أخطاء المصلين

أخطاء المصلين.
الخطبة الأولى: ـ
الحمد لله القائل" أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا" والحمد لله القائل " وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ" أحمده كثيرا وأشكره مزيدا وأشهد أنْ لا إله إلا هو وحدَه لا شريك له، ربُّ الأرض والسماوات وما بينهما العزيز الغفَّار، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله المصطفى المختار الذي كان يشتاق إلى الصلاة ويرتاح فيقول" أرحنا بها يا بلال! "صلى الله عليه وسلم وعلى آل بيته وأزواجه وصَحبه الطيِّبين الأطهار.
أمَّا بعد، فيَا معاشِر المصلِّين:
أوصيكم ونفسي بتقوى الله ، فهو سبحانه أهلُ التقوى، وأهل المغفرة، وتقواه هي زادكم إلى الآخرة ونَعيم جِنانها ورِضاه، قال سبحانه: { وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ }.
ثُمَّ اعلموا أنَّ مِن تقواه سبحانه أنْ تكون صلاتكم موافقة لِصفة الصلاة الواردة عن النَّبي صلى الله عليه وسلم.
معاشر المؤمنين: إن المتأمل في أحوال بعض المصلين يجد جملة من الأخطاء، سواء كانت في الوضوء للصلاة أو قبل الصلاة أو في أثناءها أو بعدها، سنبدأ أولاً ببعض أخطاء الوضوء
فمنها: ظن الكثير أنه إذا نسي التسمية في الوضوء فعليه أن يعيده، والصحيح أن من نسِيَ التَّسمِية، فوضوؤُه صحيح، فإن تذكرَها في أثناء الوضوء سمَّى، وليْس عليْه أن يُعيد الوضوء.
ومن الأخطاء في الوضوء: الوضوء أكثر من ثلاث مرات، جاء في الحديث أنَّ النَّبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- توضَّأ ثلاثًا ثمَّ قال: "هذا الوضوء، فمَن زاد على هذا، فقد أساء وظلَم"،
ومن الأخطاء في الوضوء: الغفلة عن غسل الأعقاب، قال -صلى الله عليه وسلم-: "ويل للأعقاب من النار _ مرتين أو ثلاثة" أخرجه البخاري ومسلم
ومن الأخطاء في الوضوء: تكرار المسح على الرأس، كما أجمع على ذلك أكثر أهل العلم بأنه لا يسن تثليث مسح الرأس والسنة أن يكون مسح الرأس مرة واحدة
ومن أخطاء الوضوء أيضاً: عدم تخليل الأصابع وهذا أمر يغفل عنه الكثيرون وهو من إسباغ الوضوء وتمامه، قال الجمهور: يُسن في الوضوء تخليل أصابع اليدين والرجلين لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع"
ومن أخطاء الوضوء أيضاً: عدم استشعار التعبد لله أثناء الوضوء وأن الخطايا تخرج أثناء الوضوء؛ فتجد البعض أصبح وضوءه عادة أكثر من كونه عباده.
وهنك أخطاء تقع قبل الصلاة أو في اثناءها أو بعدها فمنها: تشبيك الأصابع، وتلك المخالفة يقع فيها الكثير من المصلين سواء كان ذلك في طريقهم إلى المسجد أو في انتظارهم الصلاة في المسجد ولقد نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك فقال: "إذا توضأ أحدكم في بيته ثم أتى المسجد كان في صلاة حتى يرجع فلا يقل هكذا وشبك بين أصابعه" صححه الألباني.
ومن المخالفات التي نعاني منها كثيراً، عدم تسوية الصف كما ينبغي، والبعض هداهم الله يتساهل في سد الفرج التي تكون بين المصلين، عن النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لتسوّن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم))، أخرجه البخاري.
ومن الأخطاء: عدم الطمأنينة في الصلاة، وهذا من الأخطاء التي تبطل الصلاة، وتجعلها لا نفع فيها، فلا يطمئن في ركوعها ولا سجودها ، ولا جلوسها بل ينقرها نقراً ويسرع وكأنه في سباق يفوز به وهو والله يخسر بذلك ، فلا تجده يذكر الله فيها إلا قليلاً. والطمأنينة ركنٌ من أركان الصلاة، لا تصح الصلاة إلا به،
ومن الأخطاء: أيضاً، بل هو من المخالفات الفاحشة مسابقة الإمام، بل لقد ورد النهي الشديد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، لمن يسبق إمامه كأن يرفع رأسه قبله، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار أو يجعل صورته صورة حمار))
ومن الأخطاء التي وقع التساهل فيها؛ ترك صلاة الجماعة وأداء الصلاة بالبيت للرجال وهذا والله من الخذلان والحرمان، والصلاة في جماعة بالمساجد واجبة على الرجال ولنا أن النبي ﷺ كان سيحرق بيوت من يتخلف عن المساجد وما منعه من ذلك إلا النساء والأطفال.
ومن المخالفات والأخطاء التي تبطل الصلاة وهي منتشرة بين الناس ولا حول ولا قوة إلا بالله قيام المسبوق؛ أي الذي فاته شيء من الصلاة فيقف لقضاء ما فاته قبل تسليم الإمام التسليمة الثانية وهذا صلاته تنقلب نفلا على قول بعض أهل العلم كما جاء في "منار السبيل : "وإن قام المسبوق قبل تسليمة إمامه الثانية ولم يرجع انقلبت نفلاً ، لتركه العود الواجب لمتابعة إمامه بلا عذر ، فيخرج عن الإئتمام ويبطل فرضه "
ومن الأخطاء: عدم السجود مع الإمام مباشرة لمن دخل المسجد والإمام يسجد، قال صلى الله عليه وسلم : "إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا، ولا تعدوها شيئا".
ومن الأخطاء: ترك رفع اليدين في مواضع الرفع الأربعة، وهي : عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وعند الرفع من التشهد الأول، وترفع حذو المنكب أو الأذن ولا ترفع في غير هذه المواضع الأربعة لأن أمر الصلاة والعبادة توقيفي ليس لنا فيه إلا الاتباع لا الابتداع.
وأيضاً من الأخطاء: عدم السجود على الأعضاء السبعة، وعدم تمكين الجبهة والأنف في السجود. وكثرة العبث والحركة داخل الصلاة وكذلك عدم استواء الظهر أثناء الركوع.
ومن الأخطاء: رفع الصوت بالحديث أو بالأدعية والقرآن سواء ذلك ما بين الأذان والإقامة أو في الصلاة فذلك مما يؤذي بقية المصلين، قال صلى الله عليه وسلم: "ألا إن كلَّكم مناجٍ ربه، فلا يؤذين بعضكم بعضا، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة" رواه أحمد وأبو داود.
ومن الأخطاء: الصلاة منفرداً خلف الصفوف دون عذر، فلا صلاة لفذ خلف الصف كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن الأخطاء: سرعة الخروج من المسجد بعد تسليم الإمام من الصلاة، والمرور بين يدي المصلين، والتدافع على الأبواب دون الإتيان بالأذكار المشروعة بعد الصلاة. وفي هذا تفويت لخير كثير؟! فقد قال نبينا -صلى الله عليه وسلم-: ((معقبات لا يخيب قائلهن: ثلاثٌ وثلاثون تسبيحةً، وثلاث وثلاثون تحميدة، وأربع وثلاثون تكبيرة، في دبر كل صلاة مكتوبة)) رواه مسلم وأحمد.
فلماذا العجلة يا من تستعجل الخروج؟ ألهذا الحد كانت الصلاة ثقيلة، ودقيقتين للذكر عليك عسيرة؟ لماذا تفوُّت عليك الأجر من أجل دنيا فانية
اللهم إنا نسألك الفقه في الدين، والبصيرة والمعرفة في أحكامه وحِكمه. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على خير خلقه أجمعين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد عباد الله: لنا وقفة مع بعض الأخطاء التي تخص صلاة الجمعة والتي تقع من بعض المصلين.
فأول هذه الأخطاء: ترك الاغتسال يوم الجمعة، فبعض المصلين يتهاون في هذا الأمر، ولا يعطي أهمية خاصة ليوم الجمعة، يقول عليه الصلاة والسلام: ((غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم)). وقال صلى الله عليه وسلم: ((إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل)).
ومن الأخطاء يرحمكم الله اللغو عند صلاة الجمعة فتجد أن البعض هداهم الله يعبثون بهواتفهم ويكثرون الحركة ويقلبون في أيديهم وأحيانا يتكلمون أثناء خطبة الجمعة وهذا من اللغو الذي يلغي عليك أجر الجمعة حتى كأنك لم تصلها! ولا حول ولا قوة إلا بالله! فالخطبة المستمع لها كالمصلي فلا يتكلم، ولا يرد السلام، ولا يبدأ بالسلام، ولا يشمت العاطس، هذا هو الواجب عليه؛ لقول النبي ﷺ: إذا قلت لصاحبك: (أنصت) يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت" مع أنه أمره بالمعروف، سماه لاغياً وهو آمر بالمعروف.
جاء في الحديث (ومن مس الحصى فقد لغا ، ومن لغا فلا جمعة له)
قال ابن باز رحمه الله : "فالمقصود كله؛ هو أن ينصت للخطيب، وأن يفرغ قلبه لذلك، ويكف جوارحه عن العبث الذي قد يشغله عن الاستماع، ومعنى فقد لغا أي لغت جمعته، يعني ما يكون له ثواب الجمعة، يكون له ثواب الظهر، ما هو ثواب الجمعة؛ يعني يفوته الثواب العظيم الذي رتبه الله على الجمعة".
ومن الأخطاء : أن بعض المصلين يأتي مبكرا إلا أنه لا يوفق للقرب من الإمام فيجلس في مؤخرة المسجد قبل امتلاء الصفوف الأمامية، مع أن السنة هو القرب ما أمكن فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى في أصحابه تأخرا فقال لهم "تقدموا فأتموا بي وليأتم بكم من بعدكم ولا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله عز وجل" أخرجه مسلم.
ومن الأخطاء: أن بعض المتأخرين يدخل صلاة الجمعة بعد فراغ الإمام من الركعة الثانية ثم إذا قضاها يقضيها جمعة ركعتين وهذا خطأ كبير بل الصواب أنه يقضيها ظهرا أربع ركعات ؛ لأن الصلاة إنما تدرك بركعة؛ لقول النبي ﷺ: من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة. وقوله ﷺ: من أدرك ركعة من الجمعة فليضف إليها أخرى وقد تمت صلاته.
فعُلم بهذين الحديثين أن من لم يدرك ركعة من الجمعة فاتته الجمعة، وعليه أن يصليها ظهرًا.
ومن الأخطاء: رفع اليدين عند الدعاء في الخطبة، وهذا لا يشرع إلا في حالة واحدة وهي إذا استسقاء الإمام في الخطبة ورفع يديه فالسنة الرفع.
ألا فاتقوا الله عباد الله، وصلوا وسلموا على من قال : صلوا كما رأيتموني أصلي؛ ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56] اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه، وارض اللهم عن البررة الأتقياء، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن جميع الصحابة والتابعين لهم بإحسان.
اللهم وفقنا لإقامة الصلاة حق إقامتها، خاشعين منيبين متذللين مقبلين ولا تجعلنا ممن إذا قاموا لها قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا..
اللهم اجعلنا ممن صلحت صلاتهم فصلح بذلك جميع أعمالهم، اللهم اغفر لنا كل صلاة فرطنا فيها وأعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم أصلح أحوال المسلمين وأعزهم بالقرآن والسنة والدين، اللهم انج المستضعفين من المؤمنين في كل مكان، اللهم وفق خادم الحرمين وولي عهده لكل خير، اللهم صل نبينا محمد، هذا "وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ "
 
المرفقات

1731584054_أخطاء المصلين.pdf

المشاهدات 706 | التعليقات 0