أعْظَمُ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ تَعَالَى 27 محرم 1438 هـ

مبارك العشوان
1438/01/27 - 2016/10/28 00:01AM
إنَّ الحَمْدَ لِلهِ...أمَّا بَعدُ: فَاتَّقُوا اللهَ ... مُسْلِمُون.
عِبادَ اللهِ: رَوَى الإمَامُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيْحِهِ مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( يَا أَبَا الْمُنْذِرِ، أَتَدْرِيْ أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ مَعَكَ أَعْظَمُ ؟ قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَدْرِيْ أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ مَعَكَ أَعْظَمُ ؟ قَالَ: قُلْتُ: { اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ }. قَالَ: فَضَرَبَ فِي صَدْرِي، وَقَالَ: وَاللَّهِ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ. ).
آيَةُ الكُرْسِيِّ هِيَ الآيَةُ الخَامِسَةُ وَالخَمْسُونَ بَعْدَ المائتَيْنِ مِنْ سُوْرَةِ البَقَرَةِ؛ آيَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ سُورَةٍ عَظِيمَةٍ؛ قَالَ عَنْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( اقْرَؤُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ ، وَلاَ تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ ). رواه مسلم.
أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: { اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ } البقرة 255
حَثَّ النَّبيُّ صَلَى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَلَى قِرَاءَةِ هَذِهِ الآيةِ، فِي مَوَاضِعَ مِنْ يَومِ المُسْلِمِ وَلَيْلَتِهِ؛ فَعَن أبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( من قَرَأَ آيَة الْكُرْسِيّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاة مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجنَّة إِلَّا أَن يَمُــوت ) أخرجه النسائي وصححه الألباني. يَقُولُ ابنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ: يَعْنِي: لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَينَ دُخُولِ الجَنَّةِ إلَّا المَوت. أ هـ .
وَفِي قِرَاءَةِ هَذِهِ الآيَةِ عِندَ النَّومِ حِفْظٌ مِنَ الشُّرُورِ كُلِّهَا، وَعِصْمَةٌ مِنَ الشَّياطِين وَكَيْدِهَا. وَقَدْ رَوَى البُخَارِيُّ فِي صَحِيْحِهِ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وقِصَّتَهُ مَعَ الشَّيطَانِ، لمَّا وَكَّلَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أبَا هُرَيْرَةَ بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ... وَفِي الحَدِيثِ: أنَّ الشَّيطَانَ قَالَ لِأبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ، فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ: { اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ } حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ، فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللهِ حَافِظٌ، وَلاَ يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ... ) وَفِي الحَدِيثِ: قَالَ النَّبِيُّ صَلى اللهُ عَلَيهِ وسَلمَ: ( أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ ).
عِبَادَ الله: هَذِهِ أعْظَمُ آيَةٍ؛ تَضَمَّنَتْ: أعْظَمَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ، وأَعَظَمَ مَا نَهَى اللهُ عَنْهُ؛ تَضَمَّنَتْ تَوْحِيدَ اللهِ جَلَّ وَعَلَا، وَإِخْلَاصَ الدِّينِ لَهُ، وَنَفْيَ الشَّرِيْكِ عَنْهُ، تَضَمَّنَتْ: إِثْبَاتَ جُمْلَةٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ الحُسْنَى وَصِفَاتِهِ العُـلَا، تَضَمَّنَتْ: نَفْيَ النَّقْصِ عَنْهُ سُبْحَانَهُ.
يَقُولُ شَيخُ الإسلَامِ ابنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ: وَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ آيَةٌ وَاحِدَةٌ تَضَمَّنَتْ مَا تَضَمَّنَتْهُ آيَةُ الْكُرْسِيِّ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ اللَّهُ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْحَدِيدِ، وَآخِرِ سُورَةِ الْحَشْرِ عِدَّةَ آيَاتٍ، لَا آيَةً وَاحِدَةً. أ هـ
عِبَادَ اللهِ: وَهَذَا تَفْسِيرُ الآيَةِ عَلَى وَجْهِ الاخْتِصَار:
( الله ) عَلَمٌ عَلَى الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، لَا يُسَمَّى بِهِ غَيْرُهُ.
يَقُولُ السَّعْدِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: وَاسْمُ ( الله ) هُوَ الجَامِعُ لِجَمِيعِ الأَسْمَاءِ الحُسْنَى، وَالصِّفَاتِ العُلَا. وَيَقُولُ: هُوَ المَألُوهُ، المَعْبُودُ، ذُو الأُلُوهِيَّةِ، وَالعُبُودِيَّةِ عَلَى خَلْقِهِ أَجْمَعِين، لِمَا اتَّصَفَ بِهِ مِنْ صِفَاتِ الأُلُوهِيَّةِ الَّتِي هِيَ صِفَاتُ الكَمَال.
