أعمال موجبة لدخول الجنة

عبدالله اليابس
1439/06/20 - 2018/03/08 18:58PM

الأعمال الموجبة لدخول الجنة            الجمعة 21/6/1439هـ  

الحمد لله الذي جعل جنة الفردوس لعباده المؤمنين نزلاً, ويسرهم للأعمال الصالحة الموصلة إليها فلم يتخذوا سواها شغلاً, وسهل لهم طرقها فسلكوا السبيل الموصلة إليها ذُلُلا, وأشهد ألا إله إلا الله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلاً, وأشهد أن محمد عبده ورسوله, وأمينة على وحيه وخيرته من خلقه, أرسله رحمة للعالمين, وقدوة للعاملين, ومحجة للسالكين, وحجة على العباد أجمعين, فصلى الله وملائكته وأنبياؤه ورسله وعباده المؤمنون عليه, كما وَحَّدَ اللهَ وعَبَدَه وعَرّفنا به ودَعَا إليه.

{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون}.

يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم .. الجنة .. حلم كل مسلم ومسلمة, وغاية منتهى كل مؤمن ومؤمنة .. هي دار الكرامة .. دار العزة والرفعة .. أعد الله تعالى فيها لعباده ما لا عين رأت, ولا أذن سمعت, ولا خطر على قلب بشر.

إذا دخل أهل الجنةِ الجنةَ زالت الهموم والأحزان .. وحلت الأفراح والسعادة .. {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ}.

كلنا نعرف أن من أطاع الله تبارك وتعالى وأطاع رسوله صلى الله عليه وسلم سيدخل الجنة بإذن الله .. كما روى البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ: (مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى).

لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل هناك أعمالٌ معينة من فعلها كان جزاؤه الجنة؟

فيجاب عن ذلك: بأن الله تبارك وتعالى قد أخبرنا عن جملة من الأقوال والأفعال من أداها فإن جزاءه الجنة, وكذلك أخبر نبيه صلى الله عليه وسلم, فمن ذلك:

بر الوالدين, فقد روى مسلم في صحيحه من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: (رَغِمَ أَنْفُ ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُ). قِيلَ: مَنْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: (مَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا، فَلَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ).

ففي هذا الحديث أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن بر الوالدين على كبرهما سبب لدخول الجنة, وأن من فرط في ذلك فإنه يستحق الدعاء عليه بالسقوط والإهانة.

ومن الأعمال الموجبة لدخول الجنة: صلاة ركعتين بحضور القلب بعد الوضوء, كما روى مسلم في صحيحه من حديث عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَتْ عَلَيْنَا رِعَايَةُ الْإِبِلِ, فَجَاءَتْ نَوْبَتِي فَرَوَّحْتُهَا بِعَشِيٍّ، فَأَدْرَكْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا يُحَدِّثُ النَّاسَ، فَأَدْرَكْتُ مِنْ قَوْلِهِ: (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ مُقْبِلٌ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ إِلَّا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ).

فهذا عمل يسير .. وجهده ووقته قليل .. وأجره جليل .. فكم مرة عملت بهذا العمل؟

إن هذا العمل اليسير كان سببًا لأن يبشر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالَ بن رباح رضي الله عنه بالجنة وهو مازال يمشي على الأرض, روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِبِلَالٍ عِنْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ: (يَا بِلَالُ، حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الْإِسْلَامِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الْجَنَّةِ). قَالَ: مَا عَمِلْتُ عَمَلًا أَرْجَى عِنْدِي: أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ طُهُورًا فِي سَاعَةِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، إِلَّا صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كُتِبَ لِي أَنْ أُصَلِّيَ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ البخاري: دَفَّ نَعْلَيْكَ، يَعْنِي تَحْرِيكَ.

ومن الأعمال الموجبة لدخول الجنة: قول الذكر الوارد بعد الوضوء, كما روى مسلم في صحيحه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ - أَوْ فَيُسْبِغُ - الْوُضُوءَ، ثُمَّ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ, إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ).

ومن الأعمال الموجبة لدخول الجنة: قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة مكتوبة, فقد روى النسائي وغيره وصححه الألباني من حديث أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: (مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إِلَّا أَنْ يَمُوتَ).

فواظب عليها وفقك الله .. واجعلها وردًا ثابتًا بعد كل صلاة.

ومن الأعمال الموجبة لدخول الجنة: إماطة الأذى عن الطريق, فقد روى ابن ماجه وغيره وصححه الألباني من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: (كَانَ عَلَى الطَّرِيقِ غُصْنُ شَجَرَةٍ يُؤْذِي النَّاسَ، فَأَمَاطَهَا رَجُلٌ، فَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ).

فكم من أذىً نشاهده في طريق الناس يوميًا؟ وكم سعينا لإماطته لعل الله أن يدخلنا بسببه الجنة؟

ومن الأعمال الموجبة لدخول الجنة: الإحسان إلى البنات والأخوات, فقد روى ابن حبان في صحيحه وصححه الألباني من حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (مَنْ كَانَ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ، أَوْ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ، أَوِ ابْنَتَانِ، أَوْ أُخْتَانِ، فَأَحْسَنَ صُحْبَتَهُنَّ، وَاتَّقَى اللهَ فِيهِنَّ، دَخَلَ الْجَنَّةَ).

نعم .. دَخَلَ الجنة .. فأين نحن من هذا التوجيه النبوي العظيم .. بالإحسان للبنات والأخوات, وحسن رعايتهن, والتلطف معهن, ونصحهن وتوجيهن, حتى يَكُنَّ سببًا لدخول الجنة.  

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم, ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم, قد قلت ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّـهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ وراقبوه في السر والنجوى, واعلموا أن أجسادنا على النار لا تقوى .

فيا أمة محمد صلى الله عليه وسلم.. فما زال الحديث حول بعض الأعمال الموجبة لدخول الجنة, ومن هذه الأعمال:

الصبر على فقد الأولاد, فقد روى ابن حبان وغيره وحسنه الألباني عن حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سِنَانٍ، قَالَ: دَفَنْتُ ابْنِي وَمَعِي أَبُو طَلْحَةَ الْخَوْلَانِيُّ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ، فَلَمَّا أَرَدْتُ الْخُرُوجَ أَخَذَ بِيَدِي فَأَخْرَجَنِي، وَقَالَ: أَلَا أُبَشِّرُكَ؟ حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَرْزَبٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا مَاتَ وَلَدُ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ اللهُ لِلْمَلَائِكَةِ: قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: فَمَا قَالَ؟ قَالُوا: اسْتَرْجَعَ وَحَمِدَكَ. قَالَ: ابْنُوا لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ، وَسَمُّوهُ بَيْتَ الْحَمْدِ).

ومن الأعمال الموجبة لدخول الجنة: حفظ اللسان والفرج, فقد روى البخاري في صحيحه من حديث سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: (مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ ، أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ).

فليتأمل في ذلك من يفري أعراض الناس بلسانه, ومن يسيء الخلق بذكر الأقوال القبيحة, وليتأمله أيضًا من يتعرض لأعراض المسلمات, ومن يسافر لفعل المحرمات, فإن حفظ اللسان والفرج ضمان للجنة بإذن الله.

ومن الأعمال الموجبة لدخول الجنة طلب العلم, فقد روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ).

فليتأمل في ذلك كل من سلك هذا الطريق الجليل .. طريق العلم .. فإنك بسلوكك هذا الطريق ييسر الله تعالى لك ويسهل طريقًا ينتهي في الجنة بإذن الله تعالى.

ومن الأعمال الموجبة لدخول الجنة: كفالة اليتيم, روى البخاري في صحيحه من حديث سَهْلٍ بن سعد رضي الله عنه أن رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا).

أيها الإخوة .. وبعد .. فإن الجنة أُعِدَّت لأهلها .. وقد علمتم شيئًا من أسباب دخولها, {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}.

فاللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل, ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل.

يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم.. اعلموا أن الله تعالى قد أمرنا بالصلاة على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وجعل للصلاة عليه في هذا اليوم والإكثار منها مزية على غيره من الأيام, فللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

عباد الله .. إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى, وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي, يعظكم لعلكم تذكرون, فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم, واشكروه على نعمه يزدكم, ولذكر الله أكبر, والله يعلم ما تصنعون.

المرفقات

الموجبة-لدخول-الجنة-21-6-1439

الموجبة-لدخول-الجنة-21-6-1439

الموجبة-لدخول-الجنة-21-6-1439-1

المشاهدات 4058 | التعليقات 0