أهلا بالوافد الحبيب

ابو نايف الشامي
1432/09/05 - 2011/08/05 00:55AM
الحمد لله الذي وفق العاملين لطاعته ، فوجدوا سعيهم مشكوراً ، وحقق آمال الآملين برحمته ، فمنحهم عطاءً موفوراً ، وبسط بساط كرمه على التائبين ، فأصبح ذنبهم مغفوراً . أحمده على نعمه الجسام ، وأشكره أن من علينا بإدراك الصيام والقيام وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شرك له ، المتفرد بالكمال والتمام .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله بعثه رحمة للعالمين وقدوة للسالكين ، وحجة على الخلائق أجمعين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا . أما بعد عباد الله
اتقوا الله u بفعل أوامره والبعد عما نهى عنه فهو القائل } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ {
إخوة الايمان : لقدنزل بساحتِكم شهرٌ كريم، هو سيّد الشهور، ومنّ الله عليكم بموسمٍ عظيم، شهرٌ يُضاعَف فيه ثواب الطاعات،وتكفَّر فيه السيّئات، وتُرفَع فيه الدرجات[FONT="].[/FONT] شهر وهبه الله لهذه الأمة، فمن فاته الخير فيه فقد فاته من الخير أوفره قال تعالى: ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )
أمة القرآن و نحن في باكورة أيام هذا الضيف الكريم فلا بد أن نقبل بعزيمةصادقة على فعل الخيرات، وتوبة صادقة يكفر الله بها السيئات، وفي رمضان عون بإذنالله على هذا وذاك لمن صدق الجهاد : ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن اللهلمع المحسنين)، فيا أيها الأحبة، أيام رمضان أيام محو ذنوبكم فأين المستغفر لأمر قد دنا، ألارُبّ غافل عن تدبير أمره قد انفصمت عُرَى عمره، ألا رُبّ معرض عن سبيل رشده، قد آنأوان شق لحده، ألا رُبّ مشغول بجمع ماله، قد حانت خيبة آماله، فأين الباكي على تقصيره قبل تحسره في مصيره، عن جابر بن سمرة رضي الله عنهقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((أتاني جبريل فقال يامحمد: من أدرك شهر رمضان فمات ولم يغفر له فأدخل النار فأبعده الله، قل آمين، فقلتآمين)) .فيا من كان يجول في المعاصي قبل رمضان، ها قد أعطاك الله الفرصة، فلاتكن كمن كلما زاد عمره زاد إثمه، فيا أيها الغافل، ادرك نفسك، وانتبه لوقتك و إغسل بالتوبة أدرانك، فوالله لوقيل لأهل القبور تمنّوا، لتمنوا يوماً من رمضان. وأنت كلما خرجت من ذنب دخلت فيآخر، أنت، نعم أنت الآن بين يدي رمضان فتب إلى ربك وارجع لرشدك .
يَا ذَا الَّذي ماكفاهُ الذَّنْبُ في رَجـبٍ حَتَّى عَصَى ربَّه في شهر شعبـانِ
لَقَدْ أظَـلَّكَ شهرُ الصَّـومِ بَعْدَهُمَ فَلا تُصَيِّرْهُ أَيْضاً شَهْـرَ عِصْيـانِ
معاشر الصائمين ونحن نتفيأ ظلالَ هذا الشهرالكريم نذكر ببعض الأعمال الصالحة التي تقربنا الى المولى عزوجل وتعيننا بإذن الله تعالى على إستغلال أوقات هذا الشهر الكريم
فمن الأعمال الصالحة في هذا الشهر الكريم أنه لم يتقرب العباد إلى الله بشيء أحب إليه مما فرضعليهم وإن فريضة الصيام من أفضل العبادات وأعظم القربات يقولالله تعالى :« يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَاكُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ» وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُعَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كُلُّعَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَةضِعْفٍ ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : إِلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَاأَجْزِي بِهِ ) أي أجازي عليه جزاء كثيرا من غير تعيين لمقداره ، وقد ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله من كلام أهلالعلم أن المراد بقوله : ( وأنا أجزى به ) أني أنفرد بعلم مقدارثوابه وتضعيف حسناته . وقال صلى الله عليه وسلم(( من صام رمضان إيماناً واحتساباَ غفرله ما تقدم من ذنبه» متفقعليه[FONT="].[/FONT] الله اكبر أجر عظيم من الله عزوجل فما عليك يا عبدالله الا أن تصحح المسار والنية حنى يكون صيامُك أيمانا واحتسابا لتنال مغفرة سالف الذنوب
ومن الأعمال الصالحة في هذا الشهر الكريم أن رمضان شهر التراويح، شهر التهجد والقيام فعجباً واللهلأوقاته ما أشرفها، وطوبى لعبد صام نهاره، وقامأسحاره، وعرف أجره ومقدارهفمن فضائل صلاة التراويح أنها سبب لمغفرة سالف الذنوبقال رسول الله صلى الله عليه وسلم[FONT="]: [/FONT]((من قام رمضانإيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه))[FONT="]
[/FONT]ومن فضائل صلاة التراويح أن المصلي للتراويحيستحق اسم الصديقين والشهداء، وهذا من فيض الكريم سبحانه وتعالى. جاء رجل إلى النبيصلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله، وأنكرسول الله، وصليت الصلوات الخمس، وأديت الزكاة، وصمت رمضان وقمته فمِمّن أنا؟ قال((من الصديقين والشهداء)) ومن فضائل صلاة التراويح أن من قام مع إمامه كتب له قيامليلة. عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال((إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَلَّىمَعَالإِمَامِحَتَّىيَنْصَرِفَ
حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ)) ولعلي أقف هنيهة عند هذا الحديث مذكراً أحبابي الذين ينصرفون من صلاة التراويح قبل إتمامها بهذا الفضل العظيم فتصلي مع الإمام حتى ينصرف وتتصبر هذه الدقائق يُكتبلك قيام ليلة كاملة،فبادر يا عبدالله ،فلو حسبت الوقت الذي تمكثه في صلاة التراويح لن يتجاوز الساعة انظر إلى سلفك من الصحابة كيف كان اجتهادهم عن السائببن يزيد أنه قال: أمر عمر بن الخطاب أبي بن كعب وتميماً الداري أن يقوما بالناسبإحدى عشرة ركعة، قال وقد كان القارئ يقرأ بالمئين حتى كنا نعتمد على العصى من طولالقيام، وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجرخشية أن يفوتنا الفلاح – أي السحور ومن فضائل صلاة التراويح ما قاله الحبيب صلى الله عليه وسلم ((عليكم بقيام الليل فإنه دأبُ الصالحينقبلكم، وقربةٌ إلى الله تعالى ومنهاةٌ عن الإثم، وتكفيرُ السيئات، ومطردةٌ للداء عنالجسد)) أخرجه الترمذي فبادر يا أخي قبل أن يبادر بك كان أبو الدرداءرضي الله عنه يقول: "صلوا في ظلمة الليل ركعتين لظلمة القبورصوموا يوماً شديداًحره لحر يوم النشور، تصدقوا بصدقة لشر يومعسير[FONT="]".[/FONT]
قـم في الدجى واتل الكتـاب * ولا تنم إلا كنومة حائر ولهان
فلربما تأتى المنيـةُ بغتـــة * فتساق من فرش إلى أكفـان
يا حبذا عينان في غسق الدجى * من خشية الرحمن باكيتـان
فالله ينـزل كُلَ آخـر ليـلـة * لسمائه الدنيا بلا نـكــران
فيقولُ هل من سائـلٍ فأجيبَـه * فأنا القريبُ أجيبُ منْ ناداني
ولكن يا حسرةً على المحرومين ، ويا حسرةً على المفتونين الذين يجعلون وقت السحر ووقت الاستغفار وقت النزول الإلهي فرصةً للعب واللهو ومشاهدة القنوات وتقليب الأبصار في الغانياتِ والمومساتِ فيا حسرةً على العباد!! بارك الله لي ولكم في القرآن
الحمد لله العزيز الوهاب، غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِالْعِقَابِ ، أحمد ربّي وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلاالله وحدَه لا شريكَ له الرّحيم التوّاب، وأشهد أنّ نبيّنا وسيّدنا محمّدًا عبدهورسوله الشاكر الأوّاب، اللهمّ صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك محمّد، وعلى الآلوالأصحاب.
