أَنْوَاعٍ التَّوْحِيْدُ - الشِّرْكِ أَكْبَرِ الكَبَائِرِ
محمد البدر
1440/12/21 - 2019/08/22 14:30PM
الْخُطْبَةِ الأُولَى:
أما بعد عِبَادَ اللهِ: قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ ﴾[النحل:36].
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء:25].
التَّوْحِيْدُ هُوَ الغَايَةُ الَّتِيْ لأَجلِهِ أُرسِلَتِ الرُّسُلُ وَأُنزِلَتِ الكُتُبُ، وَانقَسَمَتِ الخَلِيقَةُ إِلى مُؤمِنِينَ وَكُفَّار، وَعَلَيهِ يَقَعُ الثَّوَابُ وَالعِقَابُ، وَهُوَ حُقُّ اللهِ عَلَى جميعِ العِبَادِ.
وَالتَّوْحِيْدُ: هُوَ جَعْلُ الشَّيْءِ وَاحِدًا والتَّوْحِيْدُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ وَهِيَ:
1) تَوْحِيْدُ الرُّبُوْبِيَّةِ: أي تَوْحِيْدُ اللهِ بِأَفْعَالِهِ, وَأُصُوْلُهَا: الخَلْقُ وَالمُلْكُ وَالتَّدْبِيْرُ قَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَيُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُوْلُوْنَ اللهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُوْنَ، فَذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمُ الحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُوْنَ﴾ (يُوْنُس:32).
2)تَوْحِيْدُ الأُلُوْهِيَّةِ: أي صَرَفَ العِبَادَةِ للهِ وَحْدَهُ مِنْ صَلَاةً وَدُعَاءً وَذَبْحٍ وَنَذْرٍ وَتَوَكُّلٍ وَرَغْبَةٍ وَرَهْبَةٍ وَمَحَبَّةٍ ، فَمَنْ صَرَفَ شَيْئًا مِنْهَا لِغَيْرِ اللهِ تَعَالَى فَهُوَ مُشْرِكٌ بِهِ سُبْحَانَهُ قَالَ تَعَالَى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُوْنَ مِنْ دُوْنِهِ البَاطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ العَلِيُّ الكَبِيْرُ﴾ وَقَالَ تَعَالَى: ﴿لَا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوْمًا مَخْذُوْلًا﴾ (الإِسْرَاء:22).
3) تَوْحِيْدُ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ: وهو أَنْ يَعْتَقِدَ العَبْدُ أَنَّ اللهَ جَلَّ جَلَالُهُ وَاحِدٌ فِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ لَا مُمَاثِلَ لَهُ فِيْهِمَا قَالَ تَعَالَى:﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيْعُ البَصِيْرُ﴾ (الشُّوْرَى:11).
وَهَذَا النَّوْعُ الأَخِيْرُ يَتَضَمَّنُ شَيْئَيْن:
أ) الإِثْبَاتُ، وَذَلِكَ بِأَنْ نُثْبِتَ للهِ تَعَالَى جَمَيْعَ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ الَّتِيْ أَثْبتَهَا لِنَفْسِهِ فِي كِتَابِهِ أَوْ سُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ب) نَفْيُ المُمَاثَلَةِ، وَذَلِكَ بِأَنْ لَا نَجْعَلَ للهِ مَثِيْلًا فِي تِلْكَ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ.
عِبَادَ اللهِ: محقّق التَّوْحِيْدُ يحيا الحياة الحقيقية الطيبة قَالَ تَعَالَى: ﴿أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ﴾ وَقَالَ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾ [الأنفال:24]. قَالَ تَعَالَى: }وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ{
بالتَّوْحِيْدُ - عِبَادَ اللهِ- أمن الأوطان وراحة الأبدان وسعادة الناس قَالَ تَعَالَى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً﴾[النور:55].
عِبَادَ اللهِ: ينبغي علينا أن نجتهد في تَعْلِيمُ الْأَبْنَاءِ التَّوْحِيدَ وَأُصُولَ الِاعْتِقَادِ فهو أَسَاسُ صَلَاحِ الْأُسْرَةِ وَالْمُجْتَمَعِ وهو الدرع الحصين من الوقوع في براثن الجماعات المخالفة للشرع وتحذيرهم من الشِّرْكِ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾.
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ» ثَلاثاً، قاَلوُا: بلَىَ ياَ رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «الإشْرَاكُ بِاللهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ»، وَجَلَسَ وَكَانَ مُتّكِئاً «أَلا وَقُولُ الزُّوْرِ» قَال: فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا..
الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:
عِبَادَ اللهِ: قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾ وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾[النساء: 48- 116].
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : « أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ كَانُوا قَدْ قَتَلُوا وَأَكْثَرُوا وَزَنَوْا وَأَكْثَرُوا فَأَتَوْا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا : إِنَّ الَّذِي تَقُولُ وَتَدْعُو إِلَيْهِ لَحَسَنٌ لَوْ تُخْبِرُنَا أَنَّ لِمَا عَمِلْنَا كَفَّارَةً ، فَنَزَلَ : ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ﴾ وَنَزَلَتْ : ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ﴾»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ أَنَس بْن مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : « قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى :..يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي ، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً » رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « مَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ »مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : « أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْمُوجِبَتَانِ فَقَالَ : « مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ ، وَمَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ » رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ألا وصلوا ....
المرفقات
التَّوْحِيْدُ-الشِّرْكِ-أَكْبَرِ-ال
التَّوْحِيْدُ-الشِّرْكِ-أَكْبَرِ-ال