أهمية أداء الأمانة

باسم أحمد عامر
1438/07/16 - 2017/04/13 21:34PM
الخطبة الأولى:

وبعد،
فيقول الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا)، ويقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)، يأمر الله تعالى في هذه الآيات الكريمة بأداء الأمانات إلى أهلها، ونهانا تعالى عن خيانة الأمانة،
ويقول النبي عليه الصلاة والسلام: (أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ)، وقد بيَّن الله تعالى أن من صفات المؤمنين الوفاء وأداء الأمانة، قال تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) إلى أن قال: (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ)، فمن أبرز صفات المؤمنين أنهم يؤدون الأمانة ولا يخونونها، وقد بيَّن النبي عليه السلام أن خيانة الأمانة من صفات المنافقين، فقال عليه السلام: (آيةُ المنافقِ ثلاثٌ: إذا حَدَّثَ كذَب, وإذا وَعَدَ أَخلَف, وإذا اؤْتُمِنَ خان)،
أيها المسلمون، الأمانة أمر عظيم، وشأنها كبير، فلقد استهان كثير من الناس اليوم بشأن الأمانة، حتى أصبحوا لا يلقون لها بالاً، ولا يقيمون لها وزناً، وذلك بسبب جهل الكثيرين عن أهمية الأمانة، وشأنها العظيم، وما يترتب على تضييعها من فساد البلاد والعباد،
ومن أهم أسباب التفريط في الأمانة الغفلةُ عن الحساب يومَ المعاد، وعدمُ تذكر ما سيلحق بمن فرَّط في الأمانة من العذاب الأليم والنكال الشديد، ومن أهم أسباب التفريط في الأمانة بعدُ كثير من الناس عن الدين، وضعفُ الوازع الديني، وقلةُ الإيمان، وعدمُ مراقبة الله في السر والعلانية، يقول النبي عليه السلام: (لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له)،
عباد الله،
إن الخطاب بوجوب أداء الأمانة يشمل كل من ولي أمراً من أمور البلاد والعباد، فكل من تحمَّل مسؤولية فواجب عليه أن يؤديها على الوجه المطلوب، فأداء الأمانة يشمل الحاكمَ ومسؤولياتِه الكبيرةَ الجسيمةَ تجاه رعيته، ويشمل أصحاب المناصب العليا كالوزراء والوكلاء والمدراء والرؤساء، ويشمل النواب الذين صوت لهم الناس لكي ينوبوا عنهم، ويدافعوا عن حقوقهم، ويشمل الموظفين الذين يعملون في الوظائف الحكومية والوظائف غير الحكومية كالشركات الخاصة وغيرها،
كل هذه أمانات سيُسأل عنها العباد يوم القيامة، فإنهم مؤتمنون على أعمالهم، وكلما عظمت المسؤولية عظمت الأمانة، وعظم الحساب بين يدي الله تعالى ،
فينبغي على كل مسلم مسؤولاً كان أم موظفاً، أن يتقي الله تعالى فيما يقوم به من عمل، وأن يتذكر أن رزقه يكون حلالاً أو حراماً بناء على قيامه بهذا العمل، ومدى أدائه للأمانة التي كُلِّف بها، وليحذر المسلم في عمله من الغش والكذب والسرقة والإساءة في استغلال الوظيفة لتحقيق مآرب شخصية، يقول النبي عليه السلام: (مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فَرَزَقْنَاهُ رِزْقًا فَمَا أَخَذَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ غُلُولٌ)، يعني: خيانة يأتي بها يوم القيامة، كما قال الله تعالى: (وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) ،
عباد الله، إن الأمانة من أبرز أخلاق الأنبياء والرسل، فقد وصف الله تعالى أنبياءه في مواضع عديدة في القرآن الكريم بالأمانة، فقد كان الأنبياء والرسل أمناءَ مع أقوامهم،
وعلى رأس هؤلاء الأنبياء والرسل نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، فقد كان نبينا عليه الصلاة والسلام معروفاً عند المشركين قبل المسلمين بلقب الصادق الأمين، وما ذلك إلا لحرصه عليه السلام على أداء الأمانة إلى أهلها،
فإذا كنا حقاً من أتباع محمد عليه الصلاة والسلام فعلينا بالاقتداء به في أخلاقه وأمانته، قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)،
أقول قولي هذا،،،

الخطبة الثانية:
وبعد،
أيها المسلمون، فإن حمل الأمانة أمر عظيم جليل، عجَزَتْ السموات والأرض عنْ حَمْلِها, قال تعالى: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا)، فواجب علينا نحن المسلمين أنْ نُؤدِّيَ الأمانةَ على أكمل وجه، الأمانة تجاه الخالق سبحانه وتعالى من خلال أداء الواجبات واجتناب المحرمات، والأمانةَ تجاه الخلق من خلال أداء الحقوق إلى أصحابها، والأمانةَ تجاه أهلنا وأولادنا وأقاربنا، والأمانة في أعمالنا ووظائفنا وسائر شؤوننا كلها،
فمتى ما تحمَّل المسلم المسؤولية فيجب عليه أداء الأمانة على أكمل وجهها، لأنه مسؤول ومحاسب أمام الله تعالى ، وسيقف بين يدي الله تعالى ويُسأل عما استرعاه الله إياه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهْوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ)،
هذا وصلوا على الحبيب،،
اللهم أعز الإسلام والمسلمين...
اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أعلنا وما أسررنا، وما أنت أعلم به منا، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت...
اللهم اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم،،
اللهم أعنا على أداء الأمانات إلى أهلها، اللهم اجعلنا صالحين صادقين مؤتمنين، بعبادك محسنين، يا رب العالمين،
ربنا آتنا في الدنيا حسنة...
عباد الله (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي)






ملاحظة: الخطبة مستفادة من خطب أخرى سابقة
المشاهدات 2241 | التعليقات 0