أمسك عليك لسانك

خطيب ليبي
1434/03/27 - 2013/02/08 16:18PM
[font="]إن الحمد لله نحمده ، و نستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأ شهد أ ن محمداً عبدُه و رسولُه. ( يَاأَيها الذين آ مَنُوا اتقُوا اللهَ حَق تُقَاته ولا تموتنّ إلا وأنتم مُسلمُون)، [/font][font="] [/font][font="]( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي ت[/font][font="]َ[/font][font="]سَّاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً). ( يَا أ يها الذين آ منوا اتقوا الله وقولوا قَولاً سَديداً يُصلح لَكُم أَ عما لكم وَ يَغفر لَكُم ذُ نُو بَكُم وَ مَن يُطع الله وَ رَسُولَهُ فَقَد فَازَ فَوزاً عَظيماً).[/font][font="][/font]
[font="]أما بعد : فخير ما يوصى به دواما تقوى الله عز وجل.[/font][font="][/font]
[font="]أيها المسلمون : يقول الله تبارك و تعالى في وصف المؤمنين من عباده : " وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين " اللغو أيها المسلمون : خوض في باطل ، و تشاغل بما لا يفيد . أمر الله سبحانه بالإعراض عنه ، و نهى عن الوقوع فيه ، ففيه مضيعة للعمر في غير ما خلق الإنسان لأجله .[/font][font="][/font]
[font="] من أجل هذا كان البعد عن اللغو و الإعراض عنه من دلائل الكمال و الفلاح ، لقد ذكره الله سبحانه بين فريضتين من فرائض الإسلام المحكمة، فقال عز شأنه : " قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون * والذين هم عن اللغو معرضون * والذين هم للزكاة فاعلون".[/font][font="][/font]
[font="] أيها المؤمنون اللغو في شتى صوره : خوض في باطل ، و تحدث بالمعاصي ، و ترويج للفواحش ، و تتبع للعورات ، و تندر بالناس ، وانتقاص وسخرية بهم. فويل لكل همزة لمزة . وويل لكل حلاف مهين هماز مشاء بنميم .[/font][font="][/font]
[font="]أيها المسلم : لو نظرتَ فيما يَشغَلُ الناسَ في فراغِهم و غيرِ فراغِهم لرأيت ما يروِّعُ من لغو الحديث و العمل. و إن من أعظم ما تنشغل به الكافة من صنوف اللغو . . الكذبَ والنميمةَ وشهادةَ الزور والغيبةَ ، والسبابَ ، والشتائمَ ، واللعنَ والقذفَ، والتقعر في الكلام والتشدق فيه من أجل التعالي واستدرارِ المديح . [/font][font="][/font]
[font="] بل إن في الناس من يعيش صفيق الوجه ، شرس الطبع ، لا تحجُزُه مروءةٌ ، و لا يردعُه دينٌ أو أدبٌ . . جرَّد لسانه مقراضاً للأعراض بكلمات تنضحُ فحشاً ، و ألفاظ تنهشُ نهشاً ، يُسرِف في التجني على عباد الله بالسخرية و اللمز . . و كأنه قد وكل إليه تجريح عباد الله . [/font][font="][/font]
[font="] أما سمع قول الله عز و جل : " سنكتب ما قالوا " . و قوله عز من قائل : " ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ".[/font][font="][/font]
[font="] و يزداد الأمر و تعظم البلية حين ترى من عليه علامات الوقار ، و ملامحُ الاحتشام ، و سيما الوجاهة ، و هيئات العلماء ، يُسْفِرُ عن بذاء و ثرثرة . . يَصُمُّ بالخوض في الباطل أُذُنَيْ جليسه . . لا يدع لأصحاب فضل فضلاً . . يحمل عليهم الحملات الشعواء أحياء و أمواتاً لزلة لسان أو سبق قلم .[/font][font="][/font]
[font="]و قد أحسن من قال في التحذير من آفات اللسان :[/font][font="][/font]
[font="] اِحفَظ لسانَكَ أيُّهـا الإنسـانُ *** لا يَلـدغَنَّـكَ إنَّـه ثُعبـانُ[/font][font="][/font]
[font="] كم في المقابِرِ من لديغِ لِسانِه *** كانت تهـابُ نِزالَهُ الشُجعانُ[/font][font="][/font]
[font="] أيها المسلمون : إن فضلاء الرجال و عظماءهم . . إذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه، فلا تبدر منهم لفظة نابية ولا عبارة ناشزة. ولا انتصار للنفس ، وإذا ضمه مجلس مع أمثال هؤلاء اللاغبين لا يفقد خلقه مع من لا خلاق له ، و لو أنه شغل بتأديب كل جهول لأعيته الحيل . [/font][font="][/font]
[font="] عباد الله : من أجل البعد عن اللغو ، وأخذ النفس بالأدب ، و الالتزام بالفاضل من القول و العمل ، ينبغي ملاحظة أمور منها : تجنب كثرة المزاح والإفراط فيه، فهو يسقط الوقار، و يورث الضغائن، و يولد الأحقاد، أما اليسير منه الباعث على الانبساط و انشراح النفس فلا بأس به. فقد كان عليه الصلاة و السلام يمزح و لا يقول إلا حقاً، و ينبغي أخذ النفس بكظم الغيظ، و العفو عن المسيء، والإعراض عن الجاهل. ولا بد أيضا من اجتناب الجدل، وسد أبواب المراء، و لو كان في حق، فإن من كثر كلامه قل في الناس احترامه .[/font]
[font="]تكلَّمْ وسدِّدْ ما اسْتطعتَ فإِنَّما **** كلامُكَ حيٌّ والسُّكُوتُ جَمَادُ[/font][font="][/font]
