أحكام صلاة المسافر

أبو ناصر فرج الدوسري
1438/07/22 - 2017/04/19 04:28AM
أما بعد: فَاتَّقُوا اللهَ يا عِبَادَ اللهِ وتمسكوا بدينكم وأدوا من فرضه عليكم ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾
وإن مما فرضه الله عليكم الصلاة التي هي الركن الثاني من أركان الإسلام.
فيجب على كل مسلم أن يتعلم أحكام الصلاة وكل ما يتعلق بها.
عباد الله : لا شك أن الأصل في الصلوات أن تؤدى في وقتها المحدد لها شرعا لقول الله تعالى: ﴿ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتاً ﴾ النساء: 103
قال القرطبي: موقوتا مُنَجَّماً، أي تؤدّونها في أنجمها؛ والمعنى عند أهل اللغة: مفروض لوقت بعينه. اهـ.
إلا أن الله سبحانه وتعالى قد رخص لنا في قصر الصلاة فقال ﴿وَإِذا ضَرَبتُم فِي الأَرضِ فَلَيسَ عَلَيكُم جُناحٌ أَن تَقصُروا مِنَ الصَّلاةِ﴾ النساء: 101، وكذلك لفعل ﷺ بقصرة للصلاة حال سفره.
ولذا يجب على المسلم أن يتعلم أحكام صلاة المسافر، حيث يخل بها بعض الناس ويقصرون فيها وهم لايشعرون وبعضهم يجتهد من تلقاء نفسه بدون علم.
فهذه مسائل مختصرة متعلقة بأحكام صلاة السفر ذكرتها مجردة عن الدليل والتعليل غالباً ، واقتصرت على الراجح من أقوال العلماء.
المسألة الأولى : يجوز للمسافر أن يجمع ويقصر حتى ولو لم ينو الجمع أو القصر عند ابتداء الصلاة الأولى .
المسألة الثانية : القصر رخصة خاصة بالمسافر فلا يجوز القصر لغيره من مرض ونحوه .
أما الجمع بين الصلاتين في وقت إحداهما؛ كجمع الظهر مع العصر، وجمع المغرب مع العشاء تقديمًا أو تأخيرًا؛ فإنه يجوز للمريض إذا احتاج إليه؛ بأن كان الجمع أرفق به؛ فإنه يباح له الجمع في هذه الحالة، أما القصر؛ فلا يجوز للمريض؛ لأنه مقيم، والمقيم لا يجوز له القصر.
المسألة الثالثة : لا يجوز لمن أراد السفر الجمع أو القصر حتى يغادر مباني بلده.
فمن قصر قبل ذلك فعليه أن يعيد صلاته ، ويعيد الصلاة الثانية إن كان قد جمع.
المسألة الرابعة : يشترط للترخص برخص السفر نية المسافة وهي قطع أكثر من ثمانين كيلو ، ولا يشترط للترخص قطع هذه المسافة بل متى خرج ناوياً لها فله الجمع والقصر ولو كان قريبا من بلده.
المسألة الخامسة : إذا أخر المسافر الصلاتين المجموعتين إلى حين دخول بلده الذي يقيم فيه فله حالان:
الحال الأولى : أن يدخل بلده قبل خروج وقت الأولى فيجب عليه أن يصليها تامة قبل خروج وقتها
ولا يجوز له أن يؤخرها ليجمعها مع ما بعدها بعد أن يصل إلى بلده لأن رخص السفر قد انقطعت في حقه.
الحال الثانية : أن يدخل بلده بعد خروج وقت الأولى فيصليهما كاملتين بدون قصر.
فلو نوى الجمع وهو مسافر ثم وصل بلده وهو لم يصل فإنه لا يقصر.
المسألة الثامنة : للمسافر أن يجمع بين الصلاتين ولو كان يصل إلى بلده قبل خروج وقت الأولى ،
فلو جمع المسافر الصلاتين في وقت الأولى وقصر ، ثم وصل بلده قبل دخول وقت الثانية = فصلاته صحيحة ولا يلزمه أن يعيد الثانية .
المسألة التاسعة : من دخل عليه وقت الصلاة وهو مقيم ثم سافر فإنه يصليها قصراً وله الجمع أيضاً إن كانت تجمع إلى ما بعدها.
المسألة العاشرة : الصلاتان المجموعتان وقتهما واحد فصلاة الظهر وصلاة العصر لمن أراد جمعهما يبدأ الوقت لهما من دخول وقت صلاة الظهر إلى دخول وقت صلاة المغرب فما بين هذين الوقتين وقت للجمع فللمسافر أن يصليهما في أول الوقت أو آخره.
تنبيه : قبيل المغرب وقتٌ لا يجوز أن تؤخر الصلاة إليه إلا للضرورة وهو من حين اصفرار الشمس حتى تغرب.
لكن لو فاتتك صلاة العصر وتذكرتها أثناء اصفرار الشمس فيجب عليك أن تؤديها.
وكذلك لو نسيت صلاة من الصلوات الخمس وتذكرتها في هذا الوقت فيجب ان تصليها.
التنبيه الثاني: آخِرُ وقت صلاة العشاء هو منتصف الليل ولا يجوز تأخير الصلاة بعده.
المسألة الحادية عشر: صلاة الجمعة لا تسقط عن المسافر إذا كان سيبقى في المنطقة وقت صلاة الجمعة.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: الصحيح أن صلاة الجمعة لا تسقط عن المسافر إلا إذا كان مارا بالبلد مواصلا للسير ووقف لحاجة وسمع أذان الجمعة؛ فلا جمعة عليه، أما المقيم إلى العصر مثلا أو إلى الليل فلا تسقط عنه صلاة الجمعة. (فتاوى في الصلاة والجنائز/ ج2 / ص381).
وإذا صلى المسافر مع الناس الجمعة في أي بلد فإنه لا يجمع إليها صلاة العصر، بل عليه أن يصلي العصر في وقتها قصرا.
أما إذا لم يصلي الجمعة مع الناس فيصلي ظهراً ولا بأس أن يجمع بين الظهر والعصر.
واعلموا يا عباد الله أن المسافر إذا صلى خلف المقيم وجب عليه الإتمام إذا أدرك مع الإمام ركعة فأكثر ، أما إذا لم يدرك معه إلا أقل من ركعة فلا يلزمه الإتمام .
وإذا كان المقيم يصلي المغرب والمسافر يصلي معه العشاء فيجوز له القصر ، فإذا قام الإمام للثالثة نوى الانفراد وأتم تشهده وسلم ، أو يبقى جالسا وينتظر الإمام ثم يسلم معه.
وهذا خاص بالمسافر الذي يصلي العشاء خلف من يصلي المغرب.
أما إذا صليت العشاء خلف إمام مقيم يصلي صلاة العشاء فيجب عليك أن تصلي معه أربع ركعات حتى لو لم تلحق إلا على ركعة واحدة.
ولا يجوز أن تجلس إذا قام الإمام للركعة الثالثة ومن فعل ذلك يجب عليه أن يعيد صلاته.
وكذلك لا يجوز أن تترك الإمام يصلي ركعتين ثم تصلي معه الركعتين الأخيرة وتسلم، ومن فعل ذلك فعليه أن يعيد صلاته.
وخلاصته أن من يصلي مع المقيمين الذين يصلون أربعاً فإنه يصلي معهم أربعاً، سواء كان من أولها أو في أثنائها، إذا جاء في أثنائها ثم سلم إمامه كمل الأربع، هذا هو الواجب.
والأفضل لجماعة المسافرين ألا يصلوا مع المقيمين في الصلوات التي تقصر "الظهر والعصر والعشاء" ليتمكنوا من القصر .
أما إن كان المسافر وحده فيجب عليه أن يصلي مع الجماعة ، ولا يجوز له التخلف عن الجماعة من أجل القصر, وإذا لم تتيسر للرجل جماعة فليصل بامرأته، وتصف خلفه، ويكون له حكم الجماعة .
ويستحب للمسافر أن يؤذن للصلاة، وإن جمع الصلاتين أذّن أذانا واحدا ثم أقام لكل فريضة .
ويستحب للمسافر أن يحافظ على الأذكار بعد الصلاة.
وتسقط السنن الرواتب عن المسافر ماعدا سنة الفجر وكذلك الوتر وصلاة الضحى لا تسقط عن المسافر.
ويجب على المسافر أن يعتني بالقبلة فإن كان في بلد للمسلمين فإنه يستدل على القبلة إما بسؤالهم، أو بالنظر إلى المساجد, أو استخدام الأجهزة الحديثة لتحديد القبلة, وليس له أن يجتهد فإن صلى في بلد إلى غير القبلة لم تصح صلاته .
وإن كان في البر أو الطريق ولا يوجد من يخبره عن القبلة فإنه يجتهد في معرفة القبلة ويصلي .
وإن تبين له بعد الصلاة أنه لم يكن إلى اتجاه القبلة فلا شيء عليه وصلاته صحيحة .
إذا نسي صلاة من صلاة الحضر وذكرها وهو مسافر ، أو نسي صلاة في سفره وذكرها في الحضر وجب عليه الإتمام في الحالتين .
الخطبة الثانية
أما بعد فاتقوا الله تعالى ﴿وَأَن أَقيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقوهُ وَهُوَ الَّذي إِلَيهِ تُحشَرونَ﴾ [الأنعام: 72]
عباد الله: قال ﷺ: ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لَا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ.
فاحرصوا حفظكم الله على الدعاء في حال السفر فإنه من مواطن إجابة الدعاء , واستغلوا أسفاركم بكثرة الاستغفار وذكر الله، والدعاء لأنفسكم ووالديكم وللمسلمين بالنصر والتمكين.
عبادَ الله: عظِّموا ما عظَّم اللهُ ورسولُه، وعليكم بالسُّنّةِ، وإياكم ومُحدَثاتِ الأمورِ، فإن كلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النار.
فإن من بيننا من يُحدِثُ بدعِاً في شهر رجبَ: صلاةُ الرغائبِ أو تخصيصُه بالصيام أو العمرة أو تعظيمِ ليلةِ السابعِ والعشرينَ، ويعتقدونَ أن في هذه الليلةِ حصلَ الإسراءُ والمعراج، ولم يأتِ نصٌّ صريحٌ على هذه البدع، ولا نُقلَ عن رسولِ الله ﷺ ولا عن أصحابه تعظيمُ شيء منها.
وقد يستدل البعض بحديث "اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان".
لكنه قد لا يعلم أن هذا الحديثٌ ضعيفٌ منكر.
شهر رجب من الأشهر الأربعة الحُرُم التي تضاعف فيها الحسنات وكذلك السيئات.
اللهم إنا نسألك أن ترزقنا علماً نافعاً، وعملاً صالحاً ورزقاً طيباً واسعاً، وذريةً طيبةً يا رب العالمين، اللهم علّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً يا رب العالمين، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم..
اللهم انصر الإسلام والمسلمين، اللهم عليك بالظلمة المعتدين الذين يصدون عن سبيلك ويقاتلون أولياءك.
اللهم أنجِ المستضعفين من المؤمنين في الشام والعراق واليمن وفي كل مكان يارب العالمين
اللهم ارفع البلاء عن المستضعفين من المؤمنين اللهم فرج همهم وارحم ضعفهم وتولَّ أمرهم واجبر كسرهم وعجّل بفرجهم ونفّس كربهم اللهم أحقن دماءهم واستر عوراتهم وآمن روعاتهم.
اللهم أمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا.
عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)
واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.
المرفقات

صلاة المسافر.docx

صلاة المسافر.docx

أحكام صلاة المسافر - معدلة.docx

أحكام صلاة المسافر - معدلة.docx

المشاهدات 935 | التعليقات 0