ألامن وأسباب حصوله

عبد المجيد مفتاح
1433/03/29 - 2012/02/21 20:53PM
الاخوة الكرام/ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ) يسعدني أن انضم معكم في ه>ا المنتدى المبارك وأسأل الله ان يجعل أعمالنا خالصة لوجهه
الكريم.

انا أعتبر من المبتدئين في الخطابة . وحتى الان لي 20 خطبة فقط بعضها مقتبس من خطب المشايخ وكثيرا ما الجأ لاجراء تعديلات عليها
كي تتلائم مع المقصود منها . عموما هذه كانت أول خطبة لي ـ أردت منها ايصال فكرة أن الأمن منة من الله تعالى كعاجل بشرى المؤمنين
في الدنيا مع ما يدخره الله لهم من الثواب في الاخرة - وليس لأحد أن يمن به على أحد وأخص بهذا بلدنا ليبيا خاصة (وهذا له اسبابه الخاصة ببلدنا أيام الطاغية حيث كان يدندن بالأمن - ونسي أنه كان محاد لله ورسوله). لا أريد الاطالة أكثر - اترككم مع الخطبة ويسعدني تلقي تقويمكم واقتراحاتكم

إن الحمد لله نحمده , ونستعينه , ونستغفره , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا
ومن سيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له , ومن يضلل فلا هادي له , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمدا عبده و رسوله , صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .
(( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون )) .
(( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً )) .
(( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً . يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ، ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً )) .
أما بعد ،،
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.

وبعد .. فأن أول نعمة ينبغي للمرء أن يشكر الله عليها هي نعمة الهداية الى دينه القويم دين الاسلام وهو الدين الذي لا يقبل الله غيره قال تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)
وقال ايضا :
) فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (125)

و بتحقيق التّوحيد وتحقيق مقتضياتِه تكمُل الأسباب التي ترتفِع بها عن الأمّة الشرور و الأضرارُ التي تأتي من شياطين الإنس والجنّ , وتزول بها عن الأمة الهموم والغموم ،

والاسلام الذي هو التوحيد: هو القاعدة والأساس الذي لا يقبل الله عملاً إلا به، فالتوحيد هو أصل الأصول الذي خلقنا لأجله، والأعمال كلها متوقف قبولها واعتبارها على تحقيق هذا الأصل العظيم.
وهذه النعمة العظيمة ليس لاحد مهما بلغ من مراتب الصلاح والتقوى أن يؤدي شكرها و لا أن يقدر على استيفاء حق المنعم والمتفضل بها وهو الله سبحانه وتعالى

يقول جل وعلا مخاطبا نبيه محمد صلى الله عليه وسلم :
وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (113)
وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74)
ويقول ايضا : أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7)

وقال سبحانه وتعالى مخاطبا إيانا نحن المسلمين مذكرا إيانا بنعمه علينا :
) لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (164)
وقال أيضا :
...... وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا (83)
فلا قيمة لأي نعمة مهما كانت ما لم يكن الإيمان والتوحيد الخالص أساسها:
) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58)

ثم اعلموا رحمكم الله أن من أول ثمرات التوحيد الخالص هو حصول الأمن والاستقرار وتنزل البركات والرحمات قال جل في علاه:
(95) وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96)

أيّها المسلمون، الأمنُ مطلَبٌ في الحياة لا يستغني عنه الخلقُ لقضاءِ مصالحهم الدينية والدنيوية،
و مطلب العقلاء والحكماء وبه نادت الشرائع والديانات قال الله تعالى على لسان خليله ابراهيم
عليه السلام:
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (35)

وما مِن عبد إلاَّ ويبحثُ لنفسه عن أسبابِ أمنِها، ويتوقَّى جَهدَ طاقته أسبابَ الخوف التي قد تُحدق به في حياته، ومهما أُوتي الإنسان من سلامةِ بَدن ووَفرة رزق فإنّه لا يشعُر بقيمتِها إلاَّ بالأمن والاستقرار.
والخوفُ منَ الله ومراقبته مفتاحُ الأمن للمسلم في دنياه وفي أخراه،

والأمن التامّ هو في طاعة الله ولزوم ذكره، قال سبحانه: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد:28].