[font="] فإنْ لم تجدْ قَوْلا سديدًا تقُوله *** فصمتُكَ عنْ غيرِ السَّدَادِ سَداَدُ[/font][font="][/font]
[font="]وأبلغ من ذلك قول المصطفى - صلى الله عليه وسلم - : " مَنْ كَانَ يؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ فلْيَقُلْ خيرًا أوْ لِيَصْمُتْ " أخرجه البخاري في صحيحه ..[/font][font="][/font]
[font="] وجماع ذلك كله في حفظ اللسان ففيه الخير و فيه السلامة . و لا يذهب الرشد إلا مع كثرة الكلام والثرثرة . و إذا لم يملك الإنسان نفسه كان فمه مدخلاً لكل ما يعاب ، فتتلوث السيرة ، و يغلظ الحجاب على القلب .[/font][font="][/font]
[font="] [/font]
[font="] فاتقوا الله أيها المسلمون وأعرضوا عن اللغو و الجاهلين ، و اتقوا آفات اللسان، فمن كثر سقطه كثرت ذنوبه، ومن كثرت ذنوبه فالنار أولى به كما قال عمر رضي الله عنه. وإن الرجل ليتكلم الكلمة ما يتبين فيها يزل فيها النار أبعد ما بين المشرق و المغرب كما أخبر بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم.[/font][font="][/font]
[font="] أعوذ بالله من الشيطان الرجيم :[/font][font="][/font]
[font="]" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديداً * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما ".[/font][font="][/font]
[font="] نفعني الله و إياكم بهدي كتابه و بسنة نبيه محمد صلى الله عليه و سلم . أقول قولي هذا و أستغفر الله لي و لكم و لسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم . [/font][font="][/font]
[font="]الخطبة الثانية:[/font][font="][/font]
[font="] الحمد لله يهدي إلى الطيب من القول و يهدي إلى صراط الحميد ، أحمده سبحانه و أشكره . و أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أن محمداً عبده و رسوله أدبه ربه فأحسن تأديبه صلى الله عليه و على آله و صحبه ، و التابعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. [/font][font="][/font]
[font="] أما بعد : [/font]
[font="]أيها المسلمون: إن جوارح الإنسان كلها مرتبطة باللسان في الاستقامة و الاعوجاج .[/font][font="][/font]
[font="]فقد روى الإمام الترمذي وغيره بإسناد حسن عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان ـ أي تخضع له ـ فتقول : اتق الله فينا فإنما نحن بك ، فإن استقمت استقمنا و إن اعوججت اعوججننا ".[/font][font="][/font]
[font="]أيها المسلمون: إذا تبيّن عِظَم الداء فلا بدّ من التماس الدواء ، و دواء من ابتليَ بشيءٍ من آفات اللسان أن يبادر إلى الإقلاع و التوبة إلى الله تعالى قبل أن لا يكون درهم و لا دينار .[/font][font="][/font]
[font="] روى مسلم ‏و الترمذي و أحمد عن ‏ ‏أبي هريرة رضي الله عنه ‏أن رسول الله ‏ صلى الله عليه وسلم ‏ قال ‏: ( ‏ أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ ؟ ) قَالُوا : الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لا دِرْهَمَ لَهُ و لا مَتَاعَ ، فَقَالَ : ( إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاةٍ وَ صِيَامٍ وَ زَكَاةٍ وَ يَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا ‏، ‏وَ قَذَفَ ‏هَذَا ، وَ أَكَلَ مَالَ هَذَا ، وَ سَفَكَ دَمَ هَذَا ، وَ ضَرَبَ هَذَا ؛ فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، وَ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ ‏ ‏يُقْضَى مَا عَلَيْه ، أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ ) .[/font][font="][/font]
[font="]سأل سفيان بن عبد الله الثقفي نبي الله محمداً صلى الله عليه و سلم ما أخوف ما تخاف علي ؟ فأخذ بلسانه و قال : هذا . [/font][font="][/font]
[font="] وقال عليه الصلاة والسلام لمعاذ بن جبل : " ثكلتك أمك يا معاذ و هل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائدُ ألسنتِهم" .[/font][font="][/font]
[font="] قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : والله الذي لا إله إلا هو ليس شيء أحوج إلى طول سجن من لسان . [/font][font="][/font]
[font="]قال أحد السلف - رحمه الله - : "فمن أطلق عذبة اللسان وأهمله مرخي العنان سلك به الشيطان في كل ميدان وساقه إلى جرفٍ هار .. إلا من قيده بلجام الشرع وكفه عن كل ما يخشى غائلته في عاجله وآجله " .[/font]
[font="]ومن سوائر الحكم والأمثال : " مقتلُ الرجلِ بين فكيه " .[/font]
[font="]هذا وصلو رحمكم الله على خير البرية وأزكى البشرية ...........[/font]
المشاهدات 2593 | التعليقات 0