أهمية التمسك بالسنة النبوية

الحمد لله القاهر فوق عباده، الناصر لمن ينصره، خلق الخلق فمنهم كافر ومنهم مؤمن، فطوبى للذين إذا ذكروا بآيات ربهم زادتهم إيمانا، وويل للذين إذا ذكروا بآيات ربهم خروا عليها صما وعميانا، فسبحانه من إله قسم عطاءه بين خلقه إعطاء ومنعا، ووصلا وقطعا، وتوفيقا وحرمانا، أحمده سبحانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له توحيدا وإيمانا، شهادة تكون لشاهدها في الآخرة أمانا، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله أرسله يكسر أصناما ويهدم أوثانا، ويهدي ضلالا ويبصر عميانا، ويدعو إلى التوحيد سرا وإعلانا، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه الذين كانوا له على الحق أنصارا وأعوانا.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)

إخوة الإيمان والعقيدة ... اعلموا أن معرفة النبي محمد صلى الله عليه وسلم واجبة لحديث: «إذا وضع الميت في قبره يسأل عن ربه وعن دينه وعن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم».
فواجب على العبد أن يعرف نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ويحبه وينصره، ويعزره ويوقره، ويتبعه ولا يقدم على قوله قول أحد من الناس.
(لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) وصحابة رسول الله رضي الله عنهم وأرضاهم حازوا شرف الصحبة للنبي الكريم محمد عليه الصلاة والتسليم، فكان لهم النصيب الأوفى في محبته وتعظيمه واتباع هديه، وتنفيذ أوامره، واجتناب نواهيه، حتى نالوا عظيم الفضل والأجر، وحازوا جميل الثناء والذكر (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا) رباهم النبي صلى الله عليه وسلم بالوحي، وصقل نفوسهم وهممهم بالقرآن، وهذب قلوبهم وطباعهم بالتوحيد والزهد، حتى كان الواحد منهم يستجيب لله والرسول دون سؤال أو تردد ولو كان في هذا إزهاق حياته أو ذهاب أهله وماله، أمرهم صلى الله عليه وسلم بالهجرة من مكة، فلبوا طائعين مرتين مرة للحبشة، والأخرى للمدينة، وخرجوا في سبيل الله تاركين ديارهم وأهلهم وأموالهم (يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)
وأمرهم بالجهاد والقتال في سبيل الله فبذلوا أرواحهم ودماءهم وأموالهم رخيصة في سبيل الله تعالى، وجاءوا إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم يحكمونه في أموالهم وأنفسهم وهم يقولون: هذه أموالنا بين يديك يا رسول الله فاحكم فيها بما شئت، وهذه نفوسنا بين يديك لو استعرضت بنا البحر لخضناه معك ما تخلف منا أحد، إنا لصبر في الحرب صدق عند اللقاء، فامض بنا يا رسول الله حيث شئت.
وأمرهم صلى الله عليه وسلم بالصلاة والحج والصيام وسائر العبادات، وترك ما كان يفعله الآباء والأجداد من الفواحش والمعاصي والعادات والتقاليد التي لا يرضاها الإسلام، فاستجابوا جميعا ما تخلف منهم أحد ولا تلكأ، مع ما فيها من مخالفة المألوف الذي عاشوا عليه ردحا من الزمان.

ولما نزل تحريم الخمر في الإسلام، وكانت مشروب العرب قبل الإسلام، ينشدون فيها الأشعار، ويضربون في حبها الأمثال، كسر الصحابة رضي الله عنهم دنان الخمر وقاءوا ما في أجوافهم وبطونهم، وهم يقولون: (انتهينا ربنا انتهينا).
ولما نزل تغيير القبلة للصلاة من بيت المقدس إلى البلد الحرام مكة، وبلغ الخبر بعض الصحابة وهم في الصلاة استداروا إلى بيت الله الحرام دون تأخر، في أعظم مثل للاستجابة لله تعالى ولرسوله، وتنفيذ أمر الله وأمر رسوله بدون تردد
ولما خطب النبي صلى الله عليه وسلم امرأة من الأنصار لجليبيب رضي الله عنه، وكان جليبيب قصيرا دميما، فقيرا من فقراء الأنصار، ولكنه كان رجلا مؤمنا صادقا مجاهدا، محبا لله ورسوله، والله عز وجل لا ينظر إلى صور العباد وأموالهم ولكنه ينظر إلى قلوبهم وأعمالهم، فانطلق الأنصاري إلى امرأته فذكر لها ذلك، فكأن الأنصاري وامرأته كرها ذلك فأبيا، فسمعت الجارية بما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت لأبويها: أتريدان أن تردا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره، ثم تلت عليهما قول الله عز وجل (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا) فكأنما جلت عن أبويها، فقالا: صدقت.

وهكذا كان الصحابة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم والتابعون من سلف هذه الأمة، متبعين لأمر الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، عاضين عليهما بالنواجذ، حذرين من محدثات الأمور والبدع والضلالات، لا يقدمون على أمر الله وأمر رسوله قولا ولا رأيا ولا أحدًا ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).

فاتقوا الله أيها المسلمون في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومخالفة أمره صلى الله عليه وسلم، أو ترك سنة، فإن التسليم لأمره صلى الله عليه وسلم وتعظيم سنته هو البركة والفلاح للمسلمين جميعا إلى يوم القيامة (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا).

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.


الحمد لله رب العالمين، أحمده سبحانه وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله، وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
معاشر المؤمنين ... واعلموا أن النبي صلى الله عليه وسلم حذر من ترك سنته وهجرها، وبين أن التمسك بكتاب الله وسنة رسول الله هما المخرج من الفتن والمنقذ من الهلاك، وأنه ترك الأمة على مثل البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فعليكم بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ.

واعلموا أن التمسك بالسنة أجره عظيم وفضله كبير، لا سيما مع فساد الزمان، وكثرة الشبهات والأهواء، والشهوات التي يكون فيها القابض على دينه كالقابض على الجمر، فإن ذلك من أفضل القربات عند الله.

اللهم وآمنا في دورنا وأوطاننا، وأصلح ووفق ولاة أمورنا، اللهم وأصلح قلوبهم وأعمالهم، وسددهم في أقوالهم وأفعالهم، اللهم واجمع شملهم وشمل المسلمين على الهدى يا رب العالمين.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
اللهم اغفر لنا ولآبائنا ولأمهاتنا ولأولادنا ولأزواجنا. ولجميع المسلمين والمسلمات. والمؤمنـين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
-(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ*وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ*وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)

المشاهدات 3708 | التعليقات 0