أهل اليمن وفضائلهم
عبدالله حمود الحبيشي
1436/06/10 - 2015/03/30 08:18AM
أنتشر بين الناس التحذير من اليمنيين في بلادنا
وبسبب الحرب على الحوثيين بدأ بعض الناس التعميم واستنقاص أهل اليمن
فاقترح أن تكون خطبة الجمعة عن اليمن ومكانتها وفضلها وثناء النبي صلى الله عليه وسلم على أهلها
نسأل الله السداد والتوفيق
وبسبب الحرب على الحوثيين بدأ بعض الناس التعميم واستنقاص أهل اليمن
فاقترح أن تكون خطبة الجمعة عن اليمن ومكانتها وفضلها وثناء النبي صلى الله عليه وسلم على أهلها
نسأل الله السداد والتوفيق
عبدالله حمود الحبيشي
أيها الأحبة هذه خطبة أعددتها عن الموضوع والأحاديث المذكورة ليس فيها حديث ضعيف بإذن الله
أسأل الله أن ينفع بها قائلها وسامعها
الخطبة الأولى :
إنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ). ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) . ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا ، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )
أَمَّا بَعْدُ ... فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ وَكُلُّ ضَلالَةٍ فِي النَّارِ .
عباد الله .. حديثنا في هذه الخطبة عن البلدة الطيبة وأهلها أهل الحكمة والإيمان .. عن قوم يحبهم الله ويحبونه .. عن أصحاب القلوب الرقيقة .. دعا لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالبركة .. إنهم أهل اليمن وأرض اليمن (لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ).
أهل اليمن .. وما أدراك ما أهل اليمن صناع المجد وكتاب التاريخ وأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم .
رفعوا رؤوس العرب لما انتصر سيف بن ذي يزن على أبرهه حامل الكذب .. أطاعوا معاذ بن جبل، قتلوا مدعي النبوة الأسود العنسي .
أهل اليمن أرق الأمة قلوبًا وأقلها عيوبًا وأطهرها جنوبًا، أسرعهم للإسلام قبولا .. فيهم سكينة ووقار وفقه واعتبار، ومنهم أولياء وأبرار وعلماء وفقهاء وشعراء وأدباء وحكماء، البلاغة في أقوالهم مع سلامة الصدور، والبُعد عن الكبر والغرور.
أهل اليمن ... أنصار الرسالة في قديم الزمن وحاضره، أذاعوا سنة المختار في تلك الديار، ونهجوا نهج السلف فصاروا خير خلف لخير سلف.
لا ينتقصهم إلا حاقد على الدين وأهله أو جاهل لا يعرف مكانتهم ولم يسمع عن فضائلهم .
عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال بينما النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بالمدينةِ إذ قال اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ جاءَ نصرُ اللهِ وجاءَ الفتحُ وجاءَ أهلُ اليمنِ قومٌ نَقِيَّةٌ قلوبُهم لَيِّنَةٌ طاعتُهم الإيمانُ يَمانٍ والفقهُ يمانٍ والحكمةُ يمانيَّةٌ .
وفد منهم سبعمائة إنسان على رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤمنون. يدخلون في ملة الإسلام جماعات كثيرة بعدما كانوا يدخلون فيه واحدًا واحدًا واثنين اثنين.
وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده نحو اليمن فقال ( الإيمان ها هنا) .
وقال عليه الصلاة والسلام "إني لَبِعُقْرِ حَوضي يومَ القيامةِ أَذُودُ الناسَ لأهلِ اليمنِ ، وأضربُهم بعصايَ ؛ حتى يرفضَّ عليهم".
النبي عليه الصلاة والسلام يقف عند حوضه يرد الناس حتى يأتي أهل اليمن فيكونوا أول من يشرب ، ويضرب بعصاه حتى يسيل لهم وهذه كرامة لأهل اليمن في تقديمهم في الشرب من الحوض مجازاة لهم بحسن صنيعهم وتقدمهم في الإسلام والأنصار من اليمن ، فيُدفع غيرهم حتى يشربوا كما دَفعوا في الدنيا عن النبي صلى الله عليه وسلم أعداءه والمكروهات .
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } سُئِلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عن هذه الآية فقال "هؤلاءِ قومٌ من اليمنِ"
يا لها من كرامة وفضل وتشريف .. قوم أصطفاهم الله .. وجاء بهم الله .. وشهد لهم الله .. وأثنا عليهم الله .
(فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ) الله جل جلاله من أتى بهم .
(يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) شهادة الله لهم بحبه لهم وحبهم له .
(أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ) ثناء لهم بأعز صفاتهم وأكرمها .
(ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) نعم والله إنه فضله وكرمه .
إنهم خير الرجال بنص قول النبي عليه الصلاة والسلام "خير الرجال رجال أهل اليمن والإيمان يمان"
إن أهل اليمن هم جيش الإسلام ومدده وقوته كما قال عليه الصلاة والسلام (إنَّ اللهَ اسْتَقْبَلَ بي الشامَ , وولَّى ظَهْرِيَ اليَمَنَ وقالَ لِي : يا محمدُ إنِّي جعلْتُ لكَ ما تُجَاهَكَ غنيمَةً ورِزْقًا,وما خَلْفَ ظَهْرِكَ مَدَدًا).
لقد حاز أهل اليمن المجد والفخر وحق لهم ذلك فمع القوة والشجاعة فهم أهل شريعة وأمانة قال عليه الصلاة والسلام "المُلْكُ في قريشٍ ، والقضاءُ في الأنصارِ والشرعةُ في اليمنِ ، والأمانةُ في الأُزْدِ"
وعن عقبة بن عامر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أهلُ اليمنِ أرقُّ قلوبًا وأنجعُ طاعةً .
وعن عبدالله بن حوالة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سيصيرُ الأمرُ إلى أن تَكونوا جُنودًا مجنَّدةً جُندٌ بالشَّامِ، وجندٌ باليمنِ وجُندٌ بالعراقِ قالَ ابنُ حوالةَ: خِر لي يا رسولَ اللَّهِ إن أدرَكْتُ ذلِكَ، فقالَ: عليكَ بالشَّامِ، فإنَّها خيرةُ اللَّهِ من أرضِهِ، يَجتبي إليها خيرتَهُ من عبادِهِ، فأمَّا إن أبيتُمْ، فعليكُم بيمنِكُم، واسقوا من غُدُرِكُم، فإنَّ اللَّهَ توَكَّلَ لي بالشَّامِ وأَهْلِهِ
ومن كريم خصالهم وحسن شمائلهم وأخلاقهم أنهم من نشر عادة المصافحة بين المسلمين .. فكان النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه فقال يقدُم عليكم غدًا أقوامٌ هم أرَقُّ قلوبًا للإسلامِ منكم قال : فقدِم الأشعريون فيهم أبو موسى الأشعريُّ فلما دنَوا من المدينةِ جعلوا يرتجِزون يقولون : غدًا نلقى الأحِبَّة محمدًا وحزبَه فلما أن قدِموا تصافَحوا فكانوا هم أولُ من أحدثَ المُصافحةَ .
إن كل هذه الفضائل وهذه الشمائل جمعها أهل اليمن فلا غرابة أن يكونوا أهل خير وبركة وقد دعا لهم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال اللهمَّ بارِكْ لنا في شامِنا ، اللهمَّ بارِكْ لنا في يَمَنِنا يكررها ثلاثا.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
معاشر المؤمنين ... أهل اليمن اليوم من أولئك الذين وردت النصوص الشرعية بفضلهم وتميزهم عن غيرهم ، وهذه مكرمة ربانية، ونعمة إلهية والتفاتة نبوية؛ ولكن ينبغي أن نقف وقفة عند هذه النصوص الشرعية .
فلإيمان بهذه النصوص واجب إذا ثبتت والتسليم لها مطلوب، حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
وعليه فإنه يجب أن يعطى أهل اليمن ما يستحقون من هذه الفضائل حين التعامل معهم في أي قضية كانت سواء أكانت بيعاً وشراءً أو قضاءً وغير ذلك .. وما يجري اليوم من حملة مباركة هي عملة عسكرية لردع فئة باغية لا تمثل اليمن ولا أهله وهذا ما يؤكده رفض الشعب اليمني لهذه الفئة وتأيده بل دعمه لهذه العملية .. كما أن جريمة هذه الفئة الفاسدة لا تسوغ لنا استنقاص أهل اليمن أو التقليل من مكانتهم أو اتهامهم والتشكيك بأمانتهم وصدق تعاملهم معنا فهم عاشوا زمنا بيننا ولم نرى منهم ولم نسمع عنهم إلا كل خير .. وهذا ردا على ما ينشر رسائل تحذر منهم أو تتهمهم بتعمد الإيذاء .. وهذا حتى وإن وقع فهو من فئة قليلة ، وحوادث فردية ممن ينتمون للفئة الضالة الإجرامية واليمن وشعبها بريء منهم ومن افعالهم .
ومع هذا نقول .. أنه لا يلزم من أن يكون كل أهل اليمن على هذه الفضائل الواردة، فربما تجد من أهل اليمن من هو معارض لدين محمد صلى الله عليه وسلم أو مبتغياً غير شرعه. وربما تتفاوت هذه الصفات من زمن لآخر ومن منطقة لأخرى، وهذا أمر مشاهد ومعلوم إلا أنه لا يجوز أن ننفي عنهم هذه الصفات بالكلية.
ومن تمام نعمة الله على أهل اليمن أن أعطاهم الله تلك الفضائل، فلا يجوز بأي حال أن يفرطوا فيها ويقصروا بالعمل بها. أو يتخذوا أسباباً للقضاء عليها.
ويجب على أهل اليمن أن يكونوا درءاً ومنعة للإسلام وأهل الإسلام، ويعرفوا فضل الله عليهم فيحفظوه .. ومن المعلوم أن الضعف أو التقصير أو الخلل الذي يصيب أي مجتمع يشمل الجميع فمع هذه الفضائل وهذه المكانة إذا قصر الإنسان في أمر الله وتخلف عن شرعه وقعت عليه سنة الله بالضعف والخذلان {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} .
فنسأل الله أن يحفظ اليمن وشعبها ويمن عليهم بالأمن والأمان والاستقرار
تعديل التعليق