قَولُهُ تَعَالَى: { لَا إِلَهَ إِلا هُوَ } { لَا إِلَهَ إِلَّا الله } كَلِمَةُ التَّوحِيدِ، وَمَعْنَاهَا: لَا مَعْبُودَ بِحَقِّ إلَّا الله؛ فَهِيَ تَنْفِي العِبَادَةَ عَنْ غَيْرِ اللهِ وَتُثْبِتُهَا لِله وَحْدَه.
قَولُهُ تَعَالَى: { الْحَيُّ الْقَيُّومُ } اسْمَانِ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ الحُسْنَى، جَمَعَهُمَا اللهُ تَعَالَى فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِهِ؛ فِي آيَةِ الكرسي: { اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ } وَفِي أَوَّلِ آلِ عِمْرَانَ: { الم، اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ } وَفِي طَهَ: { وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ }. قَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ: { الْحَيُّ الْقَيُّومُ } اسْمُ اللهِ الأَعْظَمْ الذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ، وَإذَا سُئِلَ بِهِ أعْطَى.
يَقُولُ الشَّيخُ العُثَيمِينُ رَحِمَهُ اللهُ: قَالَ أهلُ العِلمِ: وَإنَّمَا كَانَ الاسْمُ الأعْظَمُ فِي اجْتِمَاعِ هَذَينِ الاسْمَينِ؛ لِأَنَّهُمَا تَضَمَّنَا جَمِيعَ الأسْمَاءِ الحُسْنَى؛ فَصِفَةُ الكَمَالِ فِي: { الحي } وَصِفَةُ الإِحْسَانِ وَالسُّلْطَانِ فِي: { القَيُّوم }.
الحَيُّ؛ لَهُ الحَيَاةُ الكَامِلَةُ الَّتِي لَمْ تُسْبَقْ بِعَدَمٍ، وَلَا يَلْحَقُهَا فَنَاءٌ، وَلَا يَعْتَرِيْهَا نقصٌ.
القيوم؛ قَائِمٌ عَلَى نَفْسِهِ جَلَّ وَعَلَا؛ فَلَا يَحْتَاجُ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ؛ قَائِمٌ عَلَى غَيْرِهِ؛ فَكُلُّ أَحَدٍ مُحْتَاجٌ إِلَيهِ.
قَولُهُ تَعَالَى: { لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ } لَا يَعْتَرِيهِ سُبْحَانَهُ نُعَاسٌ، وَلَا نَومٌ؛ يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لاَ يَنَامُ، وَلاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ ... ) الخ الحديث. رواه مسلم.
قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ الله: [ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا يَنَامُ وَأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ فِي حَقِّهِ النَّوْمُ ...] إلَى آخِرِ كَلَامِهِ رَحِمَهُ اللهُ.
عِبَادَ اللهِ: وَقَدْ بَيَّنَ العُلَمَاءُ أنَّ مَا نَفَاهُ اللهُ تَعَالَى عَنْ نَفْسِهِ مِنَ الصِّفَاتِ؛ فَالمُرَادُ بِهِ بَيَانُ انْتِفَائِهِ لِثُبُوتِ كَمَالِ ضِدِّهِ .
فَنَفْيُ السِّنَةِ وَالنَّومِ عَنهُ جَلَّ وَعَلَا مُتَضَمِّنٌ لِإِثْبَاتِ كَمَالِ الحَيَاةِ وَالقَيُّومِيَّة لَهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُم ... وَأَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ...


الخطبة الثانية:
الحَمْدُ لِلهِ... أمَّا بَعْدُ: فَيَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: { لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ } الْجَمِيعُ عَبِيدُهُ وَفِي مُلْكِهِ، وَتَحْتَ قَهْرِهِ وَسُلْطَانِهِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالى: { إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً، لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا، وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً } مَرْيَمَ 93- 95.
قَولُهُ تَعَالَى: { مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ } الشَّفَاعَةُ هِيَ التَّوَسُطُ لِلْغَيْرِ بِجَلْبِ مَنْفَعَةٍ، أو دَفْعِ مَضَرَّةٍ؛ وَلَا يُمْكِنُ لِأَحَدٍ أنْ يَشْفَعُ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى إلَّا بِإِذْنِهِ وَرِضَاه؛ قَالَ تَعَالَى: { وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لَا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى } النَّجْمِ 26 فَشُرُوطُ الشَّفَاعَةِ ثَلَاثَةٌ: الأولُ: رِضَا اللهِ تَعَالَى عَنِ الشَّافِعِ. الثَّانِي: رِضَاهُ تَعَالَى عَنِ المَشْفُوعِ لَهُ.
الثَّالِثُ: إِذْنُهُ تَعَالَى لِلشَّافِعِ أنْ يَشْفَع.
قَولُهُ تَعَالَى: { يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ } العِلْمُ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ اللهِ جَلَّ وَعَلَا، وَعِلْمُهُ سُبْحَانَهُ مُحِيطٌ بِكُلِّ شَيءٍ.
يَعْلَمُ الغَيْبَ وَالشَّهَادَةَ، يَعْلَمُ الظَّوَاهِرَ وَالبَوَاطِنَ، يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُور، يَعْلَمُ مَا كَانَ، وَمَا يَكُونُ، وَمَا لَمْ يَكُنْ لَو كَانَ كَيْفَ يَكُونُ؛ قَالَ تَعَالَى: { وَاللّهُ بِكُلّ‏ِ شَيْ‏ءٍ عَلِيمٌ } وَقَالَ سُبْحَانَهُ: { وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } وَقَالَ سُبْحَانَهُ: { قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْض } وَقَالَ تَعَالَى: { وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ } يَعْلَمُ جَلَّ وَعَلَا مَا هُمْ فَاعِلُونَ لَو رُدُّوا.
وَيَقُولُ تَعَالَى: { لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلا خَبَالا وَلأوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ }.
يَعْلَمُ تَعَالَى حَالَ المُتَخَلِّفِينَ مِنَ المُنَافِقِينَ؛ ويُخْبِرُ سُبْحَانَهُ عَنْ مَا هُمْ فَاعِلونَ لَو خَرَجُوا.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِما شاءَ }
لَا يُمْكِنُ لِأَحَدٍ أنْ يُحِيطَ عِلْماً باللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وأَسْمَائِهِ، وَصِفَاتِهِ، وَأَفْعَالِهِ، وَلَا بِشَيءٍ مِمَّا يَعْلَمُهُ سُبْحَانَهُ؛ وَإِنَّمَا يَعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَعْلَمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ، وَأَطْلَعَهُ عَلَيه.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ } الكُرْسِيُّ: هُوَ مَوضِعُ قَدَمَيِ الرَّبِّ جَلَّ وَعَلَا؛ وَلَا يَعْلَمُ كَيْفِيَّتَهُ إِلَّا اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَعَظَمَةُ الكُرْسِيِّ وَسَعَتُهُ تَدُلُّ عَلَى عَظَمَةٍ خَالِقِهِ جَلَّ وَعَلَا.
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا } لَا يُثْقِلُهُ تعالى، وَيَشُقُّ عَلَيهِ حِفْظُ السَّمَوَاتِ وَالأَرضِ.
وَلَوْلَا حِفْظُهُ لَهُمَا لَفَسَدَتَا؛ قَالَ تَعَالَى: { إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا } فاطر 41
قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ } هُوَ سُبْحَانَهُ؛ ذُو العُلُوِّ المُطْلَقِ، عَلِيٌّ بِذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ عَلَى جَمِيعِ مَخْلُوقَاتِهِ.
{ الْعَظِيمُ } ذُو العَظَمَةِ وَالكِبْرِيَاءِ فِي ذَاتِهِ، وَسُلْطَانِهِ، وَصِفَاتِهِ.
فَتَبَارَكَ اللهُ رَبُّ العَالَمِين.
عِبَادَ الله: احْرِصُوا رَحِمَكُمُ اللهُ عَلَى هَذِهِ الآيةِ؛ اِحْفَظُوهَا، وَحَفِّظُوهَا أَوْلَادَكُم، تَدَبَّرُوهَا، تَدَارَسُوهَا، اقْرَأُوا فِي تَفْسِيْرِهَا، فَأَعْظَمُ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللهِ؛ حَرِيَّةٌ بِأَعْظِمِ اِهْتِمَامٍ وَعِنَايَةٍ.
ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا... اللهُمَّ أعِزَّ الإسْلامَ ... اللهُمَّ أصْلِحْ أئِمَّتَنَا...
عِبَادَ الله: اذكُرُوا اللهَ ...
المشاهدات 1230 | التعليقات 0