أحكـــام الأضحــــية

[glow=FF3333][motr1]أحكــام الأضحـــية[/motr1][/glow]



الْحَمْدُ لِلَّهِ نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، أَرْسَلَهُ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ مَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ إِلَّا نَفْسَهُ وَلَا يَضُرُّ اللَّهَ شَيْئًا

" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ"
" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا "
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا "
أما بعد ...
في التاسع من ذى الحجة ، يوم الحج الأكبر ، يتجمع جميع الحجاج فى عرفات ، ذلك الموقف العظيم ، الذى يباهى فيه الله عز وجل ملائكته بوفده من الحجاج ، الذين يقفون متضرعين ، داعين ربهم ، طالبين منه الرحمة والغفران ، فينعم عليهم بالمغفرة والرضوان.
وبعد غروب شمس ذلك اليوم ينفر الحجيج ــ إن شاء الله تعالى ــوقد فاز منهم من فاز بغفران الله ، وياسعادة من فاز ... ينفرون إلى المزدلفة ، ومنها بعد صلاة الفجر بها ، إلى منى حيث يصبحون ــ أول أيام العيد ــ بمنى ، حيث يكملون مناسك حجهم : رمى جمرة العقبة الكبرى .. والحلق .. وطواف الإفاضة .. وذبح الهدى .
أعمال يقوم بها الحجاج فى اليوم الأول من أيام العيد ــ يوم النحر ــ وطوبى لمن وفقه الله لأداء تلك المناسك ، ومن هنا ندعو الله لهم أن يوفقهم ، ويتقبل منهم صالح الأعمال .
اليوم الأول من أيام العيد إذن هو يوم نحر الهدى هناك ، وهنا يوم الأضحية ... والذبائح ــ التى هى عبادة ــ أنواع :
منها الهدى وهو للحجاج ، والأضحية وهى لغير الحجاج ، والوليمة للزواج ، والعقيقة وهى للمولود والمولودة ... والذي يهمنا منها اليوم الأضحية ، تلك الشعيرة المباركة ؛ فللأضحية منزلة عظيمة ، وشأن كبير في الإسلام وهي شعيرة من شعائر الله ، وعبادة من أجلالعبادات المالية التي يتقرب بها العبد إلى مولاه ، وذلك لما ورد في شأنها من الآيات والاحاديث التي تدلعلى مشروعيتها وعظيم مكانتها.
تعريف الأضحية :
الأضحية والضحية : اسم لما يذبح من الإبل والبقر والغنم يوم النحر، وأيام التشريق تقربا إلى الله تعالى.
وأصل مشروعيتها أنها كانت فداءا لإسماعيل عليه السلامقال سبحانه وتعالي :(وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ)( [1] )
أما دليل مشروعيتها: فالكتاب والسنة والإجماع :
وقد شرع الله عز وجلالأضحيةفي الكتاب بقوله سبحانه وتعالي : (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) ( [2] ) وذكر المفسرون ان المراد بالنحر هنا الأضحية والصلاة هنا هي صلاة العيد.
وأيضا بقوله سبحانه وتعالي : ( قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) ([3] )وأيضا بقوله عز وجل : " وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ "([4])
وأما السنة فحديثأنس رضي الله عنه قال : ضَحَّى النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا "( [5] )
وقد أجمع المسلمون على مشروعيتها في الجملة لفعل النبي صلي الله عليه وسلم ومداومته عليها.
الحكمة من الجمع بين الصلاة والنحر:
وفي الجمع بين الصلاة والنحر فى قوله سبحانه وتعالي : (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) حكمة عظيمة وبيان لعظيم منزلة الذبح والنحر في الإسلام وأنها قربة لا يجوز صرفها إلا لله ؛ فقد أمرالله عز وجل أمرنبيه صلي الله عليه وسلم أن يجمع بين هاتين العبادتين العظــيمتينوهما الصلاة والنسك الدالتان على القرب والتواضـــــعوالافتقار وحسن الظن وقوة اليقين ، وطمأنينة القلب إلىالله وإلى عونه وفضله ، عكس حال أهل الكبر والنفرةوأهل الغنى عن الله الذين لا حاجة لهم في صلاتهم إلىربهم ، والذين لا ينحرون له خوفا من الفقر ولهذا جمع بينهما في قوله عز وجل : ( قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) .
فعلم أن أجل العبادات البدنية الصلاة ، وأجل العبادات المالية النحر، وما يجتمع للعبد فيالصلاة لا يجتمع له في غيرها من سائر العبادات ، كماعرفه أرباب القلوب الحية وأصحاب الهمم العالية ، وقد امتئل النبي صلي الله عليه وسلم أمر ربه فكان كثير الصلاة لربه كثيرالنحر، حتى نحر بيده في حجة الوداع ثلاثا وستين بدنة ، وكان صلي الله عليه وسلم يحرص على أن ينحر بيده في الأعياد وغيرها .
حكم الأضحيه :
كان هدى المصطفىصلي الله عليه وسلمفي الأضاحى أنه لم يكن يدع الأضحية ، ومن ثم أجمع أهل العلم على مشروعيتها ,وإن اختلفوا في حكمها على قولين :
الأول أنها واجبة : وإليك الأدلة التي استدل بها الموجبون :
1. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " من كان له سعة و لم يضح فلا يقربن مصلانا " ( [6] )ووجه الاستدلال به : أنه لما نهى من كان ذا سعة عنقربان المصلى إذا لم يضح ، دل على أنه قد ترك واجبا فكانه لا فائدة من التقرب إلى الله مع ترك هذا الواجب .
2- عن جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال : شهدت النبي صلي الله عليه وسلم يوم النحر، قال : " منْ كَانَ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُعِدْ مَكَانَهَا وَمَنْ لَمْ يَكُنْ ذَبَحَ فَلْيَذْبَحْ بِاسْمِ اللَّهِ"( [7] ) والأمر ظاهر في الوجوب ولم يأت ما يصرفه عن ظاهره.
والثانى أنها مستحبة :
وأما الذين قالوا باستحباب الأضحية فاستندوا إلى قول النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم : " إِذَا رَأَيْتُمْ هِلالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ "( [8] ) فقالوا فيه دليل على أن الاضحية غير واجبة لأنه صلي الله عليه وسلم قال : " وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ " ولو كإنت واجبة لم يفوض إلى إرادتهم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ردا على هذه الشبهة : إن الظاهر وجوبها ومن قدرعليها ولم يفعل فهو آثم لأن الله تعالى ذكرها مقرونة بالصلاة في قوله سبحانه وتعالي: " فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ " وقوله عز وجل: " قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي ..." وأبدى فيها وأعاد بذكر أحكامها وفوائدها ومنافعها فى سورة الحج ، وشي ء هذا شأنه ينبغى أن يكون واجبا وأن يلزم به كل من قدرعليه .
ثم قال رحمه الله : ونفاة الوجوب ليس معهم نص ، فإن عمدتهم قوله صلي الله عليه وسلم : " من اراد ان يضحي ..." قالوا: والواجب لا يعلق بالإرادة وهذا كلام مجمل فإن الواجب لا يوكل إلى إرادة العبد فيقال : إن شئت فافعله ، بل قد يعلق الواجب بالشرط لبيان حكم من الاحكام ، كقوله عز وجل : " لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ " ( [9] )ومشـيئة الاستقامة واجبة.
وأيضا فليس كل أحد يجب عليه أن يضحي وإنما يجب على القادر فهو الذي يريد أن يضحي، كما قال : " مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيَتَعَجَّلْ فَإِنَّهُ قَدْ يَمْرَضُ الْمَرِيضُ وَتَضِلُّ الضَّالَّةُ وَتَعْرِضُ الْحَاجَةُ " ( [10] )والحج فرض على المستطيع ، فقوله صلي الله عليه وسلم : " من أراد أن يضحي..." كقوله صلي الله عليه وسلم : " من أراد الحج ... " ووجوبها حينئذ مشروط بأن يقدر عليها فاضلا عن حوائجه الأصلية .

الحكمة من الأضحية :
لقد شرع الله سبحانه وتعالي الأضحية لحكم بليغة :
1 ــ الأضحية إحياء لذكرى إمام الموحدين إبراهيم عليه السلام إذ اوحى الله إليه ان يذبح ولده إسماعيل عليه السلام " ... يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ " ( [11] ) إنه الآنصياع التام لأوامر الله والطاعة المطلقة من الإبن للأب. ثمفداه بكبش فذبحه بدلا عنه كما قال عز وجل : " وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ" ( [12] )
2 ــ التقرب إلى الله تعالى ، فالأضحية من أعظم مايتقرب به العبد إلى مولاه ، قال تعالى : " قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" ( [13] ) والنسك هو الذبح تقربا إلى الله تعالى.
3. شكر لله سبحانه وتعالي على ما سخر لنا من بهيمةالأنعام ، قال سبحانه وتعالي : " وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ" ( [14] )
4. التوسعة على الناس يوم العيد وإشاعة الرحمة بن الفقراء والمساكين . كما قال الرسول صلي الله عليه وسلم عن أيام التشريق : " إِنَّمَا هِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللَّهِ " ( [15] )
مم تكون الأضحية ؟
اتفق العلماء رحمهم الله بأن الضحايا لا تجوز بغير بهيمة الأنعام وهي الغنم والبقر والإبل ، لقوله سبحانه وتعالي : " ... وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ..."( [16] ) ولأنه لم ينقل عن النبي صلي الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه أنهم ضحوا بغير بهيمة الأنعام ، وبهيمة الأنعام هى تلك الأصناف الثلاثة .
واختلفوا بعد نلك في الأفضل منها، فذهب جمهور أهل العلم إلى أن الافضل الإبل ثم البقر ثم الكباش واحتجوا على هذه الافضليةبالحديث المتفق عليه الذي قال فيه رسول الله صلي الله عليه وسلم : " مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ... " ( [17] )
وَيُسَنُّ اسْتِسْمَانُ الأُضْحِيَّةِ وَاسْتِحْسَانُهَا ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ عز وجل : " ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ " ( [18] ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : تَعْظِيمُهَا اسْتِسْمَانُهَا وَاسْتِعْظَامُهَا وَاسْتِحْسَانُهَا . وَلأَنَّ ذَلِكَ أَعْظَمُ لأَجْرِهَا ، وَأَكْثَرُ لِنَفْعِهَا .
ويجزئ من الضأن ماله نصف سنة ، ومن المعز ماله سنة ، ومن البقر ما له سنتان ، ومن الإبل ما له خمس سنين ، يستوى في ذلك الذكر والأنثى .
وَالأَفْضَلُ فِي الأُضْحِيَّةِ مِنْ الْغَنَمِ فِي لَوْنِهَا الْبَيَاضُ ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ مَوْلاةِ أَبِي وَرَقَةَ بْنِ سَعِيدٍ ، قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ صلي الله عليه وسلم : " دَمُ عَفْرَاءَ ، أَزْكَى عِنْدَ اللَّهِ مِنْ دَمِ سَوْدَاوَيْنِ "( [19] ) ؛ وَلأَنَّهُ لَوْنُ أُضْحِيَّةِ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم ثُمَّ مَا كَانَ أَحْسَنَ لَوْنًا ، فَهُوَ أَفْضَلُ . ( [20] )
مالا يجزئ من الأضاحى :
اتفق أهل العلم أنه لا يجزئ في الأضاحي العوراء البين عورها ولا المريضة البين مرضها ولا العرجاء البين ضلعها ولا العجفاء التي لا تنقي أي التي لا مخ فيها، لقول النبي صلي الله عليه وسلم في حديث الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ : " لا يَجُوزُ مِنْ الضَّحَايَا الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ عَرَجُهَا وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لا تُنْقِي " ( [21] )
فيشترط فى الأضحية إذن السلامة من العيوب ، فلا يجوز الأضحية بالمعيبة ، والمقصود بالعيب هنا : العيب الظاهر الذى ينقص اللحم فإذا كان العيب يسيرا فإنه لا يضر حسبما يقول العلماء ، وعليه فلا يتقرب إلى الله تعالى إلا بالطيب فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبا.
وقت ذبح الأضحية :
ويخطئ بعض الناس فى وقت الأضحية والسنة أنه يشترط في الأضحية ألا تذبح إلا بعد طلوع الشمس من يوم العيد ، لقوله سبحانه وتعالي: " فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ". وأيضا لما رواه الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ عن النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم أنه قَالَ : " إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا وَمَنْ نَحَرَ قَبْلَ الصَّلاةِ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لأَهْلِهِ لَيْسَ مِنْ النُّسْكِ فِي شَيْءٍ " ( [22] )
عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أن رَسُولُ اللَّهِصلي الله عليه وسلم قَالَ : " مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاةِ فَإِنَّمَا يَذْبَحُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلاةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ "([23])
ومن الامور المتفق عليها أنه لا يجوز تأخير الأضحية حتى فوات وقتها ، وهو يوم العيد وأيام التشريق وعلى ذلك فايام الذبح اربعة أيام : يوم العيد وثلاثة أيام بعده والدليل على ذلك قول النبي صلي الله عليه وسلم عن أيام التشريق :" إِنَّمَا هِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللَّهِ "( [24] ) فجعل حكمها واحدا أنها أيام أكل لما يذبح فيها وشرب وذكر لله عز وجل .
مايستحب عند ذبح الأضحية :
يستحب ان يوجه الأضحية إلى القبلة وأن يسوقها سوقا جميلأ وان يحسن عند ذبحها، لحديث شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولِ اللَّهِصلي الله عليه وسلم:" إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ " ( [25] )
كما يسـن لمن يحسن الذبح أن يذبح أضحيته بيده ويقول : بسم الله والله أكبر اللهم إن هذا عن فلان ــ ويسمى نفسه ــ لما ثبت عن أنس رضي الله عنه أنه قال :
" ضَحَّى النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ علَى صِفَاحِهِمَا " ( [26] )
وأيضا لماورد فى صحيح مسلم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ ... فَأُتِيَ بِهِ لِيُضَحِّيَ بِهِ فَقَالَ لَهَا يَا عَائِشَةُ هَلُمِّي المدية.. اشْحَذِيهَا بِحَجَرٍ فَفَعَلَتْ ثُمَّ أَخَذَهَا وَأَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ ثُمَّ ذَبَحَهُ ثُمَّ قَالَ : بِاسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ثُمَّ ضَحَّى بِهِ " ( [27] )
حكمة التسمية على الذبيحة :
من ذلك ما قاله ابن القيم رحمه الله : " ولا ريب أن ذكر اسم الله على الذبيحة يطيبها، ويطرد الشيطان عن الذابح والمذبوح ، فإذا اخل به لاَبَسََََََََََ الشيطان الذابح والمذبوح ، فاثر خبثا في الحيوان . ولا يجزئ غير التسمية ، ولا يقوم غيرها من الأذكار مقامها.
توزيع الأضحية :
أما عن كيفية التصرف في لحم الأضحية ، قال ابن قدامة في المغني : وَالاسْتِحْبَابُ أَنْ يَأْكُلَ ثُلُثَ أُضْحِيَّتِهِ ، وَيُهْدِيَ ثُلُثَهَا ، وَيَتَصَدَّقَ بِثُلُثِهَا ، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : الضَّحَايَا وَالْهَدَايَا ثُلُثٌ لَك ، وَثُلُثٌ لأَهْلِك ، وَثُلُثٌ لِلْمَسَاكِينِ .؛ وَلأَنَّ اللَّهَسبحانه وتعاليقَالَ : " ... فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ..." ( [28] ) وَالْقَانِعُ : السَّائِلُ يُقَالُ : قَنِعَ قَنُوعًا . إذَا سَأَلَ وَقَنِعَ قَنَاعَةً إذَا رَضِيَ. وَالْمُعْتَرُّ : الَّذِي يَعْتَرِيك . أَيْ يَتَعَرَّضُ لَك لِتُطْعِمَهُ ، فَلا يَسْأَلُ ، فَذَكَرَ ثَلاثَةَ أَصْنَافِ ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْسَمَ بَيْنَهُمْ أَثْلاثًا . ( [29] )
والأمر هنا للاباحة أو الاستحباب كمال بين أهل العلم ، لذلك يستحب لأهل البيت الذين ضحوا أن يأكلوا ، وأن يهدوا منها وأن يتصدقوا ، كما يجوز لهم أن يدخروا، لقولهصلي الله عليه وسلم : "... فَكُلُوا وَادَّخِرُوا وَتَصَدَّقُوا " ( [30] ) وما ورد في النهي عن الإدخار فمنسوخ بهذا الحديث.
وعلى ذلك فالأمر في توزيع لحوم الاضاحي واسع فلو تصدق بها كاملة دون الأكل منها أو الإهداء جاز، أو أكل وادخر وتصدق فلا حرج عليه .
ينبغي لكل مسلم أن يذبح أضحيته في بلده ويتولاها بنفسه ، ومن لا يحسن الذبح فليشهده مع أهله ؛ لأنها قربة وشعيرة ظاهرة يجب علينا المحافظة عليها وان نعلمها أبناءنا، فيرونها وهي تذبح .. ثم ينظرون توزيعها وإهداءها والأكل منها، وبهذا تبقى هذه الشعيرة بين المسلمين ، إذ ليس المقصود الأول من الأضحية الصدقة على الفقراء والمساكين وإنما تحقيق التقوى بإراقة الدم تقربا إلى الله ، قال عز وجل : " لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ …" ( [31] )
فاحرصوا أيها المسلمون على إظهار هذه الشعيرة المباركة ، تقبل الله ضحاياكم .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين .
(جميع الحقوق متاحة لكافة المسلمين بمختلف الوسائل غير الربحية فإنها تحتاج إلي تصريح كتابي )

[1] الصافات107

[2] الكوثر 2

[3] الأنعام 162

[4] الحجمن الآية36

[5] صحيح البخاري ج 17 / ص 267

[6] صحيح وضعيف الجامع الصغير ج 23 / ص 436

[7] صحيح مسلم ج 10 / ص 133

[8] صحيح مسلم ج 10 / ص 171

[9] التكوير 28

[10] سنن ابن ماجه ج 8 / ص 426

[11] الصافات 107

[12] الصافات من الآية 102

13 الأنعام 162

[14] الحج 36 ، 37

[15] موطأ مالك ج 3 / ص 139

[16] الحج من الآية28

[17] صحيح البخاري ج 3 / ص 396

[18] الحج 22

[19] صحيح وضعيف الجامع الصغير 13 / 76

[20] المغني - ج 21 / ص 458

[21] سنن النسائي ج 13 / ص 345

[22] صحيح البخاري ج 4 / ص 27

[23] صحيح البخاري ج 17 / ص 252

[24] موطأ مالك ج 3 / ص 139

[25] صحيح مسلم ج 10 / ص 122

[26] صحيح البخاري ج 17 / ص 267

[27] صحيح مسلم ج 10 / ص 149

[28] الحج من الآية 36

[29] ج 21 / ص 479

[30] صحيح مسلم ج 10 / ص 157

[31] الحج من الآية37