أنظروا هذين حتى يصطلحا


إخواني الكرام : السلام عليكم ورحمة الله .
في هذا الموضوع المهم ، ذكر لي أحد الأخوة الكرام خطبة قد تناولت الموضوع بطرح طيب ، ووجدت خطبة أخرى قد تناولت نفس الموضوع بطرح طيب ولكن بأسلوب آخر فجزاهما الله خيرا .

وقد اقتبست منهما ـ ضاعف الله أجرهما ـ هذه الخطبة إلا نزرا يسيرا لا يكاد يذكر .

http://www.alminbar.net/alkhutab/khutbaa.asp?mediaURL=10395

http://www.alukah.net/Sharia/0/26922/

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره .. ونعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً .يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } أما بعد :

أيها الأخوة الكرام :
لو قيل لأحدنا: إن راتبه سيتم إيقافه لمدة شهرين ماذا سيفعل؟ لو قيل له: سيوقف لمدة سنة ماذا سيتخذ من إجراءات؟ مؤكد أن هذا الشخص سيفعل المستحيل ويطالب وينادي لأجل رزقه الدنيوي ، ولا لوم . ولكن ما رأيكم -أيها الإخوة- فيمن توقّف رفع عمله من صلاة وزكاة وصيام وحج وذكر وصدقات وغيرها، لو توقف رفع هذه الأعمال ماذا سيفعل المسلم؟!
للأسف هذا يحصل لبعض المسلمين. من هم؟ إنهم الذين يهجرون المسلمين بلا سبب ديني للهجر .



فلو تهاجر شخصان وحصل بينهما شحناء وكل منهما أعرض عن الآخر فإن أعمالهم لا ترفع، والدليل في ذلك ما جاء في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((تعرض الأعمال في كل يوم خميس واثنين، فيغفر الله عز وجل في ذلك اليوم لكل امرئ لا يشرك بالله شيئا، إلا امرأ كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا)) .



عباد الله: التهاجُر بين المسلمين من المحرمات؛ فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((لا تَباغَضوا، ولا تَحاسَدوا، ولا تَدابَروا، وكونوا - عِبادَ الله - إخوانًا، ولا يحلُّ لمسلمٍ أنْ يهجر أخاه فوق ثلاثة أيَّام))؛ رواه البخاري ومسلم .



فالهَجْرُ لأَجْل حُظُوظ الدُّنيا مُحَرَّم؛ بل من الكبائر كمَن اختَلَف هو وشخصٌ على أمرٍ ما من أمور الدنيا وحصل بينه وبين الآخر نِزاع لهذا الأمر فهجَرَه لأجله، والأصلُ تحريمُ هذا النوع من الهجر، وإنما أباحَه الشرع لمدَّة ثلاثة أيَّام بلياليهنَّ؛ لأنَّ هذه المدة كافيةٌ لإزالة ما في الخاطر إذا لم يَستَرسِل الهاجر مع نزغ الشيطان و يُملِيه عليه ، ولا شك أن الهجر والتباغض مما يسعى إليه الشيطان إذ يقول النبي صلى الله عليه وسلم ((إنَّ الشيطان قد أيس أنْ يعبده المصلُّون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم)) رواه مسلم .



عبد الله : أعمالك لا ترفع ما دام أنك في شحناء وهجر لأخيك المسلم لأجل لأمر دنيوي ، فاحذر رعاك الله هذا الأمر .

تقول لأحدهم: اصطلح مع أخيك المسلم ، فيقول: هو المخطئ وأنا لم أخطئ، والنبي عليه الصلاة والسلام لم يذكر أن المُخطَى عليه لا يصالِـح، بل قال: ((وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا)) كما عند مسلم.

العز والرفعة والشخصية القوية اطلبها في العفو عن الناس والتواضع . أما الصد والهجران فو الله ليس إلا خسارا وهمّا على صاحبه.

قد يلتقيان في المتجر أو الدائرة أو المدرسة أو المجلس فيصدان عن بعضهما،ولا يسلمان بل ربما في المسجد والعياذ بالله .
إخوة الإيمان : لنكن يدا واحدة ضد كيد الشيطان وألاعيبه، وليسع إلى أخيه من يريد الخيرية والفضل فليسلم عليه، فالهجر لا يحل إلا ثلاث ليال، فهذا حظ النفس من الغضب، ثلاث ليال تعديها حرام، ولا يجوز الهجر.

و كم من أناس قد تصالحوا والذي بدأ بالصلح كان له الشأن والاحترام الأكثر، سواء من الناس أو حتى من خصمه، والأهم أن له خيرية عند الله أكثر من صاحبه. يقول عليه الصلاة والسلام : ((لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)) أخرجه الشيخان.
إلحق بأخيك وسلم عليه لتكسب الخيرية، فخيركم الذي يبدأ بالسلام، ولا تظن أنه يكره حضورك، بل كما تحب أن ترفع أعمالك وأن تعود المياه لمجاريها فهو أيضًا يحب ذلك، ولكن الشيطان قد أجلب بخيله ورجله، فاستعن بالله واستعذ من عدوك الشيطان وفك هذا القيد، وقوّ عزيمتك، واذهب إليه أو كلمه في الجوال مبدئيًا، فإن صلحت الأمور فاحضر إليه، وإذا لاقيته فسلم عليه، وبش في وجهه .

اللهم أصلح ذات بيننا ، اللهم أعذنا من الشيطان الرجيم ونزعه ، اللهم أعنا ووفقنا لما يقربنا إليك ، واستغفروا الله إنه كان غفارا



الحمد لله كثيرا طيبا مباركا فيه ، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبعه أما بعد:

{ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } .

إخوة الإيمان : اجتماع المسلمين وتآلُفهم من مَقاصِد الشريعة، فقد شرعت بعض العِبادات التي تَكُون سببًا في المحبَّة والاجتِماع؛ كصلاة الجماعة، والزكاة، والسلام، وبذْل الخَيْر للمسلمين الأقارب والأباعد، و حرمت الشريعة ما يُؤدِّي إلى الفرقة والتقاطُع ؛ كالخمر، والميْسِر، والرِّبا، والبَيْع على بَيْع الآخَرين، والشِّراء على شِرائهم، والخطبة على خطبتهم، وغير ذلك.



والهجر عباد الله قد جاء فيه من النصوص النبوية ما قد سمعتم آنفا ، ومما ورد فيه ما جاء في مسند الإمام أحمد مرفوعا ((لا يحلُّ لمسلمٍ أنْ يهجر مُسلِمًا فوق ثلاث ليالٍ؛ فإنهما ناكبان عن الحق ما داما على صرامهما، وأولهما فَيْئًا يكون سبقُه بالفَيْء كفَّارة له، وإنْ سلَّم فلم يقبل وردَّ عليه سلامه ردَّت عليه الملائكة وردَّ على الآخَر الشيطان )) صححه الألباني . وإذا كان هجر المسلمين كبيرةً من كبائر الذنوب فكيف بهجر الأقارب؟ كيف بِمَن يهجر رَحِمَه لسببٍ دنيوي ، قد جمَع بين أمرَيْن عظيمَيْن: بين قطيعة الرحم وبين الهجر المحرَّم.



أخي الهاجر : إذا كان الأمر كذلك فبادِرْ بالتوبة واقطَع الهجرَ، واعلَم أنَّك بمبادرتك بترك الهجر وكونك الذي بدَأت ، مُبادَرةٌ بالتوبة الواجبة عليك، وتذكر أنَّ هذه المبادرة منك سببٌ لتكفير إثْم معصية الهجر؛ ففي الحديث السابق: ((وأوَّلُهما فَيْئًا يكونُ سَبْقُه بالفَيْءِ كفارةً له))، ولا تمتَنِع أخي الهاجر من السلام بحجَّة أنَّه لن يردَّ عليك سلامَك، فإنْ لم يردَّ عليك برأتَ من الإثم وردَّ عليك الملَك كما في الحديث الذي مر معنا .

أخي الهاجر: بمبادَرتِك بترك التهاجُر تحصل على الخيريَّة عليه ففي الحديث الصحيح الذي مر معنا ( يلتَقِيان فيُعرِض هذا ويُعرِض هذا، وخيرُهما الذي يبدأ بالسلام) .


وأنت يا من عافاك الله من الهجر إن كان بوسعك أن تصلح بين متشاحنين فلا تبخل ، فالله عز وجل يقول {لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً }


اللهم أصلح بين المسلمين وذوب خلافاتهم، اللهم إنا نسألك قلوبا سليمة، اللهم أصلح أحوالنا اللهم اجعلنا ممن قلت فيهم {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ الأَنْهَارُ}...

المشاهدات 5219 | التعليقات 3

للرفع .
( إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون) .


جزاك الله خيرا


بارك الله فيك ، موعظة جليلة . جعلها في ميزان حسناتك .