أَحْكَامُ الصِّيَام وَخِدْمَةُ المسْجِدِ وَالقُرْآنِ
محمد بن مبارك الشرافي
أَحْكَامُ الصِّيَام وَخِدْمَةُ المسْجِدِ وَالقُرْآنِ 2 رَمَضَان 1444 هـ
الْحَمْدُ للهِ الذِي نَوَّعَ فِي شَرْعِهِ عَظِيمَ الْعِبَادَات، وتَابَعَ لَنَا مَوَاسِمَ الْخيرِ عَلَى مَدَى الأَوْقَات، وَأَسْبَغَ عَلَيْنَا الْفَضَائِلَ وَأَوْلانَا كَثِيرَ الْخَيْرَات، وَأَنْعَمَ عَلَيْنَا فِي رَمَضَانَ بِجَزِيلِ الْهِبَات، وأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ إِلَهُ الْبَرِيَّات، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ خَيْرُ مَنْ صَلَّى وَصَامَ وَطَافَ بِالْكَعْبَةِ أَفْضَلِ الأَبْيَات، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ تَبْدِيلِ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَات.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَانْظُرُوا مَا تَفَضَّلَ اللهُ بِهِ عَلَيْنَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَمَا أَنْعَمَ عَلَيْنَا بِصَوْمِهِ وَأَجْزَلَ لَنَا فِيهِ الأَجْرَ وَضَاعَفَ الإِحْسَان، إِنَّهُ شَهْرٌ فَرَضَ اللهُ عَلَيْنَا صِيَامَهُ، فَقَالَ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون}.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: جَاءَ فِي فَضْلِ الصِّيَامِ مَا يُزِيلُ أَلَمَ الْجُوعِ وَحَرَّ الْعَطَشِ، فَعَنْ سَهْلِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (إنَّ في الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَومَ القِيَامَةِ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أحدٌ غَيْرُهُمْ، يقال: أيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ لاَ يَدخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَام، فَإنَّهُ لِي وَأنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَإذَا كَانَ يَومُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ، فإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إنِّي صَائِمٌ! وَالذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا : إِذَا أفْطَرَ فَرِحَ بفطره، وَإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ ) متفقٌ عَلَيْهِ.
وَاعْلَمُوا أَنَّ هَذَا الأَجْرَ الْعَظِيمَ لا يَكُونُ إِلَّا لِمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا وَصَامَ ابْتِغَاءَ الثَّوابِ وَالأَجْرِ مِنَ اللهِ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ صِيَامَ رَمَضَانَ لا يَجِبُ إِلَّا عَلَى مَنْ تَتَوَفُّرُ فِيهِ شُرُوطُ وُجُوبِ الصِّيَامِ وَهِيَ: أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا بَالِغًا عَاقِلًا قَادِرًا مُقِيمًا خَالِيًا مِنَ الْمَوَانِعِ. فَالْكَافِرُ لا يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ، وَلَيْسَ هَذَا تَخْفِيفًا عَلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ لِكُفْرِهِ لَمْ يَرْقَ لِلدَّرَجَةِ التِي يُقْبَلُ صِيَامُهُ لَوْ صَام، وَعَلَيْهِ: فَمَنْ لا يُصَلِّي لا يَصِحُّ صَوْمُهُ، لأنَّهُ كَافِر. وَأَمَّا الصَّغِيرُ الذِي لَمْ يَبْلُغْ فَلا يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ، وَلَكِنَّهُ لَوْ صَامَ أُجِرَ عَلَيْهِ، وَكَذَلَكِ يُؤْجَرُ وَلِيُّهُ إِذَا حَثَّهُ عَلَى الصَّوْمِ، وَالْبُلُوغُ يَحْصُلُ بِإِتْمَامِ خَمْسَةَ عَشْرَ سَنَةً أَوْ بِإِنْزَالِ الْمَنِيِّ أَوْ بِإِنْبَاتِ شَعْرِ الْعَانَةِ، وَتَزِيدُ الْجَارِيَةُ بِأَنْ تَحِيض. وَأَمَّا الْعَقْلُ فَضِدُّهُ الْجُنُونُ، فَالْمَجْنُونُ لا يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ لِأَنَّهُ لا يَعْقُلُ النِّيَّةَ وَهُوَ مَرْفُوعٌ عَنْهُ الْقَلَمُ، وَيَدْخُلُ فِي حُكْمِ الْجُنُونِ كَبِيرُ السِّنِّ إِذَا فَقَدَ الْعَقْلَ وَوَصَلَ إِلَى حَدِّ الْخَذْرَفَةِ، فَلا يَجِبُ عَلَيْهِ صَوْمٌ وَلا يُطْعَمُ عَنْهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبُرَ ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ ، أَوْ يُفِيقَ) رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ. وَأَمَّا الْقُدْرَةُ فَضِدُّهَا الْعَجْزُ، وَالْعَجْزُ نَوْعَانِ: طَارِئٌ وَدَائِمٌ، فَأَمَّا الطَّارِئُ: فَكَالْمَرَضِ الْحَادِثِ لِلإِنْسَانِ، فَإِذَا مَرِضَ الإِنْسَانُ مَرَضًا يَشُقُّ مَعَهُ الصَّوْمُ أَفْطَرَ، ثُمَّ يَقْضِي بَعْدَ رَمَضَانَ مَكَانَ مَا أَفْطَرَ مِنَ الأَيَّامِ، وَأَمَّا الْعَجْزُ الدَّائِمُ: فَكَالْأَمْرَاضِ التِي لا يُرْجَى بُرْؤُهَا فِي الْعَادَةِ، وَلَا يَسْتَطِيعُ الْمَرْءُ مَعَهَا الصِّيَامُ، فَهُنَا يُفْطِرُ وَيُطْعِمُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا. وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْحُكْمِ الرَّجُلُ الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا يَعْقِلُ وَلَكِنَّهُ لا يَسْتَطِيعُ الصَّوْمَ بِسَبَبِ كِبَرِ السِّنِّ، ثُمَّ الْمَرْءُ هُنَا بِالْخِيَارِ: إِنْ شَاءَ أَطْعَمَ الْمِسْكِينَ كُلَّ يَوْمٍ بِيَوْمِهِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَّرَهَا عَلَى آخِرِ الشَّهْرِ ثُمَّ أَطْعَمَ مَسَاكِينَ بِعَدَدِ أَيَّامِ الشَّهْرِ.
وَيُشْتَرَطُ كَذَلِكَ لِوُجُوبِ الصَّوْمِ أَنْ يَكُونَ الإِنْسَانُ مُقِيمًا، فَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الصَّوْمُ، لِكَنَّهُ لَوْ صَامَ صَحَّ صَوْمُهُ، لَكِنْ إِنْ كَانَ يَشُقُّ عَلَيْهِ الصَّوْمُ فَالأَفْضَلُ أَنْ يُفْطِرَ لِأَنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ.
وَالْمَرْأَةُ فِي جِمِيعِ مَا سَبَقَ مِنَ الأَحْكَامِ كَالرَّجُلِ تَمَامًا، إِلَّا أَنَّهَا تَنْفَرِدُ بِحُكْمٍ وَاحِدٍ هَهُنَا، وَهِيَ مَا إِذَا حَاضَتْ أَوْ نَفَسَتْ فَإِنَّ صَوْمَهَا لا يَصِحُّ، حَتَّى لَوْ رَأَتِ الدَّمَ فِي آخِرِ لَحْظَةٍ مِنَ النَّهَارِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: أَنَّهُ يُفْسِدُ الصَّوْمَ : الأَكْلُ وَالشُّربُ وَمَا كَانَ فِي مَعْنَاهُمَا كَالْمُغَذِّي الذِي يُعْطَى لِلْمَرِيضِ فَهُوَ يَقُومُ مَقَامَ الأَكْلِ. وَالْجِمَاعُ مُفْسِدٌ لِلصَّوْمِ وَمُوجِبٌ لِلْكَفَّارَةِ الْمُغَلَّظَةِ، وَهِيَ عِتْقُ رَقَبَةٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ صَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَطَعَمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا، وَيُفْسِدُ الصَّوْمَ كَذِلِكَ إِنْزَالُ الْمَنِىِّ عَمْدًا بِشَهْوَةٍ، وَهُوَ مُوجِبٌ لِلإِثْمِ وَمُفْسِدٌ لِلصَّوْمِ لَكِنَّهُ لا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ، وَمِمَّا يُفْسِدُ الصَّوْمَ: الْحِجَامَةُ وَهِيَ طِبٌّ مَعْرُوفٌ فِإِذَا خَرَجَ الدَّمُ فَسَدَ الصَّوْمُ، وَيَدْخُلُ فِي حُكْمِ الْحِجَامَةِ مَا كَانَ فِي مَعْنَاهَا كَالتَّبَرُّعِ بِالدَّمِ أَوِ الرُّعَافِ الْمُتَعَمِّدِ إِذَا خَرَجَ دَمٌ كَثِيرٌ، وَأَمَّا أَخْذُ إِبْرَةِ التَّحْلِيلِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَلا تَضُرُّ، وَكَذَلِكَ أَخْذُ الإِبَرِ الْعِلاجِيَّةِ، وَأَمَّا الْقَيْءُ فَإِنْ كَانَ مُتَعَمِّدًا أَفْسَدَ الصَّوْمَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَعَمَّدٍ لَمْ يَضُرَّ الصَّوْمَ.
وَاعْلَمُوا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ أَنَّ جَمِيعَ هَذِه الْمُفَطِّرَاتِ لا تُفْسِدُ الصَّوْمَ إِلَّا إِذَا فَعَلَهَا الإِنْسَانُ مُتَعَمِّدًا، ذَاكِرًا لِصَوْمِهِ، عَالِمًا بِالْحُكْمِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضَيِ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ، فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. أَقُولُ مَا تَسْمَعُونُ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ: فَقَدْ وَرَدَتْ نُصُوصٌ شَرْعِيَّةٌ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ وَالسُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ تَدُلُّ عَلَى فَضْلِ عِمَارَةِ الْمَسَاجِدِ فِي الْإِسْلَامِ، قَالَ تَعَالَى {إِنَّما يَعمُرُ مَساجِدَ اللَّـهِ مَن آمَنَ بِاللَّـهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَلَم يَخشَ إِلَّا اللَّـهَ فَعَسى أُولـئِكَ أَن يَكونُوا مِنَ الْمُهتَدينَ}، وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ (مَنْ بَنَى للهِ مَسْجِدًا وَلَوْ كَمَفْحَصِ قَطاةٍ بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ). وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ وَأَنْ تُطيَّبَ وَتُنظَّفَ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ (أَحَبُّ البِلَادِ إِلَى اللهِ مَسَاجِدُهَا، وَأَبْغَضُ البِلَادِ إلى اللهِ أَسْوَاقُهَا) رَوَاهُ مُسْلِم.
وَالْمَسْجِدُ تُقَامُ فِيهِ الشَّعَائِرُ الْإِسْلَامِيَّةُ، وَهُوَ الْمَكَانُ الذِي انْطَلَقَتْ مِنْهُ دَعْوَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْإِسْلَامِ، وَعَمَّ نُورُهُ وَفَضْلُهُ أَرْجَاءَ الْأَرْضِ، وَلَيْسَ الْأَسَاسُ فِي الْمَسْجِدِ أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا بِأَعْلَى نَمَاذِجِ الْبِنَاءِ وَأَحْسَنِهَا، بَلْ تَتَّضِحُ أَهَمِيَّتَهُ فِيمَا يَقُومُ أَهْلُ الْإِسْلَامِ فِيهِ مِنَ السَّعْيِ لِلتَّمَسُّكِ بِالتَّوْحِيدِ وَالسُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ، وَإِقَامَةِ الصَّلاةِ، قَالَ تَعَالَى {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّـهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ* رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ}.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ دَوْلَتَنَا -وَفَّقَهَا اللهُ- مُتَمَثِّلَةً فِي وَزَارِةِ الشُّؤُونِ الْإِسْلَامِيَّةِ أَتَاحَتْ الْمُسَاهَمَةَ فِي بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ وَصِيَانَتِهَا وَنَظَافَتِهَا وَنَشْرَ الْمُصْحَفَ الشَّرِيفِ، وَلاشَكَّ أَنَّ هَذَا بَابٌ عَظِيمٌ وَعَمَلٌ شَرِيفٌ، يُتِيحُ لِلْمُسْلِمِ الْخَيْرَ وَالْبِرَّ, وَطَرِيقٌ لِكَسْبِ الْحَسَنَاتِ، وَلا سِيَّمَا فِي هَذَا الشَّهْرِ الْفَاضِلِ الذِي يَعْظُمُ فِيهِ الْأَجْرُ، وَهَذِهِ [مِنَصَّةُ إِحْسَانٍ] مُيَسَّرَةٌ لِلْجَمِيعِ، حَيْثُ تَسْتَطِيعُ التَّبَرُّعَ لِهَذِهِ الْأَبْوَابِ وَأَنْتَ فِي بَيْتِكِ عَنْ طَرِيقِ تَطْبِيقَاتِ الْجَوَّالِ، وَإِنِّي أَحَثُّكُمْ أَيُّهَا الصَّائِمُونَ لِلْمُسَاهَمَةِ فيِ خِدْمَةِ الْمَسَاجِدِ وَخِدْمَةِ كِتَابِ اللهِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، أَعْظَمُ الْكَلَامِ وَأَبْرَكُهُ وَأَصْدَقُهُ، أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا وَعَمَلًا صَالِحًا، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ صَامَ رَمَضَانَ وَقَامَهُ إِيَمانًا وَاحْتِسَابًا، اللَّهُمَّ اجْعَلْ رَمَضَانَ هَذَا فَاتِحَةَ خَيْرٍ لِلْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينْ، اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وِأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ اللَّهُمَّ ارْضَ عَنْ صَحَابَتِهِ وَعَنِ التَّابِعِينَ وَتَابِعيِهِم إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَعَنَّا مَعَهُم بِعَفْوِكَ وَمَنِّكَ وَكَرَمِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق