أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ

محمد البدر
1433/06/20 - 2012/05/11 11:15AM
الخطبة الأولى:
أما بعد :عباد الله قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا }
وقال تعالى:{وَالذَاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالْذَّاكِرَاتِ ، أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغَفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً }
وعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «جَاءَ أَعْرَابِىٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عَلِّمْنِى كَلاَمًا أَقُولُهُ قَالَ « قُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ». قَالَ فَهَؤُلاَءِ لِرَبِّى فَمَا لِى قَالَ « قُلِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى وَارْحَمْنِى وَاهْدِنِى وَارْزُقْنِى »رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
عباد الله نذكركم بجملة من الفوائد الكثيرة والثمرات العظيمة لذكر الله تعالى ، فمنها :
أن مَن يذكر الله تعالى فإن الله العلي العظيم يذكره ، فعن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى بِى ، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِى ، فَإِنْ ذَكَرَنِى فِى نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِى نَفْسِى ، وَإِنْ ذَكَرَنِى فِى مَلأٍ ذَكَرْتُهُ فِى مَلأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ » متفقٌ عَلَيْهِ . ومنها أن ذكر الله تعالى شفاء للصدور وبه تطمئن القلوب، يقول ربنا جل جلاله:{الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}
ومنها أن ذكر الله عز وجل من أيسر الأعمال وأعظمها أجراً ومثوبة، فقد روى أَبِى الدَّرْدَاءِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ«أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِى دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ ».قَالُوا بَلَى. قَالَ « ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى » رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
ومن فوائد الذكر :
أن أهل الذكر هم السابقون إلى الخيرات في الدنيا والى جنات النعيم يوم المعاد،فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسِيرُ فِى طَرِيقِ مَكَّةَ فَمَرَّ عَلَى جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ جُمْدَانُ فَقَالَ «سِيرُوا هَذَا جُمْدَانُ سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ » قَالُوا وَمَا الْمُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ«الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ » رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
ومنها أن أهل الذكر مبشرون بغفران الذنوب والعتق من نار جهنم، فقد بشر رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برحمة الله ومغفرته لأهل الذكر ، قال أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ « مَا مِنْ قَوْمٍ اجْتَمَعُوا يَذْكُرُونَ اللَّهَ لاَ يُرِيدُونَ بِذَلِكَ إِلاَّ وَجْهَهُ إِلاَّ نَادَاهُمْ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَنْ قُومُوا مَغْفُوراً لَكُمْ قَدْ بُدِّلَتْ سَيِّآتُكُمْ حَسَنَاتٍ»رَوَاهُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
وغير ذلك من الفوائد الجمة والثواب الجزيل مما يجنيه المؤمن إذا ذكر الله تعالى ، فيا من عجز عن أعمال الخير ، عليك بذكر الله ليلاً ونهارًا، عليك بذكر الله قائماً وقاعداً وعلى جنبك، فقد حدث ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: «مَنْ عَجَزَ مِنْكُمْ عَنِ اللَّيْلِ أَنْ يُكَابِدَهُ ، وَبَخِلَ بِالْمَالِ أَنْ يُنْفِقَهُ ، وَجَبُنَ عَنِ الْعَدُوِّ أَنْ يُجَاهِدَهُ ، فَلْيُكْثِرْ ذِكْرَ اللَّهِ » صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
وفي صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لَا يَذْكُرُ رَبَّهُ مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ) .
عباد الله :الغفلة عن ذكر الله تورث الحسرة والندامة يوم القيامة، لقوله صلى الله عليه وسلم:« مَا مِنْ قَوْمٍ يَقُومُونَ مِنْ مَجْلِسٍ لاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ فِيهِ إِلاَّ قَامُوا عَنْ مِثْلِ جِيفَةِ حِمَارٍ وَكَانَ لَهُمْ حَسْرَةً »رواه أبو داود وصححه الألباني.
فيا من غفل عن ذكر ربه عز وجل، احذر العاقبة وسوء المنقلب، فقد أخرج أبو داود ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « مَنْ قَعَدَ مَقْعَدًا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ تِرَةً وَمَنِ اضْطَجَعَ مَضْجَعًا لاَ يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ تِرَةً » صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
ومعنى ترة أي حسرة وندامة.
يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم أكثروا من كلمة التوحيد لا اله إلا الله فإنها أعظم الذكر كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد روى جابر رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: « أَفْضَلُ الذِّكْرِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ». رواه الترمذي وحسنه الألباني.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ أَوْ نَفْسِهِ »رواه البخاري .
فلا اله إلا الله، كيف نغفل عنها والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: « إِنَّ مِمَّا تَذْكُرُونَ مِنْ جَلاَلِ اللَّهِ التَّسْبِيحَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّحْمِيدَ يَنْعَطِفْنَ حَوْلَ الْعَرْشِ لَهُنَّ دَوِىٌّ كَدَوِىِّ النَّحْلِ تُذَكِّرُ بِصَاحِبِهَا أَمَا يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكُونَ لَهُ - أَوْ لاَ يَزَالَ لَهُ - مَنْ يُذَكِّرُ بِهِ »رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم وسائر المؤمنين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

الخطبة الثانية :
أما بعد: اعلموا ياعباد الله أن من أعظم الذكر أيضاً قراءة القرآن وتدبر معانيه والتفكر في آياته ، ففي الحديث عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( اقْرَؤُوا القُرْآنَ ؛ فَإنَّهُ يَأتِي يَوْمَ القِيَامَةِ شَفِيعاً لأَصْحَابِهِ ) رواه مسلم .
ومن أعظم الذكر : الصلاة والسلام على النبي وآله الأطهار ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وخاصة ليلة الجمعة ويوم الجمعة ، يقول عليه الصلاة والسلام « أَكْثِرُوا الصَّلاَةَ عَلَىَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فَمَنْ صَلَّى عَلَىَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا »حسنه الألباني .
ألا وصلوا وسلموا ....
المشاهدات 3178 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا