أَقْبَلتْ أَيَّامُ العَشْرِ 26/11/1441هـ

خالد محمد القرعاوي
1441/11/24 - 2020/07/15 15:34PM

أَقْبَلتْ أَيَّامُ العَشْرِ 26/11/1441هـ
الحمدُ لله منَّ عَلَينَا بِمَوَاسِمِ الخَيرَاتِ، أَشْهَدُ ألاَّ إلَهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ جَزِيلُ الهِبَاتِ، وَأَشْهَدُ أنَّ مُحمَّداً عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ سَبَّاقٌ إلى الخَيرَاتِ, صلَّى الله وسلَّمَ وبَارَكَ عليه وعلى آلِهِ وأَصحابِهِ والتَّابِعينَ لهم بإحسانٍ وإيمانٍ إلى يوم الْمَمَاتِ. أمَّا بعدُ: فَاتَّقوا اللهَ يا مؤمنونَ.
عبادَ اللهِ: المُسلِمُ بِحمدِ اللهِ يَعيشُ مُباركَاً أَينَما حَلَّ, وفي أيِّ زَمَنٍ كَانَ! وَأَعْظَمُ عَمَلٍ تُقُومُ بِهِ طَاعَةُ اللهِ تَعالى، كَمَا قَالَ المَولَى: مَن جَاء بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا .فَالصَّلاةُ والصُّومُ طُهْرَةٌ مِن الذُّنُوبِ، والصَّدَقَةُ تُطفِئُ الخطيئةَ، ومَنْ حجَّ فلمْ يَرفثْ ولم يَفسُقْ رَجَعَ من ذُنوبِه كَيومَ وَلَدتُهُ أمُّهُ. فَأيُّ فضلٍ وَإكرامٍ من الله لنا؟ يا مؤمنون: لقد أَقْبَلَتْ علينَا أَفْضَلُ أيَّامِ العَامِ على الإطلاق! فَجِدُّوا وَشَمِّرُوا: وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ . إنَّها عشرٌ كَثيرَةُ الحَسَنَاتِ, مُتنوِّعَةُ الطَّاعَاتِ، كَفَاها شَرَفَاً أنَّ اللهَ أَقسَمَ بها فَقَالَ: وَالْفَجْر*وَلَيَالٍ عَشْرٍ .واللهُ لا يُقسِمُ إلاَّ بِأَعظَمِ مَخلُوقَاتِه! وَقَرَنَها اللهُ بِوَقْتٍ تَجْتَمِعُ فِيهِ المَلائِكةُ الكِرَامُ! إنَّها عَشَرَةُ أَيَّامٍ فَقَطْ.فَوَقْتُهَا قَصِيرٌ لا تَحْتَمِلُ التَّسْوِيفَ وَلا التَّقْصِيرَ.الأَجْرُ فِيهَا أَعْظَمُ لأَنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ عَنْهَا غَافِلُونَ! عبادَ اللهِ: ومن فَضَائِلِ العَشرِ أنَّ اللهَ تَعَالَى أَكْمَلَ فِيهَا الدِّينَ الحَنِيفَ فَقَالَ: ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلإسْلاَمَ دِينًا . وَقَدْ حَسَدَنَا اليَهُودُ عَليها فَقَالُوا لعُمَرَ :آيةٌ في كِتَابِكم لو نَزَلَتْ عَلينا لاتَّخذْنَا ذلكَ اليومَ عِيدَاً: فَقَالَ :(إنِّي أَعْلَمُ مَتَى نَزَلَتْ؟ وأَينَ نَزَلَتْ؟ نَزَلَت يَومَ عَرَفةَ فِي يومِ الجُمُعَةِ).
يا مؤمنونَ: في أيَّامِ العَشرِ تَجتَمِعُ أُمَّهاتُ العِبادَاتِ! فَكَانتْ أَفْضَلَ الأَيَّامِ عَلى الإطلاقِ، كمَا وَصَفَها المُصطَفى عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ فَقَالَ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ». يَعْنِى أَيَّامَ الْعَشْرِ. قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ: «وَلاَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيءٍ». وَقَالَ فِي حَدِيثٍ حَسَنٍ: «مَا مِن عَمَلٍ أَزْكَى عِندَ اللهِ عزَّ وجلَّ ولا أَعْظَمَ أَجْرَاً مِن خَيرٍ يُعمَلُهُ في عَشْرِ الأَضْحَى». فَالَّلهُمَّ أَعنَّا فيها جَميعاً على ذِكْرِكَ وَشُكرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ, وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لي وَلَكُم فَاسْتَغْفِرُوهُ إنِّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية/ الحمدُ للهِ على إحْسَانِهِ، وَالشُّكرُ لَهُ على تَوفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، أَشْهَدُ ألاَّ إله إلا الله وحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنَّ نَبِيِّنَا مُحَمَّدًا عَبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ بَلَّغَ الوَحْيَينِ سُنَّتِهِ وَقُرْآنِهِ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَليهِ، وَعلى آلِهِ وأَصحَابِه وأَتبَاعِهِ. أَمَّا بعدُ:فاتَّقُوا اللَّهَ ربَّكم، وَصَلُّوا خَمْسَكُمْ،وَصُومُوا شَهْرَكُمْ، وَأَدُّوا زَكَاةَ أَمْوَالِكُمْ, وَأَطِيعُوا ذَا أَمْرِكُمْ، وَحُجُّوا بيتَ رَبِّكُم, وصِلُوا أرحَامَكُم, تَدْخُلُوا جَنَّةَ رَبِّكُمْ. عِبَادَ اللهِ: سَمِعْنَا بَعضًا مِن فَضَائِلِ العَشْرِ, فَمَا ذَا عَسَانَا فَاعِلُونَ؟ عَظِّمُوهَا فَهِيَ الأَيَّامُ المَعْلُومَاتُ! اسْتَقْبِلُوهَا بِالتَّوبَةِ الصَّادِقَةِ النَّصُوحِ، وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ .لِتَكُن مَحَطَّةً لِتَّخَلُّصِ مِنْ الإثمِ والعِصَيانِ, وَزَادَاً لِلعَمَلِ الصَّالِحِ والإيمانِ. كَفَى أَيُّها المُضَيِّعونَ للصَّلواتِ فَإنَّ وَرَائَكُمْ غَيَّا!احْذَرُوا يَامَنْ تَتَعَامَلُونَ بالرِّبَا والمُدَايَنَاتِ وتَحتالونَ على ربٍّ يَعْلَمُ الخَفِيَّاتِ!فَأَيُّما لَحمٍ نَبَتَ مِن سُحتٍ فالنَّارُ أَولى بِهِ! تَبَصَّروا يا مَنْ غَرقتُم في المَقاطِعِ الشَّائِنَةِ والقَنَواتِ الهَابِطَةِ فاللهُ مُطَّلِعٌ بِحالِكم! (سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ). أَكْثِروا فِي أيَّامِ العَشْرِ مِن النَّوافِلِ فَقَدْ بَشَّرَنَا أنَّ اللهَ يقولُ: «وما يَزَالُ عَبدِي يَتَقَرَّبُ إليَّ بالنَّوافِلِ حتى أُحبَّهُ». أكثروا فيها من ذِكرِ اللهِ وَقِرَاءَةِ القُرَآنِ وَكَثْرَةِ الاسْتِغْفَارِ، فَقَدْ قَالَ فِيهَا: «فَأكثِرُوا فِيهنَّ من والتَّهليلِ والتَّكبِيرِ والتَّسْبِيحِ». وَيُسنُّ صِيَامُهَا, فقد كَانَ رَسُولُنا يَصُومُ تِسْعًا مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَثَلاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ.
عبادَ اللهِ: وَمِن أَفْضَلِ أَعمَالِها التَّقرُّبُ إلى اللهِ بِذَبْحِ الأَضَاحِي، وَقَدْ أَرْشَدَنَا نَبِيُّنا أنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِيَ أَنْ لا يَأْخُذَ مِنْ شَعْرِهِ وَلا بَشَرَتِهِ شَيئَاً مِنْ حِينِ دُخُولِ العَشْرِ. فَعَظِّمَ أَمْرَ اللهِ وَأَمْرَ رَسُولِهِ في نَفْسِكَ وَقُلْ: سَمِعنَا وَأَطَعْنَا. لأنَّكَ قَدْ تَسْمَعُ مَنْ يُهَّوِّنُ مِنْ شَأْنِ الأَخْذِ! فَأَنْتَ مُطالَبٌ أَنْ تُعَظِّمَ اللهَ أوَّلاً. وَأنْ تَصْدُرَ عَمَّنْ تَثِقُ بِعلِمِهِ ودِينِهِ. أَلا فاتَّقُوا اللهَ رَبَّكم، واستَعِدُّوا لِعَشرِكُم، بِما تَجِدُوهُ ذُخرَاً لَكُم؛ فَإنَّ مَشَقَّةَ العَملِ الصَّالِحِ تَزُولُ وَيبقى الأَجرُ، ولَذَّةَ المَعاصي تَزولُ وَيبقَى الوِزْرُ! فاللهم ارزقنا علما نافعا وعملا صالحا, اللهم آت نفوسنا تقواها وزكِّها أنت خيرُ من زكاها، أنت وليها ومولاها. اللهم اجعلنا ممن يستمعُ القولَ فيتبعُ أحسنَه، اللهم سهِّل على الحُجَّاجِ حَجَّهم, وَيَسِّر لهم أمورَهم, .(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوهاب : (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) .



المشاهدات 1664 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا