أحكـــــــام الأضـــــحــيــة

قاسم احمد الصامطي
1433/12/02 - 2012/10/18 13:53PM
عباد الله : نحن في أيام مباركة وأيّامٍ فاضلة، أيّام عشر ذي الحجة اجتهدوا بالاعمال الصالحة في هذه الايام الفاضلة وخاصة الصيام وقراءة القران والصدقة وصيام يوم عرفة فما هي الا ايام معدودات اجهروا بالتكبير في المساجد والأسواق والطرقات والأماكن العامة أحيوا هذه السنة هذه أيّامٌ مباركة، فتقرَّب إلى الله بما يرضيه من الأقوال والأعمال، وتحرَّ الدعاءَ في هذه الأوقات المباركةِ، فعسى أن توفَّقَ لقبولِ دعائك يقول الله جل وعلا: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ)إذا كان حجاج بيت الله الحرام قد أكرمهم الله بهذه العبادة العظيمة -وهي الحج- فإن المسلمين في أرجاء الوطن لابد أن يكون لهم - كرمًا من الله ومنةً عليهم وتكريمًا لهم- عبادة يتقربون بها إلى الله وهي تشبه بعضًا من هذه العبادات التي يؤديها الحجاج هذه العبادة هي الأضحية، والأضحية هي النسك التي تذبح يوم العاشر من ذي الحجة أي يوم عيد الأضحى، وإنما شرعت لهذه الأمة تذكيرًا لها بتلك النعمة الجليلة التي أنجى الله بها أبانا إسماعيل -عليه الصلاة والسلام- كما قصها علينا القرآن الكريم، فقال تعالى: (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) فكانت هذه الأضحية تذكيرًا لهذه الأمة بنعمة جليلة أبقت على وجودها في هذه الأرض لتحمل رسالة الإسلام وتكون خير أمة أخرجت للناس في هذه الدنيا،(وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ) وقال -جلّ وعلا- لنبيِّه -صلى الله عليه وسلم-: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) فكان نبيُّكم -صلى الله عليه وسلم- كثيرَ الصّلاة كثيرَ النّحر ونبيُّكم -صلى الله عليه وسلم- حثَّ على الأضحيّة بقوله، وعملَها وأقرَّ عليها، ففي تفضيلها يقول -صلى الله عليه وسلم-: "ما عمِل ابنُ آدمَ يومَ النّحر عملاً أحبّ إلى الله من إراقةِ دَم، وإنه ليأتي يومَ القيامةِ بقُرونها وأظلافِها وأشعارها، وإنّ الدمَ ليقع من الله بمكانٍ قبلَ أن يقع على الأرض، فطيبوا بها نفسًا"، ووهذه النعمة ينبغي لهذه الأمة أن تشكر الله عليها وتديم الشكر عليها، والشكر لا يكون مؤدى على وجهه إلا إذا تحقق فيه امران الأول: فهو أن يكون خالصًا لله وحده الثاني: بأن يكون عملاً موافقًا لهدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، وبذلك يتحقق الشكر الذي شرعه الله لهذه الأمة أداءً لحق الله عليها لكي تتقرب إلى الله بأجل الطاعات وأعظم النعم. وإذا كنا نشارك حجاج بيت الله هذه الشعيرة العظيمة وهي الأضحية، فلابد أن نعلم بعضًا من أحكامها لنكون على بينة منها؛ لأن المسلم لا ينبغي أن يجهل حكمًا من أحكام الله التي فرضها وشرعها له، ولكي نتبين أحكام هذه الأضحية يجب علينا أن نعلم: وقت الأضحية وصفة الذبح :الأضحية عبادة لها وقت لا تصح إلا به وهو من بعد صلاة العيد فمن ذبح قبل الصلاة فلا أضحية له وإنما شاته التي ذبحها شاة لحم يأكلها هو ومن شاء وليست بشاة نسك، ويلزمه أن يذبح مكانها أخرى بعد الصلاة لحديث جندب بن سفيان البجلي قال: قال شهدت الأضحى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما قضى صلاته نظر إلى غنم قد ذبحت فقال: من ذبح قبل الصلاة فليذبح شاة مكانها، ومن لم يكن ذبح فليذبح على اسم الله [أخرجه البخاري ومسلم] وعن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب فقال: إن أول ما نبدأ به من يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر فمن فعل هذا فقد أصاب سنتنا، ومن نحر فإنما هو لحم يقدمه لأهله ليس من النسك في شيء....الحديث [أخرجه البخاري ومسلم]. والأفضل أن يؤخر الذبح حتى تنتهي الخطبتان تأسياً بالرسول - صلى الله عليه وسلم ومن كان يحسن الذبح فليذبح بنفسه ولا يوكل في ذبحها لحديث أنس - رضي الله عنه -: ضحى النبي - صلى الله عليه وسلم - بكبشين أملحين فرأيته واضعاً قدمه على صفاحهما يسمي ويكبر فذبحهما بيده [أخرجه البخاري ومسلم]. ولأن الذبح قربة وكون الإنسان يتولى القرية بنفسه أفضل من الاستنابة، قال البخاري: (أمر أبو موسى بناته أن يضحين بأيديهن) يجب علينا تعليم ابنائنا في كيفية ذبح الأضاحي وان يتولوا هم هذه الأمور ولا عيب في ذلك ان يتعلم الانسان ويعلم اهل بيته وتجوز الاستنابة لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نحر ثلاثاً وستين بدنه بيده واستناب علياً في نحر ما بقي من بُدنه [أخرجه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه] وعند الذبح تراعى الأمور الآتية: 1- الإحسان إلى الذبيحة: وذلك بأن يعمل كل ما يريحها عند الذبح، ومن ذلك أن يكون الذبح بآلة حادة وأن يُمرها على محل الذبح بسرعة وقوة لأن المطلوب وجوب الإسراع في إزهاق النفس على أسرع الوجوه وأكملها من غير تعذيب. عن شداد بن أوس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إن الله كتب الإحسان على كل شيء. فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته. [أخرجه مسلم].ويكره أن يحد السكين والبهيمة تنظر إليه لما ورد عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَدِّ الشِّفَارِ ، وَأَنْ تُوَارَى عَنِ الْبَهَائِمِ ، وَقَالَ : " إِذَا ذَبَحَ أَحَدُكُمْ ، فَلْيُجْهِزْ " [أخرجه أحمد وابن ماجة وإسناده حسن]. ولأن حد السكين وهي تبصرة يؤدي إلى إزعاجها وهو ينافي الإحسان المطلوب، ولا يذبح واحدة بحضرة أخرى، ولا يجرها إلى مذبحها وهذا من فضل الاسلام واحسانه حتى على البهائم عند ذبحها ولو تعلمون ايها الأخوة ما يفعله الغرب عند ذبحهم للبهائم وتعذيبهم لها لحمتم الله على نعمة الاسلام من الصعق الكهربائي والضرب وغير ذلك ثم تصدر لنا على انها مذبوحة على الطريقة الشرعية ونأكلها ويأكلها اولادنا في هذه المطاعم السريعة وفيها مالله به عليم وإذا كانت الأضحية من الإبل فتنحر قائمة معقولة يدها اليسرى لقوله - تعالى -: فاذكروا اسم الله عليها صواف قال ابن عباس: في تفسير ابن كثير قياماً على ثلاث قوائم معقولة يدها اليسرى وإن كانت من غير الإبل فإنها تذبح مضجعة لأنه أرفق بها. ويكون الاضجاع على جنبها الأيسر لأنه أسهل للذبح في أخذ السكين باليمنى، وإمساك رأسها باليسار ويستحب وضع الرجل على صفحة عنق الذبيحة ليتمكن منها. ولا يجوز أن يلوي يد الذبيحة من وراء عنقها كما يفعله بعض الناس لأنه تعذيب لها ويجب أن يستقبل القبلة عند الذبح ويسمي فيقول بسم الله لقوله - تعالى -: فكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقوله - تعالى -: ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق ويستحب التكبير