أعمال صالحة يسيرة أجورها وافرة كثيرة 10/11/1435

فيصل التميمي
1435/11/10 - 2014/09/05 05:04AM
الخطبة في أصلها لفضيلة الشيخ: صالح آل طالب حفظه الله
وقد جرى قلم الاختصار والإضافة بما يناسب المقام
وفق الله الجميع إلى ما يحبه ويرضاه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أعمال صالحة يسيرة أجورها وافرة كثيرة 10/11/1435
إن الحمدَ للهِ نحمدُهُ ونستَعينُهُ ونستَغفرُهُ، ونعوذُ باللهِ من شرُورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالنا، منْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومنْ يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، وأشهدُ أن محمّداً عَبدُهُ ورسولُهُ، صلى اللهُ عليه وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَمَ تسلِيماً كَثِيراً.
أَمَّا بَعْدُ: فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله عزَّ وجل فهي وصيةُ الأنبياء، وحليةُ الأولياء، وخيرُ عُدَّةٍ ليوم اللقاء، قال جل وعلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)
معاشر المسلمين لقد دلنا نبينا صلى الله عليه وسلم وهو البَرُّ الرحيمُ بأمته على أعمالٍ يسيرة، رتبَ اللهُ عليها أجورًا كثيرة، وفتحَ لنا صلوات ربي وسلامه عليه أبوابًا واسعةً من الأعمال الصالحة نتزوَّدُ منها ليوم الحِساب، وندَّخِرُها عند لقاء ربِّ الأرباب: (وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا) [الإسراء: 19].
عن أبي ذرٍّ -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "يُصبِحُ على كل سُلامَى من أحدِكم صدقةٌ؛ فكلُّ تسبيحةٍ صدقة، وكلُّ تحميدةٍ صدقة، وكلُّ تهليلةٍ صدقة، وكلُّ تكبيرةٍ صدقة، وأمرٌ بالمعروف صدقة، ونهيٌ عن المُنكَر صدقة، ويُجزِئُ من ذلك: ركعتان يركعهُما من الضُّحَى". رواه مسلم. والسُّلامَى: هي المِفصَلُ.
وعنه -رضي الله عنه- أن ناسًا قالوا: يا رسول الله: ذهبَ أهلُ الدُّثور بالأجور، يُصلُّون كما نُصلِّي، ويصومون كما نصُوم، ويتصدَّقون بفُضول أموالِهم. قال: "أولَيسَ قد جعلَ الله لكم ما تصدَّقون به؟! إن بكل تسبيحةٍ صدقة، وكل تكبيرةٍ صدقة، وكل تحميدةٍ صدقة، وكل تهليلةٍ صدقة، وأمرٌ بالمعروف صدقة، ونهيٌ عن المُنكَر صدقة، وفي بُضعِ أحدِكم صدقة". قالوا: يا رسول الله: أيأتي أحدُنا شهوتَه ويكونُ له فيها أجرٌ؟! قال: "أرأيتُم لو وضعَها في حرامٍ أكان عليه وِزرٌ؟! فكذلك إذا وضعَها في الحلال كان له أجرٌ". رواه مسلم.
وقد يبلغُ المؤمنُ أعلى المنازِل بعملٍ يسيرٍ لا يظنُّ أن يبلُغَ به ما بلغَ؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لقد رأيتُ رجلاً يتقلَّبُ في الجنةِ في شجرةٍ قطَعَها من ظهر الطريق كانت تُؤذِي المُسلمين". رواه مسلم.
وفي روايةٍ له: "مرَّ رجلٌ بغُصنِ شجرةٍ على ظهر طريقٍ، فقال: واللهِ لأُنحِّيَنَّ هذا عن المُسلمين لا يُؤذِيهم، فأُدخِلَ الجنة". وفي روايةٍ لهما: "بينما رجلٌ يمشي بطريقٍ وجدَ غُصنَ شوكٍ على الطريق فأخَّره فشكرَ الله له فغفرَ له".
أيها المسلمون: وكلمةٌ يسيرةٌ قد يستجلِبُ العبدُ بها رضا ربِّه الكريم، ويشكُرُ فضلَه العَميم؛ عن أنسٍ -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن اللهَ ليرضَى عن العبدِ أن يأكُل الأكلَةَ فيحمَده عليها، أو يشرَبَ الشربَةَ فيحمَده عليها". رواه مسلم.
أما الوُضوءُ والصلاةُ -وهي المُتكرِّرة في اليوم عدَّة مراتٍ- فلنستمِع إلى ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا توضَّأ العبدُ المُسلمُ -أو المؤمنُ- فغسلَ وجهه خرجَ من وجهه كلُّ خطيئةٍ نظرَ إليها بعينه مع الماء -أو مع آخر قطرِ الماء-، فإذا غسلَ يدَيه خرجَ من يدَيه كلُّ خطيئةٍ كان بطَشَتها يداه مع الماء -أو مع آخر قطرِ الماء-، فإذا غسلَ رجلَيْه خرجَت كل خطيئةٍ مشَتْها رِجلاه مع الماء -أو مع آخر قطرِ الماء- حتى يخرُج نقيًّا من الذنوب". رواه مسلم.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "ألا أدلُّكم على ما يمحُو الله به الخطايا ويرفعُ به الدرجات؟!". قالوا: بلى يا رسول الله. قال: "إسباغُ الوضوء على المَكارِه، وكثرةُ الخُطا إلى المساجد، وانتظارُ الصلاة بعد الصلاة، فذلكُم الرِّباط". رواه مسلم.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "الصلواتُ الخمسُ، والجُمعةُ إلى الجُمعة، ورمضان إلى رمضان، مُكفِّراتٌ لما بينهنَّ إذا اجتُنِبَت الكبائرُ". رواه مسلم.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لو يعلمُ الناسُ ما في النداء والصفِّ الأولِ ثم لم يجِدوا إلا أن يستهِموا عليه لاستهَموا عليه، ولو يعلَمون ما في التهجير لاستبَقوا إليه، ولو يعلَمون ما في العتَمة والصبحِ لأتَوهُما ولو حَبوًا". متفق عليه. والتهجيرُ: التبكيرُ إلى الصلاةِ.
