أَصْحَابُ الْهِمَمِ الْعَالِيَةِ والعزائم القوية

محمد البدر
1441/01/27 - 2019/09/26 19:32PM
الْخُطْبَةِ الأُولَى:   
عِبَادَ اللَّهِ: قَالَ تَعَالَى : ﴿ رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ  ﴾ [النور: 37].
وَقَالَ تَعَالَى :﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾.
وَعَنْ الْمُغِيرَةِ بن شعبة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: « إِنْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَقُومُ لِيُصَلِّيَ حَتَّى تَرِمُ قَدَمَاهُ، أَوْ سَاقَاهُ فَيُقَالُ لَهُ فَيَقُولُ: « أَفَلاَ أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا »متفقٌ عَلَيْهِ .
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُك وَاسْتَعِنْ بِاَللَّهِ وَلَا تَعْجِزْ ، وَإِنْ أَصَابَك شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ : لَوْ أَنِّي فَعَلْت كَذَا كَانَ كَذَا وَكَذَا ، وَلَكِنْ قُلْ : قَدَّرَ اللَّهُ وَمَا شَاءَ اللَّهُ فَعَلَ ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ » رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
عِبَادَ اللَّهِ: إن الإنسان لا يخلو من آمال وطموحات وأهداف يود أن يحققها ويسلك في سبيل ذلك شتى السبل، وتختلف همة الإنسان حسب عِظم هذه الآمال والطموحات والأهداف، فصاحب الهمة العالية لا تتوقف آماله ولا تنتهي طموحاته فهو لا يرضى بالدون مهماكانت العقبات ومهما تكاثرت الملمات ومهما غلت التضحيات.
عِبَادَ اللَّهِ:الصحابة والتابعين رضوان الله عن الجميع تربوا في مدرسة النبوة فاستوعبوا فضل الهمة العالية وما أعده الله تعالى لأصحابها فانتشروا في كل مكان لينالوا هذا الأجر ويكونوا قدوة لمن بعدهم إلى قيام الساعة ولقد ذكر لنا التاريخ نماذج من علو الهمة صعب أن يجود الزمان بمثلها:فالصديق رضي الله عنه كان طموحه أن يدخل الجنة من أبوابها الثمانية. قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا ». قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا. قَالَ « فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً ». قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا. قَالَ « فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا ». قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا. قَالَ « فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا ». قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « مَا اجْتَمَعْنَ فِى امْرِئٍ إِلاَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ »رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
والصحابي الجليل عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ يطلب من النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يدعوا الله له ليكون مع من يدخلون الجنة بغير حساب ففي الحديث  فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ، فَقَالَ أَمِنْهُمْ أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: نَعَمْ فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ: أَمِنْهُمْ أَنَا فَقَالَ: سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ »مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
والصحابي الجليل رَبِيعَةَ بْنِ كَعْبٍ الْأَسْلَمِيِّ لم تكن له غاية دون مرافقة النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الجنة. جاء في الحديث الذي رَوَاهُ مُسْلِمٌ (فَقُلْتُ أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِى الْجَنَّةِ. قَالَ « أَوَغَيْرَ ذَلِكَ »قُلْتُ هُوَ ذَاكَ. قَالَ « فَأَعِنِّى عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ .
وغيرهم الكثير من الصحابة رضي الله عنهم الذين جعلوا الآخرة همهم الوحيد فلم يتعلقوا بحطام الدنيا الزائل ولم يطلبوا سفاسف الأمور بل أحسنوا الظن بربهم وتشبثوا بمعالي الأمور كذلك التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
فمن أَصْحَابُ الْهِمَمِ الْعَالِيَةِ العلماء الربانيين والدعاة المصلحين وولاة أمرنا هم من ذوي الْهِمَمِ الْعَالِيَةِ والعزائم القوية ،ومن الْهِمَمِ الْعَالِيَةِ المسلمين أهل التوحيد والسنة أهل العقيدة السليمة الصحيحة فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا...
الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:
عِبَادَ اللَّهِ: المتأمل في نصوص القرآن والسنة يري أنها قد حثت المؤمنين على معالي الأمور، وتحذيرهم من سقوط الهمة، وتنوعت أساليب القرآن في ذلك..فمنها: ذم ساقطي الهمة وتصويرهم في أبشع صورة قَالَ تَعَالَى :﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ ﴾.ومنها: ثناؤه سبحانه على أصحاب الهمم العالية ومنهم الأنبياء والمرسلون وفي مقدمتهم أولو العزم من الرسل وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم.قَالَ تَعَالَى :﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ ﴾.ومنها: أنه عبر سبحانه عن أوليائه الذين كبرت همتهم بوصف الرجال في مواطن البأس والجلد والعزيمة والثبات على الطاعة، والقوة في دين الله قَالَ تَعَالَى :﴿ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ ﴾ومنها:التنافس في الخيرات.قَالَ تَعَالَى :﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾.كذلك السنة حثت على معالي الأمور : فقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَفْعَلْ»صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
وَعَنْ حُسَيْنِ بن عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ مَعَالِيَ الأُمُورِ وَأَشْرَافَهَا ، وَيَكْرَهُ سَفَاسِفَهَا »صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ أُرَاهُ فَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.الا وصلوا ..
المرفقات

الْهِمَمِ-الْعَالِيَةِ-والعزائم-الق

الْهِمَمِ-الْعَالِيَةِ-والعزائم-الق

المشاهدات 2287 | التعليقات 0