الله أكبر مع التسمية. ولا يشرع الزيادة عليهما إلا الدعاء بالقبول عند ذبحها لحديث عائشة - رضي الله عنها - وفيه: وأخذ الكبش فأضجعه ثم ذبحه ثم قال: بسم الله اللهم تقبل من محمد ومن آل محمد ومن أمة محمد [أخرجه مسلم]. ويسمى عند الذبح من هي له ويدعو فيقول: اللهم هذه أضحية عن فلان يعني نفسه فتقبل مني: أو من فلان فتقبل منه ولا بد من إنهار الدم وذلك أبلغ ما يكون بقطع الودجين وهما عرقان غليظان محيطان بالحلقوم والمريء ويحرم على الذابح أن يفعل بالذبيحة ما يؤلمها قبل زهوق نفسها، مثل أن يكسر عنقها أو يبدأ بسلخها أو قطع شيء من أعظائها قبل أن تخرج روحها من جميع أجزائها، لما في ذلك من تعذيب الحيوان. وعلى هذا فلو شرع في سلخها ثم تحركت انتظر حتى تيقن موتها والسّنَّةُ للمسلمين أن يأكُلوا من أضاحِيهِم ويهدوا ويطعِموا، الله يقول: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ) عباد الله يجب علينا الحذر من تلاعب بعض الباعة في الأضاحي والغش مالله به عليم والتلاعب على مرتادي الأسواق ببيع أغنام لا تستوفي شروط الأضحية السليمة، وبيعها على أنها مستوفية، وبالذات منن لا يحسن او لا يعلم عن انواع الأضاحي والتأكد من الأضحية قبل شرائها نسأل الله أن يتقبّلَ منّا ومنكم صالحَ أعمالنا، وأن يوفّقنا وإياكم لاتباع سنّة لمصطفى -صلى الله عليه وسلم- والعمَل بها والثّبات على الحق، إنه على كلِّ شيءٍ قدير. الله واكبر الله واكبر لا اله الا الله والله اكبر .... بارك الله لي ولكم في ......

الخطبة الثانية الحَمد لله حمدًا كثيرًا طيّبًا مباركًا فيه كمَا يحبّ ربّنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلّم تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدين. أمّا بعد: أيّها الناس: اتّقوا الله تعالى حقَّ التّقوى. يأتي العيد في هذه السنه في يوم الجمعة فمِن نِعم الله -تعالى- اجتماع عيدين في يوم واحد، ولا أدلّ على ذلك من اهتمام الشرع بذلك، فاجتماعهما له أحكام خاصة، ففي الحديث الصحيح عن زيد بن أرقم -رضي الله عنه- أن معاوية بن أبي سفيان سأله: هل شهدت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عيدين اجتمعا في يوم واحد؟ قال: نعم. قال: كيف صنع؟ قال: صلى العيد ثم رخص في الجمعة فقال: "مَن شاء أن يصلي فليُصَلّ". فمن حضر صلاة العيد، فإنه يرخص له بعدم حضور صلاة الجمعة، ويصليها ظهرا في وقت صلاة الظهر، ولكن إن صلى مع الناس الجمعة فهو أفضل، أما الذين لم يحضروا صلاة العيد فليس لهم رخصة في حضور صلاة الجمعة؛ لأنها واجبة في حقهم، ولا يشرع -أيها الإخوة- في هذا اليوم الأذان لصلاة الظهر، هذا ما أفتى به العلماء، بناء على أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-. ولا تترك صلاة الجمعة نهائياً في هذا اليوم أيها الإخوة المؤمنون: العيد مناسبة كبرى لمراجعة النفس والعمل، وإصلاح ذات البين، وصلة الأرحام، والرأفة باليتامى والمساكين، والإحسان إليهم، وإقامة أمر الله في الوالدين والأقربين، والألفة والمحبة بين المسلمين، والتزاور والتهنئة بهذه المناسبة؛ فبادروا أعماركم، وتنافسوا فيما بينكم، وأروا الله من أنفسكم خيرًا.الله أكبر، الله اكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
المشاهدات 2855 | التعليقات 1

ماشاء الله

جزاك الله خيرا