أهــــلاً رمضان..!
HAMZAH HAMZAH
أهــــــــلاً رمضـــــــان..!
د. حمزة بن فايع الفتحي
اللهم لك الحمد كله، وله الملك كله، وبيدك الخير كله....
أيها الناس : ها هو رمضان أشرقت بسماتُه، وبرَقت نجومه ، وانبعثت مزاهره، فمرحباً به ضيفاً كريماً، وزائراً عظيماً (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (البقرة: 185).
هنيئاً لكم مسلمون: نعمة إدراك هذا الشهر، فاحمدو الله على ذلك، واهتبلوا غنائم هذا الشهر، وسارعوا إلى الخيرات، فهو شهر الجد والعمل، والبذل والمسارعة، لا شهر الكسل والراحة والفتور!
جاء في الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم : (إذا جاء رمضان فتّحت أبواب الجنة، وغُلقت أبواب النار، وصُفدت الشياطين).
وفي حديث آخر عند الترمذي وغيره رحمهم الله، وهو صحيح (إذا كان أول ليلة من رمضان صُفدت الشياطين ومرَدة الجن، وفُتحت أبواب الجنة فلم يُغلق منها باب ، وغلقت أبواب النار، فلم يفتح منها باب، وينادي منادي : ياباغي الخير أقبل، ياباغي الشر أَقصِر، ولله عتقاء من النار، وذلك كلَّ ليلة).
فهلموا يا مسلمون إلى هذا النداء النبوي، وتداركوا هذا الفضل الرباني (ياباغي الخير أقبل) الفرص سانحة، والغنائم وافرة، والهبات غزيرة، فلماذا الكسل والغفلة، والتباعد والتقصير؟!!
كأن رمضان يدعو أهله، ويرحب بهم، ويستثير هممهم، ويقول لهم : هلموا هاهي الرحمات تجذبكم ، وتلك الخيرات تناديكم، وهذه الحسنات تتلهف إليكم...
ياباغي الخير أقبل... إياك والتغافل والتقصير، وبادر إلى الله، وسارع في الخير، قبل أن تتجرع الندامات، وتعاجلك السيئات.
ياباغي الشر أقصِر: ليس رمضان موسما للشرور، ولا جمع السيئات، ولا تضخيم الاثام! إنه زمن الكف عن السوء، وانقطاع الشر، وابتعاد المنكرات.
فيما خيبةَ من كثّر على نفسه السيئات، وضاعف من فساده في رمضان!!
ثم في آخر الحديث (ولله عتقاء من النار وذلك كل ليله).
أما يخطف الأفئدة هذا الترغيب، أما يجذب الأنفس هذا التشويق ؟!
ما أحوجَنا إلى دخول الجنة، والعتق من النيران، تلك النار الفظيعة، التي التهبت واستعرت، واشتد غيظها على أهلها وساكينها.
(فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) (البقرة: 24).
يا مسلمون : إن رمضان موسم العمل والجد والمضاعفة ، فهلموا نسابق إليه، ونهتبل فرصه، ونتنافس فيه (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون).( المطففين: 26).
قال تعالى : (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ). (البقرة: 185).
شرّف الله رمضان بكتابه، وبإنزال البينات الصحيحات فيه، وكان رسولكم صلى الله عليه وسلم يذاكر القرآن، ويقبل عليه في هذا الشهر الكريم، فخذوا يامسلمون فيه بالقراءة والذكر، والصلاة والصدقة، وحسّنوا من صلاتكم، وأطيلوا قيامكم، وجودوا مما آتامكم (وما تنفقوا من شئ فهو يُخلفه وهو خير الرازقين).
أيها الإخوة : إذا صمتم فاستحضروا عظمة رمضان، وتذكروا ثوابه، وأن الصيام ليس مجرد الطعام والشراب، بل لابد من صيام سائر الجوارح عن الكذب والمآثم وقول الزور والغيبة والنميمة.
جاء في صحيح البخاري قال صلى الله عليه وسلم :
(من لم يدع قولَ الزور والعملَ به والجهل ، فليس لله حاجةٌ في أن يدع طعامه وشرابه).
احرص ياعبدَ الله على حفظ اللسان والبصر والسمع عما يبث وينشر هذه الأزمنة من فساد عارم، ودمار ساحق، فيما يسمى (بالفضائيات) التي غزت بيوت المسلمين وأفسدت عليهم دينهم وأخلاقهم، وحرمتهم من معالي الأمور..!
فضائيات تتأهب لرمضان بالشر العاصف، وبالخنا الفاحش، وبالضلال المبين، الذي لا يحفظ صوما، ولا يرعى خلقاً، ولا يؤمن بالله واليوم الآخر.
قال بعض مقدمي البرامج : إننا نريد استقطاب أكبر عدد من الجماهير العربية، بالبرامج ذات الجاذبية والحيوية والمتعة.
وإذا فتشت عن هذه الجاذبية وجدتها غناء سافلاً، وعرياً فاضحا، واختلاطا سافراً لاحياء ولا مروءة!!
وثمة فضائيات خاصة للعهر والفساد والطرب والغناء، وبرامج (الفيديو كليب)، التي عمت وطمت. كلها تريدكم ياصائمون (وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا).(سورة النساء: 27).
إنهم لن يرعوا لكم صياماً، ولن يحفظوا لكم دينا، فاحذروهم غايةَ الحذر، نسأل الله أن يدحرهم وأموالهم، وكل من يدعمها.
ليتهم قدموا فضائيات راقية، تنصر الدين والهوية، والبلد وقضاياه، وتكشف مخططات الأعداء، وتوضح رسالة الإسلام للغرب، وفيها صور العزة والبطولة، بل على خلاف ذلك ، قدموا ما يسوء ويشين..! ولا بأس من لهو خفيف، وبرامج للطفل والأسرة مخصصة، وأما المعروض حاليا فسُخف وشطط وبلاء، والله المستعان.
خابت مساعيهم وخابوا |
|
قومٌ ضمائرهم خرابُ |
من ثدي كل رذيلة لهم |
|
ارتضاع واحتلابُ |
شبّوا على عشق الخنا |
|
وعلى عداء الطهر شابوا |
اللينون على اليهود |
|
على الأشقاء الصلاب |
ياقبح من خدعوا به |
|
أبهم غباء أم تغابوا؟! |
وقانا الله شرهم ، وجعل كيدهم في نحورهم...
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم...........
الثــــانيـــــة
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ...
استقبلوا رمضان بهمة عالية، وبترحيب صادق، بغية العمل والجد والمسارعة (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (آل عمران 133-134).
إنكم في زمن المسارعة، وموسم التنافس.. لنجاهد أنفسنا ونتغلب على أهوائنا ومشاغلنا، فرمضان لحظات ذهبية، ومغانم باردة، وأفانين رائقة، ومتاجر رابحة.
نحتاج لصوم صحيح، وتلاوة جادة، ومبرات نافعة، ومواساة صادقة، ون نحفظ أوقاته، ونضن بساعاته.
وأن لا نذر فيه ساعةً للفراغ والضياع وكثرة المنام قال صلى الله عليه وسلم
( نعمتانِ مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ).
ومما يوصى به المسلم : تحسين النية الصالحة في رمضان، بحيث على حال يرضاها الله تعالى، والنية أيها الإخوة أساس العمل، ونية المؤمن أبلغ من عمله ، وكان الإمام أحمد رحمه الله يوصي ولده ويقول) يا بني انوِ الخير فإنك لا تزال بخير ما نويت الخير)، ويوصى بعضنا بالتوبة والاستغفار، فهو موسم التوبة والرجوع إلى الله ( وتوبوا الى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون )(التحريم:31 ).
وصلوا وسلموا على سيد الصائمين وإمام المتقين..........
بشائر تمكين الأمة..!