أربع وقفات بمناسبة الامتحان الدراسي
مبارك العشوان 1
الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } [النساء 1] { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } [آل عمران 102] { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } [الأحزاب:70 ـ 71 ]
عِبَادَ اللهِ: بَعْدَ غَدٍ مَوعِدُ الاِمْتِحَانِ الدِّرَاسِيِ، وَبِمُنَاسَبَتِهِ هَذِهِ بَعْضُ الوَقَفَاتِ وَالوَصَايَا؛ لِلطُّلَّابِ، وَمُعَلِّمِيهِمْ وَأَوْلِيَاءِ أُمُورِهِمْ، نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَنْفَعَ بِهَا.
الوَقْفَةُ الأُوْلَى: جُدُّوا - أَيُّهَا الطُّلَّابُ - وَاجْتَهِدُوا، اِصْبِرُ وَصَابِرُوا، اُبذُلُوا السَّبَبَ، وَسَلُوا اللهَ تَعَالَى العَونَ وَالتَّوفِيقَ وَالسَّدَادَ؛ يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: ( احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ ) [رَوَاهُ مُسْلِمٌ]
عَلَيْكُمْ بِكَثْرَةِ المُذَاكَرَةِ، وَاخْتِيَارِ الوَقْتِ المُنَاسِبِ وَالمَكَانِ الهَادِئ.
إِيَّاكُمْ وَالتَّوَتُّرَ وَالقَلَقَ؛ فَرُبَّمَا كَانَا سَبَبًا فِي تَشْتِيتِ الذِّهْنِ وَضَيَاعِ المَعْلُومَاتِ.
إِيَّاكُمْ وَالسَّهَرَ؛ فَإِنَّهُ يُفْضِي لِلْإِعْيَاءِ وَالكَسَلِ وَضَعْفِ التَّرْكِيزِ، وَقَدْ يُؤَدِّي إِلَى تَضْيِيعِ صَلَاةِ الفَجْرِ؛ وَلَرُبَّمَا اسْتَيْقَظَ الطَّالِبُ مُتَأّخِّرًا فَسَارَعَ إِلَى الاِمْتِحَانِ وَلَمْ يُصَلِّ الفَرِيضَةَ بَعْدُ؛ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ) [رَوَاهُ مُسْلِمٌ]
هَذَا فِي سُنَّةِ الفَجْرِ؛ فَمَا ظَنُّكُمْ بِالفَرِيضَةِ.
الوَقْفَةُ الثَّانِيَةُ: إِيَّاكُمْ - مَعْشَرَ الطُّلَّابِ - وَالغِشَّ؛ تَجَنَّبُوهُ بِكُلِّ صُوَرِهِ؛ وَاعْلَمُوا أَنَّهُ مُحَرَّمٌ؛ سَوَاءً كَانَ فِي المُعَامَلَاتِ، أَوْ كَانَ فِي الاِمْتِحَانَاتِ؛ بِأَيِّ طَرِيقَةٍ كَانَ، وَفِي أَيِّ مَادَّةٍ كَانَتْ؛ فَقَدْ تَبَرَّأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ غَشَّ؛ فَقَالَ: ( مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي ) [رَوَاهُ مُسْلِمٌ]
الوَقْفَةُ الثَّالِثَةُ: اِحْذَرُوا أَشَدَّ الحَذَرِ جُلَسَاءَ السُّوءِ؛ شَيَاطِينَ الإِنْسِ؛ دُعَاةَ الشَّرِّ؛ وَمُرَوجِي المُخَدِّرَاتِ؛ اِحْذَرُوا مَكْرَهُمْ وَخِدَاعَهُمْ، وَاسْتِغْلَالَهُمْ هَذِهِ الأَيَّامَ لِنَفْثِ سُمُومِهِمْ، وَإِفْسَادِ مُجْتَمَعِهِمْ، لَيُوقِعُوا الشَّبَابَ وَالفَتَيَاتِ فِي هَذَا البَلَاءِ، ثُمَّ بَعْدَهُ فِي الجَرِيمَةِ تِلْوَ الجَرِيمَةِ.
تَنَبَّهُوا أَيُّهَا الطُّلَّابُ لِهَذِهِ المَخَاطِرِ، وَتَنَبَّهُوا أَيُّهَا الأَوْلِيَاءُ وَأَيُّهَا المُعَلِّمُونَ، وَأَيُّهَا المَسْؤُولُونَ؛ حَذِّرُوا أَبْنَاءَكُمْ وَبَنَاتِكُمْ مِنْ جُلَسَاءِ، وَجَلِيسَاتِ السُّوءِ، مِنْ صُحْبَتِهِمْ، أَوِ الرُّكُوبِ مَعَهُمْ، أَوْ حَتَّى الوُقُوفِ أَوِ الحَدِيثِ مَعَهُمْ.
تَنَبَّهُوا أَيُّهَا النَّاسُ؛ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مَا لَا تَحْمَدُونَ، ثُمَّ يَنْدَمُ الإِنْسَانُ حَينَ لَا يَنْفَعُ النَّدَمَ.
لْيَتَعَاوَنِ الجَمْيْعُ، عَلَى البِرِّ، وَالتَّقْوَى، وَالإِصْلَاحِ، لِيَتَعَاوَنِ الجَمِيعُ، وَلْيَكُونُوا يَدًا وَاحِدَةً فِي مُحَاصَرَةِ الفَسَادِ وَالتَّضْيِيقِ عَلَى المُفْسِدِينِ.
يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }[ المائدة 2]
حَفِظَ اللهُ الجَمِيعَ مِنْ كُلِّ سُوءٍ.
وَبَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ العَظِيمِ وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الآيِ وَالذِّكْرِ الحَكِيمِ، وَأَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ الجَلِيلَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمْ.
الخطبة الثانية:
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَالوَقْفَةُ الرَّابِعَةُ - وَهِيَ مِنْ أَهَمِّ مَا يَنْبَغِي التَّنَبُّهُ لَهُ أَيَّامَ الاِمْتِحَانِ -: أَنَّهُ عِنْدَمَا يُنْهِي الطَّالبُ امْتِحَانَهُ؛ وَيَنْتَظِرُ وَلِيَّ أَمْرِهِ، أَوِ السَّائِقَ لِيُوصِلَهُ إِلَى مِنْزِلِهِ؛ قَدْ يَتَأَخَّرُونَ عَلَيهِ؛ وَيَطُولُ التَّأَخُّرُ أَحْيَانًا، وَقَدْ يَتَعَرَّضُ الطَّالِبُ أَوِ الطَّالِبَةُ لِبَعْضِ الْأَخْطَارِ؛ كَحَوَادِثِ السَّيَّارَاتِ، أَوْ المُشَاجَرَاتِ، أَوْ غَيْرِهَا مِمَّا هُوَ أَخْطَرُ مِنْهَا؛ كَالمُضَايَقَاتِ وَالمُعَاكَسَاتِ، وَالتَّحَرُّشِ؛ مِنْ أَهْلِ الطَّيْشِ وَالفِسْقِ وَالأَخْلَاقِ الرَّذِيلَةِ.
وَإِنَّ عَلَى وَلِي أَمْرِ الطَّالِبِ وَالطَّالِبَةِ؛ أَنْ يَعْرِفَ جَدْوَلَ الاِمْتِحَانِ، ومَوْعِدَ اِبْتِدَائه وَانْتِهَائِهِ؛ وَيَأْتِيَ إِلَيْهِمْ فِي الوَقْتِ المُحَدَّدِ، وَعَلَيْهِمْ أَنْ يَبْقَوا دَاخِلَ أَسْوَارِ المَدْرَسَةِ حَتَّى يَأْتِي أَوْلِيَاؤُهُمْ.
كَمَا أَنَّ عَلَى المَدْرَسَةِ فِي هَذَا مَسْؤُولِيَّةٌ كُبْرَى، وَعَلَى كُلِّ مَسْؤُولٍ أَنْ يَتَّقِيَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَنْ تَحْتَ رِعَايَتِهِ مِنَ الطُّلَّابِ وَالطَّالِبَاتِ؛ فَهُمْ أَمَانَةٌ؛ وَلَا بُدَّ مِنْ حِفْظِهَا وَرِعَايَتِهَا.
ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا رَحِمَكُمُ اللهُ عَلَى مَنْ أَمَرَكُمُ اللهُ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيهِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }الأحزاب 56
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.
اللَّهُمَّ أصْلِحْ أئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلَاةَ أمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، اللَّهُمَّ خُذْ بِنَوَاصِيهِمْ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا وَإِيَّاهُمْ لِهُدَاكَ، واجْعَلْ عَمَلَنَا فِي رِضَاكَ، اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَنَا وَدِينَنَا وَبِلَادَنَا بِسُوءٍ فَرُدَّ كَيْدَهُ إِلَيهِ، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ تَدْمِيرًا عَلَيهِ، يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ.
عِبَادَ اللهِ: اُذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ وَلَذِكْرُ اللهِ أكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
المرفقات
1717026740_أربع وقفات بمناسبة الامتحان الدراسي.pdf
1717026856_أربع وقفات بمناسبة الامتحان الدراسي.docx