وإذا استقام الفردُ في نفسه وألزمَ مَن كان تحت يدِه من زوجةٍ وأبناء على السّير وَفقَ كتاب الله وسنّة رسوله حَقَّق الأمنَ لنفسه، وانتظَمَ الأمنُ في المجتمع.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية _______________________________________________

الحمدُ لله على إحسانه، والشّكر له على توفيقه وامتنانِه، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحدَه لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أنَّ نبيَّنا محمّدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلَّم تسليمًا كثيرا.
أمّا بعد:
فاعلموا عباد الله أن الامن والاستقرار اذا كانا مقرونين بالإيمان وأداء العبادات خالصة لله وحده
خالية من شوائب الشرك والبدع و المحدثات فأن ذلك الامن والاستقرار هو حينئذ ثمرة من ثمرات تلك الطاعة وتلك العبادة الخالصة
تصديقا لوعد الله حيث وعد عباده اذا هم اطاعوه بقوله :
وَعَدَ اللهُ الذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالحَاتِ ليَسْتَخْلفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلفَ الذِينَ مِن قَبْلهِمْ وَليُمَكِّنَنَّ لهُمْ دِينَهُمُ الذِي ارْتَضَى لهُمْ وَليُبَدِّلنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلكَ فَأُوْلئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ [النور:55].

وكما قال تعالى: الذِينَ آمَنُواْ وَلمْ يَلبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلمٍ أُوْلـئِكَ لهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ [الأنعام:82]،
وكما قال ايضا سبحانه :
مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)

فلا أمن حقيقي إلا بإقامة العبادة الخالية من شوائب الشرك والمنكرات ؛ فلا يُدْعَى غير الله، ولا يستغاث إلا بالله، ولا تشيد الأضرحة، ولا يطاف بها، ولا يتبرك بترابها، وغير ذلك من صور الشرك الأكبر المخرج عن دين الإسلام والتي تورث سخط الجبار و تنذر بحلول المصائب والنكبات.
يقول سبحانه :
) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25)
و قال ايضا : فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)

وأما أذا كان حال الناس في أمن واستقرار مع ما هم عليه من الإعراض عن ذكر الله وتضييع الحقوق والواجبات والتمادي في المعاصي والسيئات فاعلم يا عبد الله ان ذلك الامن سرعان ما يتلاشى و يزول بل ليس ذلك بأمن انما هو استدراج والله تبارك وتعالى يمهل ولا يهمل كما قالى صلى الله عليه وسلم "إن الله يملي للظالم حتى اذا أخذه لم يفلته".
*وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله
: (( إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج ، ثم تلا رسول الله
فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون*[الأنعام:44](6).

فلا تظن يا عبد الله أن تقلبك في نعم ربك هو دليل رضاه عنك، وإن أعرضت وعصيت
بل أحذر ان ينطبق عليك قوله سبحانه:
سنستدرجهم من حيث لا يعلمون [القلم:44].
قال بعض المفسرين في هذه الآية: ( أي نصب عليهم النعم ونمنعهم الشكر )

ثمّ اعلموا بارك الله فيكم أنّ الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيّه، فقال في محكم التنزيل: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].
اللهمّ صلِّ وسلِّم وزد وبارك على نبيّنا محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين...
*اللهم اعز الاسلام والمسلمين واذل الشرك والمشركين واهلك اعدائك اعداء الدين
اللهم اجعل بلدنا هذا آمنا وسائر بلاد المسلمين - وتولنا بحفظك ورعايتك يا ارحم الراحمين
اللهم اجعل ولايتنا فمن خافك واتقاك واتبع رضاك
اللهم اصلح أحوال المسلمين في كل مكان وأبدل خوفهم أمنا ووفقهم لتحكيم شرعك القويم
اللهم ارحمنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض يا أكرم الأكرمين.

اللهم من أراد بالمسلمين خيرا فوفقه إلى كل خير ومن أراد بهم شرا فخذه أخذ عزيز مقتدر.

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات.

عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكّرون.

اذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه يزدكم واستغفروه يغفر لكم واتقوه يجعل لكم من أمركم مخرجا.
وأقم الصلاة.
المشاهدات 1685 | التعليقات 0