أخلاق أهل السنة والجماعة بين وفاة ستيف جوبز ورافضة القطيف

عبدالله يعقوب
1432/11/09 - 2011/10/07 15:09PM
أخلاق أهل السنة والجماعة

أيها الناس: بعث الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم متمماً لمكارم الأخلاق، فكان يدعو إليها ويحث الناس على التخلق بها.
كان من دعائه عليه الصلاة والسلام: (وَاهْدِنِى لأَحْسَنِ الأَخْلاَقِ لاَ يَهْدِى لأَحْسَنِهَا إِلاَّ أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّى سَيِّئَهَا لاَ يَصْرِفُ عَنِّى سَيِّئَهَا إِلاَّ أَنْتَ). رواه مسلم.
وشهدت له أمُ المؤمنين خديجة رضي الله عنها، فقالت: وَاللَّهِ لاَ يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا فَوَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ. البخاري.
وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ لَمَّا بَلَغَهُ مَبْعَثُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لأَخِيهِ: ارْكَبْ إِلَى هَذَا الْوَادِي، فَاسْمَعْ مِنْ قَوْلِهِ، فَرَجَعَ، فَقَالَ: رَأَيْتُهُ يَأْمُرُ بِمَكَارِمِ الأَخْلاَقِ. البخاري.
أيها الناس: جعلت الشريعةُ الغراءُ لحسنِ الخلقِ منزلةً عظيمة: قال تعالى: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ، وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ).. وقال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ) رواه أبو داود.
و روى أيضاً عَنْ أَبِى أُمَامَةَ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِى رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَبِبَيْتٍ فِى وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا، وَبِبَيْتٍ فِى أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ).
أيها الناس... أسعد الناس بالأخلاق الفاضلة.. والخصال الكريمة.. تنظيراً وتطبيقاً وامتثالاً.. هم أهل السنة والجماعة. الذين يعاملون الناس بأخلاق النبوة... يعاملون الناس بعدلٍ وإنصافٍ قلَّ وعزَّ في عالم الناس اليوم.
حتى المخالفَ لهم في مذهبهم ومبادئهم.. يجد تلك المعاملةَ الراقية والأخلاقَ الحسنة.. فلا يملك حينئذٍ إلا الإقرارَ لهم بالفضل والسمو والرِّفعة، والحقُ ما شهدت به الأعداء.
أيها الناس.. قبل يومين.. مات رئيسُ شركة أبل التقنية.. وأحدُ مؤسسيها.. رجل يعد من دهاةِ الناس وعباقرتِهم في الأمور التقنية.. حيث قدم للعالم أجهزة متطورة، قرّبت العالم وجعلته بين يديك بضغطة زرٍ، كما يقال.
لما مات هذا الرجل.. ضجَّ العالم. وبسرعة البرق.. تناقلت وكالاتُ الأنباء الخبر، الذي انتشر في منتديات الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، وتهافت الناس على شراء سيرته، وتحدث عنه قادةُ دولٍ ورؤساء شركات كبرى.. كل ذلك حزناً وأسىً وحسرةً على موته... بل تحدث عنه بحزنٍ بالغٍ.. بعضُ المسلمين، وترحموا عليه! وذكروا مناقبه!
هذا الرجل.. مات على غير الإسلام.. مات بوذياً.. والعياذ بالله.
فما موقف أهل السنة والجماعة من هذا الرجل ومن أمثاله ؟
إن أهل السنة: يرون أن الاستغفارَ لهذا الرجل والترحمَ عليه.. لا يجوز، لأنه مات على غير الإسلام. والاستغفارُ لغير المسلم.. بيّن القرآنُ الكريمُ حكمَه بنصوصٍ قاطعةٍ لا تقبل التأويل، قال تعالى: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ). وقال تعالى: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ).
وفي المقابل فإن أهل السنة لا يسبونه ولا يشتمونه، بل يشكرون له مخترعاته التي قدمها للعالم: (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ). ويتمنون أن لو مات مسلماً موحداً ولكنها حِكمةُ الله تعالى. (قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ).
أيها الناس.. في وفاة هذا الرجل دروساً مهمةً للغاية، منها:
1- إن ترحمَ بعضِ أبناء المسلمين على من مات كافراً.. يكشف خطأ من يقول: إننا لا نحتاج دروساً في العقيدة، لأننا مسلمين، وأبناءَ مجتمع إسلامي لا يحتاج دعوة... وهذا الكلام غير صحيح... بل إننا نحتاج إلى دروسٍ في العقيدة والتوحيد كما نحتاج دروساً في الفقه والتفسير. بل العقيدة أهم.. فرب كلمة من شرك الألفاظ كالحلف بغير الله ونحو ذلك، يقولها الإنسان توبق آخرته. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللهِ لاَ يُلْقِي لَهَا بَالاً يَرْفَعُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللهِ لاَ يُلْقِي لَهَا بَالاً يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ) أخرجه البخاري. ولذلك ما أجمل أن يعيد الإنسان دراسة كتاب التوحيد للإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى. أو غيره من كتب العقائد ولو كتاباً مختصراً يتعرف من خلاله على مثل هذه الأحكام العقائدية المهمة.
2- إن وفاةَ صاحب قصة نجاح شركة آبل بأجهزتها المتفوقة، تذكّرنا بأن التقنيةَ لا تخلّد البشر، وأن الإنسان مهما بلغ من الذكاء والقوة وغيرها.. فإن مردّه إلى الحي الذي لا يموت. وحينذاك يعلمُ حقاً.. صدقَ قولِه تعالى: (مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ). وقوله تعالى: (مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ)، ويعلمُ أن كلامَ الله حق: (أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ ، ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ ، مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ).
3- يجب أن نعرف حقيقةً مهمة وهي أن أقل مسلم منزلة وعلماً هو أفضل عند الله تعالى ممن مات على غير الإسلام.. ولو كان ما كان في العلم.
مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: (مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا؟) قَالُوا: حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ : أَنْ يُسْتَمَعَ.
ثُمَّ مَرَّ رَجُلٌ مِنَ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينِ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: (مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا؟) قَالُوا: حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ لاَ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ لاَ يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ أَنْ لاَ يُسْتَمَعَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (هَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الأَرْضِ مِثْلَ هَذَا). أخرجه البخاري.
أيها الناس.. هذه هي الوسطية التي أمر الله تعالى بها فقال: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا).
أسعد الناس بها أهل السنة والجماعة..
نسأل الله أن يرزقنا الأخلاق الحسنة..
وأن يجنبنا الأخلاق السيئة..
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم..



الخطبة الثانية:
أيها الناس.. أسعد الناس بالأخلاق الحسنة.. أهلُ السنة والجماعة.
وأبعد الناس عنها.. أهلُ الأهواء والبدع والضلالات.
ومن أصحاب الأهواء.. الرافضةُ الذين تمرسوا على الكذب والبهتان.
أهلُ السنة: يعرفون لولاة الأمر حقهم ومنزلتهم.
والرافضة يكفرون ويسبون ويشتمون.
أهلُ السنة: يعرفون معنى الولاء والطاعة لله تعالى، ثم لولاة الأمر والوطن.
والرافضة لا يعرفون الولاء إلا لمراجعهم ومعمميهم الذين يحرِّضون ويسكبون الزيت على النار. ولقد رأينا مدى ولائهم لولاة أمرنا ولبلادنا حفظها الله في أحداث القطيف الأخيرة.. والتي بينت وزارة الداخلية فيها أنهم يتبعون دولاً خارجية.
أهلُ السنة: يطلبون الحق والعدل، وينشدون السلام والأمن.
والرافضة يدّعون الباطل ويطلبون الثأر من أهل السنة! وعجباً والله.. يحاسبنا الرافضة على تاريخ عمره يزيد عن ألف سنة، وحين نستحضر نحن تاريخاً قريباً مؤلما في لبنان والعراق وإيران نتهم بالطائفية!.
أهل السنة: أسعدُ الناس برعاية الحجيج.. براً وإكراماً وإحساناً وإنعاماً.
وأما الرافضة فقد علمنا أحوالهم ومواقفهم المختلفة مع الحجيج.
وإن ينس العالمُ فلن ننسى نحنُ أهلُ مكة ما فعله الرافضة مع حجاج بيت الله الحرام قبل عشرين عاماً في أحداث وشغب أودى بحياة المئات.
ولن ينسى التاريخ ما فعله أبو طاهر الجنّابي وجماعته القرامطة حين قتلوا الحجاج في فِجاج مكة وساحات الحرم، وألقوا الجثث في بئر زمزم.
ولن ينسى الدهرُ دولَ الرافضة على مر العصور وتاريخهم الأسود المليء بالدماء.. بل لا توجد دولة رافضية إلا وجدتها ذات تاريخٍ دموي ونَفَسٍ طائفي وحقدٍ أعمى على أهل السنة، وما أحداث سوريا عنا ببعيد.
أسال الله أن يهدي ضال المسلمين.
وأن يحفظ على بلادنا أمنها وإيمانها واستقرارها.
وصلوا وسلموا على عبد الله ورسوله نبينا محمد...
المشاهدات 2714 | التعليقات 2

في الحقيقة موضوع متميز وخطبة مباركة جزى الله الكاتب خيرا ...
وأما الذين تبهرهم الاختراعات والدنيا ونجاحات الأشخاص فيها حتى يصل الأمر إلى أن يخالفوا عقيدتهم فهم على خطر عظيم حيث قدموا الدنيا على الآخرة في غفلة ذريعة عن أن الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة هي وكل ما فيها فكيف بشخص واحد صنع له أشياء أبهرت ضعفاء العقول الذي ليس لهم هم إلا متع الدنيا .... ولهم نقول ما قال الله عز وجل : ((أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل))

وأما الرافضة فنسأل الله أن يرينا فيهم يوم أسود كعمائمهم السوداء إنه على كل شيء قدير ...


جزاك الله خيراً أخي مرور الكرام على التعليق الطيب

وللفائدة روى الإمام مسلم رحمه الله عَنْ أم المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْنُ جُدْعَانَ كَانَ فِى الْجَاهِلِيَّةِ يَصِلُ الرَّحِمَ وَيُطْعِمُ الْمِسْكِينَ فَهَلْ ذَاكَ نَافِعُهُ؟
قَالَ: (لاَ يَنْفَعُهُ، إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا رَبِّ اغْفِرْ لِى خَطِيئَتِى يَوْمَ الدِّينِ).