ولا يدخل في النهي عن تخصيص الجمعة بالصيام([6]).
5. يجوز أن تقطع صيامك من الست بلا عذر، وليس عليك كفارة([7]).
6. ست شوال نفل معين، فالأفضل أن تنوي صيام كل يوم منه قبل طلوع الفجر([8]).
· فاللهم لك الحمد كله، ولك الملك كله، وبيدك الخير كله، وإليك يرجع الأمر كله.
· اللهم يا واسعَ المغفرةِ، تفضلت علينا بشهر مضاعف حسناته، اللهُمَّ فتسلمه بجودك مضاعفًا، وما فيه من تقصير فكن بفضلك عافيًا. اللهم تقبل صيامَنا وقيامَنا، وزكواتِنا ومعايداتِنا.
· اللهمَ أعنَّا على أنْ نشكُرَكَ على لُطفِكَ في بلائِكَ، وأن علمتَنا سبيلَ دفعهِ، ورفعهِ. اللَّهُمُّ وَاِرْفَعْ عَنَا البَلاءَ وَالْوَبَاءَ والداءَ.
· اللهمَ باركْ في أوقاتِنا وأقواتِنا، وحسِّنْ أخلاقَنا، وبارِكْ أرزاقَنا.
· اللهم آمِنّا في أوطانِنا، وأصلحْ أئمتَنا وولاةَ أمورِنا، وأيِّدْ بالحقِ إمامَنا ووليَ عهدِه، وأعزَّهم بطاعتِك، وأعزَّ بهمْ دينَك، وارزقهُم بطانةً صالحةً ناصحةً، دالّةً مُذكِّرةً.
· اللهم احفظْ مجاهدِينا وجنودَنا على حدودِنا، واكفِنا وإياهم وبلادَنا شرَّ الأشرارِ وكيدَ الفجارِ، والحاسدِينَ والمتربِصينَ.
· اللهم احفظ المسجد الأقصى من عدوان المعتدين، ومن الغاصبين المحتلين.
· اللَّهُمَّ صَلِّ وسلمْ عَلَى مُحَمَّدٍ.
([1]) صحيح البخاري ( 552 ) صحيح مسلم ( 200 ) عن ابن عمر.
([2]) المستدرك على فتاوى ابن تيمية. جمع: ابن قاسم (1 / 41)
([3]) لقاءات الباب المفتوح (204 / 25)
([4]) اللقاء الشهري - (25 / 14)
([5]) تحفة الإخوان بأجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام (ص 224)
([6]) اللقاء الشهري - (15 / 9)
([7]) اللقاء الشهري - (25 / 14)
([8]) اللقاء الشهري - (15 /4)
المرفقات
1620925828_أول جمعة بعد عيد الفطر.doc
1620925841_أول جمعة بعد عيد الفطر.pdf