أَفِي أَهْلِ التَّوْحِيدِ يَنْتَشِرُ السِّحْرُ 16 جُمَادَى الثَّانِيَةِ 1434هـ ؟
محمد بن مبارك الشرافي
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ السِّحْرَ ظَاهِرُهُ جَمِيلٌ خَلَّابٌ , يَفْتِنُ قُلُوبَ الْبُسَطَاءِ وَيَخْدَعُ السُّذَّجَ وَالرِّعَاعَ , وَبَاطِنُهُ قَذِرٌ عَفِنٌ , يَتَجَافَى عَنْهُ أُولُوا الأَلْبَابِ , وَيَنْأَى عَنْهُ أَصْحَابُ الْفِطَرِ السَّلِيمَةِ وَالْقُلُوبِ الْمُسْتَنِيرَةِ .
إِنَّ السِّحْرَ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ عِبَارَةٌ عَمَّا خَفِىَ وَلَطُفَ سَبَبُهُ , وَلِذَلِكَ سُمِّيَ آخِرُ اللَّيْلِ سَحَرَاً , لِأَنَّهُ خَفِىٌّ لا يُرَى مَا فِيهِ , وَأَمَّا فِي الشَّرْعِ فَالسِّحْرُ عِبَارَةٌ عَنْ عُقَدٍ وَرُقَيً وَكَلامٍ يَتَكَلَّمُ بِهِ السَّاحِرُ أَوْ يَكْتُبُهُ أَوْ يَعْمَلُ شَيْئَاً يُؤَثِّرُ فِي بَدَنِ الْمَسْحُورِ أَوْ قَلْبِهِ أَوْ عَقْلِهِ مِنْ غَيْرِ مُبَاشَرَةٍ لَهُ .
وَالسِّحْرُ مِنْهُ مَا يَقْتُلُ , وَمِنْهُ مَا يُمْرِضُ , وَمِنْهُ مَا يَأْخُذُ الرَّجُلَ عَنْ امْرَأَتِهِ فَيَمْنَعُهُ وَطْأَهَا , وَمِنْهُ مَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ , وَمَا يُبَغِّضُ أَحَدَهُمَا إِلَى الآخِرِ أَوْ بِالعَكْسِ , إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ النَّتَائِجِ الْخَبِيثَةِ وَالثِّمَارِ الضَّارَّةِ , وَالْمَفَاسِدِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ وَالأُخْرَوِيَّةِ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ النُّصُوصَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ جَاءَتْ مُحَذِّرَةً مِنْ السِّحْرِ وَالسَّحَرَةِ أَشَدَّ التَّحْذِير , وَمُنَفِّرَةً مِنْهُ أَعْظَمَ التَّنْفِير , قَالَ اللهُ تَعَالَى عَمَّن يَتَعَلَّمُ السِّحْرَ (وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ) أَيْ : لَيْسَ لَهُ نَصِيبٌ فِي الآخِرَةِ , وَذَلِكَ لِأَنَّهُ كَافِرٌ . وَقَالَ اللهُ تَعَالَى (وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى)
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ) قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ ؟ قَالَ (الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . وعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَطَيَّرَ أَوْ تُطُيِّرَ لَهُ , أَوْ تَكَهَّنَ أَوْ تُكُهِّنَ لَهُ ، أَوْ سَحَرَ أَوْ سُحِرَ لَهُ ، وَمَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) رَوَاهُ الْبَرَّازُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ , قَالَهُ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ رَحِمَهُ اللهُ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ السَّاحِرَ أَوِ السَّاحِرَةَ لا يَتَوَصَّلُ إِلَى عَمَلِ السِّحْرِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ الأَدْيَانِ وَحَتَّى يَعْبُدَ الشَّيْطَانَ , فَيَبِيعُ نَفْسَهُ وَكُلَّ مَا يَمْلِكُ لِلشَّيْطَانِ , وَيَكُونُ مُعَادِيَاً لِلدِّينِ سَاخِطَاً عَلَيْهِ مُسْتَهْزِئَاً بِهِ , مُتَبَرِّئَاً مِنَ الْقُرْآنِ بَلْ وَمُهِينَاً لَهُ , جَاهِدَاً فِي حَرْقِهِ وَتَمْزِيقِهِ وَوَضْعِهِ فِي الأَمَاكِنِ الْقَذِرَةِ , فَيَضَعُهُ فِي الْمِرْحَاضِ يَبُولُ عَلَيْهِ , وَيُلَطِّخُهُ بِالْعَذِرَةِ وَدَمِ الْحَيْضِ , وَقَدْ يَضَعُهُ تَحْتَ حِذَائِهِ يَمْشِي عَلَيْهِ .
وَيَكُونُ السَّاحِرُ مِثَالاً فِي الْقَذَارَةِ وَالْوَسَاخَةِ وَدَنَاءَةِ النَّفْسِ , وَيَتْرُكُ الطَّهَارَاتِ وَيُلابِسُ النَّجَاسَاتِ , وَيَأْوِي إِلَى الأَمَاكِنِ الْقَذِرَةِ وَالْمَوَاضِعِ الْمُوحِشَةِ , وَكُلُّ هَذَا مِنْ أَجْلِ أَنْ يُغْضِبَ الرَّحْمَنَ وَيُرْضَيَ الشَّيْطَانُ , لِكَيْ يُسَاعِدَهُ إِبْلِيسُ فِي إِيقَاعِ السِّحْرِ بِالضُّعَفَاءِ وَالْمَسَاكِينِ .
وَلِذَلِكَ فَكَيْفَ يَرْضَى مُؤْمِنٌ يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهَ وَيَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ أَنْ يَتَعَامَلَ مَعَ هَؤُلاءِ الْفَجَرَةِ وَيُطِيعَ أَولَئِكَ الْكَفَرَةِ ؟
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ لِلسَّاحِرِ عَلامَاتٍ يَنْبَغِي أَنْ نَعْلَمَهَا لِنَحْذَرَ مِنْ كُلِّ مَنْ كَانَ مُتَّصِفَاً بِهَا . فَمِنْ عَلامَاتِ السَّاحِرِ أَنَّهُ يَسْأَلُ مَنْ يَأْتِيهِ عَنْ اسْمِهِ وَاسْمِ أُمِّهِ , وَلَرُبَّمَا قَبْلَ أَنْ يُحَدِّثَهُ أَخْبَرَهُ بِاسْمِهِ وَاسْمِ أُمِّهِ ! وَمِنْ أَيْنَ أَتَى , وَمَا هِيَ الْمُشْكِلَةُ التِي يُعَانِي مِنْهَا .
وَمِنْ عَلامَاتِهِ أَنَّهُ يُتَمْتِمُ بِكَلِمَاتٍ لا تُفْهَمُ , وَأَلْفَاظٍ مَجْهُولَةٍ , وَلَرُبَّمَا يَأْتِي بِطَلاسِمَ وَعَبِارَاتٍ غَامِضَةٍ , وَمِنْ ذَلِكَ : أَنَّهُ يَطْلُبُ مِمَّنْ قَصَدَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ بِمَلابِسَ خَاصِّةٍ أَوْ بِأَجْزَاءٍ مِنْ بَدَنِ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يُلْحِقَ بِهِ الضَّرَرُ كَالشَّعْر .
وَاعْلَمُوا أَنَّ مِنَ السَّحَرَةِ مَنْ قَدْ يَكُونُ عِنْدَهُ مُصْحَفٌ أَوْ قَدْ عَلَّقَ فِي مَجْلِسِهِ آيَاتٍ قُرْآنِيَّةً أَوْ أَحَادِيثَ نَبَوِيَّةً , وَمَا ذَلِكَ إِلَّا مِنْ أَجْلِ أَنْ يُعَمِّيَ أَمْرَهُ وَيُخْفِي سِحْرَهُ , فَاحْذَرُوهُمْ وَحَذِّرُوا مِنْهُمْ ، وَإِيَّاكُمْ وَالذِّهَابَ إِلَيْهِمْ أَوِ الانْخِدَاعَ بِهِمْ .
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونُ : اعْلَمُوا أَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَدْ حَكَمُوا بِقَتْلِ كُلِّ سَاحِرٍ وَسَاحِرَةٍ , حَتَّى لَوْ كَانَ سِحْرُهُمْ بِالأَدْوِيَةِ وَالْعَقَاقِيرِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ , وَذَلِكَ لِعِظَمِ ضَرَرِ السَّاحِرِ وَصُعُوبَةِ تَوْبَتِهِ , حَيْثُ إِنَّ الشَّيَاطِينَ التِي تَعَامَلَ مَعَهَا تُلاحِقُهُ وَلا تَتْرُكُهُ , فَعَنْ جُنْدُبِ الْخَيْرِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : حَدُّ السَّاحِرِ ضَرْبَةٌ بِالسَّيْفِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ , وَعَنْ بَجَالَةَ بْنِ عَبَدَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ إِلَيْهِمْ : أَنِ اقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ وَسَاحِرَةٍ . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ أَحْمَدْ شَاكِر .
قَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ : وَصَحَّ عَنْ حَفْصَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّهَا أَمَرَتْ بِقَتْلِ جَارِيَةٍ لَهَا سَحَرَتْهَا ، فَقُتِلَتْ . وَكَذَلِكَ صَحَّ عَنْ جُنْدُبٍ . قَالَ أَحْمَدُ : عَنْ ثَلاثَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ يُبْتَلَى بِأَمْرَاضٍ وَأَسْقَامٍ فَيَذْهَبُ إِلَى الأَطِبَّاءِ وَالْمُسْتَشْفَيَاتِ فَلا يَجِدُ عِنْدَهُمْ عِلاجَاً , فَرُبَّمَا نَصَحَهُ بَعْضُ ضِعَافِ الإِيمَانِ بِالذِّهَابِ إِلَى أُنَاسٍ يُعَالِجُونَهُ لا تُدْرَى حَقِيقَتُهُمْ أَوْ رُبَّمَا يَعْرِفُ أَنَّهُمْ سَحَرَةٌ لَكِنْ يُعَلِّلُ لِنَفْسِهِ أَنَّهُ فِي ضَرُورَةٍ .
وَهَذَا أَمْرٌ مُحَرَّمٌ لا يَجُوزُ بَلْ هَوَ رِضَىً بِالْكُفْرِ وَالشِّرْكِ حَيْثُ يَذْهَبُ إِلَى خَبِيثٍ مُشْرِكٍ كَافِرٍ يَعْبُدُ الشَّيْطَانَ .
ثُمَّ قَوْلُهُمْ : إِنَّهَا ضَرَورَةٌ : غَيْرُ صَحِيحٍ , لِأَنَّ السِّحْرَ يُعَالَجُ بِالطُّرُقِ الشَّرْعِيَّةِ كَمَا يَأْتِي بِإِذْنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ , ثُمَّ إِنَّ حَلَّ السَّاحِرِ لِلسِّحْرِ حَلٌّ مُؤَقَّتٌ , فَسُرْعَانَ مَا يَرُدُّهُ السَّاحِرُ الأَوَّلُ , فَيَصِيرَ النَّاسُ مَلْعَبَةً لِلسَّحَرَةِ , هَذَا يَعْقِدُ وَيَرْبِطُ وَهَذَا يَفُكُّ .
فَلا يَلِيقُ بِمُسْلِمٍ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ مِنْ مُشْكِلَةٍ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ لَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْهَا إِلَّا بِبَيْعِ دِينِهِ وَإِيمَانِهِ وَعَقِيدَتِهِ , أَلَا فَلْنَتَّقِ اللهَ وَلِنُرَاقِبْهُ جَلَّ وَعَلَا فِيمَا نَأْتِي وَنَذَرُ , وَلْنَعْلَمَ أَنَّ شَرِيعَتَنَا عِنْدَمَا حَرَّمَتِ السِّحْرَ حَرَّمَتْهُ لِمَا فِيهِ مِنَ الأَضْرَارِ الْخَطِيرَةِ وَالْمَفَاسِدِ الْعَظِيمَةِ وَفِي مُقَدِّمَتِهَا انْهِدَامُ الدِّينِ وَفَسَادُ الْعَقِيدَةِ .
أَسْأَلُ اللهَ جَلَّ وَعَلَا أَنْ يَحْفَظَ الْمُسْلِمِينَ بِحِفْظِهِ , وَأَنْ يُخَلِّصَهُمْ مِنْ شَرِّ الأَشْرَارِ وَكَيْدِ الْفُجَّارِ , إِنَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى سَمِيعُ الدُّعَاءِ , وَهُوَ أَهْلُ الرَّجَاءِ , وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيل .
الخطبة الثانية
أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّ السِّحْرَ مَرَضٌ عُضَالٌ وَدَاءٌ قَتَّالٌ , وَمَنْ تَعَامَلَ بِهِ خَسِرَ دِينَهُ وَدُنْيَاهُ , وَأَوْبَقَ نَفْسَهُ وَبَاعَ أُخْرَاهُ , فَالتَّوْبَةَ التَّوْبَةَ يَا مَنْ تَعَامَلْتَ بِالسِّحْرِ , وَعَلَيْكَ بِالاسْتِغْفَارِ وَاللُّجُوءِ إِلَى الْجَبَّارِ قَبْلَ أَنْ تَمُوتَ وَأَنْتَ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ .
ثُمَّ أَنْتَ يَا مَنْ ابْتُلِيتَ فِي نَفْسِكَ أَوْ أَهْلِكَ بِالسِّحْرِ , اعْلَمْ أَنَّ الشِّفَاءَ مِنَ السِّحْرِ وَغَيْرِهِ بِيَدِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ , قَالَ اللهُ تَعَالَى عَنْ إَبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) , وَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (تَدَاوَوْا , فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلاَّ وَضَعَ لَهُ دَوَاءً , غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ : الْهَرَمُ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُودَ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ .
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ فِي حَلِّ السِّحْرِ عَنِ الْمَسْحُورِ إِنَّهُ نَوْعَانِ : حَلٌّ بِسِحْرٍ مِثْلَهُ , وَهُوَ الذِي مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَيَتَقَرَّبُ [السَّاحِرُ وَالْمَسْحُورُ] إِلَى الشَّيْطَانِ بِمَا يُحِبُّ , فَيُبْطِلُ عَمَلُهُ عَنِ الْمَسْحُورِ . (يَعْنِي فَهَذَا مُحَرَّمٌ , بَلْ مُعَاوَنَةٌ عَلَى الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ )
وَالثَّانِي [الْعِلاجُ] بِالرُّقْيَةِ وَالتَّعَوُّذَاتِ وَالأَدْوِيَةِ الْمُبَاحَةِ فَهَذَا جَائِزٌ .
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنَ السِّحْرِ فَعَلَيْهِ اللُّجُوءُ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ , فَيُلِحُّ عَلَيْهِ بِالدُّعَاءِ وَيَتَضَرَّعُ بَيْنَ يَدَيْهِ , وَيُكْثِرُ مِنَ الإِلْحَاحِ بِأَنَّ اللهَ يَشْفِيَهُ , وَلْيُبْشِرْ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ قَرِيبٌ مُجِيبٌ لِلدُّعَاءِ . ثُمَّ إِنَّ مِنْ أَنْفَعِ عِلاجٍ لِلسِّحْرِ أَنْ يَبْحَثَ عَنْ مَكَانِ السِّحْرِ فَيَفُكَّهُ وَيُبْطِلَهُ , وَالْغَالِبُ أَنَّ السِّحْرَ يُوضَعُ فِي مَكَانٍ قَرِيبٍ مِنَ الْمَسْحُورِ .
وَمِنْ عِلاجِ السِّحْرِ الرُّقْيَةُ بِالآيَاتِ التِي فِيهَا ذِكْرُ السِّحْرِ وَإِبْطَالُهُ كَمَا فِي سُوَرِ الأَعْرَافِ وَيُونُسَ وَطَهَ .
ثُمَّ حَافِظْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُ عَلَى الْقُرْآنِ فَاقْرَأْهُ دَائِمَاً وَلا سِيَّمَا سُورَةَ الْبَقَرَةِ , فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ (اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ ، وَلا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ) أَيْ : السَّحَرَةُ .
وَحَافِظْ عَلَى الأَذْكَارِ فِي الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ , وَأَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ , وَعِنْدَ النَّوْمِ وَالاسْتِيقَاظِ (الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)
اللَّهُمَّ اشْفِ مَرْضَانَا وَمَرْضَى الْمُسْلِمِينَ ، وَارْحَمْ مَوْتَانَا وَمَوْتَى الْمُسْلِمِينَ ، اللَّهُمَّ فرِّجْ هَمَّ الْمَهْمُومِينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَنَفِّسْ كَرْبَ الْمَكْرُوبِينَ ، وَاقْضِ الدَّيْنَ عَنِ الْمَدِينِينَ .
اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنَّا الْغَلاءَ وَالْمِحَنَ وَالزَّلازِلَ وَالْفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ , اللَّهُمَّ آتِ نُفُوسَنَا تَقْوَاهَا وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاهَا ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِينَا وَلِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ .
اللَّهُمَّ أَغِثْنَا , اللَّهُمَّ أَغِثْنَا , اللَّهُمَّ أَغِثْنَا , اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَغْفِرُكَ إِنَّكَ كُنْتَ غَفَّارًا فَأَرْسِلِ السماءَ عَلينا مِدْرَارا , اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا هَنِيئًا مَرِيئًا غَدَقاً مُجَلِّلاً عَامًا سَحًّا طَبَقًا دَائمًا , اللَّهُمَّ اسْقِنَا الغيثَ ، ولا تجعلْنَا مِنَ القَانطِيِن , اللَّهُمَّ سُقْيَا رحمةٍ لَا سُقْيَا عذابٍ ، ولا بَلاءٍ ، ولا هَدْمٍ ولا غَرَق , اللَّهُمَّ أَنْبِتْ لَنَا الزَّرْع ، وأَدِرَّ لَنَا الضَّرْع واسْقِنَا مِنْ بركاتِ السماءِ ، وأَنْزِلْ علينَا مِنْ بَرِكاتِك .
اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ عَلَى عبدِكَ وَرَسولِكَ نَبِيِّنَا محمدٍ وعلى آلهِ وصحبِهِ أَجْمَعينَ والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ .
المرفقات
أَفِي أَهْلِ التَّوْحِيدِ يَنْتَشِرُ السِّحْرُ 16 جُمَادَى الثَّانِيَةِ 1434هـ ؟.doc
أَفِي أَهْلِ التَّوْحِيدِ يَنْتَشِرُ السِّحْرُ 16 جُمَادَى الثَّانِيَةِ 1434هـ ؟.doc
المشاهدات 3697 | التعليقات 4
أحسن الله إليك وجعل هذا في ميزان حسناتك . .
[font="] [/font][font="]صدقت فضيلة الشيخ ؛ فالسِّحر[/font][font="] علمٌ وصناعةٌ قديمةٌ يتوصَّلُ بهِ إلى التأثير في عقل المسحور وإرادته ، وهو جنايةٌ بأتمّ معنى الكلمة ،[/font][font="] [/font][font="]تجمع بين مفسدة الشرك بالله تعالى وكفى بها مفسدة [/font][font="]، وتقضي على[/font][font="] [/font][font="]الدين والأنفس والأعراض والعقول والأموال . . [/font]
[font="]وهو جريمةٌ عظُمَ ضررُها ، واستطارَ شررُها ، وانتشرت بين المسلمين انتشارَ النَّار في الهشيم ، ولم يمنع من انتشارها تقدُّمُ الزَّمان ، ولا انتشارُ الثقافة و العلم ، لأنَّهُ فتنةٌ بأتمّ معنى الكلمة . . ! . نسأل الله السلامة والعافية . [/font]
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا ونفع بعلمك
ابو عبدالله التميمي
بارك الله فيك ياشيخ ونفع الله بك وبعلمك.
تعديل التعليق