وعن أبي عبد الله -رضي الله عنه- ويُقال: أبو عبد الرحمن ثوبان مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ورضي الله عن ثوبان، قال: سمِعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "عليك بكثرة السُّجود؛ فإنك لن تسجُد لله سجدةً إلا رفعَك الله بها درجةً، وحطَّ عنك بها خطيئةً". رواه مسلم.
بارك الله لي ولكم في القران العظيم ونفعني وإياكم بهدي نبيه الكريم، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ عبادالله ثم اعلموا رحمكم الله أن ذِكرَ الله تعالى هو عنوانُ الفلاح، وشارةَ التوفيق والصلاح؛ عن عبد الله بن بُسْرٍ -رضي الله عنه- أن رجلاً قال: يا رسول الله: إن شرائِعَ الإسلام قد كثُرَت عليَّ، فأخبِرني بشيءٍ أتشبَّثُ به. قال: "لا يزالُ لسانُك رطبًا من ذِكرِ الله". رواه الترمذي.
وعن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ألا أُنبِّئُكم بخيرِ أعمالِكم، وأزكاها عند مليكِكم، وأرفعِها في درجاتِكم، وخيرٍ لكم من إنفاقِ الذهبِ والفضة، وخيرٌ لكم من أن تلقَوا عدوَّكم فتضرِبوا أعناقَهم ويضرِبوا أعناقَكم؟!". قالوا: بلى. قال: "ذِكرُ الله تعالى". رواه الترمذي، وقال الحاكمُ: إسنادُه صحيحٌ.
وعن ابن عباسٍ -رضي الله عنهما- قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "من لزِم الاستغفارَ جعلَ الله له من كل ضيقٍ مخرجًا، ومن كل همٍّ فرَجًا، ورزَقَه من حيثُ لا يحتسِب". رواه أبو داود.
وعن شدَّاد بن أوسٍ -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "سيدُ الاستغفار أن يقولَ العبدُ: اللهم أنت ربِّي لا إله إلا أنت، خلَقتَني وأنا عبدُك، وأنا على عهدك ووعدِك ما استطعتُ، أعوذُ بك من شرِّ ما صنعتُ، أبوءُ لك بنعمتِك عليَّ وأبوءُ بذنبي، فاغفِر لي؛ فإنه لا يغفِرُ الذنوبَ إلا أنت. من قالَها في النهار مُوقِنًا بها فمات من يومه قبل أن يُمسِي فهو من أهل الجنة، ومن قالَها من الليل وهو مُوقِنٌ بها فمات قبل أن يُصبِح فهو من أهل الجنة". رواه البخاري.
وفي الإحسان إلى الخلق؛ لا تتردَّد في معروفٍ، ولا تحتقِر خيرًا تُقدِّمه مهما قلَّ؛ يقول عديُّ بن حاتمٍ -رضي الله عنه-: سمعتُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- يقول: "اتَّقُوا النارَ ولو بشقِّ تمرةٍ". متفق عليه.
وعن أبي موسى -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "على كل مسلمٍ صدقة". قال: أرأيت إن لم يجِد؟! قال: "يعملُ بيديه، فينفعُ نفسَه ويتصدَّق". قال: أرأيتَ إن لم يستطِع؟! قال: "يُعينُ ذا الحاجةِ الملهوف". قال: أرأيتَ إن لم يستطِع؟! قال: "يأمرُ بالمعروف أو الخيرِ". قال: أرأيتَ إن لم يفعل؟! قال: "يُمسِكُ عن الشرِّ؛ فإنها صدقةٌ". متفق عليه..
وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من كان يُؤمنُ بالله واليوم الآخِر فليُكرِم ضيفَه، ومن كان يُؤمنُ بالله واليوم الآخِر فليصِل رحِمَه، ومن كان يُؤمنُ بالله واليوم الآخِر فليقُل خيرًا أو ليصمُت". متفق عليه.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خُلُقًا، وخيارُكم خيارُكم لنسائهم". رواه الترمذي، وقال: "حديثٌ حسنٌ صحيحٌ".
عباد الله.. وإذا كان المؤمن مشروعا له الإكثار من الأعمال الصالحات فحري به أن يتخير من شعب الإيمان ماهو أنفع لقلبه وأطوع لنفسه وأرضى لربه
أسْأَلُ اللَّهَ بمنه وكرمه أَنْ يَفْتَحَ لَنَا طُرُقَ الْفَلَاحِ والهداية، وَأَنْ يَهْدِيَنَا لِسُلُوكِهَا، وَأَنْ يَجْعَلَنَا مِنَ عباده الصالحين الموفقين المباركين، إِنَّهُ سَمِيعٌ قريب مجيب الدعاء.
هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال قولا كريماً...
المشاهدات 2390 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا