أسباب إعانة الله للعبد

عبدالله بن رجا الروقي
1437/01/09 - 2015/10/22 13:43PM
... أما بعد فإن العبد إذا لم يعنه الله لم يستطع القيام بشيء من أموره ، فالخلق فقراء إلى الله قال تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾
ولهذا جاء الشرع بذكر أسباب يعين الله بها عباده أذكر شيئا منها
فمنها النية الصالحة فإن النية لها تأثير عظيم في تحقيق الخير ، قال تعالى ﴿ إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾
وقال ﷺ : من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله". رواه البخاري.
فانظر إلى النية الصالحة كيف كان لها أثر في أداء حقوق العباد.

ومن الأسباب الدعاء ، ومنه دعاء الفاتحة ﴿ إياك نعبد وإياك نستعين ﴾ فنحن مأمورون بهذا الدعاء في كل صلاة
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : تأملت أنفع الدعاء فإذا هو سؤال الله العون على مرضاته ، ثم رأيته في الفاتحة في إياك نعبد وإياك نستعين . ا.هـ
ومن الدعاء ما علمه النبي ﷺ معاذ بن جبل رضي الله عنه إذ قال له : أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ "

ومن أسباب إعانة الله لعبده التوكل قال تعالى : ﴿ ومن يتوكل على الله فهو حسبه ﴾ أي كافيه فمن توكل على الله كفاه.
وقال ﷺ: لو أنكم توكلون على الله حق توكله ، لرزقكم كما يرزق الطير ، تغدو خماصا ، وتروح بطانا. رواه الترمذي.
والتوكل هو صدق اعتماد القلب على الله مع فعل الأسباب المشروعة.

ومما يعين الله به عبده - وهو من التوكل - قول : حسبنا الله ونعم الوكيل قال تعالى:
﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴾
فهذه الكلمة ( حسبنا الله ونعم الوكيل ) كلمة عظيمة، قالها إبراهيم عليه الصلاة والسلام حين ألقي في النار، وقالها محمد رسول الله ﷺ حين قال له الناس: (إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل).
فهي كلمة قالها الأنبياء والصحابة فنصرهم الله
وكفى بالله وكيلا.

ومن أسباب إعانة الله لعبده قول لاحول ولا قوة إلا بالله فإنها كلمة استعانة.
ومعناها: لا انتقال من حال إلى حال ولا قوة عليه إلا بمعونة الله.
وهذه الكلمة كنز من كنوز الجنة فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال له: يا عبد الله بن قيس، قل : لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنها كنز من كنوز الجنة. رواه البخاري ومسلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: قول: لا حول ولا قوة إلاَّ بالله يوجب الإعانة. ا.هـ

ومن أسباب الإعانة : الاستغفار قال تعالى:
﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا ﴾
والاستغفار هو طلب مغفرة الله للذنوب التي هي أعظم موانع الخير والتوفيق ، فمن سلم من الذنوب وفق لكل خير.

ومن أسباب عون الله للعبد الصلاة قال تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾
فأمْرُ الله بالاستعانة بها دليل على أنها من أسباب الإعانة
وقال تعالى آمرا نبيه ﷺ بقيام الليل: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قليلا * نِّصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ﴾
ففي الآيات الأمر بقيام الليل لأن الله سيلقي عليه قولًا ثقيلًا ، فدل على أن قيام الليل سبب لعون الله عز وجل لعبده.
وكذلك الصبر من الأسباب المعينة على الخير
فلاتُنال معية الله المتضمنة للتوفيق والتسديد إلا بالصبر قال تعالى : ﴿ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾
ومن كان الله معه يسر الله له الخير وأعانه عليه.
وقال ﷺ : من يتصبر يصبره الله. رواه البخاري


ومن أسباب إعانة الله لعبده إعانة الناس بقضاء حاجاتهم وتفريج كرباتهم قال ﷺ : من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة. رواه البخاري ومسلم.

اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك...
المرفقات

851.doc

المشاهدات 6463 | التعليقات 0