أمّا بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، وتزوّدوا بهذه التّقوى لداركمالأخرى.
ومن الأعمال الصالحة في هذا الشهر الكريم أن شهر رمضان هو شهر القرآن فينبغي أن يكثر المسلم من قراءة القرآن فيه، قال عليه الصلاةُ والسلامُ: "الصِّيَامُ وَالقُرآنُ يَشفَعَانِلِلعَبدِ يَومَ القِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ، مَنَعتُهُ الطَّعَامَوَالشَّهوَةَ فَشَفِّعْني فِيهِ، وَيَقُولُ القُرآنُ: مَنَعتُهُ النَّومَبِاللَّيلِ فَشَفِّعْني فِيهِ"، قَال: "فَيُشَفَّعَانِ"،وقد كان من حال السلف في هذا الشهرِ العنايةُ بكتابالله تعالى فكان جبريل يدارس النبيصلى الله عليه وسلم القرآن في رمضان وكان عثمانيختمالقرآن في كل يوم مرة وكان بعض السلف يختم في قيام رمضان في كل ثلاث ليال، وبعضهمفي كل سبع ليال وبعضهم في كل عشر ليال[FONT="].[/FONT] كان الامام الشافعي في رمضان يختم القرآن 60 مرة أي في اليوم ختمتينهذا حال رجال لا تليهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وأما نحن فرحماك ربنا فالكريم على نفسه منا من يختم مرة واحدة في رمضان الا ما رحم ربي
ومن الأعمال الصالحة في هذا الشهر الكريم: الجود والكرم والانفاق كان رسول اللهصلى الله عليه وسلم أجودَالناس وكان أجودَ ما يكونُ في رمضان، فلقد كان أجود بالخير من الريح المرسلة وكان السلف الصالح يحرصون على إطعام الطعام ويقدمونه على كثير منالعباداتسواء كان ذلك بإشباع جائع أو إطعام أخ صالح عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَأَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا "فلا يشترط أن يكون الصائمُ فقيرا وكان عبد الله ابن عمر لا يفطر في رمضان إلا مع اليتامى والمساكين وربما لا يفطرإذا علم أن أهله قد ردُّوهم عنه في تلك الليلة.ومن الآداب والأعمال الصالحة في هذا الشهر الكريم المحافظة على أكلة السحور فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((تسحّروا فإنّ في السّحوربركة)) رواه البخاري ومسلم ويُسَنّتأخير السحور ما لم يطلع الفجر، ويُسَنّ تعجيل الفِطر لقوله : ((لا يزال النّاس بخير ماعجّلوا الفطر))
أيها الفضلاء مناقب رمضان وأعمالهالصالحة كثيرة ليس هذا مجال حصرها وإنما أردت التنبيه على شيء منها والله أسأل أن يوفقنا جميعا لصيامه وقيامه إيمانا واحتسابا
معاشر الصائمين رمضان فرصة للتغيير، ولقد جُبل الإنسان على التقصيروعلى النقص، ومن سعة رحمة الله أن يسر للمؤمن مواسم خير يسد فيها الخلل ويكمل فيهالنقص ومن هذه المواسم شهر رمضان فرمضان فرصة للتائبين الذين أسرفوا علىأنفسهم بالمعاصي فالشياطين قد صفدت وأبواب الجنان قد فتحت ودواعي الخير أقبلت ، فإلى متى الغفلة يا عباد الله ألا فاجتهدوا رحمكم الله فيمايقرّبكم إلى الجنّة التي فيها ما لا عينٌ رأت ولا أذُن سمِعت ولا خطَر على قلبِبشَر، واجتهِدوا فيما يباعِدكم من النّار، فلا يدري امرؤ متى يفاجِئه الأجل، ولايدري هل يدرِك رمضانَ آخر أو لا يدركه { وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مّن رَّبّكُمْوَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاواتُ وَالأرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } جعلني الله وإياكم من عباده المتقين ألا وصلوا رحمكم الله
المشاهدات 1842 | التعليقات 0