أحكام عشر ذي الحجة وفضائلها
عبدالله بن رجا الروقي
1435/11/23 - 2014/09/18 13:31PM
الحمدلله رب العالمين وأشهد أن لاإله إلاالله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فإننا ولله الحمد نستقبل موسماً عظيماً شريفاً ألا وهو عشر ذي الحجة التي أقسم الله عز وجل بها قال تعالى : ﴿ والفجر وليال عشر ﴾ وقال فيها النبي ﷺ : مامن أيام العمل الصالح فيهن أحب الله من هذه الأيام يعني أيام العشر قالوا
ولا الجهاد في سبيل الله ، قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء.
فدلت الآية والحديث على أن هذه العشر هي أفضل أيام العام ولياليها أفضل ليالي العام ماعدا ليلة القدر فحري بالمسلم أن يجتهد في هذه الأيام غاية الاجتهاد في الطاعات من صلاة وصيام وصدقة وقراءة للقرآن وغيرها ويعين على ذلك أمور منها:
النية الصادقة في بذل الجهد في الطاعات إذا دخلت هذه الأيام فإن النية الصالحة من أعظم مايعين العبد على حصول مراده قال الله تعالى
﴿إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾
فإذا علم الرب من قلب العبد أنه سيجتهد في العبادة إذا بلغه الله العشر فإن الله يعينه.
ومن الأمور التي ينبه عليها ؛ الدعاء.
فيكثر المسلم من دعاء الله أن يبلغه العشر ويعينه فيها على الإكثار من الطاعات فإن العون على مرضاة الله بيد الله سبحانه وأسعد الناس بذلك من دعاه وتذلل له فإنه الكريم لا يخيب من رجاه ودعاه.
معاشر المسلمين:
إن أعظم مايُتعبد لله به هو ماافترضه الله على عباده
فقد جاء في الحديث الإلهي قوله تعالى : وماتقرب إلي عبدي بشيء أحب إلى مما افترضته عليه.
فيعتني المسلم دائماً وخاصة في هذه العشر بالواجبات أشد من عنايته بالمستحبات لأنها ماوجبت إلا لشدة تأكدها.
ويدخل في هذا الصلوات المفروضات فيعتني بتكميلها وأدائها جماعة ويدخل في هذا بر الوالدين وصلة الأرحام.
وهناك نوع من العبادات يستحب ويتأكد هذه الأيام فيشرع صيام تسع ذي الحجة كلها.
وآكد ما يصام منها يوم عرفة فإنه يسن صومه لحديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن النبي ﷺ سئل عن صوم يوم عرفة فقال : يكفر السنة الماضية والباقية. رواه مسلم.
وقَالَ ﷺ « مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِى بِهِمُ الْمَلاَئِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلاَءِ ».رواه مسلم.
قال ابن رجب رحمه الله:
و يوم عرفة هو يوم العتق من النار فيعتق الله من النار من وقف بعرفة و من لم يقف بها من أهل الأمصار من المسلمين فلذلك صار اليوم الذي يليه عيدا لجميع المسلمين في جميع أمصارهم من شهد الموسم منهم و من لم يشهده لا شتراكهم في العتق و المغفرة يوم عرفة. انتهى كلامه.
ومن العبادات المشروعة في هذه العشر التكبيرُ من غروب شمس آخر يوم من ذي القعدة في الأسواق والشوارع والبيوت ويستمر هذا التكبير إلى مغيب شمس آخر يوم من أيام التشريق.
ومن التكبير مايعرف بالتكبير المقيد ويكون عقب الصلوات المفروضات من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق وسمى هذا بالتكبير المقيد لأنه يقال دبر الصلاة المكتوبة حيث يكبر المصلي بعد سلامه مباشرة قائلا:
الله أكبر الله أكبر لاإله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد. ويكررها ما شاء. ثم يقول بعد ذلك أذكار الصلاة المعروفة.
ومن العبادات المشروعة يوم النحر الأضحية والمقصود الأعظم منها إراقة الدم تقرباً لله عزوجل
قال تعالى ﴿ لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ ۚ ﴾
ولهذا فذبح الأضحية أفضل من الصدقة بأضعاف أضعاف ثمنها.
ويستحب التضحية بالأسمن والأعظم من بهيمة الأنعام قال تعالى:
{ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّه فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ } ومن ذلك تعظيم الأضاحي، قال ابن عباس رضي الله عنهما: تعظيمها: استسمانها واستحسانها.
وقال أبو أمامة بن سهل: كنا نسمن الأضحية بالمدينة، وكان المسلمون يُسمّنون. رواه البخاري معلقا.
أقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية:
أما بعد فأنبه في هذا المقام إلى أن إعطاء المال للجمعيات التي تتولى ذبح الأضحية خارج البلاد مخالف لأمر الله وأمر رسوله ﷺ وقد سئل العلامة ابن عثيمين رحمه الله سؤالا هذا نصه:
هل الأفضل في هذا الزمان دفع الأضاحي إلى البلاد الفقيرة أم ذبحها هنا؟
فأجاب إجابة طويلة أسوقها بتمامها لمافيها من الفوائد, قال رحمه الله:
هذا سؤال مهم وهو دفع قيمة الأضاحي إلى بلاد فقيرة ليُضَحَّى بها هناك، فإن بعض الناس يفعل هذا، بل يزيد على ذلك أنه يضع دعايةً في الصحف أو غير الصحف لحث الناس على بعث الأضاحي إلى بلاد أخرى، وهذا يصدر في الغالب عن جهل بمقاصد الشريعة، وعن جهل بالحكم الشرعي.
المقصود بالأضحية : المقصود الأول: هو التقرب إلى الله تعالى بذبحها : فإن الذبح من أكبر العبادات، بل قرنه الله عزَّ وجلَّ بالصلاة: { فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ } { قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } على القول بأن النسك هنا هو الذبح.
فالذبح نفسه عبادة؛ لا يمكن أبداً أن تحصل هذه العبادة إذا ما أرسلت الدراهم إلى بلاد أخرى ثمناً لأضحيةٍ، وذُبِحَت هذه الأضحيةُ عنك، وقد قال الله تعالى في كتابه: { لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ }
المقصود الثاني: أن الإنسان إذا أرسلها إلى بلاد أخرى فإنه يفوته ذكرُ اسمِ الله عليها : وقد قال الله تعالى: { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ } فجعل ذكرَ اسمِ الله عِلَّةً لهذه المناسك التي جعلها الله عزَّ وجلَّ، وهذا الذكر سيفوته إن كان الذبح هناك، وربما يذبحها من لا يسمِّي أصلاً.
المقصود الثالث: أنه إذا أرسلها إلى الخارج يفوته الأكل منها : وقد قال الله تعالى: { فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ } والأمر بالأكل منها للوجوب على رأي كثير من العلماء، فإذا أرسلتَها إلى الخارج فاتك القيام بهذا الأمر، سواء كان واجباً أم مستحباً.
المقصود الرابع: أنه إذا أرسلها إلى الخارج خَفِيَت الشعيرةُ العظيمة التي جعلها الله تعالى في بلاد المسلمين عوضاً عن الشعيرة العظيمة التي جعلها الله تعالى في مكة ، فالشعيرة التي تكون في مكة هي: الهدي، والشعيرة التي تكون في بلاد المسلمين الأخرى هي: الأضحية، فالله سبحانه وتعالى جعل هذه الشعائر؛ ذبح الهدي في مكة ، وذبح الأضحية في البلاد الأخرى لِتُقام الشعائر في بلاد الإسلام كلها، ولهذا جعل الله سبحانه وتعالى لمن أراد الأضحية شيئاً من خصائص الإحرام، كتجنب الأخذ من الشعر مثلاً.
المقصود الخامس: أن هذه الشعيرة ربما تموت بالنسبة لأبنائنا وبناتنا : فإذا كانت الأضحية في البيت فإن الأهل كلهم يشعرون بها، ويشعرون أنهم على طاعة، فإذا أُرْسِلَت دراهم فما الذي يُدْرِيهم بها؟ فتفوت هذه الشعيرة.
فنقول: من الخطأ الواضح أن ترسَل قيم الأضاحي إلى خارج البلاد ليُضَحَّى بها هناك؛ لأن كل هذه المصالح وربما أشياء أخرى لا تحضرني الآن كلها تفوت بهذا الأمر.
المقصود السادس: أن الناس يبدءون ينظرون إلى الأضحية نظرةً ماديةً فقط، وهي: إطعام الجائع : وهذا أيضاً ضرر، وقد قال الله تعالى: { لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ } وإذا كنت صادقاً في أن تتعبد لله في الأضحية، وأن تنفع إخوانك المسلمين فضحِّ في بلدك، وأرسل الدراهم والأطعمة والأكسية إلى البلاد الأخرى.
ما الذي يمنعك؟! لهذا أرجو منكم -بارك الله فيكم- أن تبينوا للناس أن هذا خطأ، وأن لا يصرفوا قيمة ضحاياهم إلى البلاد الأخرى، بل يضحوا في بيوتهم. انتهى كلامه رحمه الله.
عباد الله
من أراد أن يضحي فإنه يمسك عن شعره وأظفاره حين تغيب شمس آخر يوم من ذي القعدة وذلك يكون برؤية الهلال أو بإكمال الشهر ثلاثين يوماً.
وبعض الناس يظن أن الإمساك عن الشعر والظفر يكون من فجر اليوم الأول من ذي الحجة وهذا خطأ والصواب ماتقدم لقوله ﷺ : من كان لهُ ذبحٌ يذبحُهُ ، فإذا أَهَلَّ هلالُ ذي الحجةِ ، فلا يأخذَنَّ من شعرِهِ ولا من أظفارِهِ شيئًا ، حتى يُضحِّي.
رواه مسلم.
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم بلغنا هذه العشر وأعنا فيها على طاعتك ياجواد ياكريم...
فإننا ولله الحمد نستقبل موسماً عظيماً شريفاً ألا وهو عشر ذي الحجة التي أقسم الله عز وجل بها قال تعالى : ﴿ والفجر وليال عشر ﴾ وقال فيها النبي ﷺ : مامن أيام العمل الصالح فيهن أحب الله من هذه الأيام يعني أيام العشر قالوا
ولا الجهاد في سبيل الله ، قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء.
فدلت الآية والحديث على أن هذه العشر هي أفضل أيام العام ولياليها أفضل ليالي العام ماعدا ليلة القدر فحري بالمسلم أن يجتهد في هذه الأيام غاية الاجتهاد في الطاعات من صلاة وصيام وصدقة وقراءة للقرآن وغيرها ويعين على ذلك أمور منها:
النية الصادقة في بذل الجهد في الطاعات إذا دخلت هذه الأيام فإن النية الصالحة من أعظم مايعين العبد على حصول مراده قال الله تعالى
﴿إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾
فإذا علم الرب من قلب العبد أنه سيجتهد في العبادة إذا بلغه الله العشر فإن الله يعينه.
ومن الأمور التي ينبه عليها ؛ الدعاء.
فيكثر المسلم من دعاء الله أن يبلغه العشر ويعينه فيها على الإكثار من الطاعات فإن العون على مرضاة الله بيد الله سبحانه وأسعد الناس بذلك من دعاه وتذلل له فإنه الكريم لا يخيب من رجاه ودعاه.
معاشر المسلمين:
إن أعظم مايُتعبد لله به هو ماافترضه الله على عباده
فقد جاء في الحديث الإلهي قوله تعالى : وماتقرب إلي عبدي بشيء أحب إلى مما افترضته عليه.
فيعتني المسلم دائماً وخاصة في هذه العشر بالواجبات أشد من عنايته بالمستحبات لأنها ماوجبت إلا لشدة تأكدها.
