أهمية وفضائل أذكار الصباح والمساء - نعمة الصحة والعافية

زكي اليوبي
1445/12/14 - 2024/06/20 14:06PM

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما. 

أما بعد أيها الناس، اتقوا الله تعالى فإن منِ اتّقى الله وقاه، وأرشدَه إلى خير أمور دينه ودنياه، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [سورة الأحزاب: آية 70-71] 

إخواني:  ذكر الله عز وجل في الصباح والمساء من أشرف الوظائف اليومية، له فضل عظيم، وحصن للمسلم من الآفات والشرور، قَالَ الله تَعَالَى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ في نَفْسِكَ تَضَرُّعَاً وَخِيفَةً وَدُونَ الجَهْرِ مِنَ القَوْلِ بِالغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الغَافِلِينَ} [سورة الأعراف: آية 205]، قال ابن كثير: يأمر تعالى بذكره أول النهار وآخره كثيرًا.  وقال تَعَالَى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} [سورة طه: آية130].  وكان النبي عليه الصلاة والسلام حريصاً على تعليم الأمة ما ينفعهم، وتعليمهم الأذكار التي فيها وقايتهم من الشرور والأضرار، عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَن قرأَ آيةَ الكُرسيِّ في دبُرِ كلِّ صلاةٍ مَكْتوبةٍ لم يمنَعهُ مِن دخولِ الجنَّةِ إلَّا أن يموتَ" (الصحيح المسند: الوادعي)

وعن عبد الله بن خُبَيْب رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ لي رَسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اقْرَأْ: قُلْ هُوَ اللهُ أحَدٌ، والمُعَوِّذَتَيْنِ حِيْنَ تُمْسِي وَحِينَ تُصْبحُ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ تَكْفيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ». رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ)، وعن أبي مسعود عقبة بن عمرو رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَن قَرَأَ بالآيَتَيْنِ مِن آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ في لَيْلَةٍ كَفَتاهُ" أخرجه البخاري، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: "مَن قالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وله الحَمْدُ، وهو علَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، في يَومٍ مِئَةَ مَرَّةٍ؛ كانَتْ له عَدْلَ عَشْرِ رِقابٍ، وكُتِبَتْ له مِئَةُ حَسَنَةٍ، ومُحِيَتْ عنْه مِئَةُ سَيِّئَةٍ، وكانَتْ له حِرْزًا مِنَ الشَّيْطانِ يَومَهُ ذلكَ حتَّى يُمْسِيَ، ولَمْ يَأْتِ أحَدٌ بأَفْضَلَ ممَّا جاءَ به، إلَّا أحَدٌ عَمِلَ أكْثَرَ مِن ذلكَ" أخرجه البخاري ففي هذا الذِّكرُ تَحصينًا له مِنَ الشَّيطانِ طَوالَ يَومِه إلى المَساءِ، وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ قَالَ حِيْنَ يُصْبِحُ وَحينَ يُمْسِي: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، مِئَةَ مَرَّةٍ، لَمْ يَأتِ أَحَدٌ يَوْمَ القِيَامَةِ بِأفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلا أحَدٌ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ أَوْ زَادَ». أخرجه مسلم. 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جَاءَ رجلٌ إِلَى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رسولَ الله مَا لَقِيْتُ مِنْ عَقْرَبٍ لَدَغَتْنِي البَارِحَةَ قَالَ: «أمَا لَوْ قُلْتَ حِيْنَ أمْسَيْتَ: أعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ: لَمْ تَضُرَّك». أخرجه مسلم. 

وعن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "سَيِّدُ الِاسْتِغْفارِ: اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي، لا إلَهَ إلَّا أنْتَ، خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ، وأنا علَى عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أبُوءُ لكَ بنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأَبُوءُ لكَ بذَنْبِي فاغْفِرْ لِي، فإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ، أعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما صَنَعْتُ. إذا قالَ حِينَ يُمْسِي فَماتَ دَخَلَ الجَنَّةَ - أوْ: كانَ مِن أهْلِ الجَنَّةِ - وإذا قالَ حِينَ يُصْبِحُ فَماتَ مِن يَومِهِ مِثْلَهُ" أخرجه البخاري.  وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنَّه كَانَ يقولُ إِذَا أصْبَحَ: «اللَّهُمَّ بِكَ أصْبَحْنَا، وَبِكَ أمْسَيْنَا، وَبِكَ نَحْيَا، وَبِكَ نَمُوتُ، وَإلَيْكَ النُّشُورُ». وإذا أمسَى قَالَ: «اللَّهُمَّ بِكَ أمْسَيْنَا، وبِكَ نَحْيَا، وَبِكَ نَمُوتُ. وَإلْيَكَ النُّشُورُ». رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ).

قال في «النهاية»: «وإليك النشور»، أنشره الله: أي أحياه.  قوله: «وإليك المصير»، أي: إليك المرجع.

وعنه: أنَّ أبا بكرٍ الصديقَ رضي الله عنه قال: يا رسولَ اللهِ، مُرني بكلماتٍ أقولُهنَّ إذا أصبحتُ وإذا أمسيتُ قال: قل اللهمَّ فاطرَ السمواتِ والأرضِ، عالمَ الغيبِ والشهادةِ ربَّ كلِّ شيءٍ ومليكَهُ أشهدُ أنْ لا إلهَ إلا أنت، أعوذ بك من شرِّ نفسي وشرِّ الشيطانِ وشِركِه وأن أقترِفَ على نفسي سُوءًا أو أجُرَّه إلى مسلمٍ، قال: قلها إذا أصبحتَ وإذا أمسيتَ وإذا أخذتَ مَضجعَكَ" (ابن باز-اسناده صحيح)

وعن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ إذَا أَمْسَى قالَ: أَمْسَيْنَا وَأَمْسَى المُلْكُ لِلَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له. قالَ الحَسَنُ: فَحدَّثَني الزُّبَيْدُ أنَّهُ حَفِظَ عن إبْرَاهِيمَ في هذا: له المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهو علَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ أَسْأَلُكَ خَيْرَ هذِه اللَّيْلَةِ، وَأَعُوذُ بكَ مِن شَرِّ هذِه اللَّيْلَةِ وَشَرِّ ما بَعْدَهَا، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِنَ الكَسَلِ وَسُوءِ الكِبَرِ، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِن عَذَابٍ في النَّارِ وَعَذَابٍ في القَبْرِ. اخرجه مسلم ، هذه نماذج من أذكار المساء والصباح

علموا أبناءكم وبناتكم هذه الأذكار، وعوذوا الصغار منهم بالمعوذتين، بأن تقول: "أعيذكم برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد" "أعيذكم برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس"

قال الشيخ ابن عثيمين: ويدخل الصباح من طلوع الفجر وينتهي بارتفاع الشمس ضحى ويدخل المساء من صلاة العصر وينتهي بصلاة العشاء أو قريبا منها.

أسأل الله أن يعينَني وإياكم على شكرِه وذِكره، وأن يجعلَنا من المتّقين الذين يستمِعون القول فيتّبعون أحسنه، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ الْجَلِيلَ لِي وَلَكُمْ، وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحبّ ربّنا ويرضى، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلّم تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدين.

أما بعد: عباد الله: اتقوا الله حق التقوى وراقبوه في السر والعلانية: قال الله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [سورة البقرة: آية281]

أيها المسلمون:

إن من أعظم النعم التي ينعم الله عز وجل بها على الإنسان نعمة الصحة والعافية، وامتداداً لذلك فقد رسخت رؤية المملكة العربية السعودية أساليبنا للحياة الصحية وتعزيزها، ففي العام الماضي -ولله الحمد- انخفض مؤشر الإصابات الناجمة عن الحوادث المرورية ليبلغ 71 إصابة لكل مائة ألف نسمة.  وارتفعت نسبة التجمعات السكانية بما فيها الطرفية المغطاة بالخدمات الصحية، لتصل إلى 96.41% متخطياً مستهدف العام البالغ 96%.  وارتفعت نسبة الأشخاص الذين يمارسون النشاط البدني لمدة 150 دقيقة أسبوعياً (للبالغين 18 عاماً فأكثر) لتصل إلى 62,3% متجاوزة مستهدف العام البالغ 51%.

هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه، فقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) اللهم صل وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، اللهم ارض عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر أصحاب نبينا عليه الصلاة والسلام، اللهم أعز الإسلام، وانصر المسلمين، اللهم تول أمر إخواننا المستضعفين في فلسطين، وفي السودان، اللهم احقن دماءهم، اللهم كن لهم عوناً ونصيرا، اللهم انصر عبادك الموحدين في كل مكان، اللهم إنا نسألك من خير ما سالك منه عبدك ونبيك محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ونعوذ بك من شر ما استعاذ منك عبدك ونبيك محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم، اللهم دمر أعداء الدين أجمعين، اللهم وفق ولي امرنا خادم الحرمين الشريفين، وهيأ له البطانة الصالحة الناصحة التي تدله على الخير، وتعينه عليه، اللهم وفقه وولي عهده لما فيه صلاح البلاد والعباد،  اللهم كل من أراد بلدنا هذا بسوء وسائر بلاد المسلمين، فرد كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميراً عليه، ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما.  ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار،

عباد الله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [سورة النحل: 90] فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

المشاهدات 377 | التعليقات 0