أَحْكَامُ الشِّتَاءِ وَالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

محمد بن مبارك الشرافي
1446/06/16 - 2024/12/18 18:35PM

الْحَمْدُ للهِ الذِي جَمَّلَ ضَمَائِرَنَا بِشَرَائِعِ الإِيمَانِ، وَزَيَّنَ ظَوَاهَرَنَا بِشَعَائِرِ الإِسْلامِ, وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، شَرَعَ لَنَا طَهَارَةَ الْقُلُوبِ وَالأَبْدَان، فَبَيَّنَ الأَسْبَابَ وَالْوَسَائِلَ وَالطُّرُقَ أَتَمَّ بَيَان، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْمَبْعُوثُ إِلَى الإِنْسِ وَالْجَانّ، لِيُخْرِجَ النَّاسَ مِنْ نَجَاسَةِ الأَوْثَانِ إِلَى قَدَاسَةِ الإِيمِانِ, صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَان.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ واعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَيُوَالِي الدُّهُورَ وَالأَعْوَامَ مِنْ رَخَاءٍ إِلَى شِدَّةٍ, وَمِنْ سَرَّاءَ إِلَى ضَرَّاءَ, وَمِنْ حَرٍّ إِلَى بَرْدٍ وَمِنْ مِنَّةٍ إِلَى مِحْنَةٍ, فَالْخَلْقُ دَائِرُونَ بَيْنَ حِكْمَتِهِ وَرَحْمَتِهِ, وَهُمْ فِي كُلِّ ذَلِكَ مُتَعَبَّدُونَ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِمْ بِامْتِثَالِ أَوَامِرِ اللهِ وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ, قَالَ اللهُ تَعَالَى {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا * وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا}.

وَإِنَّنَا فِي هَذِهِ الأَيَّامِ فِي فَصْلِ الشِّتَاءِ, الذِي عَادَةً يَشْتَدُّ فِيهِ الْبَرْدُ وَيَكْثُرُ الْمَطَرُ فِي بَعْضِ المنَاطِقِ, نَسْأَلُ اللهَ مِنْ فَضْلِهِ, وَهَذِهِ الْخُطْبَةُ تَتَعَلَّقُ بِأَحْكَامٍ تَخْتَصُّ بِهَذَا الْفَصْلِ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ مِنْ نِعْمَةِ اللهِ عَلَيْنَا  أَنْ يَسَّرَ لَنَا هَذَا الدِّينَ وَسَهَّلَهُ وَلَمْ يَجْعَلْ فِيهِ حَرَجًا مِنْ أَصْلِهِ, ثُمَّ إِذَا عَرَضَ أَمْرٌ يَلْحَقُ النَّاسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الْحَرَجِ تَيَسَّرَ يُسْرًا زَائِدًا عَلَى الأَصْلِ.

فَمِنْ ذَلِكَ: أَنَّهُ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ, وَكَذَلِكَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي وَقْتِ إِحْدَاهُمَا فِي السَّفَرِ وَعِنْدَ وُجُودِ الْمَشَقَّةِ فِي الذَّهَابِ لِلْمَسْجِدِ كُلَّ صَلَاةٍ, بِسَبِبِ الْمَطَرِ أَوِ الْبَرْدِ الشَّدِيدِ وَالرِّيحِ وَالْوَحْلِ.

وَلْيُعْلَمْ أَنَّ الصَّلاةَ تُجْمَعُ تَامَّةً بِدُونِ قَصْرٍ إِلَّا فِي السَّفَرِ, وَأَمَّا الْجَمْعُ فَلَهُ أَسْبَابٌ كَثِيرَةٌ, وَمِنْهَا الْمَشَقَّةُ بِالْمَطَرِ, لَكِنْ إِذَا تَرَدَّدَ الإِمَامُ, هَلْ يَجُوزُ الْجَمْعُ أَمْ لا؟ فَالأَصْلُ عَدَمُ الْجَوَازِ, وَتُصَلَّى كُلُّ صَلاةٍ فِي وَقْتِهَا, لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} أَيْ: مَفْرُوضًا فِي الأَوْقَاتِ.

وَيُنَبَّهُ إِلَى أَنَّ الْجَمْعَ هُنَا رَاجِعٌ إِلَى إِمَامِ الْمَسْجِدِ, فَإِنْ رَأَى الْجَمْعَ جَمَعَ, وَإِنْ رَأَى عَدَمَ ذَلِكَ فَلا يَجُوزُ لِجَمَاعَةِ الْمَسْجِدِ أَنْ يَجْعَلُوا هَذَهِ الْمَسْأَلَةَ مَحَلًّا لِلْهَرْجِ وَالْكَلامِ وَالتَّشْوِيشِ عَلَى الإِمَامِ, وَهَكَذَا فَمَنْ لَمْ يَرْغَبْ مِنْ جَمَاعَةِ الْمَسْجِدِ فِي الْجَمْعِ فَلَهُ أَنْ لا يَجْمَعَ, فَإِذَا دَخَلَ وَقْتُ الصَّلاةِ التَّالِيَةِ بَحَثَ لَهُ عَنْ مَسْجِدٍ آخَرَ وَصَلَّى فِيْه, مَعَ أَنَّ الأَفْضَلَ أَنْ يُصَلِّي مَعَ الإِمَامِ جَمْعًا لِلْكَلِمَةِ وَتَوْحِيدًا لِلصَّفِّ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَإِذَا اشْتَدَّ الْبَرْدُ وَلَمْ يَجِدِ الإِنْسَانُ مَا يُسَخِّنُ به الْمَاءِ وَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ إِنْ تَوَضَّأَ, فَإِنَّهُ يتَيَمَّمُ, لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: احْتَلَمْتُ في لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ في غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلاَسِلِ فَأَشْفَقْتُ إِنِ اغْتَسَلْتُ أَنْ أَهْلِكَ, فَتَيَمَّمْتُ ثُمَّ صَلَّيْتُ بِأَصْحَابِي الصُّبْحَ, فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَقَالَ (يَا عَمْرُو صَلَّيْتَ بِأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ؟) فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي مَنَعَنِي مِنَ الاِغْتِسَالِ وَقُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ اللهَ يَقُولُ {وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ.

وَصِفَةُ التَّيَمُّمِ: أَنْ تَضْرِبَ بِكَفَيَّكَ الأَرْضَ مَرَّةً وَاحِدَةً ثُمَّ تَمْسَحَ وَجْهَكَ ثُمَّ كَفَّيْكَ, إِحْدَاهُمَا بِالأُخْرَى.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَمِنَ الأَحْكَامِ التِي يَحْتَاجُهَا النَّاسُ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ: الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ أَوْ مَا أَشْبَهَهَا مِنَ الشُّرَّابِ أَوِ الْكَنَادِرِ الطَّوِيلَةِ السَّاتِرَةِ لِلْكَعْبَيْنِ, فَيَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهَا بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةِ: أَنْ يَكُونَ الْخُفَّانِ طَاهِرَيْنِ غَيْرَ مُتَنَجِّسَيْنِ بِبَوْلٍ أَوْ شِبَهِهِ, وَأَنْ يَلْبَسَهُمَا بَعْدَ كَمَالِ الطَّهَارَةِ, وَأَنْ يَكُونَ فِي الْحَدَثِ الأَصْغَرِ دُونَ الأَكْبَرِ, وَأَنْ يَكُونَ فِي الْوَقْتِ وَهُوَ: يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ لِلْمُقِيمِ, وَثَلاثَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا لِلْمُسَافِرِ, لِأَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ, وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَيَبْدَأُ حِسَابُ الْمُدَّةِ مِنْ أَوِّلِ مَسْحٍ بَعْدَ الْحَدَثِ, وَلَيْسَ مِنْ لُبْسِ الْخُفِّ أَوِ الشُّرَّابِ, فَإِذَا مَسَحْتَ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَمَضَى عَلَيْكَ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ سَاعَةً وَأَرَدْتَ أَنْ تَتَوَضَّأَ وَجَبَ عَلَيْكَ خَلْعُ الشُّرَّابِ وَالْوُضُوءُ كَامِلًا, فَإِنْ نَسِيتَ وَمَسَحْتَ وَصَلَّيْتَ وَجَبَ عَلَيْكَ إِعِادَةُ هَذِهِ الصَّلاةِ لِأَنَّكَ صَلَّيْتَهَا بِغَيْرِ طَهَارَةٍ, لِكِنَّكَ لا تَأْثَمُ لِأَنَّكَ مَعْذُورٌ بِالنِّسْيَانِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ كَيْفِيَّةَ الْمَسْحِ عَلَى الشُّرَّابِ: أَنْ تَبُلَّ يَدَيْكَ ثُمَّ تُمِرَّهَا عَلَى الْقَدَمَيْنِ مِنْ أَطْرَافِ الأَصَابِعِ إِلَى أَنْ تُشْرِعَ فِي السَّاقِ, مَرَّةً وَاحِدَةً فَقَطْ, وَلا يُشْرَعُ أَنْ تَمْسَحَ أَسْفَلَ الشُّرَّابِ وَلا جَوَانِبَهُ, لِقَوْلِ عَلِيٍّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ عَلَى ظَاهِرِ خُفَّيْهِ. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ حَسَن. وَيَجُوزُ أَنْ تَمْسَحَ الْقَدَمَيْنِ مَعًا بِدُونِ تَرْتِيبٍ, وَالأَفْضَلُ أَنْ تَمْسَحَ الْقَدَمَ الْيُمْنَى أَوَّلاً ثُمَّ الْيُسْرَى, لِحَدِيثِ الْمُغِيرَةَ بْنِ شُعْبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:  كُنْتُ مَعَ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَوَضَّأَ, فَأَهْوَيْتُ لِأَنْزِعَ خُفَّيْهِ, فَقَالَ (دَعْهُمَا فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ) فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا, مُتَّفَقٌ عَلَيْه.

وَإِنِ ابْتَدَأَتَ مَسْحَكَ فِي الْبَلَدِ ثُمَّ سَافَرَتْ فَلَكَ أَنْ تُتِمَّ مَسْحَ مُسَافِرٍ, وَيَجُوزُ كَذَلِكَ الْمَسْحُ عَلَى الشُّرَّابِ وَلَوْ كَانَ فِيهِ شَقٌّ أَوْ كَانَ شَفَّافًا, عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ قَوْلِيِ الْعُلَمَاءِ. وَإِنْ خَلَعْتَ شُرَّابَكَ وَأَنْتَ عَلَى طَهَارَةٍ لَمْ تَنْتَقِضْ طَهَارَتُكَ بِذَلِكَ الْخَلْعِ, لِعَدَمِ الدَّلِيلِ, لَكِنَّكَ لَا تَرُدُّهَا حَتَّى تَتَوَضْأَ مِنْ جَدِيدٍ.

[وَنُنَبِّهُ] عَلَى أَنَّهُ شَاعَ فِي هَذِهِ الأَّيَّامِ شُرَّابٌ قَصِيرٌ لَا يُغَطِّي الكَعْبَينَ, أَوْ رُبَّمَا غَطَّاهَا لَكِنْ مَعَ المشْيِ يَنْكَشِفُ جُزْءٌ مِنْهُمَا, فَهَذَا الشُّرَّابُ لَا يَجُوزُ المسْحُ عَلَيْهِ, وَمَنْ حَصَلَ مِنْهُ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ صَلَاتَهُ. اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا عِلْمًا نَافِعًا وَعَمَلًا صَالِحًا, وَاجْعَلْنَا مِمَّنْ اسْتَمَعَ الْقَوْلَ فَاتَّبَعَ أَحْسَنَه, أَقُولُ قَولِي هَذَا وأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِيْ ولَكُمْ فاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُوْرُ الرَّحِيْمُ.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ, وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ القَوِيُّ الْمَتِينُ, وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الأَمِينِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ.

أَمَّا بَعْدُ: فَمِنَ الأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمَسْحِ: أَنَّهُ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْكَنَادِرِ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ سَاتِرَةً لِلْكَعْبَيْنِ, كَالتِي يَلْبَسُهَا الْعَسْكَرُ وَيُسَمُّونَهَا الْبُصْطَارَ, لَكْنْ إَذَا مَسَحَ عَلَيْهَا ثُمَّ خَلَعَهَا لِسَبَبٍ فَلا يَجُوزُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهَا مَرَّةً ثَانِيَةً, بَلْ لابُدَّ أَنْ يَتَوَضَّأَ مِنْ جَدِيدٍ, وَلِذَلِكَ فَمِنَ الْمُسْتَحْسَنِ أَنْ تَمْسَحَ عَلَى الشُّرَّابِ مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ إِذَا احْتَجْتَ لِخَلْعِ الْكَنَادِرِ لا يُشَكِلُ عَلَيْكَ.

وَمِنَ الأَحْكَامِ الْمُهِمَّةِ: أَنْ لَوْ كَانَ عَلَى عُضْوٍ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ جَبِيرَةٌ أَوْ لَصْقَةٌ بِسَبَبِ كَسْرٍ أَوْ جُرْحٍ فَإِنَّهُ يَمْسَحُ عَلَيْهَا جَمِيعًا, وَمَا كَانَ مِنَ الْعُضْوِ ظَاهِرًا لَمْ تُغَطِّهِ الْجَبِيرَةُ وَجَبَ غَسْلُهُ بِالْمَاءِ وَلا يَكْتَفِي بِمَسْحِهِ, فَمَثَلا لَوْ كَانَ عَلَى بَعْضِ قَدَمِهِ جِبْسٌ لَكِنَّ أَصَابِعَهُ ظَاهِرَةٌ, وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى الْجَبِيرَةِ مِنْ كُلِّ نَوَاحِيهَا, وَلَيْسَ عَلَى أَعْلاهَا فَقَط كَالشُّرَابِ, وَأَمَّا الأَصَابِعُ فَإِنَّهُ يَغْسِلُهَا بِالْمَاءِ وَلا يَكْتَفِي بِمَسْحِهَا, وَلَيْسَ لِلْمَسْحِ عَلَى الْجَبِيرَةِ مُدَّةٌ مُعَيَّنَةٌ وَلا يُشْتَرَطُ أَنْ يَلْبَسَهَا عَلَى طَهَارَةٍ, لِأَنَّهَا تُلْبَسُ فِي حَالِ ضَرُورَةٍ.

 أَيُّهَا الإِخْوَةُ: إِنَّ هَذِهِ الأَحْكَامَ الْمَذْكُورَةَ كَمَا أَنَّها للرِّجَالِ فَإِنَّهَا أَيْضًا تَشْمَلُ النِّسَاءَ, لِأَنَّ النِّسَاءَ شَقَائِقُ الرِّجَالِ, وَالأَصْلُ تَسَاوِي الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي الأَحْكَامِ إِلَّا بِدَلِيلٍ يُخَصِّصُ أَحَدَهُمَا, وَلِذَلِكَ مِنْ تَوْفِيقِ اللهِ لَكَ أَنَّكَ إِذَا سَمِعْتَ الخُطْبَةَ أَبْلَغْتَهَا أَهْلَ بَيْتِكَ, وَلَا سِيَّمَا مَا يَتَعَلَّقُ بَالأَحْكَامِ.

فَاللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكُ عِلْمًا نَافِعًا وَعَمَلاً صَالِحًا وَرِزْقًا حَلالاً, اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ اسْتَمَعَ الْقَوْلَ فَاتَّبَعَ أَحْسَنَهُ, اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي دُورِنَا وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلاةَ أُمُورِنَا, وَأَصْلِحْ لِوُلاةِ أُمُورِنَا بِطَانَتَهُمْ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ, اللَّهُمَّ أَصْلِحْ أَحْوَالَ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ, اللَّهُمَّ كُنْ لإِخْوَانِنَا الْمُسْتَضْعَفِينَ فِي كُلِّ مَكَان, اللَّهُمَّ أَنْقِذْ إِخْوَانَنَا الْمُسْلِمِينَ مِمَّنْ يُرِيدُ بِهِمْ سُوءًا, اللَّهُمَّ أَصْلِحْ شَأْنَهُمْ فِي بُلْدَانِهِمْ, وَوَلِّ عَلَيْهِمْ خِيَارَهُمْ وَاكْفِهِمْ شِرَارَهُمْ, اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وِأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ, والْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

المرفقات

1734536110_أَحْكَامُ الشِّتَاءِ وَالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ 19 جُمَادَى الثَّانِيَة 1446 هـ.pdf

المشاهدات 1005 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا