أزمة الاقتصاد المزمنة عربيا !! د.زياد الشامي
احمد ابوبكر
1438/05/17 - 2017/02/14 03:59AM
ليست أزمة واحدة بل أزمات , وليست مرحلية أو آنية أو مؤقتة بل مزمنة ودائمة ومستمرة ..... تلك هي حال بعض الدول العربية من الناحية الاقتصادية , فعلى الرغم من وفرة الموارد الطبيعية في تلك الدول , وغناها بالكثير من الخيرات والمواد الأولية التي حباها الله بها , وهو ما يؤهلها لأن تكون من أغنى دول العالم وأكثرها رفاهية وتقدما ......إلا أن واقع الحال يشير دائما إلى عكس ذلك تماما , فما زالت الأزمات الاقتصادية تعصف بتلك الدول منذ عقود , وتزداد ضراوة وشدة مع توالي الأيام .
لا شك ان الكثير من العوامل والأسباب هي التي أدت إلى نشوء تلك الأزمات واستمرارها بل وتضخمها مع مرور الأيام , أبرزها الحياة السياسية التي لم يعد هناك من يشك بدورها الرئيسي في استقرار الحالة الاقتصادية أو اضطرابها وتدهورها , بالإضافة لشيوع الفساد المالي وتفشيه في تلك الدول , والذي أدى إلى نهب خيرات البلاد , وتحويلها من دول كان من المفترض أن تكون منتجة ومصنعة ومصدرة , إلى دول ما زال الكثير منها مستهلكة ومستوردة .
وإذا أضفنا إلى ما سبق سوء إدارة موارد تلك البلاد بشكل صحيح , وغياب الشفافية و الخطط التنموية عن أجندة الكثير من حكومات تلك الدول , وعدم التعامل مع الطاقات الهائلة الموجودة داخل البلاد بشكل فعال ..... فإن النتيجة الطبيعية لذلك هو التدهور الاقتصادي السريع , والتعرض المستمر للتضخم وارتفاع الأسعار بشكل جنوني .
يكفي الاطلاع على بيانات بعض احصائيات تلك الدول لمعرفة مستوى التدهور الاقتصادي الذي وصلت إليه , وما يستتبعه ذلك من آثار سلبية لا تقتصر على استمرار ما يعانيه المواطن العربي فيها من البطالة وقلة الأجور وارتفاع الأسعار بشكل هستيري وجنوني مؤخرا.... بل تطال مؤسسات الدولة وسيادتها واستقلالها , حيث لا يخفى ما يستتبعه التدهور الاقتصادي من الاضطرار للجوء للقروض من الدول الغنية والمنظمات المالية الدولية التابعة عمليا للغرب عموما , وما يعنيه ذلك من التدخل السافر بسيادة الدولة , والتأثير على قرارها السياسي , بل ربما يصل التدخل والتأثير السلبي إلى هوية الدولة , دون أن تودي تلك القروض إلا إلى مزيد من التدهور والانهيار الاقتصادي .
لقد كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر في تقرير له أمس عن ارتفاع معدل التضخم السنوي ( من كانون الثاني/ يناير 2016 إلى كانون الثاني/ يناير 2017) إلى مستويات قياسية حيث بلغ 29.6 في المئة، للمرة الأولى منذ عام 1986، مشيرا إلي أن المعدلات الشهرية للتضخم ارتفعت خلال شهر يناير الماضي فقط بنحو 4.3% مقارنة بشهر ديسمبر 2016.
وأرجع التقرير ارتفاع معدلات التضخم الشهري إلى زيادة أسعار اللحوم والدواجن والحبوب والمواد الغذائية والأثاث والسلع والخدمات المتنوعة , وهو ما يفاقم من سوء الأوضاع المعيشية للمواطن المصري أكثر مما هي عليه ، حيث يؤكد خبراء أن ارتفاع معدلات التضخم بهذه الطريقة هو أعلى معدل ارتفاع في الرقم العام للأسعار منذ أكثر من 30 عاما .
