ألسنا مؤمنين؟ الجواب: بلى

محسن الشامي
1433/03/10 - 2012/02/02 16:39PM
الحمد لله دائم الخير والإحسان كل يوم هو في شأن خلق الإنسان فصوره وشق سمعه وبصره فتبارك الله أحسنُ الخالقين. خلق الخليقة وأوجدهم على هذه البسيطة ليبلوهم أيهم أحسن عملا. فمن أحسن فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا أما بعد:فاتقوا الله عباد الله وأطيعوه (ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون) ) ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما( أيها المسلمون إن المتبصرَ في أمور الحياة وشؤون الأحياء ليجد فئات من الناس تعيش ألواناً من التعب والشقاء، وتنفث صدورها أنواعاً من الضجر والشكوى ضجر وشقاء يعصف بالأمان والاطمئنان، ويفقد الراحة والسعادة، ويتلاشى معه الرضى والسكينة. نفوس منغمسة في أضغانها وأحقادها وبؤسها وأنانيتها، ويعود المتبصر كرة أخرى ليرى فئاتٍ من الناس أخرى قد نعمت بهنيء العيش كريمة على نفسها، كريمة على الناس، طيبة القلب سليمة الصدر طليقة المحيا. ما الذي فرق بين هذين الفريقين؟ وما الذي باعد بين هاتين الفئتين؟ إنها حلاوة الإيمان ولك أن تتساءل يا عبدالله هل للإيمان من حلاوة ؟ والجواب : نعم للإيمان حلاوة ولذة ولكن لايجدها الا من رضي بما اخبر به نبينا صلى الله عليه وسلم بقوله ((ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً))فأول منافذ الوصول إلى حلاوة الإيمان وطعم السعادة الرضى بالله تبارك وتعالى رباً مدبراً أولست تشكو يا عبد الله من مرارة هذه الدنيا وغصتها ؟ أولست تخشى من مصائبها ودواهيها ؟ إن الذي ينقذك من أن تتغير أو تتبدل هو قوة إيمانك بالله وقوة صلتك بالله الواحد الديان وذلك لايكون الا بالإكثار من الطاعات واعلم أن الإيمان الذي تحمله في قلبك لابد أن تكون له ثمرة يانعة لابد أن تجني حلاوتها .وإلا فتش عن العيب في نفسك ؟ فلربما أكلت لقمة محرمة ،أو تكلمت في عرض مسلم ،أو تخاذلت عن نصرة مظلوم أو تعليم جاهل أو قارفت معصية في ظلمة الليل أو غير ذلك .فتش قلبك واسأل نفسك لِمَ لَمْ تشعر أن للإيمان حلاوة ولذة ؟.فالإيمان بالله هو سكينة النفس وهداية القلب وهو منار السالكين وأمل اليائسين إنه أمان الخائفين ونصرة المجاهدين وهو بشرى المتقين ومنحة المحرومين ولك أن تتساءل أولسنا مؤمنين؟ والجواب بلى لكني أعنى بالإيمان بالله يا عبد الله الذي يجعلك تعتقد في قرارة نفسك أن الآجال بيد الله وان ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك وان الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم يكتبه الله لك ما استطاعوا ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك ما استطاعوا { قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَـٰنَا وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ}و أعني بالإيمان أن يعتقد المؤمن من سويداء قلبه أن الأرزاق بيد الله وان ما كتبه الله لك من الرزق يا عبدالله لم يكن لأحد أن يمنعه وما منع الله عنك من الرزق لم يكن لأحد أن يعطيك إياه (أمن هذا الذي يرزقكم إن امسك رزقه بل لجوا في عتو ونفور ) إن المؤمن إذا اعتقد ذلك تحررت نفسه من الحرص الزائد على الدنيا ومن الشح والبخل ،ورأى السعادة والهناء في القناعة وعيشة الكفاف . النفس تجزع أن تكونَ فقيرةٌ والفقر خيرٌ من غنى يطغيها
وغنى النفوس هو الكفاف فان أبت فجميع ما في الأرض لا يكفيها
واعني بالإيمان يا عبد الله أن يعتقد المؤمن أن الله معه ، يسمعه ويراه ويعلم سره ونجواه وانه لا تحفى عليه خافيه قال الله تعالى( انه يعلم الجهر وما يخفى ) وقال عز وجل ( واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه (فإذا كنت كذلك يا عبد الله تحررت نفسك من الهوى والشهوات واتصفت بالمراقبة لله الواحد الديان .فهذا هو الإيمان الذي نريده ونعنيه المنفذ الثاني لحلاوة الايمان الرضى بالإسلام ديناً، دين من عند الله أنزله على رسوله ورضيه لعباده ولا يقبل ديناً سواه. اسمعوا إلى هذا التجسيد العجيب للرضى بدين الله؛ غضب عمر بن الخطاب رضي الله عنه على زوجته عاتكة فقال لها: والله لأسوأنك. فقالت له: أتستطيع أن تصرفني عن الإسلام بعد إذ هداني الله إليه؟ فقال: لا. فقالت: أي شيء يسوءني إذن؟! الله أكبر إنها واثقة مطمئنة راضية مستكينة مادام دينها محفوظاً عليها حتى ولو صب البلاء عليها صباً. بل إن إزهاق الروح مستطاب في سبيل الله على أي جنب كان في الله المصرع. الإسلام منبع الرضاء والضياء، ومصدر السعادة والاهتداء. لقد كان بلال بن أبي رباح رضي الله عنه مؤذن رسول صلى الله عليه وسلم لقد كان في مبدأ إسلامه يعذب اشد أنواع العذاب فكان يسحب في رمضاء مكة وتوضع الحجارة المحماة على صدره فكان يقول : احد احد : واستمر على ذلك حتى جاءه أبو بكر رضي الله عنه فاشتراه من سيده أميه فاعتقه .ولك أن تتعجب ، حين يطرح سؤال على بلال فيقال له :كيف احتملت العذاب ؟ وكيف صبرت على العذاب ؟ فقال رضي الله عنه : مزجت حلاوة الإيمان بمرارة العذاب فطغت حلاوة الإيمان على مرارة العذاب فلم اعد اشعر بالعذاب .الله اكبر .أين بلال وأين سيده ؟ بلال في الجنة وسيده في نار تلظى شهد له بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا بلال إني سمعت خشخشت نعليك في الجنة ( أي صوت نعليك في الجنة الطريق الثالث الموصل الى حلاوة الإيمان الرضى بمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً ونبياً. فلا ينازعه بشر في طاعة، ولا يزاحمه أحد في حكم: فَلاَ وَرَبّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ الرضى بمحمد اهتداءً واقتداءً. وبسنته استضاءةً وعملاً فإذا أردت حلاوة الإيمان يا عبد الله فليكن :الله ورسوله أحب إليك مما سواهما أحبَّ إليك من أموالك واهلك وأولادك بل حتى من نفسك ولابد أن تثبت هذا الحب المزعوم ، لله ولرسوله باتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ما يقول ، ويأمر وينهى تفحص أعمالك في اليوم والليلة فما وجدته طاعة لله ولرسوله فاعمله واثبت عليه ، وما وجدته معصية لله ولرسوله فاحذر منه فانه مضيع لحلاوة الإيمان به في الدنيا وبقى له الحلاوة واللذة الكبرى يوم القيامة ( ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان ،أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وان يحب المرء لا يحبه إلا لله وان يكره أن يعود إلى الكفر كما يكره أن يقذف في النار ) واليك يا عبدالله خبر قوم تميزوا بمحبة الله ورسوله فوجدوا حلاوة الإيمان لما أطاعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم :يقول انس رضي الله عنه : كنت ساقي القوم في بيت أبي طلحة : والمعنى : كان انس رضي الله عنه غلام صغير يسقي القوم المتجمعين في بيت عمه أبي طلحة قوارير الخمر وبينما هم كذلك والكؤوس في أيديهم والجرعات في أفواههم وقِربُ الخمرِ مليئة به إذ سمعوا منادى رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي ويقول : ألا إن الخمر قد حُرِّمت ، فكيف كان الحال والوضع بهذا الحال ؟ لقد قالوا لأنس : يا انس قم إلى هذه القرب فشقها في الطرقات ومن كان في يده كأس خمر كسره ومن كان في فمه جرعة خمر مجها . وقالوا : انتهينا طاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم الله اكبر الله اكبر ، هكذا يفعل الإيمان الصادق إنه الإمتثال لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق العصيان واجعلنا من الراشدين . بارك الله
الخطبة الثانية :
الحمد لله على احسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له ،واشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى اله وأصاحبه وبعد : فاتقوا الله رحمكم الله، فالسعيد من خاف يوم الوعيد وراقب ربه واتقاه فيما يبدئ وما يعيد. أيها المسلمون،إن ضعيف الإيمان يضج من البلاء؛ لأنه لا يعرف المُبتلي ويخافُ السفرَ لأنه لا زاد له، ويضِلُ الطريقَ لأنه لا دليل معه.فيالخسارة المستوحشين: فَوَيْلٌ لّلْقَـٰسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مّن ذِكْرِ ٱللَّهِ ألا فأعلموا رحمكم الله أن من فقد الإيمان انفرط أمره وانحل عقده، يقول ويفعل من غير رقيب، ويسير في دنياه من غير حسيب، سيرته مطبوعة بطابع الأثرة والأنانية. معدوم الثقة بنفسه وبالناس فبغير الإيمان وحلاوة الإيمان يعود الناسُ وحوشاً ضارية، يقطعون حبالهم مع الله ومع الناس وينقادون لنفوسهم الأمارة بالسوء وتجتالتهم شياطين الجن والإنس. والحضارة المعاصرة بمادياتها المغرقة وتقنياتها الجافة خير شاهد على أن السعادة َ والحلاوةَ لا تحققها شهوات الدنيا ولا مادياتها، لا ترى المرء فيهم إلا منهوماً لا يشبع، شهواته مستعرة ورغباته متشعبة، يجره الحرص على الخصام فيشقى ويُشقي، ويغرس العداوة والعدوان حيثما حل وارتحل.لقد أورثتهم حياتهم هذه أمراضاً نفسية، واضطرابات إجتماعية، وتقلبات فكرية، وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ ٱلْقِيـٰمَةِ أَعْمَىٰ قال تعالى وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِى ٱلسَّمَاء .ألا فاتقوا الله ـ رحمكم الله ـ، وآمنوا بربكم، وأطيعوا رسولكم، واستمسكوا بدينكم (رضينا بالله رباً وبالإسلام ديناَ وبمحمدٍ رسولاً ونبياً). ألا وصلوا .........
المشاهدات 2209 | التعليقات 1

تقبل الله منا ومنك
ورزقنا واياك حلاوة الايمان، وبرد اليقين، ولذة النظر الى وجهه الكريم