ويدخل في هذا الصلوات المفروضات فيعتني بتكميلها وأدائها جماعة ويدخل في هذا بر الوالدين وصلة الأرحام.
وهناك نوع من العبادات يستحب ويتأكد هذه الأيام فيشرع صيام تسع ذي الحجة كلها.
وآكد ما يصام منها يوم عرفة فإنه يسن صومه لحديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن النبي ﷺ سئل عن صوم يوم عرفة فقال : يكفر السنة الماضية والباقية. رواه مسلم.
وقَالَ ﷺ « مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِى بِهِمُ الْمَلاَئِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلاَءِ ».رواه مسلم.
قال ابن رجب رحمه الله:
و يوم عرفة هو يوم العتق من النار فيعتق الله من النار من وقف بعرفة و من لم يقف بها من أهل الأمصار من المسلمين فلذلك صار اليوم الذي يليه عيدا لجميع المسلمين في جميع أمصارهم من شهد الموسم منهم و من لم يشهده لا شتراكهم في العتق و المغفرة يوم عرفة. انتهى كلامه.
ومن العبادات المشروعة في هذه العشر التكبيرُ من غروب شمس آخر يوم من ذي القعدة في الأسواق والشوارع والبيوت ويستمر هذا التكبير إلى مغيب شمس آخر يوم من أيام التشريق.
ومن التكبير مايعرف بالتكبير المقيد ويكون عقب الصلوات المفروضات من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق وسمى هذا بالتكبير المقيد لأنه يقال دبر الصلاة المكتوبة حيث يكبر المصلي بعد سلامه مباشرة قائلا:
الله أكبر الله أكبر لاإله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد. ويكررها ما شاء. ثم يقول بعد ذلك أذكار الصلاة المعروفة.
ومن العبادات المشروعة يوم النحر الأضحية والمقصود الأعظم منها إراقة الدم تقرباً لله عزوجل
قال تعالى ﴿ لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ ۚ ﴾
ولهذا فذبح الأضحية أفضل من الصدقة بأضعاف أضعاف ثمنها.
ويستحب التضحية بالأسمن والأعظم من بهيمة الأنعام قال تعالى:
{ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّه فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ } ومن ذلك تعظيم الأضاحي، قال ابن عباس رضي الله عنهما: تعظيمها: استسمانها واستحسانها.
وقال أبو أمامة بن سهل: كنا نسمن الأضحية بالمدينة، وكان المسلمون يُسمّنون. رواه البخاري معلقا.
أقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية:
أما بعد فأنبه في هذا المقام إلى أن إعطاء المال للجمعيات التي تتولى ذبح الأضحية خارج البلاد مخالف لأمر الله وأمر رسوله ﷺ وقد سئل العلامة ابن عثيمين رحمه الله سؤالا هذا نصه:
هل الأفضل في هذا الزمان دفع الأضاحي إلى البلاد الفقيرة أم ذبحها هنا؟
فأجاب إجابة طويلة أسوقها بتمامها لمافيها من الفوائد, قال رحمه الله:
هذا سؤال مهم وهو دفع قيمة الأضاحي إلى بلاد فقيرة ليُضَحَّى بها هناك، فإن بعض الناس يفعل هذا، بل يزيد على ذلك أنه يضع دعايةً في الصحف أو غير الصحف لحث الناس على بعث الأضاحي إلى بلاد أخرى، وهذا يصدر في الغالب عن جهل بمقاصد الشريعة، وعن جهل بالحكم الشرعي.
المقصود بالأضحية : المقصود الأول: هو التقرب إلى الله تعالى بذبحها : فإن الذبح من أكبر العبادات، بل قرنه الله عزَّ وجلَّ بالصلاة: { فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ } { قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } على القول بأن النسك هنا هو الذبح.
فالذبح نفسه عبادة؛ لا يمكن أبداً أن تحصل هذه العبادة إذا ما أرسلت الدراهم إلى بلاد أخرى ثمناً لأضحيةٍ، وذُبِحَت هذه الأضحيةُ عنك، وقد قال الله تعالى في كتابه: { لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ }
المقصود الثاني: أن الإنسان إذا أرسلها إلى بلاد أخرى فإنه يفوته ذكرُ اسمِ الله عليها : وقد قال الله تعالى: { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ } فجعل ذكرَ اسمِ الله عِلَّةً لهذه المناسك التي جعلها الله عزَّ وجلَّ، وهذا الذكر سيفوته إن كان الذبح هناك، وربما يذبحها من لا يسمِّي أصلاً.
المقصود الثالث: أنه إذا أرسلها إلى الخارج يفوته الأكل منها : وقد قال الله تعالى: { فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ } والأمر بالأكل منها للوجوب على رأي كثير من العلماء، فإذا أرسلتَها إلى الخارج فاتك القيام بهذا الأمر، سواء كان واجباً أم مستحباً.
المقصود الرابع: أنه إذا أرسلها إلى الخارج خَفِيَت الشعيرةُ العظيمة التي جعلها الله تعالى في بلاد المسلمين عوضاً عن الشعيرة العظيمة التي جعلها الله تعالى في مكة ، فالشعيرة التي تكون في مكة هي: الهدي، والشعيرة التي تكون في بلاد المسلمين الأخرى هي: الأضحية، فالله سبحانه وتعالى جعل هذه الشعائر؛ ذبح الهدي في مكة ، وذبح الأضحية في البلاد الأخرى لِتُقام الشعائر في بلاد الإسلام كلها، ولهذا جعل الله سبحانه وتعالى لمن أراد الأضحية شيئاً من خصائص الإحرام، كتجنب الأخذ من الشعر مثلاً.
المقصود الخامس: أن هذه الشعيرة ربما تموت بالنسبة لأبنائنا وبناتنا : فإذا كانت الأضحية في البيت فإن الأهل كلهم يشعرون بها، ويشعرون أنهم على طاعة، فإذا أُرْسِلَت دراهم فما الذي يُدْرِيهم بها؟ فتفوت هذه الشعيرة.
فنقول: من الخطأ الواضح أن ترسَل قيم الأضاحي إلى خارج البلاد ليُضَحَّى بها هناك؛ لأن كل هذه المصالح وربما أشياء أخرى لا تحضرني الآن كلها تفوت بهذا الأمر.
المقصود السادس: أن الناس يبدءون ينظرون إلى الأضحية نظرةً ماديةً فقط، وهي: إطعام الجائع : وهذا أيضاً ضرر، وقد قال الله تعالى: { لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ } وإذا كنت صادقاً في أن تتعبد لله في الأضحية، وأن تنفع إخوانك المسلمين فضحِّ في بلدك، وأرسل الدراهم والأطعمة والأكسية إلى البلاد الأخرى.
ما الذي يمنعك؟! لهذا أرجو منكم -بارك الله فيكم- أن تبينوا للناس أن هذا خطأ، وأن لا يصرفوا قيمة ضحاياهم إلى البلاد الأخرى، بل يضحوا في بيوتهم. انتهى كلامه رحمه الله.
عباد الله
من أراد أن يضحي فإنه يمسك عن شعره وأظفاره حين تغيب شمس آخر يوم من ذي القعدة وذلك يكون برؤية الهلال أو بإكمال الشهر ثلاثين يوماً.
وبعض الناس يظن أن الإمساك عن الشعر والظفر يكون من فجر اليوم الأول من ذي الحجة وهذا خطأ والصواب ماتقدم لقوله ﷺ : من كان لهُ ذبحٌ يذبحُهُ ، فإذا أَهَلَّ هلالُ ذي الحجةِ ، فلا يأخذَنَّ من شعرِهِ ولا من أظفارِهِ شيئًا ، حتى يُضحِّي.
رواه مسلم.
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم بلغنا هذه العشر وأعنا فيها على طاعتك ياجواد ياكريم...
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق