أهمية العفو والعافية

عايد القزلان التميمي
1446/03/09 - 2024/09/12 11:01AM
إنّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله فلا مضلَّ له، ومن يُضلِلْ فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾.
أما بعدُ فيا أيها المؤمنون إن نبينا المصطفى ورسولنا المجتبى - عليه صلوات الله وسلامه - أوتي جوامع الكلم وبدائع الحِكَم - صلوات الله وسلامه عليه - ،
فكان يقول الكلمات القليلة ويتلفظ بالألفاظ اليسيرة الجامعة للمعاني العظيمة .
عباد الله : وهكذا الشأن في دعواته صلوات الله وسلامه عليه ؛ فكان صلى الله عليه وسلم يعجبه إذا دعا الله أن يدعو بجوامع الكلم كما ثبت ذلك في الحديث .
وفي هذه الخطبة وقفة مع دعوة عظيمة كان يدعو بها نبينا صلى الله عليه وسلم وهي ثابتةٌ عنه صلوات الله وسلامه عليه. فعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنَّه قال: (( لم يَكُنْ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يَدَعُ هؤلاءِ الكلمات حينَ يُمسي وحينَ يصبحُ اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ العفو والعافيةَ في الدُّنيا والآخرةِ اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ العفوَ والعافيةَ في ديني ودُنْيايَ وأَهْلي ومالي اللَّهمَّ استُر عَوْراتي وآمِن رَوعاتي اللَّهمَّ احفَظني من بينِ يديَّ ومن خَلفي وعن يميني وعن شِمالي ومِن فَوقي وأعوذ بعَظمتِكَ أن أُغتالَ مِن تَحتي)). أخرجه أبو داود، وابنُ ماجه وصححه الألباني.
والعافية هي نعمة الدنيا والآخرة وهي من أجل نعم الله على العبد ولباس العافية من أجمل الألبسة وأعلاها وأغلاها لذا سأل النبي صلى الله عليه وسلم من ربه العافية في بدنه وسمعه وبصره.
فمهوم العافية واسع لا ينحصر في عافية الجسد وصحة البدن كما قد يفهمه بعض الناس بل هو يشمل الدنيا والآخرة فقد ذكر بعض العلماء أن أظهر الأقوال في قوله تعالى: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) أن الحسنة في الدنيا العبادةُ والعافية، والحسنةَ في الآخرة الجنةُ والمغفرة.
(( ولما عاد رَسول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ رَجُلاً مريضاً مِنَ المُسْلِمِينَ قالَ له: هلْ كُنْتَ تَدْعُو بشيءٍ، أَوْ تَسْأَلُهُ إيَّاهُ قالَ: نَعَمْ، كُنْتُ أَقُولُ: اللَّهُمَّ ما كُنْتَ مُعَاقِبِي به في الآخِرَةِ، فَعَجِّلْهُ لي في الدُّنْيَا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: سُبْحَانَ اللهِ لا تُطِيقُهُ، أَوْ لا تَسْتَطِيعُهُ، أَفلا قُلْتَ: اللَّهُمَّ آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وفي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ قالَ: فَدَعَا اللَّهَ له، فَشَفَاهُ )).أخرجه مسلم.
أيها المؤمن: إذا أردت أن تعرف قدر الصحة والعافية فأكثر من زيارة المرضى في المنازل والمستشفيات وقيل: "إن الصحة تاج على رءوس الأصحاء لا يعرفها إلا المرضى"،
كم من مريض يتمنى أن يخطو بقدميه ليصلي مع الجماعة ويصل أرحامه ويزور إخوانه ولكنه لا يستطيع، كم من مريض انقطع عن الناس فهو لا يسمع ولا ينطق يتمنى سماع القرآن وترتيله، ولكنه لا يستطيع. كم من مريض كف بصره، فهو يتمنى أن يرى مخلوقات الله وآياته، وكم من مريض يتمنى أن يأكل الطعام ويشرب الشراب ولكنه لا يستطيع، وكم من مريض لا تسكن أوجاعه، ولا يرتاح في منامه وغيرهم كثير.
أيها المسلم إن هذه الصحة والعافية سوف تُسأل عنها يوم القيامة، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم  (( لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلاَهُ )) صححه الألباني.
فاجعل هذه الصحة عونًا لك على طاعة الله.
بارك الله لي ولكم ...
الخطبة الثانية
الحمد لله الرحيم بعباده، الذي أسبَغ على الناس النِّعمَ، وحذّرهم النّقم، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريك له ، وأشهد أنّ نبيّنا محمّدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعدُ فيا عباد الله احمدوا الله واشكروه فإن الله تبارك وتعالى يقول {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}.  
 سلوا الله العافية في الإيمان وسلوا الله العافية في الدين والثبات عليه حتى الممات وسلوا الله العافية في اليقين والسلامة من الشكوك والوساوس وسلوا الله العافية في الجسد وسلوه العافية في المال والأهل والولد
عباد الله :   وإذا أردنا أن يدوم الله علينا عافيتنا ويبارك لنا في صحتنا فلنستعمل جوارحنا في طاعة ربنا فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول «احفظ الله يحفظك».  
 وقد كانوا قديماً يبلغ الواحد منهم مائة عام أو أكثر وهو لازال متمتعاً بقوته وعافيته وعقله فقال بعضهم هذه جوارح حفظناها عن المعاصي في الصغر فحفظها الله علينا في الكبر.  
فاغتنموا صحتكم وعافيتكم قبل حلول المرض وتدهور الصحة وذهاب العافية فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول «اغتنم خمساً قبل خمس وذكر منها وصحتك قبل سقمك».
صلوا وسلموا..  
المرفقات

1726128250_اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ العفوَ والعافيةَ.docx

المشاهدات 432 | التعليقات 0