أحكام صلاة أهل الكراسي

سعيد المفضلي
1438/02/25 - 2016/11/25 04:14AM
لَقَدْ بَاتَ عِنْدَ عَامَّةِ أهْلِ العِلْمِ أنَّ مَعْرِفَةَ أحْكَامِ الصَّلاةِ مِنْ أهَمِّ المُهِمَّاتِ في الدِّيْنَ بَعْدَ مَعْرِفَةِ تَوْحِيْدِ رَبِّ العَالمِيْنَ، لِذَا كَانَتِ الصَّلاةُ أحَدَ أرْكَانِ الإسْلامِ الخَمْسَةِ الَّتِي لا يَسْتَقِيْمُ إسْلامُ المَرْءِ إلَّا بأدَائِهَا، وذَلِكَ بتَحْقِيْقِ شُرُوْطِهَا وأرْكَانِهَا ووَاجِبَاتِهَا وسُنَنِهَا، وكَذَا بالمُحَافَظَةِ على وَقْتِهَا والمُدَاوَمَةِ على فِعْلِهَا، كَمَا قَالَ الله تعالى: ﴿قَدْ أفْلَحَ المُؤمِنُوْنَ * الَّذِيْنَ هُم في صَلاتِهم خَاشِعُوْنَ﴾[المؤمِنُوْنَ:1-2]. وقَوْلُهُ تعالى: ﴿إنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ على المُؤمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾[النساء:103]. وقَوْلُهُ تعالى: ﴿فَإنْ تابوا وأقَامُوا الصَّلاةَ وآتَوا الزَّكَاةَ فإخْوانُكُم في الدِّيْنِ﴾[التوبة:11]. وقَوْلُهُ تعالى: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِم خَلفٌ أضَاعُوا الصَّلاةَ واتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلقَوْنَ غَيًّا﴾[مريم:59]. وقَوْلُهُ تعالى: ﴿قَالُوا لم نَكُ مِنَ المُصَلِّينَ﴾[المدثر:43]. وقَوْلُهُ تعالى: ﴿فَوَيْلٌ للمَصَلِّيْنَ * الَّذِيْنَ هُم عَنْ صَلاتِهِم سَاهُوْنَ﴾[الماعون:4-5].
وقَوْلُهُ : «بُنِيَ الإسْلامُ على خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللهُ وأنَّ مُحمَّدًا رَسُوْلُ اللهِ، وإقَامِ الصَّلاةِ، وإيْتَاءِ الزَّكَاةِ، وحَجِّ البَيْتِ، وصَوْمِ رَمَضَانَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيْثِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله عَنْهُما. وقَوْلُهُ : «العَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وبَيْنَهُم الصَّلاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ» أخْرَجَهُ أحمَدُ وأهْلُ السُّنَنِ، مِنْ حَدِيْثِ بُرَيْدَةَ رَضِي الله عَنْهُ. وقَوْلُهُ : «بَيْنَ الرَّجُلِ وبَيْنَ الكُفْرِ تَرْكُ الصَّلاةِ» أخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيْثِ جَابِرِ بنِ عَبْدِ الله رَضِي الله عَنْهُما، وغَيْرَهَا مِنَ الأدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ.
فإذَا عَلِمْنَا هذا فإنَّ كَثِيرًا مِنَ المُسْلِمِيْنَ هَذِهِ الأيَّامَ لا يَسْتَأخِرُوْنَ للأسَفِ عَنِ الصَّلاةِ على الكَرَاسِي عِنْدَ أيِّ عُذْرٍ كَانَ، وعلى أيِّ وَضْعٍ بَانَ، فَكَانَ والحَالَةُ هَذِهِ وَاجِبًا على أهْلِ العِلمِ أنْ يَقِفُوا مَعَ هَذِهِ الصَّلاةِ بشَيءٍ مِنَ البَيَانِ والتَّصْحِيْحِ، والتَّعْلِيْمِ والتَّوْضِيْحِ، كَمَا تَقْتَضِيْهِ الأدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ.
لَقَدْ أجمَعَ أهْلُ العِلْمِ على أنَّ للصَّلاةِ أرْكَانًا لا تَصِحُّ إلَّا بِهَا: مِثْلُ القِيَامِ والرُّكُوْعِ والسُّجُوْدِ وغَيْرِهَا مِنَ الأرْكَانِ، فَمَنْ تَرَكَ مِنْهَا رُكْنًا قَادِرًا عَلَيْهِ عَالمًا بِهِ مُخْتَارًا لفِعْلِهِ: فَصَلاتُهُ بَاطِلَةٌ بالإجْمَاعِ.
وقَدْ دَلَّ على ذَلِكَ قَوْلُ الله تعالى: ﴿وارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعينَ﴾[البقرة:43]، وقَوْلُهُ تعالى: ﴿وقُوْمُوا لله قَانِتِينَ﴾[البَقَرَةُ:238]، وقَوْلُهُ تعالى: ﴿يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا واسْجُدُوا واعْبُدُوا رَبَّكُم﴾[الحَجُّ:77]. وقَوْلُهُ : «صَلُّوا كَما رَأيْتُمُوني أُصَلِّي»، وقَوْلُهُ : «صَلِّ قَائِمًا» أخْرَجْهُما البُخَارِيُّ، وهَذَا في صَلاةِ الفَرِيْضَةِ، أمَّا صَلاةُ النَّافِلَةِ فيَجُوْزُ فِيْهَا ما لا يَجُوْزُ في غَيْرِهَا، ولاسِيَّما في القِيَامِ.
كَما أجمَعَ أهْلُ العِلْمِ أيْضًا على أنَّ تَحْقِيْقَ أرْكَانِ الصَّلاةِ مُتَوَقِّفٌ على الاسْتِطَاعَةِ والقُدْرَةِ، فَكُلُّ مُسْلِمٍ عَاجِزٍ عَنِ القِيَامِ بأحَدِ أرْكَانِ الصَّلاةِ، فَهُوَ مَعْذُوْرٌ شَرْعًا وعَقْلًا، لقَوْلِهِ تعالى: ﴿لا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا﴾[البقرة:286]، وقَوْلِهِ تعالى: ﴿فاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم﴾[التغابن:16]، وقَوْلِهِ : «إذَا أمَرْتُكُم بأمْرٍ فَأتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وقَوْلِهِ : «صَلِّ قَائِمًا، فَإنْ لم تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإنْ لم تَسْتَطِعْ فَعَلى جَنْبٍ» البُخَارِيُّ، وتَحْقِيْقًا أيْضًا للقَاعِدَةِ الفِقْهِيَّةِ: المَشَقَّةُ تَجْلِبُ التَّيْسِيْرَ، وقَاعِدَةِ: لا وَاجِبَ مَعَ العَجْزِ.
يُوضِّحُهُ؛ أنَّ مَنْ عَجَزَ عَنِ القِيَامِ في الصَّلاةِ صَلَّى جَالِسًا، ومَنْ عَجَزَ عَنِ الرُّكُوْعِ أوْمَأ برَأسِهِ حَالَ قِيَامِهِ، ومَنْ عَجَزَ عَنِ السُّجُوْدِ أوْمَأ برَأسِهِ حَالَ جُلُوْسِهِ، ويَكُوْنُ سُجُوْدُهُ أخْفَضَ مِنْ رُكُوْعِهِ وُجُوبًا، ويَكُوْنُ في جُلُوْسِهِ مُفْتَرِشًا أو مُتَورِّكًا. وقِيْلَ: يَجْلِسُ مُتربِّعًا، لقَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا: «رَأيْتُ رَسُوْلَ الله  يُصَلِّي مُترَبِّعًا» النَّسَائيُّ، ورِجَالُهُ ثِقاتٌ.
ومَنْ عَجَزَ أيْضًا عَنِ القِيَامِ والرُّكُوْعِ والسُّجُوْدِ: صَلَّى على جَنْبِهِ، وقِيْلَ: مُسْتَلقِيًا على ظَهْرِهِ، ووَجْهُهُ ورِجْلاهُ إلى القِبْلَةِ ليَكُوْنَ إيْماؤهُ إلَيْهَا، والأوَّلُ أصَحُّ لظَاهِر السُّنَّةِ.
وأمَّا إنْ عَجَزَ المُسْلِمُ أنْ يُصلِّيَ على جَنْبِهِ: صَلَّى على أيِّ حَالٍ، سَوَاءٌ على ظَهْرِهِ أو على الكُرْسِي، كَما سَيَأتي بَيَانُهُ.
وكَذَا؛ فَإنَّ كُلَّ مَنْ عَجَزَ عَنِ الإتْيَانِ برُكْنٍ مِنْ أرْكَانِ الصَّلاةِ أو غَيْرِهَا مِنَ العِبَادَاتِ الشَّرعِيَّةِ؛ فَإنَّ لَهُ أجْرَ الصَّحِيْحِ القَادِرِ، لقَوْلِهِ : «إذَا مَرِضَ العَبْدُ أو سَافَر كُتِبَ لَهُ مِنَ الأجْرِ مِثْلَ مَا كَانَ يَعْمَلُ صَحِيْحًا مُقِيمًا» البُخَارِيُّ.
 أمَّا صَلاةُ الفَرِيْضَةِ على الكَرَاسِي فلا تَخْلُو مِنْ أرْبَعِ صُوَرٍ:
الصُّوْرَةُ الأوْلى: مَنْ يُصَلِّي الفَرِيْضَةَ على الكَرَاسِي، وهُوَ قَادِرٌ على السُّجُوْدِ، بحُجَّةِ أنَّهُ إذَا صَلَّى جَالِسًا لَنْ يَسْتَطِيْعَ على القِيَامِ سَوَاءٌ في أوَّلِ صَلاتِهِ أو في أثْنَائِهَا!
فمَنْ هَذِهِ حَالُهُ، فَصَلاتُهُ بَاطِلَةٌ بالإجْمَاعِ، لأنَّهُ تَرَكَ رُكْنًا قَادِرًا عَلَيْهِ شَرْعًا وطَبْعًا، وتَكَلَّفَ رُكْنًا هُوَ مَعْذُوْرٌ فِيْهِ شَرْعًا! وذَلِكَ لكَوْنِهِ قَدْ تَرَكَ كَثِيرًا مِنْ أرْكَانِ الصَّلاةِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهَا: وهِيَ السُّجُوْدُ، والجَلسَةُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، والجُلُوْسُ للتَّشَهُّدِ وغَيْرَهَا. وقَدْ صَحَّ عَنْهُ  في الصَّحِيْحَيْن أنَّهُ صَلَّى جَالِسًا حِيْنَما سَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ، ولم يَتَكَلَّفْ حِيْنَهَا الصَّلاةَ على الكُرْسِي!
كَمَا أنَّهُ بصَلاتِهِ على الكُرْسِي قَدْ خَالَفَ تَسْوِيَةَ الصُّفُوْفِ، وذَلِكَ مِنْ خِلالِ تَقَدُّمِهِ أو تَأخُّرِهِ على أهْلِ الصَّفِ، سَوَاءٌ بصَدْرِهِ أو برِجْلِهِ، وكِلاهُمَا فِيْهِ مُخالَفَةٌ شَرْعِيَّةٌ، لقَوْلِهِ  عِنْدَمَا رَأى رَجُلًا باديًا صَدْرُهُ: «لَتُسَوُّنَّ صُفُوْفَكُم؛ أو لَيُخَالِفَنَّ الله بَيْنَ وُجُوْهِكِم» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ واللَّفْظُ لمُسْلِمٍ.
ثم إنَّ العِبْرَةَ في تَسْوِيَةِ الصُّفُوْفِ: هِي اصْطِفَافُ الأقْدَامِ، وتَسْوِيَتُهَا تكون بمُحَاذَاةِ الأكْعُبِ، لا بتَسْوِيَةِ أطْرَافِ الأصَابعِ، كَما هُوَ فِعْلُ كَثِيرٍ مِنَ المُصَلِّيْنَ، أمَّا مَنْ جَازَ لَهُ الصَّلاةُ على الكَرَاسِي فالعِبرَةُ بتَسْوِيَةِ الصَّدْرِ والمَنْكِبِ مَعَ المُصَلِّيْنَ، كَما هُوَ ظَاهِرُ السُّنَّةِ، وحَالُ جُلُوسِنَا في الصَّلاةِ.
لِذَا؛ كَان وَاجِبًا على مَنْ هَذِهِ حَالهُ أنْ يُصَلِّيَ الصَّلاةَ بحَسَبِ الاسْتِطَاعَةِ والقُدْرَةِ، فَكُلُّ رُكْنٍ يَسْتَطِيْعُهُ أتَى بِهِ، ومَا لا يَسْتَطِيْعُهُ فَهُوَ مَعْذُوْرٌ فِيْهِ شَرْعًا!
 الصُّوْرَةُ الثَّانِيَةُ: مَنْ يستطيع على القيام والركوع ولكنه يَعْجَزُ عَنِ السُّجُوْدِ فَقَطُ، بحُجَّةِ أنَّ في سُجُوْدِهِ ضَرَرًا يَشُقُّ عَلَيْهِ.
فمَنْ هَذِهِ حَالُهُ؛ فَصلاتُهُ بِاطِلَةٌ اتِّفَاقًا، لأنَّهُ تَرَكَ رُكْنَ القِيَامِ والرُّكُوْعِ والجُلُوْسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ والجُلُوْسِ للتَّشَهُّدِ!
لِذَا كَانَ عَلَيْهِ شَرْعًا؛ أنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا؛ حَتَّى إذَا أرَادَ السُّجُوْدَ جَلَسَ على الأرْضِ، ثُمَّ أوْمَأ للسُّجُوْدِ برَأسِهِ، وهَكَذَا يَفْعَلُ في جَمِيْعِ صَلاتِهِ.
 الصُّوْرَةُ الثَّالِثَةُ: مَنْ يَعْجَزُ عَنِ الجُلُوْسِ على الأرض، بحُجَّةِ أنَّ في جُلُوْسِهِ ضَرَرًا، يَشُقُّ عَلَيْهِ.فصلى جالساً على الكرسي.
فَهَذا أيْضًا صلاتُهُ بِاطِلَةٌ اتِّفَاقًا، لأنَّهُ تَرَكَ رُكْنَ القِيَامِ والرُّكُوْعِ، لِذَا كَانَ عَلَيْهِ شَرْعًا؛ أنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا؛ حَتَّى إذَا أرَادَ السُّجُوْدَ جَلَسَ على الكُرْسِي أخْذًا باسْتِشَارَةِ الطَّبِيْبِ الثِّقَةِ، لقَوْلِهِ تعالى: ﴿فَاسْألُوا أهْلَ الذِّكْرِ إنْ كُنْتُم لا تَعْلَمُوْنَ﴾[الأنبياء:7]، وأوْمَأ عِنْدَ السُّجُوْدِ برَأسِهِ، وهَكَذَا في جَمِيْعِ صَلاتِهِ.
 الصُّوْرَةُ الرَّابِعَةُ: مَنْ يُصَلِّي مُتَوكِّئًا على العَصَا؛ حَتَّى إذَا أرَادَ الرُّكُوْعَ أو السُّجُوْدَ صَلَّى على الكُرْسِي!
فَمَنْ هَذِهِ حَالُهُ؛ فَصَلاتُهُ غَيرُ صَحِيْحَةٍ، لأنَّهُ تَرَكَ رُكْنَ الرُّكُوْعِ والسُّجُوْدِ والجُلُوْسِ عَمْدًا، لِذَا كَانَ عَلَيْهِ شْرَعًا: أنْ يُصَلِّيَ مُتَوَكِّئً على العَصَا حَالَ قِيَامِهِ ورُكُوْعِهِ وُجُوْبًا، دُوْنَ الجُلُوْسِ على الكُرْسِي، حَتَّى إذَا أرَادَ السُّجُوْدَ جَلَسَ على الأرْضِ وسَجَدَ، وهَكَذَا يَفْعَلُ في صَلاتِهِ.
 وأمَّا بُطْلانُ صَلاةِ أهْلِ الكَرَاسِي ممَّن جَاءَ ذِكْرُهُم في الصُّوَرِ الأرْبَعِ؛ فَهُوَ مُتَوَقِّفٌ على كَوْنِ المُصَلِّي مِنْهُم: عَالمًا ذَاكِرًا مُخْتَارًا في صَلاتِهِ، وإلَّا فَصَلاتُهُم صَحِيْحَةٌ بعُذْرِ الجَهْلِ أو النِّسْيَانِ أو الإكْرَاهِ.
 أمَّا الصُّوَرُ الَّتِي تَصِحُّ فِيْهَا الصَّلاةُ على الكَرَاسِي، فَهِي صُوْرَتَانِ:
الأوْلى: مَنْ ضَعُفَتْ قُوَاهُ عَنْ حَمْلِهِ قَائًما وجَالِسًا على حَدٍّ سَوَاء، وهُوَ أشْبَهُ اليَوْمَ بحَالِ مَرْضَى العِظَامِ، أو بالمُصَابِيْنَ بالشَّلَلِ، أو غَيرَهُم ممَّنْ يعَجَزُوْنَ عَنِ القِيَامِ والجُلُوْسِ، فمَنْ هَذِهِ حَالهُم؛ فَعَلَيْهِم شَرْعًا أنْ يُصَلُّوا على الكَرَاسِي ابْتِدَاءً، ويُومِئُوْنَ برُؤوْسِهِم عِنْدَ الرُّكُوْعِ والسُّجُوْدِ، ومَنْ كَانَ مِنْهُم لا يَسْتَطِيْعُ الإيْماءَ برَأسِهِ، نَوَى بقَلْبِهِ عِنْدَ كُلِّ رُكْنٍ.
الثَّانِيَةُ: مَنْ كَانَ يعَجَزُ عَنِ الجُلُوْسِ على الأرض فَقَطُ، لخَوْفِ مَرْضٍ، أو لرَجَاءِ بُرْءٍ بَعْدَ اسْتِشَارَةِ طَبِيْبٍ ثِقَةٍ، فمِثْلُ هَذَا عَلَيْهِ شَرْعًا أنْ يُصَلِّيَ قَائمًا ورَاكِعًا؛ حَتَّى إذَا أرَادَ السُّجُوْدَ جَلَسَ على الكُرْسِي، وأوْمَأ برَأسِهِ بِنِيَّةِ السُّجُوْدِ، ثُمَّ يَنْوي الجُلُوْسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وهَكَذَا يَفْعَلُ في صَلاتِهِ.
لأجْلِ هَذَا؛ فَقَدْ تَوَاتَرَتِ الأدِلَّةُ الشَّرعِيَّةُ مِنَ الكِتَابِ والسُّنَّةِ والإجمَاعِ على فَضْلِ الصَّلاةِ والتَّرغِيْبِ في فِعْلِهَا، وعلى خَطَرِ التَّهَاوُنِ بِهَا، والتَّرهِيْبِ مِنْ تَرْكِهَا.
فكان لزاماً علينا أن نهتم بها وبمَعْرِفَةُ أحْكَامِهَا وآدَابِهَا مِنْ شُرُوْطٍ وأرْكَانٍ ووَاجِبَاتٍ وسُنَنٍ.
أقول ما تسمعون ...



الخطبة الثانية:
معاشر المؤمنين ... يعمد بعض الناس من الرجال أو النساء الذين لا يقدرون على السجود إلى وضع شيء مرتفع يسجدون عليه، كوسادة أو مركى، وظهر هذا في بعض الكراسي التي صُنعت للصلاة، وفيها ما يُشبه الطاولة المنجدة للسجود.
فاعلموا .. أنه ليس في السنة أن تضع وسادة أو شيئًا تسجد عليه، بل هذا إلى الكراهة أقرب، لأنه من التنطع والتشدد في دين الله، فإن رسول الله  عاد مريضًا فرآه يصلي على وسادة فأخذها فرمى بها، وقال: ( صلِّ على الأرض إن استطعت، وإلا فأومِ إيماءً، واجعل سجودك أخفض من ركوعك ).
وجاء في (فتاوى اللجنة الدائمة) : "العاجز عن القيام يصلي قاعدا على الأرض أو على كرسي إن كان أرفق به ، ويركع ويسجد في الهواء ، ويجعل السجود أخفض من الركوع إذا كان لا يستطيع السجود على الأرض، ولا يشرع له اتخاذ ماصة ووسادة يسجد عليها" .
عباد الله ... الصلاة عبادة عظيمة، وعلى المسلم المحافظةِ عليها وأدائِها بالصفة المشروعة ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) وعلى المصلي أن يتعلم الأحكام الفقهية المتعلقة بهذه العبادة العظيمة.

المرفقات

أحكام صلاة أهل الكراسي.docx

أحكام صلاة أهل الكراسي.docx

المشاهدات 1149 | التعليقات 0