أدعياء الوطنية لفضيلة الشيخ صالح الجبري

منصور الفرشوطي
1433/11/11 - 2012/09/27 19:55PM
بسم الله الرحمن الرحيم
أدعياء الوطنية
ارتباط الإنسان بوطنه وبلده، مسألة متأصلة في النفس، فهو مسقط الرأس ومستقر الحياة، ومكان العبادة، ومحل المال والعرض، ومكان الشرف، على أرضه يحيا، ويعبد ربه، ومن خيراته يعيش، ومن مائه يرتوي، وكرامته من كرامته، وعزته من عزته به يعرف، وعنه يدافع.
والوطن نعمة من الله على الفرد والمجتمع، ومحبة الوطن طبيعة طبع الله النفوس عليها وقد ضرب النبي محمد صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في تعليم أمته الانتماء للأوطان فعندما أخرجته قريش من مكة وقف على مشارفها، والتفت إلى وديانها وجبالها قائلاً: (ما أطيبك من بلد، وما احبك إليَّ، ولو لا أن قومي أخرجوني منك، ما سكنت غيرك) الترمذي.
ما أروعها من كلمات قالها الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، وهو يودع وطنه، إنها كتشف عن حب عميق، وتعلق كبير بالوطن، بمكة المكرمة، بحلها وحرَمها، وصخورها، بمائها، وهوائها.
هواؤها عليل ولو كان محملاً بالغبار، وماؤها زلال ولو خالطه الأكدار، وتربتها دواء ولو كانت قفارا.
ولقد ثبت في الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في الرقية (بِسْمِ اللَّهِ تُرْبَةُ أَرْضِنَا بِرِيقَةِ بَعْضِنَا يُشْفَى سَقِيمُنَا بِإِذْنِ رَبِّنَا) البخاري ومسلم قال الحافظ: كانت العرب إذا غزت، أو سافرت، حملت معها من تربة بلدها رملاً وعفراً تستنشقه.
إنها الأرض التي ولد فيها، ونشأ فيها، وشب فيها، وتزوج فيها، فيها ذكريات لا تنسى، فالوطن ذاكرة الإنسان فيها الأحباب والأصحاب، فيها الآباء والأجداد.
إنه يحب وطنه وهذا من طبيعة الإنسان، فقد فطره الله على حب الأرض والديار قال الحافظ الذهبي: معدداً طائفة من محبوبات رسول الله صلى الله عليه وسلم: وكان يحب عائشة، ويحب أباها، ويحبُ أسامه، ويحب سبطية، ويجب الحلواء والعسل ويحب وطنه.
لذلك عندما حانت ساعة الرحيل من مكة فاض قلبه بكلمات الوداع وعبر لسانه عن حزنه لإخراجه من وطنه كما قال تعالى: (إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (التوبة: 40).
ولما كان الخروج من الوطن قاسياً على النفس، صعباً عليها، فقد كان من فضائل المهاجرين أنهم ضحوا بأوطانهم في سيبل الله، وللمهاجرين على الأنصار أفضلية ترك الوطن، مما يدل على أن ترك الوطن ليس بالأمر السهل على النفس، وقد مدحهم الله سبحانه وتعالى على ذلك فقال تعالى: (لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) (الحشر: 8).
وقد اقترن حب الأرض في القرآن الكريم بحب النفس قال تعالى: (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً) (النساء: 66).
واقترن في موضع آخر بالدين (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الممتحنة:8).
وكل هذا يدل على تأثير الأرض، وعلى أن طبيعة الإنسان التي طبعه الله عليها حب الوطن والديار.
وهنا يطرح سؤال مهم وهو: هل حب الوطن يتعارض مع الولاء للدين؟
والجواب: كما قال الشيخ محمد الغزالي أن البشر يألفون أرضهم على ما بها حتى ولو كانت قفراً مستوحشاً، وحب الوطن غريزة متأصلة في النفوس، تجعل الإنسان يستريح إلى البقاء فيه، ويحن إليه إذا غاب عنه، ويدافع عنه إذا هوجم، ويغضب له إذا انتقص، والوطنية بهذا التحديد الطبيعي شيء غير مستغرب، وهذه السعادة به، وتلك الكآبة لتركه مشاعر إنسانية لا غبار عليها ولا اعتراض، ولا يجوز أن تكون مفهوماً مشوهاً يعارض به الولاء للدين.
فالإسلام لا يغير انتماء الناس إلى أرضهم ولا شعوبهم ولا قبائلهم، فقد بقي بلال حبشياً، وصهيب رومياً، وسلمان فارسياً، ولم يتضارب ذلك مع انتمائهم للإسلام وعندما يفكر الإنسان في طبيعته فسيجد أن له محبة وولاء وانتماء لأسرته وعشيرته وأهل قريته أو مدينته، كما يحس بالانتماء الكبير للأمة الإسلامية باتساعها وتلون أعراقها ولسانها، ولا تعارض بين هذه الانتماءات ولا مساومة عليها، بل هي دوائر يحوي بعضها بعضاً.
لذلك من المغالطة الإيهام بالتعارض بين الوطنية بمفهومها الطبيعي وبين الإسلام بل إن هذه المغالطة ليست إلا حيلة للنيل من الإسلام، واستغلالاً للمحبة الغريزية للوطن لإيهام الناس بأن التمسك بتفاصيل الشريعة يعطل بعض مصالح الوطن، وذلك عبر مصادمة أحكام الشريعة لمطالب الوطنية.
ولأننا لا نريد أن نقابل غلواً بغلو، فيجب ألا نستفز من قبل من غالى في الوطنية ورفع شعارها نداً للإسلام ليجعلنا نتجاهل حقوق الوطن ونتساهُل فيها، ويجب ألا نسير خلف الشعارات المستوردة والمصطلحات الدخيلة، وإن المفهوم المستورد للوطنية مفهوم يرفضه الإسلام وهو مستحدث في ثقافتنا وحضارتنا، وهو معنى فاسد حين يجعله الإنسان وثناً تسخر له كل المبادئ حتى لو عارضت الإسلام، فالوطنية ليست ولاءً وبراءً فوق العقيدة، وليست مجرد احتفالات ومظاهر شكلية ، وليست مجرد مادة دراسية باسم التربية الوطنية إن الوطنية عقيدة فكرية، وتربية نفسية، نزرعها في نفوس أبنائنا.
إن جوهر الوطنية عقيدة صحيحة، وبيعة في العنق، وأداء للحق، وولاء وطاعة، وثمة فروع ربما تختلف فيها أنظار العلماء، وربما يكون بعضها دخيلاً على الوطنية، ولا يدل عليها، وإنّ من الخطر أن تختطف الوطنية، وتبتدع عليها المعايير الشكلية، ثم يفتن الناس بها ويمتحنون بناءً عليها، فتربط الوطنية بتعليق الصور أو تحِية العلم الوطني أو الاحتفال بيوم الوطن، أو منح الإجازات الموظفين وتجعل هذه الأمور هي محكات المواطنة الصحيحة، فمن قام بها فهو المواطن المخلص، ومن تحرج منها فوطنيته مشكوك فيها وولاؤه فيه نظر، ولو كان أميناً مخلصاً آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر.
إن الوطنية الصحيحة تتجلى في عدة أمور منها:
أولاً: الدعاء للوطن بكل خير وأمن وسخاء ورخاء فقد دعا الرسول صلى الله عليه وسلم لوطنه قائلاً: (اللهم أجعل بالمدينة ضعفي ما جعلت بمكة من البركة) وقبله دعاء إبراهيم عليه السلام كما حكى الله عنه (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ) (إبراهيم: 35).
ثانياً: دعم الوحدة الوطنية وتأمين الجبهة الداخلية وتقوية الأواصر بين جميع مكونات الوطن، ونبذ الفرقة والعنصرية وإثارة النعرات عملاً بقوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (الحجرات:10).
ثالثاًً: التخلي عن الحقد والضغينة والأنانية والانتهازية وغيرها من الأخلاق والسلوكيات والممارسات السلبية.
رابعاً: الدفاع عن الوطن ضد أي هجمة تستهدف عقيدته أو هويته أو ترابه أو مكوناته وحمايته من التهديدات والمخاطر التي تهدده.
خامساً: تنمية صلة الأرحام لقوله تعالى: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) (محمد: 22).
والإحسان إلى الجيران أيضاً أليسوا شركاء في الوطن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يدخلُ الجنة من لا يأمن جاره بوائقه) إلى جانب حب الخير لإخوانه من أبناء وطنه كما قال صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه). وهكذا أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (المائدة: 2). أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم.



الخطبة الثانية:
أيها الإخوة المؤمنون :
إن حب الوطن هو بالقيام بمسؤولياته وحفظ أماناته وأدائه إلى أهلها والمحافظة على ثرواته وخيراته وعدم العبث وليس سرقة الوطن والمواطنين بحجة أن هذا المال مال الدولة وأنا ابن الدولة لا أنت مؤتمن على كل ما يوكل إليك من أعمال، وراع في أمارتك، أو وزارتك، أو إداراتك، أو مكتبك وأنت راع لمن ولاك ولي الأمر عليهم من العاملين يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) متفق عليه وقال (إنّ الله سائل كل راع عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيع حتى يسأل الرجل من أهل بيته).
وحب الوطن يكون باحترام الكبير والعطف على الصغير، واحترام الجار واحترام النظام ونظافة الشارع وعدم مضايقة المسلمين، وليس طلاء أخضر يسحق كل معاني الحشمة والحياء أو اللهو بالعلم قليلاً ثم رميه على الأرض من دون أي اعتبار كلمة التوحيد وراية التوحيد ،هذه الراية التي كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رضوان الله عليهم،يقدمون أرواحهم وهم يحملونها حتى لاتسقط على الأرض ،وبعض من أبناءنا اليوم يرمي بها على الأرض وربما بين أكوام الزبالة،إضافة إلى إحداث الفوضى وقطع الطرق وترويع الآمنين وتحطيم المحلات التجارية والسيارات والتعدي على الحرمات .
ألم يقل رسولنا صلى الله عليه وسلم (ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه) فأين هم عن ذلك ؟ ألم يخبرنا رسولنا صلى الله عليه وسلم أن من خرَّب في طرق المسلمين ومرافقهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
كذلكم حب الوطن يكون بإقامة شرع الله وإصلاح الناس وليس بإفسادهم بالتبرج والاختلاط ونشر ثقافة التغريب والتي لن تؤدي بالمجتمع إلا إلى هاوية سحيقة لأن الله يقول: (إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ) (يونس:81).
ثم إن حب الوطن في حب مواطنيه في خدمتهم، في رفعتهم، في سعادتهم، وليس في الاستئساد على الضعفاء والمساكين والاستنعاج مع الأسياد والمتنعمين (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل:90).
كذلكم حب الوطن يتجلى في المواطن الذي يتملك روحية العطاء أي أن العطاء عنده سجيَّه سواء أثيب وأجر أو لم يحصل على شيء فحسبه أن يقال له :أثابك الله أو جزاك الله خيرا فهذا يكفيه ويرضيه بخلاف بالأناني الذي يقيس الوطن على مقاسه وكم يدر عليه، وكم يحقق له من مصالح فهو وطني ومن الطراز الأول مع الشرهات والجوائز والامتيازات أما إذا تطلب الأمر بذلاً أو تضحية أو قطعت عنه الشرهات والامتيازات فهو أول المتراجعين والناقمين والمتأففين يعني (فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ) (التوبة: 58).
أيها الإخوة : إن حب الوطن يتجلى في المواطن الذي يشعر بمسؤوليته في أدق الأشياء وأصغرها من غير أن يتلقى مرسوماً رسمياً أو إدارياً بتعيينه أو تكليفه بذلك.. هو مسؤول حيثما واجه المسؤولية وهو الذي لا يقول ليس هذا شغلي بل شغل الحكومة بل هو الذي يقول هذا شغلنا معاً. (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (التوبة: 71).
وحب الوطن يعني أن الإنسان إذا كان في بحبوحة وسعة من العيش سعى إلى أن يعيش الآخرون في عيشه، وأن يطالهم الخير كما طاله، ويعمهم ويشملهم النعيم كما شمله، وهو الذي يرى خيره في خير أهله ومجموعته وشعبه ومواطنيه، وليس ذلك الذي لا يأبه بأحوال الناس البسطاء والضعفاء وهم يعانون من شغف العيش وقلة ذات اليد فمن أين يأتي النصر والتوفيق والأمر كذلك ألم يقل رسول الله (أبغوني في ضعفائكم إنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم بإخلاصهم وصلاتهم ودعائهم).
ختاماً: نقول لكل أدعياء الوطنية وحب الوطن من الذين أساؤوا إلى الوطن في يوم الوطن نقول لهم إذا كنتم صادقين في وطنيتكم فحافظوا على مكتسباته الدينية والدنيوية لأن حب الوطن والتعلق به والتمسك به من المفروض أن يمنعكم من القيام بأي عمل عدائي أو تخريبي ويجعلكم حراساً وأمناءً مخلصين لوطنكم وعقيدتكم ومدافعين عنها بالغالي والنفيس حقاً وحقيقة، بدلاً من التغني والتطبيل والمدح الكاذب دون تطبيق عملي على أرض الواقع فهل يفعلون؟ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ) (الصف:2-3). وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
خطيب جامع أم الخير بجدة
صالح محمد الجبري
المشاهدات 2181 | التعليقات 0