أرجو أن يستفيد منه كل خطيب لحاجة المصلين

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
إخوة الإيمان والعقيدة ... يذكر أحد إئمة المساجد ( إمام مسجد ) أن لديه مشكلة في المسجد، وهي كثرة الصلاة على الكرسي، وخصوصًا وجود الكراسي في الصف الأول، بل تعجب من وجود مصلى على الكرسي خلفه تمامًا.
فقام الإمام بعمل مجموعة كراسي متصلة ووضعها بين السواري ( الأعمدة ) وسحب كل الكراسي المنفردة من المسجد. والمفاجأة أن كثيرا ممن كان يصلي على الكرسي صلَّ قائما وركع وسجد مع المصلين جماعة. فبسؤالهم تبين أن هؤلاء لا يفقهون ولا يعرفون حكم القيام في الصلاة، لمجرد أن يتعب صلَّى على الكرسي ولو كان يقدر على القيام.
أيها المصلون ... أنه طرأت في السنوات الأخيرة ظاهرةٌ ملفتة، سرعان ما انتشرت في مساجد المسلمين بصورة ملحوظة جدا، ألا وهي كثرةُ الكراسي في المساجد، وكثرة المصلين عليها. لقد كنا قبل عشر سنوات تقريبا لا نكاد نرى في المسجد سوى كرسي أو اثنين، بل وتخلو كثير من المساجد من الكراسي، أما اليوم فلو دخلت أي مسجد سيلفت نظرَك كثرتُها في جنبات المسجد.
لا أريد أن أطيل عليكم بذكر أهمية الصلاة وبيان منزلتها في الإسلام، فإن الجميع لا يخفى عليه ذلك. لكن دعونا نتذاكر معكم شيئًا من أحكام الصلاة على الكرسي، وأين يكون موضع الكرسي في الصف؟
عباد الله ... من القواعد المهمة جدا: أن الصلاة لا تسقط عن المسلم ما دام عقله معه، لكن يسقطُ عنه كلُّ ما يعجز عنه من الأركان والواجبات والشروط، كالطهارة والقيام وإزالة النجاسة وستر العورة، وغير ذلك، لكن لا تسقط عنه الصلاة بالكلية، وإنما يصلي على حسب حاله ما دام العقل باقيًا، كما قال تعالى ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُم ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم ).
واعلموا .. أنه ليس كلُّ مشقَّة أو عذر يسقط به الركنُ في الصلاة، فضابط هذا الأمر أن يلحقَ المصليَ عند الإتيان به مشقَّةٌ معتبرةٌ أو زيادةٌ في المرض.
ثم اعلموا .. أن القيام والركوع والسجود من أركان الصلاة ، فمن استطاع فعلها وجب عليه فعلها على هيئتها الشرعية ، ومن عجز عنها لمرضٍ أو كبر سنٍّ فله أن يجلس على الأرض أو على كرسي. قال تعالى ( حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ) وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال : كانت بي بواسير فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فقال ( صَلِّ قَائِمًا ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ ) وقد أجمع أهل العلم على أن من لا يطيق القيام له أن يصلي جالساً ولا إعادة عليه ولا ينقص ثوابه؛ لأنه معذور، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا ) وبناءً على ذلك : فإن من صلى الفريضة جالساً وهو قادر على القيام فصلاته باطلة .
ومما ينبغي التنبه له : أنه إذا كان عاجزاً عن القيام جاز له الجلوس على الكرسي أثناء القيام، لكن لا يبيح له هذا العذر الجلوس على الكرسي أثناء الركوع والسجود. بل يأتي بالركوع والسجود على هيئتهما.
فإن كان يستطيع القيام لكن يشقُّ عليه الركوع والسجود ففي هذه الحال يصلي قائماً ثم يجلس على الكرسي عند الركوع والسجود، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه. فإن استطاع إن يومئ بالركوع وهو قائم، ثم يجلس فيومئ بالسجود فهذا أفضل.
قال الفقهاء: لا يترك الميسور من أجل المعسور، والمعنى أن المسلم إذا قدر على بعض الواجب وعجز عن بعضه؛ فيأتي بما يقدر عليه.
ولو لم يقدر إلا على تكبيرة الإحرام؛ وجب عليه أن يأتي بها قائمًا ثم يجلس.
عباد الله ... ومما ينبغي التنبيه له بيان وضع الكرسي في الصف فقد ذكر العلماء رحمهم الله أن العبرة فيمن صلى جالساً – في صلاته كلها - مساواة الصف بمقعدته، فلا يتقدم أو يتأخر عن الصف بها، لأنها الموضع الذي يستقر عليه البدن. بحيث تكون أرجل الكرسي الخلفية بحذاء المصلين في الصف.
فإن كان سيصلي قائماً، غير أنه سيجلس على الكرسي أثناء الركوع والسجود .. فإن العبرة بالقيام فيحاذي الصف عند قيامه بالمنكب والقدم، وينبغي أن يكون متأخرا عن الصف، بحيث يكون في موضع لا يتأذى به من خلفه من المصلين.
فنسأل الله أن يفقهنا في الدين، ويرزقنا الإخلاص في القول والعمل.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
معاشر المؤمنين ... يعمد بعض الناس من الرجال أو النساء الذين لا يقدرون على السجود إلى وضع شيء مرتفع يسجدون عليه، كوسادة أو مركى، وظهر هذا في بعض الكراسي التي صنعت للصلاة، وفيها ما يشبه الطاولة المنجدة للسجود.
فاعلموا .. أنه ليس في السنة أن تضع وسادة أو شيئًا تسجد عليه، بل هذا إلى الكراهة أقرب، لأنه من التنطع والتشدد في دين الله، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد مريضًا فرآه يصلي على وسادة فأخذها فرمى بها، وقال ( صلِّ على الأرض إن استطعت، وإلا فأوم إيماء، واجعل سجودك أخفض من ركوعك ).
جاء في (فتاوى اللجنة الدائمة) : العاجز عن القيام يصلي قاعدا على الأرض أو على كرسي إن كان أرفق به ، ويركع ويسجد في الهواء ، ويجعل السجود أخفض من الركوع إذا كان لا يستطيع السجود على الأرض ، ولا يشرع له اتخاذ ماصة ووسادة يسجد عليها.
عباد الله ... الصلاة عبادة عظيمة، وعلى المسلم المحافظة عليها وأدائها بالصفة المشروعة ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) وعلى المصلي أن يتعلم الأحكام الفقهية المتعلقة بهذه العبادة العظيمة ... سائلين المولى أن يتقبل منا صالح الأقوال والأعمال.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
المشاهدات 1062 | التعليقات 0