وإذا كانت الحالة السياسية المضطربة التي تعيشها مصر منذ عزل اول رئيس منتخب فيها في الـ 3 من يوليو عام 2013م هي السبب الرئيسي في تدهور الحالة الاقتصادية وترديها إلى هذا المستوى غير المسبوق ..... فإن الحرب التي يشنها النظام النصيري على الشعب السوري لمجرد مطالبته ببعض حقوقه المشروعة كانت وراء التدهور الاقتصادي الرهيب الذي أصاب عاصمة الأمويين دمشق .
فمن المعلوم أن من أبرز سمات ظاهرة التضخم الاقتصادي انخفاض قيمة العملة مقابل أسعار السلع والخدمات ، والذي يعبر عنه بـ"انخفاض القوة الشرائية" , وهو ما حصل في سورية بصورة مطردة بعد انطلاق ثورتها المباركة , حيث انخفضت قيمة الليرة السورية الشرائية إلى عُشر قيمتها قبل بداية الثورة , ما يعني أن الأسعار تضاعفت عشر أمثالها وربما أكثر , مع فقدان الكثير من المواد من الأسواق وندرة بعضها الآخر , ناهيك عن أزمات خانقة في الكهرباء والطاقة والمحروقات .
أما في الأردن فربما تكون للأزمة الاقتصادية هناك أسباب إضافية أخرى غير التي ذكرت سابقا , إلا أن ما يعنينا أنها تعاني أيضا من تدهور في الاقتصاد ملحوظ , فقد توالت الحملات التي أطلقها ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي في الأردن مؤخرا ، احتجاجا منهم على الإجراءات التقشفية التي أقرّتها الحكومة ، وأدت إلى ارتفاع أسعار المحروقات ، وسلع عديدة .
وعبر عناوين بعض تلك الحملات كــ "سكّر خطّك" ، و "صف سيارتك"، وحملات أخرى لمقاطعة "البيض، والبطاطا" أكد ناشطون أن الهدف من أمثال تلك الحملات هو : إيصال رسالة إلى صناع القرار في المملكة، تتعلق بصعوبة الوضع الاقتصادي الذي وصل إليه المواطنون، وعدم قدرتهم على احتمال المزيد من الارتفاعات في الأسعار والرسوم والضرائب.
و في الجزائر وصل معدل التضخم السنوي في الشهر الأخير من السنة الماضية 6.4% حسب تقديرات الديوان الجزائري للإحصائيات ......
لم تكن الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها تلك الدول العربية ....وغيرها وليدة انطلاق ثورات ما يسمى "الربيع العربي" , بل هي متجذرة في تلك الدول قبل ذلك بعقود , ما يشير إلى أنها أزمات مزمنة وليست حديثة , و تحتاج إلى حلول جذرية لا يبدو أنه سيتم تبنيها في القريب العاجل .
لا شك ان الكثير من العوامل والأسباب هي التي أدت إلى نشوء تلك الأزمات واستمرارها بل وتضخمها مع مرور الأيام , أبرزها الحياة السياسية التي لم يعد هناك من يشك بدورها الرئيسي في استقرار الحالة الاقتصادية أو اضطرابها وتدهورها , بالإضافة لشيوع الفساد المالي وتفشيه في تلك الدول , والذي أدى إلى نهب خيرات البلاد , وتحويلها من دول كان من المفترض أن تكون منتجة ومصنعة ومصدرة , إلى دول ما زال الكثير منها مستهلكة ومستوردة .
وإذا أضفنا إلى ما سبق سوء إدارة موارد تلك البلاد بشكل صحيح , وغياب الشفافية و الخطط التنموية عن أجندة الكثير من حكومات تلك الدول , وعدم التعامل مع الطاقات الهائلة الموجودة داخل البلاد بشكل فعال ..... فإن النتيجة الطبيعية لذلك هو التدهور الاقتصادي السريع , والتعرض المستمر للتضخم وارتفاع الأسعار بشكل جنوني .
يكفي الاطلاع على بيانات بعض احصائيات تلك الدول لمعرفة مستوى التدهور الاقتصادي الذي وصلت إليه , وما يستتبعه ذلك من آثار سلبية لا تقتصر على استمرار ما يعانيه المواطن العربي فيها من البطالة وقلة الأجور وارتفاع الأسعار بشكل هستيري وجنوني مؤخرا.... بل تطال مؤسسات الدولة وسيادتها واستقلالها , حيث لا يخفى ما يستتبعه التدهور الاقتصادي من الاضطرار للجوء للقروض من الدول الغنية والمنظمات المالية الدولية التابعة عمليا للغرب عموما , وما يعنيه ذلك من التدخل السافر بسيادة الدولة , والتأثير على قرارها السياسي , بل ربما يصل التدخل والتأثير السلبي إلى هوية الدولة , دون أن تودي تلك القروض إلا إلى مزيد من التدهور والانهيار الاقتصادي .
لقد كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر في تقرير له أمس عن ارتفاع معدل التضخم السنوي ( من كانون الثاني/ يناير 2016 إلى كانون الثاني/ يناير 2017) إلى مستويات قياسية حيث بلغ 29.6 في المئة، للمرة الأولى منذ عام 1986، مشيرا إلي أن المعدلات الشهرية للتضخم ارتفعت خلال شهر يناير الماضي فقط بنحو 4.3% مقارنة بشهر ديسمبر 2016.
وأرجع التقرير ارتفاع معدلات التضخم الشهري إلى زيادة أسعار اللحوم والدواجن والحبوب والمواد الغذائية والأثاث والسلع والخدمات المتنوعة , وهو ما يفاقم من سوء الأوضاع المعيشية للمواطن المصري أكثر مما هي عليه ، حيث يؤكد خبراء أن ارتفاع معدلات التضخم بهذه الطريقة هو أعلى معدل ارتفاع في الرقم العام للأسعار منذ أكثر من 30 عاما .
وإذا كانت الحالة السياسية المضطربة التي تعيشها مصر منذ عزل اول رئيس منتخب فيها في الـ 3 من يوليو عام 2013م هي السبب الرئيسي في تدهور الحالة الاقتصادية وترديها إلى هذا المستوى غير المسبوق ..... فإن الحرب التي يشنها النظام النصيري على الشعب السوري لمجرد مطالبته ببعض حقوقه المشروعة كانت وراء التدهور الاقتصادي الرهيب الذي أصاب عاصمة الأمويين دمشق .
فمن المعلوم أن من أبرز سمات ظاهرة التضخم الاقتصادي انخفاض قيمة العملة مقابل أسعار السلع والخدمات ، والذي يعبر عنه بـ"انخفاض القوة الشرائية" , وهو ما حصل في سورية بصورة مطردة بعد انطلاق ثورتها المباركة , حيث انخفضت قيمة الليرة السورية الشرائية إلى عُشر قيمتها قبل بداية الثورة , ما يعني أن الأسعار تضاعفت عشر أمثالها وربما أكثر , مع فقدان الكثير من المواد من الأسواق وندرة بعضها الآخر , ناهيك عن أزمات خانقة في الكهرباء والطاقة والمحروقات .
أما في الأردن فربما تكون للأزمة الاقتصادية هناك أسباب إضافية أخرى غير التي ذكرت سابقا , إلا أن ما يعنينا أنها تعاني أيضا من تدهور في الاقتصاد ملحوظ , فقد توالت الحملات التي أطلقها ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي في الأردن مؤخرا ، احتجاجا منهم على الإجراءات التقشفية التي أقرّتها الحكومة ، وأدت إلى ارتفاع أسعار المحروقات ، وسلع عديدة .
وعبر عناوين بعض تلك الحملات كــ "سكّر خطّك" ، و "صف سيارتك"، وحملات أخرى لمقاطعة "البيض، والبطاطا" أكد ناشطون أن الهدف من أمثال تلك الحملات هو : إيصال رسالة إلى صناع القرار في المملكة، تتعلق بصعوبة الوضع الاقتصادي الذي وصل إليه المواطنون، وعدم قدرتهم على احتمال المزيد من الارتفاعات في الأسعار والرسوم والضرائب.
و في الجزائر وصل معدل التضخم السنوي في الشهر الأخير من السنة الماضية 6.4% حسب تقديرات الديوان الجزائري للإحصائيات ......
لم تكن الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها تلك الدول العربية ....وغيرها وليدة انطلاق ثورات ما يسمى "الربيع العربي" , بل هي متجذرة في تلك الدول قبل ذلك بعقود , ما يشير إلى أنها أزمات مزمنة وليست حديثة , و تحتاج إلى حلول جذرية لا يبدو أنه سيتم تبنيها في القريب العاجل .