أحكام صلاة العيد.
علي الفضلي
1433/12/09 - 2012/10/25 09:54AM
أحكام صلاة العيد:
أولا/ [حكمها ] :
فرض على الأعيان من المكلفين الذكور على القول الراجح من أقوال أهل العلم ، وهذا هو قول أبي حنيفة ورواية عن أحمد واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم ، والصنعاني والشوكاني والألباني وابن عثيمين ,
لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يأمر بالخروج إليها ويأمر حتى الحُيّض بالخروج كما في الحديث المتفق عليه عن أم عطية قالت:
((أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نخرجهن في الفطر و الأضحى : العواتق والحيض وذوات الخدور، فأما الحيض فيعتزلن الصلاة , ويشهدن الخير ودعوة المسلمين؛ قلت يا رسول الله : إحدانا لا يكون لها جلباب ؟ قال: "لتلبسها أختها من جلبابها" ؛
[العواتق: جمع عاتق وَهِيَ مَنْ بَلَغَتْ الْحُلُم أَوْ قَارَبَتْ وعتقت من الخروج للخدمة.
وَذَوَات الْخُدُور : بِضَمِّ الْخَاء الْمُعْجَمَة وَالدَّال الْمُهْمَلَة جَمْع خِدْر بِكَسْرِهَا وَسُكُون الدَّال ، وَهُوَ سِتْر يَكُون فِي نَاحِيَة الْبَيْت تَقْعُد الْبِكْر وَرَاءَهُ].
والنساء يتأكد الخروج في حقهن لصلاة العيد ،وإن كان لا يجب ! قال الحافظ ابن رجب –رحمه الله تعالى- :
((هذا مما لا يعلم به قائل - أعني : وجوب الخروج على النساء في العيد ).
لكنه يتأكد في حقهن لظاهر الأدلة الآمرة بذلك كحديث أم عطية سالف الذكر؛ ، وثبت في المسند من حديث أخت عبد الله بن رواحة الأنصاري -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال :
(وجب الخروج على كل ذات نطاق).
وقال شيخنا حمد : "وإسناده لا بأس به".
وقال :
(ويشهد لهذا الحديث أثر موقوف ثابت عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- فقد ثبت في مصنف ابن أبي شيبة بإسناد صحيح :
(حق على كل ذات نطاق الخروج إلى العيدين))اهـ.
والذي يمتنع من إخراج نسائه لصلاة العيد فهذا مخطئ مخالف لما كان عليه رسول -صلى الله عليه وسلم- وصحابته -رضوان الله عليهم-؛ وهؤلاء لا يخرجون نساءهم في العيد لصلاة العيد إما اتباعا للعادات , أو بغضا لمن أحيا هذه السنة بعد موتها، أوحياء من الناس , والنصيحة لهؤلاء أن يتقوا الله تعالى , وأن يعلموا أنهم فقراء إلى الله –عزوجل- باتباع السنة وإحيائها، فينبغي لهم إخراج النساء لصلاة العيد إلا إذا كان هناك مظنة الفتنة , أو تسبب ذلك في الحرج والعنت , فتصلي المرأة صلاة العيد في بيتها كما يصليها المسلمون.
ثانيا/ [أين تُصلى ؟]:
السنة في صلاة العيد أن تصلى في مكان مكشوف خارج البلد يجتمع فيه كل أهل البلد لأن الأصل اجتماع المسلمين لكي يرهبوا عدو الله و عدوهم ، ولا بأس أن تتعدد المصليات إذا دعت الحاجة لذلك , فليس من السنة صلاتها في المسجد إلا إذا دعت الضرورة لذلك كمطر شديد أو برد شديد أو ما شابه كالمرض مثلا و قد جاء في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه- قال :[كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى ).
ثالثا/ [التكبير ] :
ومن السنة التكبير في العيدين فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج يوم الفطر فيكبر حتى يأتي المصلى و حتى يقضي الصلاة، فإذا قضى الصلاة قطع التكبير، وثبت عن ابن عمر أنه كان يخرج في العيدين يجهر بالتكبير حتى يأتي المصلى، فعند ابن أبي شيبة في "المصنف" و عند البيهقي عن ابن عمر- رضي الله عنهما- [كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر فيكبر حتى يأتي المصلى , وحتى يقضي الصلاة,فإذا قضي الصلاة قطع التكبير]؛ و أخرج الفريابي في أحكام العيدين: "" أن ابن عمر كان يجهر بالتكبير يوم الفطر إذا غدا إلى المصلى , حتى يخرج الإمام فيكبر بتكبيره"" وسنده صحيح. ، والتكبير يوم عيد الفطر هو مذهب الصحب الكرام- والحق أنه إجماع الصحابة ، حيث لا يعلم مخالف لهم من الصحابة ، وقد ساق آثارهم ابن المنذر في "الأوسط"- وهو مذهب مالك والأوزاعي وأحمد وإسحاق للأدلة السابقة ، وذهب الشافعي وهو اختيار شيخ الإسلام إلى أن التكبير يبدأ بإكمال عدة رمضان في ليلة العيد ، واستدلوا بالآية : {{ ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم }}.
وقولهم مبني على أن الواو في هذه الآية تقتضي الترتيب والفورية ، وليس الأمر كذلك ، قال النووي في المجموع ج5 ص 48 :
(هذا الاستدلال لا يصح إلا على مذهب من يقول الواو تقتضي الترتيب وهو مذهب باطل ، وعلى هذا المذهب الباطل لا يلزم من ترتيبها الفور...)إلى آخر كلامه رحمه الله تعالى، فالراجح هو قول الجمهور.
ولا يسن التكبيرة بنبرة واحدة , بل كل يكبر لنفسه ،
و يسن أن يقول:
(الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، الله أكبر و لله الحمد).
أو يقول : [ الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، الله أكبر ولله الحمد].
أو يقول : [الله أكبر وأجل , الله أكبرعلى ما هدانا].
و كل هذه الألفاظ ثابتة عن الصحابة - رضي الله عنهم- و ما ثبت عن الصحابة - رضي الله عنهم - أولى من غيرهم ، والنساء أيضا يكبرن إذا أُمنت الفتنة ، ولا يجهرن كجهر الرجال ، والأصل في ذلك حديث أم عطية ففي رواية : [...فيكن خلف الناس يكبرن مع الناس ].
رابعا / [ليس لصلاة العيد أذان ولا إقامة و لا صلاة قبلها و لا بعدها في المصلى ] :
صلاة العيد ليس لها أذان ولا إقامة لما جاء عند مسلم وغيره عن جابر بن سمرة - رضي الله عنه- قال :"" صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد غير مرة ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة"".
و ليس لصلاة العيد في المصلى صلاة قبلها أو بعدها ، لما جاء في الصحيحين عن ابن عباس – رضي الله عنهما - [ أن النبي صلى الله عليه و سلم خرج يوم الفطر فصلى ركعتين لم يصل قبلها ولا بعدها ] ، وأما إذا رجع إلى منزله سُن له صلاة ركعتين ، لما أخرجه ابن ماجة عن أبي سعيد الخدري قال : [كان رسول صلى الله عليه وسلم لا يصلي قبل العيد شيئا ، فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين] والحديث حسن انظر "الإرواء" ((3/100)).
خامسا/ [صفة صلاة العيد] :
صلاة العيد ركعتان : الركعة الأولى يكبر سبع تكبيرات بتكبيرة الإحرام يرفع المصلي فيها يديه في التكبيرة الأولى فقط ، يكبر فيها الإمام بصوت مرتفع،
أما المأموم فإنه يسمع نفسه فقط كبقية الصلوات , وفي الركعة الثانية يكبرخمس تكبيرات ، لما رواه أبو داود وابن ماجة وأحمد والبيهقي عن عائشة - رضي الله عنها- [أن رسول صلى الله عليه وسلم كان يكبرفي الفطر والأضحى في الأولى سبع تكبيرات ، وفي الثانية خمسا سوى تكبيرتي الركوع ].
و خطبة العيد تكون بعد الصلاة بعكس صلاة الجمعة لحديث ابن عمر – رضي الله عنهما – قال : [ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يصلون العيدين قبل الخُطبة ] متفق عليه .
وخطبة العيد ليست واجبة ، ولكن يسن الاستماع لها والقعود لها والاستفادة منها ، لما جاء عند أصحاب السنن إلا الترمذي - وهو حديث صحيح- عن عبد الله بن السائب قال :"" شهدت العيد مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فلما قضى الصلاة قال :
[ إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس و من أحب أن يذهب فليذهب].
سادسا/ [من فاتته صلاة العيد كيف يصلي ؟!]:
من فاتته صلاة العيد مع الإمام فإنه يصليها كصلاة الإمام تماما ، وقد ثبت ذلك عن أنس - رضي الله عنه –[ أنه لم يشهد العيد فجمع مواليه وولده فأمر مولاه عبد الله بن أبي عتبة فصلى بهم كصلاة أهل المصر] وهذا الأثر رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" , ولكن لا يخطب لها ، وإنما فقط يصليها ركعتين بالتكبيرات الزوائد.
سابعا / [إذا اجتمع عيد وجمعة ]:
إذا اجتمع عيد وجمعة فإن وجوب الجمعة يسقط عمن حضر صلاة العيد لما رواه أبو داود عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول - صلى الله عليه وسلم- أنه قال :[قد اجتمع في يومكم هذا عيدان ، فمن شاء أجزأه من الجمعة وإنما مجمعون ] ، ولكن على الإمام أن يقيم الجمعة ليشهدها من شاء شهودها ومن لم يشهد العيد.(4)(5).
ثامنا/ [تهنئة العيد ]:
يحرص المسلم على الابتعاد عن ألفاظ الكفار الخاصة بهم في تهنئتهم و يحرص على ما ثبت عن الصحابة -رضي الله عنهم- وقد ثبت في ذلك عنهم أنه كان يقول بعضهم لبعض : **تقبل الله منا و منك ** ، ولا بأس بما تعارف عليه الناس من التهنئة ما لم يكن فيه مخالفة شرعية أو تشبه بالكفار .
وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
___________________________
(4) القول بسقوط الجمعة عمن صلى العيد إذا وافق العيد يوم جمعة هو قول الحنابلة ، وهو من مفردات المذهب كما ذكر المرداوي الحنبلي في كتابه الإنصاف.وأما جمهور العلماء فلا يوافقون الحنابلة في ذلك وإنما يرون وجوب الجمعة على أهل البلد وإن صلوا العيد. ذكر النووي في المجموع أن هذا مذهب جمهور العلماء وذكر العمراني في كتابه البيان أنه قول أكثر الفقهاء.وقال ابن قدامة: وقال أكثر الفقهاء : لا تسقط الجمعة ؛ لعموم الآية ، والأخبار الدالة على وجوبها ، ولأنهما صلاتان واجبتان فلم تسقط إحداهما بالأخرى كالظهر مع العيد.
(5) ولكن هنا تنبيهان :
الأول : على الإمام أن يقيم الجمعة ليشهدها من شاء شهودها و من لم يشهد العيد.
الثاني : أنّ من ترخص بهذه الرخصة عليه أمران:
1- أن يصليها ظهرا.
2- ألا يصلونها ظهرا جماعة في المساجد ، فهو بدعة ، فهم إما أن يصلونها جمعة ، وإما أن يصلونها ظهرا في بيوتهم منفردين أو مع أهليهم ، فالأصل أن يجتمع الناس في مسجد جامع للجمعة ، ولا يصلى في سائر المساجد جمعة إلا إذا ضاقت الجوامع ، فإذا اجتمع العيد مع الجمعة سقط وجوب الجمعة وبقي استحبابا ، وحينئذ تبقى المساجد على الأصل أي : لا يصلى فيها ظهرا ، ومعلوم أن الإمام يقيم الجمعة على كل حال وإن كان يوم الجمعة قد وافق عيدا ، وحينئذ فالمساجد لا يصلى فيها الظهر لمن ترخص ، وإنما يصلي في بيته وحده أو جماعة مع أهله إن شاء.
قال الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله تعالى- :
( إذا صلى العيد يوم الجمعة هل تسقط الجماعة في المسجد الظهر ؟
جـ ـ لم يرد في الحديث أنهم يجتمعون ويصلون في المسجد ويؤذن لهم ظهراً ، والظاهر أنه لو فعل ذلك كان بدعة لأنه لم يكن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، بل سقط الحضور وكفى مجمع عن مجمع )اهـ.
مجموع فتاوى الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ.( 13) (تقرير) .
السؤال:
إذا وافق العيد يوم الجمعة فماذا يكون العمل؟
الجواب:
( العمل أنه حصل للمسلمين عيدان : عيد الأسبوع وعيد رمضان، فمن حضر صلاة العيد مع الإمام سقط عنه حضور الجمعة ولكن يصليها ظهراً، أما الإمام فيجب عليه أن يُجمِّع، والمساجد الأخرى لا تقيم الظهر، أي: لا نقول للمساجد الأخرى: أذنوا الظهر وصلوا ظهراً، ولكن نقول: احضروا إلى الجامع، ومن لم يحضر وقد حضر مع الإمام صلاة العيد فيصلي في بيته أو في مزرعته أو ما أشبه ذلك، المهم لا تقام المساجد إلا مساجد الجمعة فقط يوم العيد، تقام الجمعة، فمن حضرها فهو أفضل، ومن لم يحضرها لم يأثم إذا كان قد حضر صلاة العيد، ولكن على من لم يحضرها أن يصلي الظهر، لأنه فرض الوقت ولا بد منه )اهـ.
الشيخ العلامة ابن عثيمين . (اللقاء الشهري).
أولا/ [حكمها ] :
فرض على الأعيان من المكلفين الذكور على القول الراجح من أقوال أهل العلم ، وهذا هو قول أبي حنيفة ورواية عن أحمد واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم ، والصنعاني والشوكاني والألباني وابن عثيمين ,
لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يأمر بالخروج إليها ويأمر حتى الحُيّض بالخروج كما في الحديث المتفق عليه عن أم عطية قالت:
((أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نخرجهن في الفطر و الأضحى : العواتق والحيض وذوات الخدور، فأما الحيض فيعتزلن الصلاة , ويشهدن الخير ودعوة المسلمين؛ قلت يا رسول الله : إحدانا لا يكون لها جلباب ؟ قال: "لتلبسها أختها من جلبابها" ؛
[العواتق: جمع عاتق وَهِيَ مَنْ بَلَغَتْ الْحُلُم أَوْ قَارَبَتْ وعتقت من الخروج للخدمة.
وَذَوَات الْخُدُور : بِضَمِّ الْخَاء الْمُعْجَمَة وَالدَّال الْمُهْمَلَة جَمْع خِدْر بِكَسْرِهَا وَسُكُون الدَّال ، وَهُوَ سِتْر يَكُون فِي نَاحِيَة الْبَيْت تَقْعُد الْبِكْر وَرَاءَهُ].
والنساء يتأكد الخروج في حقهن لصلاة العيد ،وإن كان لا يجب ! قال الحافظ ابن رجب –رحمه الله تعالى- :
((هذا مما لا يعلم به قائل - أعني : وجوب الخروج على النساء في العيد ).
لكنه يتأكد في حقهن لظاهر الأدلة الآمرة بذلك كحديث أم عطية سالف الذكر؛ ، وثبت في المسند من حديث أخت عبد الله بن رواحة الأنصاري -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال :
(وجب الخروج على كل ذات نطاق).
وقال شيخنا حمد : "وإسناده لا بأس به".
وقال :
(ويشهد لهذا الحديث أثر موقوف ثابت عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- فقد ثبت في مصنف ابن أبي شيبة بإسناد صحيح :
(حق على كل ذات نطاق الخروج إلى العيدين))اهـ.
والذي يمتنع من إخراج نسائه لصلاة العيد فهذا مخطئ مخالف لما كان عليه رسول -صلى الله عليه وسلم- وصحابته -رضوان الله عليهم-؛ وهؤلاء لا يخرجون نساءهم في العيد لصلاة العيد إما اتباعا للعادات , أو بغضا لمن أحيا هذه السنة بعد موتها، أوحياء من الناس , والنصيحة لهؤلاء أن يتقوا الله تعالى , وأن يعلموا أنهم فقراء إلى الله –عزوجل- باتباع السنة وإحيائها، فينبغي لهم إخراج النساء لصلاة العيد إلا إذا كان هناك مظنة الفتنة , أو تسبب ذلك في الحرج والعنت , فتصلي المرأة صلاة العيد في بيتها كما يصليها المسلمون.
ثانيا/ [أين تُصلى ؟]:
السنة في صلاة العيد أن تصلى في مكان مكشوف خارج البلد يجتمع فيه كل أهل البلد لأن الأصل اجتماع المسلمين لكي يرهبوا عدو الله و عدوهم ، ولا بأس أن تتعدد المصليات إذا دعت الحاجة لذلك , فليس من السنة صلاتها في المسجد إلا إذا دعت الضرورة لذلك كمطر شديد أو برد شديد أو ما شابه كالمرض مثلا و قد جاء في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه- قال :[كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى ).
ثالثا/ [التكبير ] :
ومن السنة التكبير في العيدين فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج يوم الفطر فيكبر حتى يأتي المصلى و حتى يقضي الصلاة، فإذا قضى الصلاة قطع التكبير، وثبت عن ابن عمر أنه كان يخرج في العيدين يجهر بالتكبير حتى يأتي المصلى، فعند ابن أبي شيبة في "المصنف" و عند البيهقي عن ابن عمر- رضي الله عنهما- [كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر فيكبر حتى يأتي المصلى , وحتى يقضي الصلاة,فإذا قضي الصلاة قطع التكبير]؛ و أخرج الفريابي في أحكام العيدين: "" أن ابن عمر كان يجهر بالتكبير يوم الفطر إذا غدا إلى المصلى , حتى يخرج الإمام فيكبر بتكبيره"" وسنده صحيح. ، والتكبير يوم عيد الفطر هو مذهب الصحب الكرام- والحق أنه إجماع الصحابة ، حيث لا يعلم مخالف لهم من الصحابة ، وقد ساق آثارهم ابن المنذر في "الأوسط"- وهو مذهب مالك والأوزاعي وأحمد وإسحاق للأدلة السابقة ، وذهب الشافعي وهو اختيار شيخ الإسلام إلى أن التكبير يبدأ بإكمال عدة رمضان في ليلة العيد ، واستدلوا بالآية : {{ ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم }}.
وقولهم مبني على أن الواو في هذه الآية تقتضي الترتيب والفورية ، وليس الأمر كذلك ، قال النووي في المجموع ج5 ص 48 :
(هذا الاستدلال لا يصح إلا على مذهب من يقول الواو تقتضي الترتيب وهو مذهب باطل ، وعلى هذا المذهب الباطل لا يلزم من ترتيبها الفور...)إلى آخر كلامه رحمه الله تعالى، فالراجح هو قول الجمهور.
ولا يسن التكبيرة بنبرة واحدة , بل كل يكبر لنفسه ،
و يسن أن يقول:
(الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، الله أكبر و لله الحمد).
أو يقول : [ الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، الله أكبر ولله الحمد].
أو يقول : [الله أكبر وأجل , الله أكبرعلى ما هدانا].
و كل هذه الألفاظ ثابتة عن الصحابة - رضي الله عنهم- و ما ثبت عن الصحابة - رضي الله عنهم - أولى من غيرهم ، والنساء أيضا يكبرن إذا أُمنت الفتنة ، ولا يجهرن كجهر الرجال ، والأصل في ذلك حديث أم عطية ففي رواية : [...فيكن خلف الناس يكبرن مع الناس ].
رابعا / [ليس لصلاة العيد أذان ولا إقامة و لا صلاة قبلها و لا بعدها في المصلى ] :
صلاة العيد ليس لها أذان ولا إقامة لما جاء عند مسلم وغيره عن جابر بن سمرة - رضي الله عنه- قال :"" صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد غير مرة ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة"".
و ليس لصلاة العيد في المصلى صلاة قبلها أو بعدها ، لما جاء في الصحيحين عن ابن عباس – رضي الله عنهما - [ أن النبي صلى الله عليه و سلم خرج يوم الفطر فصلى ركعتين لم يصل قبلها ولا بعدها ] ، وأما إذا رجع إلى منزله سُن له صلاة ركعتين ، لما أخرجه ابن ماجة عن أبي سعيد الخدري قال : [كان رسول صلى الله عليه وسلم لا يصلي قبل العيد شيئا ، فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين] والحديث حسن انظر "الإرواء" ((3/100)).
خامسا/ [صفة صلاة العيد] :
صلاة العيد ركعتان : الركعة الأولى يكبر سبع تكبيرات بتكبيرة الإحرام يرفع المصلي فيها يديه في التكبيرة الأولى فقط ، يكبر فيها الإمام بصوت مرتفع،
أما المأموم فإنه يسمع نفسه فقط كبقية الصلوات , وفي الركعة الثانية يكبرخمس تكبيرات ، لما رواه أبو داود وابن ماجة وأحمد والبيهقي عن عائشة - رضي الله عنها- [أن رسول صلى الله عليه وسلم كان يكبرفي الفطر والأضحى في الأولى سبع تكبيرات ، وفي الثانية خمسا سوى تكبيرتي الركوع ].
و خطبة العيد تكون بعد الصلاة بعكس صلاة الجمعة لحديث ابن عمر – رضي الله عنهما – قال : [ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يصلون العيدين قبل الخُطبة ] متفق عليه .
وخطبة العيد ليست واجبة ، ولكن يسن الاستماع لها والقعود لها والاستفادة منها ، لما جاء عند أصحاب السنن إلا الترمذي - وهو حديث صحيح- عن عبد الله بن السائب قال :"" شهدت العيد مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فلما قضى الصلاة قال :
[ إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس و من أحب أن يذهب فليذهب].
سادسا/ [من فاتته صلاة العيد كيف يصلي ؟!]:
من فاتته صلاة العيد مع الإمام فإنه يصليها كصلاة الإمام تماما ، وقد ثبت ذلك عن أنس - رضي الله عنه –[ أنه لم يشهد العيد فجمع مواليه وولده فأمر مولاه عبد الله بن أبي عتبة فصلى بهم كصلاة أهل المصر] وهذا الأثر رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" , ولكن لا يخطب لها ، وإنما فقط يصليها ركعتين بالتكبيرات الزوائد.
سابعا / [إذا اجتمع عيد وجمعة ]:
إذا اجتمع عيد وجمعة فإن وجوب الجمعة يسقط عمن حضر صلاة العيد لما رواه أبو داود عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول - صلى الله عليه وسلم- أنه قال :[قد اجتمع في يومكم هذا عيدان ، فمن شاء أجزأه من الجمعة وإنما مجمعون ] ، ولكن على الإمام أن يقيم الجمعة ليشهدها من شاء شهودها ومن لم يشهد العيد.(4)(5).
ثامنا/ [تهنئة العيد ]:
يحرص المسلم على الابتعاد عن ألفاظ الكفار الخاصة بهم في تهنئتهم و يحرص على ما ثبت عن الصحابة -رضي الله عنهم- وقد ثبت في ذلك عنهم أنه كان يقول بعضهم لبعض : **تقبل الله منا و منك ** ، ولا بأس بما تعارف عليه الناس من التهنئة ما لم يكن فيه مخالفة شرعية أو تشبه بالكفار .
وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
___________________________
(4) القول بسقوط الجمعة عمن صلى العيد إذا وافق العيد يوم جمعة هو قول الحنابلة ، وهو من مفردات المذهب كما ذكر المرداوي الحنبلي في كتابه الإنصاف.وأما جمهور العلماء فلا يوافقون الحنابلة في ذلك وإنما يرون وجوب الجمعة على أهل البلد وإن صلوا العيد. ذكر النووي في المجموع أن هذا مذهب جمهور العلماء وذكر العمراني في كتابه البيان أنه قول أكثر الفقهاء.وقال ابن قدامة: وقال أكثر الفقهاء : لا تسقط الجمعة ؛ لعموم الآية ، والأخبار الدالة على وجوبها ، ولأنهما صلاتان واجبتان فلم تسقط إحداهما بالأخرى كالظهر مع العيد.
(5) ولكن هنا تنبيهان :
الأول : على الإمام أن يقيم الجمعة ليشهدها من شاء شهودها و من لم يشهد العيد.
الثاني : أنّ من ترخص بهذه الرخصة عليه أمران:
1- أن يصليها ظهرا.
2- ألا يصلونها ظهرا جماعة في المساجد ، فهو بدعة ، فهم إما أن يصلونها جمعة ، وإما أن يصلونها ظهرا في بيوتهم منفردين أو مع أهليهم ، فالأصل أن يجتمع الناس في مسجد جامع للجمعة ، ولا يصلى في سائر المساجد جمعة إلا إذا ضاقت الجوامع ، فإذا اجتمع العيد مع الجمعة سقط وجوب الجمعة وبقي استحبابا ، وحينئذ تبقى المساجد على الأصل أي : لا يصلى فيها ظهرا ، ومعلوم أن الإمام يقيم الجمعة على كل حال وإن كان يوم الجمعة قد وافق عيدا ، وحينئذ فالمساجد لا يصلى فيها الظهر لمن ترخص ، وإنما يصلي في بيته وحده أو جماعة مع أهله إن شاء.
قال الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله تعالى- :
( إذا صلى العيد يوم الجمعة هل تسقط الجماعة في المسجد الظهر ؟
جـ ـ لم يرد في الحديث أنهم يجتمعون ويصلون في المسجد ويؤذن لهم ظهراً ، والظاهر أنه لو فعل ذلك كان بدعة لأنه لم يكن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، بل سقط الحضور وكفى مجمع عن مجمع )اهـ.
مجموع فتاوى الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ.( 13) (تقرير) .
السؤال:
إذا وافق العيد يوم الجمعة فماذا يكون العمل؟
الجواب:
( العمل أنه حصل للمسلمين عيدان : عيد الأسبوع وعيد رمضان، فمن حضر صلاة العيد مع الإمام سقط عنه حضور الجمعة ولكن يصليها ظهراً، أما الإمام فيجب عليه أن يُجمِّع، والمساجد الأخرى لا تقيم الظهر، أي: لا نقول للمساجد الأخرى: أذنوا الظهر وصلوا ظهراً، ولكن نقول: احضروا إلى الجامع، ومن لم يحضر وقد حضر مع الإمام صلاة العيد فيصلي في بيته أو في مزرعته أو ما أشبه ذلك، المهم لا تقام المساجد إلا مساجد الجمعة فقط يوم العيد، تقام الجمعة، فمن حضرها فهو أفضل، ومن لم يحضرها لم يأثم إذا كان قد حضر صلاة العيد، ولكن على من لم يحضرها أن يصلي الظهر، لأنه فرض الوقت ولا بد منه )اهـ.
الشيخ العلامة ابن عثيمين . (اللقاء الشهري).
المشاهدات 4226 | التعليقات 4
@احمد ابوبكر 13318 wrote:
بارك الله فيكم ونفع بكم
آمين وإياكم.
يرفع لمناسبته.
بارك الله فيك شيخ علي وأعلى ربي مكانك ورفع قدرك ونفع بك وبجهدك فهو جهد مبارك ومشكور
احمد ابوبكر
تعديل التعليق